الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤذِّنَ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا عَلَى مَوْضِع عَالٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ،
ــ
اللُّغَةِ، ورُوي عن إبراهيمَ النَّخَعِي، أنَّه قال: شيئان مَجْزُومان كانوا لا يُعرِبونَهما؛ الأذان والإقامَة. وهذا إشارَة إلى جَميعِهم.
268 - مسألة: (ويُؤذنَ قائِمًا مُتَطَهِّرًا على مَوْضع عالٍ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَة)
قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كل مَن نَحفط عنه مِن أهلِ العلمِ، على أن مِن السُّنةِ أن يُؤذن المُوذن قائِمًا. ورُوِي في حديثِ أبي قَتادَةَ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلالٍ:«قم فَأذِّنْ» (1). وكان مؤذنُو رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يُؤذنُونَ قياما. فإن أذَّن قاعِدًا لعُذْرٍ فلا بَأسَ. قال الحسن العَبْدي (2): رأيت أبا زيدٍ صاحِبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يُؤذنُ قاعِدًا، وكانت رِجْلُه أصِيبَتْ في سَبِيلِ الله. رَواه الأثْرَمُ (3). وإن فَعَلَه لغيرِ عُذْرٍ، فقد كرِهه أهلُ العلمِ، ويَصِحُّ؛ لأنه ليس آكدَ مِن الخُطْبَةِ، وتَصِحُّ مِن القاعِدِ.
(1) أخرجه البخاري، في: باب التكبير بالصلاة في يوم غيم، من كتاب مواقيت الصلاة. صحيح البخاري 1/ 154. وأبو داود، في: باب من نام عن صلاة أو نسيها، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 104.
(2)
الحسن بن محمد العبدي، روى عن أبي زيد الأنصاري، روى عنه علي بن المبارك الهنائي. التاريخ الكبير 1/ 2 / 306.
(3)
وأخرجه البيهقي، في: باب الأذان راكبا وجالسا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 1/ 392.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجُوزُ الأذانُ على الراحِلَةِ، قال الأثْرَمُ: سَمعت أبا عبدِ الله يسأل عن الأذانِ على الرّاحِلَةِ، فسَهلَ فيه. وقال ابنُ المُنْذِرِ: ثَبَت أن ابنَ عُمَرَ كان يُؤذِّن على البَعِيرِ، ويَنْزِل فيُقِيم (1). ولأنَّه إذا جاز التَّنَفُّل على الرّاحِلَةِ، فالأذانُ أوْلَى. [وبه قال](2) سالِمُ بنُ عبدِ الله، وربْعِيُّ بنُ حِراش (3)، ومالك، والأوْزاعِي، والثوْري، وأصحابُ الرأي، إلَّا أن مالكًا قال: لا يُقيمُ وهو راكبٌ.
(1) أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
(2)
دم: «به قاله» .
(3)
ربعِي بن حراش بن جحش بن عمرو أبو مريم الكوفي تابعي ثقة من خيار الناس لم يكذب كذبة قط، روى عن جمع من الصحابة. مات سنة إحدى ومائة. تهذيب التهذيب 3/ 236، 237.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يُؤذِّنَ مُتَطَهِّرًا مِن الحَدَثَين الأصغَرِ والأكْبَرِ؛ لِما روَى أبو هُرَيرَةَ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يُؤذنُ إلا متَوَضِّئٌ» . رَواه التِّرمِذِيُّ (1). ورُوي موقُوفا على أبي هُرَيرَةَ، والمَوقوف أصَحُّ. فإن أذَّن مُحدِثا جاز (2)؛ لأنَّه لا يَزِيدُ على قِراءَةِ القُرآنِ، والطهارةُ لا تُشْتَرَطُ لها. وهو قَوْل الشافعيِّ، والثوْري، وأبي حنيفةَ. ويُكرهُ له ذلك، رُويَتْ كَراهتُه عن عَطاء، ومُجاهِدٍ، والْأوزاعِي، والشافعي، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. ورَخَّصَ فيه النخَعِيُّ، والحسنُ البصرِيُّ، وقَتادَةُ، وحَمّادٌ. وقال مالك: يُؤذِّنُ على غيرِ وُضوءٍ، ولا يُقِيمُ إلَّا على وُضوءٍ.
(1) في: باب جاء في كراهية الأذان بغير وضوء، من أبواب الصلاة عارضة الأحوذي 2/ 2.
(2)
في الأصل: «صح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أذَّنَ جُنُبًا، ففيه رِوايَتان؛ إحداهما، لا يُعتَدُّ به. اخْتارَه الخِرَقي، وهو قولُ إسحاقَ؛ لِما ذَكَرنا مِن الحديثِ، ولأنه ذِكْر مشروعٌ للصلاةِ، أشبه القِراءَةَ والخُطبةَ. والثانيةُ، يُعتَدُّ به. قال الآمِديُّ: وهو المَنْصُوصُ عن أحمدَ. وهو قولُ أكْثرِ أهلِ العلمِ، لأنه أحدُ الحَدَثَين، فلم يمنع صحَّتَه كالآَخَرِ.
ويُسْتَحَبُّ أن يُؤذِّنَ على مَوْضِعٍ عالٍ؛ لأنه أبلَغ في الإعلام، ورُوِيَ عن امرأة مِن بني النجّارِ، قالت: كان بيتِي مِن أطْوَلِ بَيتٍ (1) حَوْلَ المسجِدِ، وكان بِلال يُؤذنُ عليه الفَجْرَ، فيَأتِي بسَحَر، فيَجْلِسُ على البَيتِ يَنْظر إلى الفجرِ فإذا رَآه تَمَطَّى، ثم قال: اللهُمَّ إني أستعِينُكَ وأسْتعديكَ على قُرَيشٍ، أن يقِيمُوا دِينَك. قالت: ثُم يُؤذنُ. رَواه أبو داودَ (2). ويُؤذنُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ولا نَعلَمُ خِلافًا في استِحبابِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أن مِن السُّنةِ أن يَستقْبِلَ القِبْلَةَ بالأذانِ؛ وذلك لأنَّ مُؤذنِي النبي صلى الله عليه وسلم كانُوا يُؤذِّنُون مُسْتَقْبِلي القِبْلَةِ، فإن أخَلَّ باسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، كُره له ذلك، وصَحَّ.
(1) في م: «البيوت» .
(2)
في: باب الأذان فوق المنارة من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 123.