الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإذَا بَلَغَ الْحَيعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلم يَسْتَدِرْ،
ــ
وإن مشَى في أذانِه، لم يَبْطُلْ به (1)؛ لأنَّ الخُطبةَ لا تَبْطُلُ به، وهي آكَدُ منه، ولأنه لا يُخِلُّ بالإعلامِ المَقْصُودِ مِن الأذانِ. وسُئِل أحمدُ عن الرجلِ، يُؤذِّنُ وهو يَمشِي؟ قال: نعم، أمرُ الأذانِ عِنْدِي سَهْل. وسُئِل عن المؤذنِ يَمشِي وهو يقيمُ؟ فقال: يُعجِبُنِي أن يَفْرُغَ ثم يمشِي. وقال في رِوايِة حَرب، في المُسافِرِ: أحَب إليَّ أن يُؤذِّنَ ووَجْهُه إلى القِبْلَةِ، وأرجُو أن يُجْزيء.
269 - مسألة: (فإذا بَلَغ الحيعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمالًا، ولم يَستَدِرْ)
الحَيعَلَةُ قَولُه: حَيَّ على الصلاةِ، حي على الفَلاحِ. ويُسْتحَبُّ للمُؤذنِ أن يَلْتَفِتَ يَمِينًا إذا قال: حَيَّ على الصلاةِ. ويَسارًا إذا قال: حَى
(1) سقطت من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الفلاحِ. ولا يزِيلُ قدَمَيه. وهذا ظاهِرُ كلام الخِرَقي. وهو قولُ النخعِي، والثوْرِي، والأوْزاعِي، وأبي حنيفةَ وصَاحِبَيه، والشافعي؛ لِما روَى أبو جُحَيفَةَ، قال: رَأيتُ بِلالًا يُؤذِّنُ، فجَعَلْتُ أتتَبَّعُ فاه ههُنا وههُنا، يَقُولُ يَمِينًا وشِمالًا، يقولُ: حَي على الصلاةِ، حَي على الفَلاحِ. مُتفَق عليه (1). وفي لفظٍ قال: أتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو في قُبَّةٍ حَمراءَ مِن أدَم، فخرَجَ بلالٌ فأذَّنَ، فلَمّا بَلَغ؛ حَيَّ على الصلاةِ حَيَّ على الفَلاحِ، لَوَّى عُنُقَه يَمِينًا وشِمالًا، ولم يَستدِر. رَواه أبو داودَ (2). وذَكَر أصحابُنا، عن أحمدَ في مَن أذَّنَ في المَنارَةِ روايَتَين، إحداهما، لا يَدُورُ؛ للخَبَرِ، وكما لو كان على وَجْهِ الأرض. والثانية، يَدُورُ، لأنَّه لا يَحصُلُ بدونِه، وتحصِيل (3) المَقْصُودِ مع الإخْلالِ بالأدَبِ أوْلَى مِن العَكْس. وهذا قول إسحاقَ.
(1) أخرجه البخاري، في: كتاب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وههنا وهل يلتفت في الأذان، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 163. ومسلم، في: باب سترة المصلي، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 360. كما أخرجه الترمذي، واللفظ له؛ في: باب ما جاء في إدخال الإصبع الأذن محمد الأذان. من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 1/ 312. وابن ماجه، في: باب السنة في الأذان، من كتاب الأذان. سنن ابن ماجه 1/ 236. والدارمي، في: باب في الاستدارة، في الأذان، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 271، 272. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 308، 309.
(2)
في: باب في المؤذن يستدير في أذانه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 124.
(3)
في الأصل: «يحصل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَب رَفْعُ الصوْتِ بالأذان لأنه أبلَغُ في الإعلام، وأعظَمُ للأجْرِ؛ لِما ذَكَرنا في خَبَرِ أبي سعيدٍ (1)، ولا يُجْهِدُ نَفْسَه زِيادَةً على طاقَتِه؛ كيلا يُضِرَّ بنَفْسِه، ويَنْقَطِعَ صَوْتُه. قال القاضي: ويَرفَعُ نَظَرَه إلى السَّماءِ؛ لأن فيه حَقِيقَةَ التوْحِيدِ، ومتى أذّن لعامَّةِ النّاس جَهر بجَمِيع الأذانِ، ولا يَجْهرُ بالبَعضِ ويُخافِتُ بالبَعض؛ لأَنه يُخِلُّ بمَقْصُودِ الأذانِ، وإن أذَّن لنَفْسِه، أو لجَماعَةٍ خاصةٍ حاضِرِينَ، فلَه أن يُخافِتَ ويَجْهرَ، وأن يَجْهرَ بالبعض ويُخافِتَ بالبعض، إلَّا أن يكونَ في غيرِ وَقتِ الأذانِ، فلا يَجْهرُ بشيءٍ مِنه؛ لئلا يَغُرَّ الناس.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 54.