الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيبَهَا أَوْ تَشْدِيدَة مِنْهَا، أَوْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ كَثِيرٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا.
ــ
تَكَلُّفٍ. وقد رُوِيَ في خَبَرٍ: «أحْسَنُ النَّاسِ قِرَاءَةً مَنْ إذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأيْتَ أنَّهُ يَخْشَى اللهَ» (1). ورُوِيَ: «إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَاقْرَءُوهُ بِحُزْنٍ» (2).
391 - مسألة: (فإن تَرَك تَرْتِيبَها، أو تَشْدِيدَةً منها، أو قَطَعَها بذِكْرٍ كَثِيرٍ، أو سُكُوتٍ طَوِيلٍ، لَزِمَه اسْتِئْنافُها)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه يَلْزَمُه أن يَأْتِيَ بقِراءَةِ الفاتِحَةِ مُرَتَّبَةً مُشَدَّدَةً، غيرَ مَلْحُونٍ فيها لَحْنًا يُحِيلُ المَعْنى، مِثْلَ أن يَكسِرَ كافَ {إِيَّاكَ} ، أو يَضُمَّ تاءَ {أَنْعَمْتَ} ، أو يَفْتَحَ ألِفَ الوَصْلِ في {اهْدِنَا} ، فإن أخَلَّ بالتَّرْتِيبِ، أو لَحَن فيها لَحْنًا يُحِيلُ المَعْنَى، لم يُعْتَدَّ بها، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقْرَؤُها مُرَتَّبَةَ، وقد قال: «صَلُّوا
= 2/ 474. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 283، 285، 296، 304.
(1)
أخرجه ابن ماجه، في: باب في حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 425. والدارمي، في: باب التغنى بالقرآن، من كتاب فضائل القرآن. سنن الدَّارميّ 2/ 471، 472. وفي سنن الدَّارميّ:«أُرِيتَ أنَّه يخشى الله» .
(2)
أخرجه بنحوه ابن ماجه، في: باب حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 424. وبلفظه، عزاه السيوطى لابن مردويه عن ابن عباس. انظر: كنز العمال 1/ 609.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (1). إلَّا أن يَعْجِزَ عن غيرِ هذا، وكذلك إن أخَلَّ بتَشْدِيدَةٍ منها. ذَكَر القاضي نَحْوَ هذا في «المُجَرَّدِ». وهو قولُ الشافعيِّ. وذَكَر في «الجامِعِ»: لا تَبْطُلُ بتَرْكِ شَدَّةٍ؛ لأنَّها غيرُ ثابِتَةٍ في خَطِّ المُصْحَفِ، وإنَّما هي صِفَةٌ للحَرْفِ، ويُسَمَّى تارِكُها قارِئًا. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الحَرْفَ المُشَدَّدَ أُقِيمَ مُقامَ حَرْفَيْن، بدَلِيلِ أنَّ شَدَّةَ راءِ {الرَّحْمَنِ} أُقِيمَتْ مُقامَ اللّامِ، وكذلك شَدَّةُ دالِ {الدِّينِ} ، فإذا أخَلَّ بها، أخَلَّ بالحَرْفِ وغَيَّرَ المَعْنَى، إلَّا أن يُرِيدَ أنَّه أظْهَرَ المُدْغَمَ، مِثْلَ أن يُظْهِرَ لامَ {الرَّحْمَنِ} ، فهذا يَصِحُّ؛ لأنَّه إنَّما تَرَك الإِدْغامَ، وهو لَحْنٌ لا يُحِيلُ المَعْنَى. قال القاضي: ولا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ أنَّه إذا لَيَّنَها، ولم يُخَفِّفْها على الكَمالِ، أنَّه لا يُعِيدُ الصلاةَ؛ لأنَّ ذلك لا يُحِيلُ المَعْنَى، ويَخْتَلِفُ باخْتِلافِ النَّاسِ. ولَعَلَّه أراد في «الجامِعِ» هذا، فيَكُونُ قَوْلُه مُتَّفِقًا. ولا تُسْتَحَبُّ المُبالَغَةُ في التَّشْدِيدِ بحيث يَزِيدُ على حَرْفٍ ساكِنٍ؛ لأنَّها أُقِيمَتْ مُقامَه، فإذا زادَها عن ذلك، زادَها عمّا أُقِيمَتْ مُقامَه، فيُكْرَهُ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 441، 442.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قَطَع قِراءَةَ الفاتِحَةِ بذِكْرٍ، أو دُعاءٍ، أو قِراءَةٍ، أو سُكُوتٍ، وكان يَسِيرًا، أو فرَغ الإِمامُ مِن الفاتِحَةِ في أثْناءِ قِراءَةِ المَأْمُومِ، فقال: آمِينَ. لم تَنْقَطِعْ قِراءَتُه؛ لقولِ أحمدَ: إذا مَرَّتْ به آيَةُ رَحْمَةٍ سأل، وإذا مَرَّتْ به آيَةُ عَدْابٍ اسْتَعاذَ. لأنَّه يَسِيرٌ فعُفِيَ عنه. وإن كَثُر ذلك، اسْتَأْنَفَ قِراءَتَها؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقْرَؤُها مُتَوالِيَةٌ. فإن كان السُّكُوتُ مَأْمُورًا به، كالمَأْمُومِ يَشْرَعُ في قِراءَةِ الفاتِحَةِ، ثم يَسْمَعُ قراءةَ الإِمام، فيُنْصِتُ له، فإذا سَكَت الإِمامُ، أتَمَّ قِراءَتَه، أجْزأه. أوْمَأ إليه أحمدُ. وكذلك إن سَكت نِسْيانًا، أو نَوْمًا، أو لانْتِقالِه إلى غيرِها غَلَطًا، ومتى ما ذَكَر، أتَى بما بَقِيَ منها. فإن تَمادَى فيما هو فيه بعدَ ذِكْرِه، لَزِمَه اسْتِئْنافُها، كما لو ابْتَدَأ ذلك. فإن نَوَى قَطْعَ قِراءَتِها مِن غيرِ أن يَقْطَعَها، لم تَنْقَطِعْ؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بالفِعْلِ لا بالنِّيَّةِ. وكذا إن سَكَت مع النِّيَّةِ سُكُوتًا يَسِيرًا؛ لِما ذَكَرْناه مِن أنَّ النِّيَّةَ لا عِبْرَةَ بها. ذَكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ» . وذَكَر في «الجامِعِ» أنَّه متى سَكَت مع النِّيَّةِ، أبْطَلَها، وأنَّه متى عَدَل إلى قِراءَةِ غيرِها عَمْدًا، أو دُعاءٍ غيرِ مَأْمُورٍ به، بَطَلَتْ قِراءَتُه. ولم يُفَرِّقْ بينَ قَلِيلٍ وكَثِيرٍ. وإن قَدَّمَ آيَةً منها في غيرِ مَوْضِعِها عَمْدًا، أبْطَلَهَا. وإن كان