الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَفِيهَا إِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً».
ــ
390 - مسألة: (ثم يَقْرَأُ الفاتِحَةَ، وفيها إحْدَى عَشَرةَ تَشْدِيدَةً)
قِراءَةُ الفاتِحَةِ رُكْنٌ مِن أرْكانِ الصلاةِ، لا تَصِحُّ إلَّا به، في المَشْهُورِ عن أحمدَ. وهو قولُ مالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وإسحاقَ. ورُوِيَ عن عُمَرَ، وعثمانَ بنِ أبي العاصِ، وخَوّاتِ بنِ جُبَيْرٍ (1)، رضي الله عنهم، أنَّهم قالُوا: لا صلاةَ إلَّا بقِراءَةِ فاتِحَةِ الكِتابِ. ورُوِيَ عن أحمدَ أنَّها لا تَتَعَيَّنُ، ويُجْزِئُ قِراءَةُ آيَةٍ مِن القُرْآنِ، أيَّ آيةٍ كانت. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للمُسِيءِ في صَلاِته:«ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» (2). وقولِ اللهِ تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (3). ولأنَّ الفاتِحَةَ وسائِرَ القُرآنِ سَواءٌ في سائِرِ الأحْكامِ، كذلك في الصلاةِ. ولَنا، ما روَى عُبادَةُ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لَا
(1) أبو عبد الله خوات بن جبير بن النُّعمان الأَنْصَارِيّ الأوسي الصحابي، تُوفِّي بالمدينة سنة أربعين، وعمره أربع وتسعون سنة. أسد الغابة 2/ 148، 149.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب من رد فقال عليك السلام، من كتاب الاستئذان، وفي: باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان، من كتاب الأيمان. صحيح البُخَارِيّ 8/ 69، 169. ومسلم، في: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 298. وأبو داود، في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 197. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 97. والنَّسائيّ، في: باب فرض التكبيرة الأولى، من كتاب الافتتاح. المجتبى 2/ 96. وابن ماجه، في: باب إتمام الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 336. والإمام أَحْمد، في المسند 2/ 427.
(3)
سورة المزمل 20.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكتَابِ». مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّ القِراءَةَ رُكْنٌ في الصلاةِ، فكانت مُعَيَّنَةَ، كالرُّكُوعِ والسُّجُودِ. فأمّا خَبَرُهم، فقد روَى الشافعيُّ (2) بإسْنادِه، عن رِفاعَةَ بنِ رافِعٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال للأعْرابِيِّ:«ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَمَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَقْرَأَ» . ثم يُحْمَلُ على الفاتِحَةِ وما تَيَسَّرَ معها، ويَحْتَمِلُ أنَّه لم (3) يَكُنْ يُحْسِنُ الفاتِحَةَ، وكذلك نقُولُ في الآيَةِ: يَجُوزُ أن يكُونَ أراد الفاتِحَةَ وما تَيَسَّرَ، ويَحْتَمِلُ أنَّها نَزَلَتْ قبلَ نُزُولِ الفاتِحَةِ. والمَعْنَى الذى ذَكَرُوه أجْمَعْنا على خِلافِه؛ فإنَّ مَن تَرَكَ الفاتِحَةَ، كان مُسِيئًا، بخِلافِ بَقِيَّةِ السُّوَرِ. وتَشْدِيداتُ الفاتِحَةِ إحْدَى عَشْرَةَ، بغيرِ خِلافٍ؛ أوُّلُها اللَّامُ في {لِلَّهِ} ، والباءُ في {رَبِّ} ، والراءُ في {الرَّحْمَنِ} ، وفي {الرَّحِيمِ} ، والدَّالُ في {الدِّينِ} ، وفي {إِيَّاكَ} ، و {إِيَّاكَ} تَشْدِيدَتان، وفي {الصِّرَاطَ} ، على الصَّادِ، وعلى اللّامِ في {الَّذِينَ} ، وفي {الضَّالِّينَ} تَشْدِيدَتان، في الضّادِ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب وجوب القراءة للإمام والمأموم. . . . إلخ، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 192. ومسلم، في: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 295. كما أخرجه أبو داود، في: باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 189. والتِّرمذيّ، في: باب لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب، وباب في القراءة خلف الإمام، وباب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر بالقراءة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 46، 107، 110. والنَّسائيّ: باب إيجاب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة، من كتاب الافتتاح. المجتبى 2/ 106. وابن ماجه، في: باب القراءة خلف الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 273. والدارمي، في: باب لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 283. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 314، 316، 321، 322.
(2)
ترتيب مسند الشَّافعيّ 1/ 71.
(3)
في م: «إن لم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واللّامِ. وإذا قُلْنا: البَسْمَلَةُ مِنها. صار فيها أرْبَعَ عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً؛ [لأنَّ في البَسْمَلَةِ ثَلاثًا](1).
فصل: وتَجِبُ قِراءَةُ الفاتِحَةِ في كلِّ رَكْعَةٍ، في حَقِّ الإِمامِ والمُنْفَرِدِ، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَبِ. وهو قولُ مالكٍ، والأوْزاعِيِّ، والشافعيِّ. وعن أحمدَ، أنَّها لا تَجِبُ إلَّا (2) في رَكْعَتَيْن مِن الصلاةِ. ونَحْوُه يُرْوَى عن النَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ. ونَحْوُه عن الأوْزاعِيِّ أَيضًا؛ لِما رُوىَ عن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه قال: اقْرَأْ في الأُولَيَيْن، وسَبِّحْ في الأُخْرَيَيْن. ولأنَّ القِراءَةَ لو وَجَبَتْ في بَقِيَّةِ الرَّكَعاتِ، لسُنَّ الجَهْرُ بها في بَعْضِ الصَّلَواتِ، كالأُولَيَيْن. وعن الحسنِ: أنَّه إن قَرَأ في رَكْعَةٍ واحِدَةٍ أجْزَأ. وقالت طائِفَةٌ: إن تَرَك قِراءَةَ القُرْآنِ في رَكْعَةٍ واحِدَةٍ، سَجَد للسَّهْوِ، إلَّا في الصُّبْحِ، فإنَّه يُعِيدُ. رُوِيَ هذا عن مالكٍ. ورُوِيَ عن إسحاقَ، أنَّه قال: إذا قَرَأ في ثَلاثِ رَكَعاتٍ، إمامًا أو مُنْفَرِدًا، فصَلاتُه جائِزَةٌ؛ وذلك لقَوْلِ اللهِ تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (3). ولَنا، ما روَى أبو قَتادَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقْرَأْ في الظُّهْرِ في الأُولَيَيْن بأُمِّ الكتابِ وسُورَتَيْن، ويُطَوِّلُ في الأُولَى، ويُقَصِّرُ في الثّانِيَةِ، ويُسْمِعُ الآيَةَ أحْيانًا، وفي الرَّكْعَتَيْن الأُخْريَيْن بأُمِّ الكِتابِ. وقال:«صَلُّوا كَمَا رَأَيّتُمُونِي أُصَلِّي» . مُتَّفَقٌ عليهما (4). وروَى أبَو سعيدٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة المزمل 20.
(4)
الأول، أخرجه البُخَارِيّ، في: باب القراءة في الظهر، وباب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، وباب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (1). وعنه، وعن عُبادَةَ بنِ الصّامِتٍ، قالا: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَقْرَأ بفاتِحَةِ الكتابِ، في كلِّ رَكْعَةٍ (2). رَواهما إسماعيلُ بنُ سعيدٍ الشَّالَنْجِيُّ. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ المُسِيءَ في صَلاِته كيف يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الأُولَى، ثم قال:«وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلُّهَا» (3). فيَتَناوَل الأمرَ بالقِراءَةِ. وحديثُ عليٍّ يَرْوِيه الحَارِثُ الأعْوَرُ، قال الشَّعْبِيُّ: كان كَذَّابًا. ولو صَحَّ، فقد خالَفَه عُمَرُ، وجابِرٌ. والإسْرارُ بها لا يَنْفِي وُجُوبَها، كالأُولَيَيْن في الظُّهْرِ.
فصل: وأقَلُّ ما يُجْزِئُ قِراءَةٌ مَسْمُوعَةٌ يُسْمِعُها نَفْسَه، أو يكُونُ بحيث يَسْمَعُها لو كان سَمِيعًا، إلَّا أن يكونَ ثَمَّ ما يَمْنَعُ السَّماعَ، كقَوْلِنا في
= إذا سمع الإمام الآية، وباب يطوّل في الركعة الأولى، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 193، 197، 198. ومسلم، في: باب القراءة في الظهر والعصر، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 333. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في القراءة في الظهر، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 184. والنَّسائيّ، في: باب تقصير القيام في الركعة الثَّانية من الظهر، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 128. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 295، 301، 311.
والثاني، أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة. . . . إلخ، من كتاب الأذان، وفي: باب رحمة النَّاس والبهائم، من كتاب الأدب، وفي: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق. . . . إلخ، من كتاب الآحاد. صحيح البُخَارِيّ 1/ 162، 163، 8/ 11، 9/ 107. والدارمي، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 286. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 53. وهذا اللفظ لم يخرجه مسلم.
(1)
أخرجه ابن ماجه، في: باب القراءة خلف الإمام، من كتاب إقامة الصلاة، بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأْ في كل ركعةٍ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وسورة، في فريضة أو غيرِها» . سنن ابن ماجه 1/ 274.
(2)
أخرجه بنحوه من حديث أبي سعيد ابن ماجه، في: باب القراءة خلف الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 274. انظر التلخيص الحبير 1/ 232.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 408.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّكْبِيرِ، فإنَّ ما دُونَ ذلك ليس بقِراءَةٍ. والمُسْتَحَبُّ أن يَأْتِيَ بها مَرَتَّلَةً (1) مُعْرَبَةً، يَقِفُ فيها عندَ كلِّ آيَةٍ، ويُمَكِّنُ حُرُوفَ المَدِّ واللِّينِ، ما لم يُخْرِجْه ذلك إلى التَّمْطِيطِ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (2). ورُوِيَ عن أُمِّ سَلَمَةَ، أنَّها سُئِلَتْ عن قِراءَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالت: كان يُقَطِّعُ قِراءَتَه آيَةً آيَةً: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكٍ يَوْمِ الدِّينِ} . مِن المُسْنَدِ (3). وعن أنَسٍ، قال: كانت قِراءَةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَدًّا. ثم قَرَأ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . يَمُدُّ {بِسْمِ اللهِ} ، ويَمُدُّ {الرَّحْمَنِ} ويَمُدُّ {الرَّحِيمِ}. أخْرَجَه البُخارِيُّ (4). فإن أخْرَجَه ذلك إلى التَّمْطِيطِ والتَّلْحِينِ كان مَكْرُوهًا؛ لأنَّه رُبَّما جَعَل الحَرَكاتِ حُرُوفًا. قال أحمدُ: يُعْجِبُنِي مِن قِراءَةِ القرآنِ السَّهْلَةُ. وقال: قَوْلُه: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأصْوَاتِكُمْ» (5). قال: يُحَسِّنُه بصَوْتِه مِن غيرِ
(1) في م: «مرتبة» .
(2)
سورة المزمل 4.
(3)
6/ 302. وتقدم بلفظ آخر في صفحة 432.
(4)
في: باب مد القراءة، من كتاب فضائل القرآن. صحيح البُخَارِيّ 6/ 240، 241. كما أخرجه أبو داود، في: باب استحباب الترتيل في القراءة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 338. والنَّسائيّ، في: باب مد الصوت بالقراءة، من كتاب الصلاة. المجتبى 2/ 139.
(5)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينو القرآن بأصواتكم (الترجمة)، من كتاب التوحيد. صحيح البُخَارِيّ 9/ 193. وأبو داود، في: باب استحباب الترتيل في القراءة، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 338. والنَّسائيّ، في: باب تزيين القرآن بالصوت، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 139. وابن ماجه، في: باب في حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 426. والدارمي، في: باب التغني بالقرآن، من كتاب فضائل القرآن. سنن الدَّارميّ =