الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنِ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ أجْزَأهُ، إذَا كَانَ عَلَى عَاتِقِهِ شَئٌ مِنَ اللِّبَاسِ.
ــ
المَأمُومِين، وتَتَعَلقُ صَلاُتهم بصَلاتِه. فإن لم يَكُنْ إلَّا ثَوبْ واحِدٌ فالقَمِيصُ أوْلَى، لأنه أبلَغُ في السترِ، ثم الرداءُ، ثُم المِئْزَرُ أو السَّراوِيلُ.
307 - مسألة: (فإنِ اقْتَصَر على سَتْرِ العَوْرَةِ أجْزأه، إذا كان على عاتِقِه شئٍ مِن اللباس)
وجُملَةُ ذلك، أن الرجلَ متى سَتَر عَوْرَتَه في الصلاةِ صَحَّتْ صَلاُته، إذا كان على عاتِقِه شئ مِن اللباس، سَواءٌ كان مِن الثَّوْبِ الذى سَتَر عَوْرَتَه، أو مِن غيرِه، إذا كان قادِرًا على ذلك؛ لِما روَى عُمَرُ ابنُ أبى سَلمَةَ، أنه رَأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثَوْب واحِدٍ في بَيْتِ أم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَلَمَةَ، قد ألْقَى طَرَفَيه على عاتِقَيْه (1). وعن أبي هُرَيرةَ، أنَّ سائِلا سَأَل رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الصلاةِ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ، قال:«أوَ لِكُلِّكُم ثَوْبَانِ؟» . مُتفَقٌ عليهما (2). وعن جابِر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا كَان
(1) في م: «عاتقه» .
(2)
الأول أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 100. ومسلم، في: باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 368. كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 54. وابن ماجه، في: باب الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 333. والإمام مالك، في: باب الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 140. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 26، 27.
والثاني أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، وباب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 100، 102. ومسلم، في: باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 367، 368. كما أخرجه أبي داود، في: باب جماع أثواب ما يصلي به، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 146. والنَّسائيّ، في: باب الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 54. وابن ماجه، في: باب الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 333. والإمام مالك، في: باب الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 140. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 266، 285، 345.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّوْبُ وَاسِعًا، فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ». وفي لَفْظٍ:«فَاتَّزِرْ بِهِ» . رَواه البُخارِيُّ (1).
فصل: ولا يُجْزِئُ مِن ذلك إلَّا ما سَتَر العَوْرَةَ عن غيرِه ونَفْسِه فلو كان القَمِيصُ واسِعَ الجَيْبِ، يَرَى عَوْرَتَه إذا رَكَع أو سَجَد، أو كانت بحيث يراها، لم تَصِحَّ صَلَاتُه، لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لسَلَمَةَ ابن الأكْوَعِ:«وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» (2). فإن كان ذا لِحْيَةٍ كَبِيرَةٍ، تُغَطِّي الجَيْبَ فتَسْتُرُ عَوْرَتَه، صَحَّتْ صَلَاتُه. نصَّ عليه؛ لأنَّ عَوْرَتَه مَسْتُورَةٌ. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ.
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب إذا كان الثوب ضيقا، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 101. ومسلم، في: باب حديث جابر الطَّويل وقصة أبي اليسر، من كتاب الزهد. صحيح مسلم 4/ 2307، 2308. وأبو داود، في: باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 148. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 335.
والحقو: موضع شد الإزار، وهو الخاصرة.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 197.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجبُ عليه أن يَضَعَ على عاتِقِه شيئًا مِن اللِّباسِ مع القُدْرَةِ. اخْتارَه ابنُ المُنْذِرِ، وأكثَرُ العُلَمَاءِ على خِلافِه؛ لأنَّهما لَيْسا مِن العَوْرَةِ، أشْبَها بَقِيةَ البَدَنِ. ولنا، ما روَى أبو هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْب الْوَاحِدِ لَيْس عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . رَواه مسلمٌ (1). وعن بُرَيْدَةَ، قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُصَلِّيَ في لِحافٍ ولا يَتَوَشَّحُ به، وأن يُصَلِّيَ في سَراوِيلَ، ليس عليه رِداءٌ. رَواه أبو داودَ (2). وهو شرْطٌ لصِحَّةِ الصلاةِ في ظاهِرِ المَذْهَبِ، واخْتارَه ابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ النَّهْىَ يَقْتَضِي فَسادَ المَنْهِي عنه، ولأنَّ سَتْرَه واجِبٌ في الصلاةِ، فالإخْلالُ به يُفْسِدُها، كالعَوْرَةِ. وذَكَر القاضي وابنُ عَقِيل، أنَّه نُقِل عن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّه ليس بشَرْط، فإنَّه قال في رِوايَةِ مُثَنَّى بن جامِعٍ (3)، في مَن صَلَّى وثَوْبُه على إحْدَى عاتِقَسْه، والأُخْرَى مَكشُوفَةٌ:
(1) في: باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 368. كما رواه البُخَارِسْ، في: باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِسْ 1/ 101. وأبو داود، في: باب جماع ما يصلي فيه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 146. والنَّسائسْ، في: باب صلاة الرَّجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 56 - والدارمي، في: باب الصلاة في الثوب الواحد، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارمسْ 1/ 318. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 243، 464.
(2)
في: باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 148.
(3)
هو أبو الحسن مثنى بن جامع الأنباري، كان ورعًا، جليل القدر. نقل عن الإمام أَحْمد مسائل حسانًا. طبقات الحنابلة 1/ 336، 337.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُكْرَهُ. قِيل له: يُؤمَرُ أن يُعِيدَ؟ فلم يَرَ عليه إعادَةً. قال شيخُنا (1): وليس هذا رِوايَةٌ أُخْرَى، إنَّما يَدُلُّ على أنَّه لا يَجِبُ سَتْرُ المَنْكِبَيْن [في الصلاةِ](2) جَمِيعًا؛ لأنَّ الخَبَرَ لا يَقْتَضِي سَترَهما. فعلى هذا لا يَجِبُ سَتْرُهما جميعًا، بل يُجْزِئُه وَضْعُ ثَوْبٍ على أحَدِ عاتِقَيْه وإن كان يَصِفُ البَشَرَةَ؛ لأن وُجُوبَ ذلك بالخَبَرِ، ولَفْظُه:«لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . وهذا يَقَعُ على ما يَعُمُّ المَنْكِبَيْن، وما لا يَعُمُّ، [وعلى ما يَسْتُرُ البَشَرَةَ، وما لا يَسْتُرُ](2). وقال القاضي، وأبو الخَطّابِ، وابنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ سَتْرُ المَنْكِبَيْن، لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم:«إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طرَفَسْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ» (3). صحيحٌ.
فصل: فإن طَرَح على كَتِفَيْه حَبْلًا أو نَحْوَه، لم يُجْزِئه في اخْتِيارِ الخِرَقِي والقاضى. وقال بعضُ أصحابِنا: يُجْزِئُه. قالوا: لأنَّ هذا شئٌ فيَتَناوَلُه الخَبَرُ. قال بَعْضُهم: وقد رُوِيَ عن جابرٍ، أنَّه صَلَّى في ثَوْبٍ واحِدٍ
(1) في: المغني 2/ 290.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه البُخَارِسْ، في: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، وباب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِسْ 1/ 100، 101. ومسلم، في: باب الصلاة في ثوب واحد وصفة له، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 368، 369. أبو داود، في: باب جُمَّاع أثواب ما يصلَّى فيه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 146. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 255، 266، 319، 427، 520.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ.
ــ
مُتَوَشِّحًا به، كأنِّي أنظُرُ إليه، كأنَّ على عاتِقِه ذَنَبَ فَأْرَةٍ (1).
وعن إبراهيمَ، قال: كان أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا لم يَجِدْ أحَدُهم ثَوْبًا ألْقَي على عاتِقِه عِقالًا وصَلَّى. وقال شيخُنا (2): والصَّحِيحُ أنَّه لا يُجْزِئُ؛ لأن ذلك لا يُسَمَّى سُترةً، ولا لِباسًا، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذَا صلَّى أحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ» . صحيحٌ رَواه أبو داودَ. والأمْرُ بوَضْعِه على العاتِقيْن للسَّترِ، ولا يَحْصُلُ ذلك بوَضْع خَيْطٍ ولا حَبْلٍ، وما رُوِيَ عن جابِرٍ لا يَصِحُّ، وما رُوِيَ عن (3) الصَّحابَةِ إن صحَّ، فلعَدَمِ ما سِواه؛ لقَوْلِه «إذَا لَمْ يَجِدْ» . وفي هذا دَلِيلٌ على أنَّه لا يُجْزِئُ مع وُجُودِ الثَّوْبِ. واللهُ أعلمُ.
فصل: (وقال القاضي: يُجْزِئُه سَتْرُ العَوْرَةِ في النَّفْلِ دُونَ الفَرْضِ) يَعْنِي إذا اقْتَصَر على سَتْرِ العَوْرَةِ دُونَ المَنْكِبَيْن أجْزأه في النَّفلِ دُونَ الفَرْضِ. نصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، قال: يُجْزِئُه أن يَأْتَزِرَ بالثَّوْبِ الواحِدِ ليس
(1) أخرج أوله مسلم، في: باب الصلاة في ثوب واحد، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 368. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 294، 328، 385، 387.
ولم نجد الرواية بتمامها كما أوردها المصنف.
(2)
في: المغني 2/ 291.
(3)
سقط من: م.