الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسُّجُودُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَاجِبٌ، إلَّا الْأَنْفَ عَلَى إحْدَى الرَّوَايَتَيْنِ.
ــ
صلى الله عليه وسلم سَجَد غيرَ مُفْتَرِشٍ ولا قابضِهما، واسْتَقْبَلَ بأطْرافِ رِجْلَيْه القِبْلَةَ. وفي رِوايَةٍ: وفَتَح أصابعَ رِجْلَيْه (1). وهذا مَعْناه.
410 - مَسألة: (والسُّجُودُ على هذه الأعْضاءِ واجِبٌ، إلَّا الأنفَ، على إحْدَى الروايتين)
السُّجُودُ على الأعْضاءِ السَّبْعَةِ واجِبٌ، في قَوْلِ طاوُسٍ، وإسحاقَ، والشافعيِّ في أحَدِ قَوْلَيْه. وقال مالكٌ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 400.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ الآخَرِ: لا يَجِبُ السُّجُودُ على غيرِ الجَبْهَةِ. ورَواه الآمِدِيُّ، عن أحمدَ. وقال القاضي في «الجامِع»: هو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ فإنَّه قد نصَّ في المَرِيضِ يَرْفَعُ شيئًا يَسْجُدُ عليه، أنَّه يُجْزِئُه. ومَعْلُوم أنَّه قد أخَلَّ بالسُّجُودِ على يَدَيْه؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «سَجَدَ وَجْهِي» (1). وهذا يَدُل على أنَّ السُّجُودَ على الوَجْهِ، ولأنَّ السَّاجِدَ على الوَجْهِ يُسَمى ساجدًا، ووَضْعَ غيرِه على الأرْضِ لا يُسَمى به ساجِدًا، فالأمْرُ بالسُّجُودِ يَنْصَرِفُ إلى ما يُسَمِّي به ساجِدًا دُونَ غيرِه، ولأنَّه لو وَجَب السُّجُودُ على هذه الأعْضاءِ، لوَجَبَ كَشْفُها، كالجَبْهَةِ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباس، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُم؛ الْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ، وَالْجَبْهَةِ» . مُتَّفَق
(1) أخرجه مسلم، في: باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 534. وأبو داود، في: باب ما يقول إذا سجد، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 327. والتِّرمذى، في: باب ما يقول في سجود القرآن، من أبواب الجمعة، وفي: باب من الدعاء، وباب ما يقول في سجود القرآن. عارضة الأحوذى 3/ 60، 12/ 306، 307، 309، 310. والنَّسائيّ، في: نوع آخر من الدعاء، ونوع آخر منه، من كتاب التطبيق. المجتبى 2/ 175، 176. وابن ماجه، في: باب سجود القرآن، من كتاب إقامة الصلاة سنن ابن ماجه 1/ 335. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 95، 102، 6/ 217.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ، قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كفَّيْكَ وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ» . رَواه مسلمٌ (1). وسُجُودُ الوَجْهِ لا يَنْفِي سُجُودَ ما عَداه، وسُقُوطُ الكَشْفِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ السُّجُودِ، [فإنَّا نَمْنَعُ](2) في الجَبْهَةِ على رِوايَةٍ، ولو سُلِّمَ فالجَبْهَةُ هي الأصْلُ في السُّجُودِ، وهي مَكشُوفَةٌ (3) عادَةً، بخِلافِ غيرِها، فإن أخَلُّ بالسُّجُودِ على عُضْوٍ مِن هذه الأعْضاءِ، لم تَصِح صَلاُتَه عندَ مَن أوْجَبَه، وإن قَدَر على السُّجُودِ على الجَبْهَةِ، وعَجَز عن السُّجُودِ على بَعْضِ هذه الأعضاء، سَجَد على بَقِيَّتِها، وقَرَّبَ العُضْوَ المَرِيضَ مِن الأرْضِ غايَةَ ما يُمْكِنُه، ولا يَجِبُ عليه أن يَرْفَعَ إليه شيئًا؛ لأَنَّ السُّجُودِ هو الهُبُوطُ، ولا يَحْصُلُ بالرفْعِ، وإن سَقَط السُّجُودُ على (4) الجَبْهَةِ؛ لعارِضٍ مِن مَرَض أو غيرِه، سَقَط عنه السُّجُودُ على غيرِه، لأنَّه الأصْلُ، وغيرَه تَبَعٌ له، فإذا سَقَط الأصْلُ سَقَط التبعُ، ولهذا قال أحمدُ في المَرِيضِ يَرْفَعُ إلى جَبْهَتِه شيئًا يَسْجُدُ عليه: أنَّه يُجْزِئُه.
(1) في: باب الاعتدال في السجود، ووضع الكفين على الأرض. . . . الخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 356. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 283، 294.
(2)
في الأصل: «فإنما يمنع» .
(3)
في الأصل: «تكشف» .
(4)
في م: «عن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وفي الأنْفِ رِوايَتان؛ إحْداهما، يَجبُ السُّجودُ عليه. وهو قولُ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وإسحاقَ؛ لِما روَى ابنُ عباسٍ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعةِ أعْظُمٍ، عَلَى (1) الْجَبْهَةِ» . وأشار بيَدِه إلى أنفِه. «وَالْيَدَيْنِ، وَالركْبَتَيْنِ، وأطْرافِ الْقَدَمَيْن» . مُتَّفَق عليه (2). وإشارَتُه إلى أنْفِه تَدُل على إرادَتِه. وللنَّسائِيِّ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ عَلَى (1) الجَبْهَةِ، وَالأنْفِ، وَالْيَديْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ» (3). والرِّوِايَةُ الثَّانِيَةُ، لا يَجبُ. وهو قولُ عَطاء، والحسنِ، والشافعيِّ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أمِرْتُ أن أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُم» . ولم يَذْكُرِ الأنفَ فيها، ورُوِيَ أنَّ جابِرًا قال: رَأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَد بأعْلى جَبْهَتِه على قُصاصِ الشَّعَرِ (4). رَواه تَمَّامٌ في «فَوائِدِ» ، وغيرُه. وإذا سَجَد بأعْلَى الجَبْهَةِ لم يَسْجُدْ على الأنْفِ. ورُوِيَ عن أبي حنيفةَ: إن سَجَد على [أنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهْ](5)، أجْزَأه (1). ولَعَلَّه ذَهَب إلى أنَّ الجَبْهَةَ والأَنْفَ عُضْو واحِدٌ؛
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 502.
(3)
انظر التخريج السابق.
(4)
قصاص الشعر: حيث تنتهى نِبْتته من مقدمه أو مؤخره والخبر أورده الهيثمى في المجمع 2/ 125، وعزاه لأبي يعلى والطبراني في الأوسط.
(5)
في م: «جبهته دون أنفه» .