الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَرْكَعُ مُكَبِّرًا، فَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا.
ــ
401 - مسألة: (ثم يَرْفَعُ يَدَيْه، ويَرْكَعُ مُكَبِّرًا، فيَضَعُ يَدَيْه على رُكْبَتَيْه، ويَمُدُّ ظَهْرَه مُسْتَوِيًا، ويَجْعَلُ رَأْسَه حِيالَ ظَهْرِه، ولا يَرْفَعُه ولا يَخْفِضُه)
الكَلامُ في هذه المسألةِ في ثلاثةِ أُمُورٍ، أحَدُها، في رَفْعِ اليَدَيْن، ورَفْعُهما في تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ مُسْتَحَبٌّ، ويَرْفَعُهما إلى فرُوعِ أُذُنَيْه، ويكون ابْتِداءُ الرَّفْعِ مع ابْتِداءِ التَّكْبِيرِ، وانْتِهاؤُه مع انْتِهائِه، كما قُلْنا في ابْتِداءِ الصلاةِ. وهذا قَوْلُ ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وجابِرٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وأنَسٍ، رضي الله عنهم. وبه قال الحسنُ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، وابنُ المبارَكِ، والشافعيُّ، ومالِكٌ في أحَدِ قَوْلَيْه. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، والنَّخَعِيُّ: لا يَرْفَعُهما؛ لِما رُوِيَ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، أنَّه قال: ألا أُصَلِّي بكم صلاةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فصَلَّى،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلم يَرْفَعْ يَدَيْه (1) إلَّا في أوَّلِ مَرَّةٍ (2). حديثٌ حسنٌ. وروَى يَزِيدُ بنُ أبي زِيادٍ، عن ابنِ أَبى لَيْلَى، عن البَراءِ بنِ عازِبٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَرْفعُ يَدَيْه إذا افْتَتَحَ الصلاةَ، ثم لا يَعُودُ. رَواه أحمدُ بمَعْناه (3). قالُوا: والعَمَل بهذيْن (4) الحَدِيثَيْن (5) أوْلَى؛ لأنَّ ابنَ مسعودٍ كان فَقِيهًا، مُلازِمًا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عالِمًا بأحْوالِه، فتُقَدَّمُ رِوايَتُه على غيرِه. ولَنا، ما روَى عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، قال: رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا افْتَتَحَ الصلاةَ رَفَع يَدَيْه حتَّى يُحاذِي مَنْكِبَيْه، وإذا أراد أن
(1) في الأصل: «يده» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب من لم يذكر الرفع عند الوضوء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 173، التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 58. والنَّسائيّ، في: باب التجافي في الركوع، وباب الرخصة في ترك رفع اليدين. . . . إلخ، من كتاب التطبيق. المجتبى 2/ 146، 153. الإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 388.
(3)
في: المسند 4/ 282، 301. كما أخرجه أبو داود، في: باب من لم يذكر الرفع عند الركوع، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 173.
(4)
في م: «في هذين» .
(5)
في م زيادة: «الأولين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَرْكَعَ، وبعدَ ما يَرْفَعُ رَأْسَه مِن الرُّكُوعِ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقد ذَكَرْنا حديثَ أبي حُمَيْدٍ (2)، وفيه الرَّفْعُ، رَواه في عَشَرَةٍ مِن الصَّحابَةِ، منهم أبو قَتادَةَ، فصَدَّقُوه. ورَواه عُمَرُ، وعليٌّ، ووائِلُ بنُ حُجْرٍ، ومالكُ بنُ الحُوَيْرِثِ، وأنَسٌ، وأبو هُرَيْرَةَ، وأبو أُسَيْدٍ، وسَهْلُ بنُ سعدٍ، ومحمدُ ابنُ مَسْلَمَةَ، وأبو موسى، فصار كالمُتَواتِرِ الذى لا يَتَطَرَّقُ إليه شَكٌّ بصِحَّةِ سَنَدِه، وكَثْرَةِ رُواتِه، وعَمِل به الصَّحابَةُ والتّابِعُون، وأنْكَرُوا على مَن تَرَكَه، فرُوِيَ أنَّ ابنَ عُمَرَ كان إذا رَأى مَن لا يَرْفَعُ، حَصَبَه (3)، وأمَرَه
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء، وباب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع، وباب إلى أين يرفع يديه، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 187، 188. ومسلم، في: باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 292. كما أخرجه أبو داود، في: باب رفع اليدين في الصلاة، وباب افتتاح الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 166، 171. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 56. والنَّسائيّ، في: باب العمل في افتتاح الصلاة، وباب رفع اليدين قبل التكبير، وباب رفع اليدين حذو المنكبين، وباب رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين، من كتاب افتتاح الصلاة. وفي: باب رفع اليدين حذو المنكبين عند الرفع من الركوع، وباب ما يقول الإمام إذا رفع رأسه من الركوع، من كتاب التطبيق، وفي: باب رفع اليدين للقيام إلى الركعتين الأخريين خذو المنكب، من كتاب السهو. المجتبى 2/ 93، 94، 142، 152، 153، 3/ 4. وابن ماجه، في: باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه الركوع، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 279. والدارمي، في: باب رفع اليدين في الركوع والسجود، وباب القول بعد رفع الرأس من الركوع، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 285، 300. والإمام مالك، في: باب افتتاح الصلاة، من كتاب النداء. الموطأ 1/ 75، 76، 77. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 8، 18، 62، 100، 106، 131، 134، 147.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 400.
(3)
حصبه: رماه بالحَصَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يَرْفَعَ. وحَدِيثاهم ضَعِيفان؛ فحديثُ ابنِ مسعودٍ، قال ابنُ المُبارَكِ: لم يَثْبُتْ. وحديثُ البَراءِ، قال أبو داودَ: هذا حديثٌ ليس بصَحِيحٍ. ولو صَحّا، كان التَّرْجِيحُ لأحادِيثِنا؛ لأنَّها أَصَحُّ إسْنَادًا، وأكْثَرُ رُواةً، ولأنَّهم مُثْبِتُون، والمُثْبِتُ يُقَدَّمُ على النّافِي، ولأنَّه قد عَمِل بها (1) السَّلَفُ مِن الصَّحابَةِ والتّابِعِين. وقَوْلُهم: إنَّ ابنَ مسعودٍ إمامٌ. قُلْنا: لا نُنْكِرُ فَضْلَه وإمامَتَه، أمّا بحيث يُقَدَّمُ على عُمَرَ وعليٍّ فلا، ولا يُساوِي واحِدًا منهما، فكيف تُقَدَّمُ رِوايَتُه؛ الأمْرُ الثاني، الرُّكُوعُ، وهو واجِبٌ في الصلاةِ بالنَّصِّ والإِجْماعِ، قال اللهُ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (2). وأجْمَعُوا على وُجُوبِ الرُّكُوعِ على القادِرِ عليه. الأمْرُ الثَّالِثُ، التَّكْبِيرُ فيه، وهو مَشْرُوعٌ في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ، في قولِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ؛ منهم ابنُ مسعودٍ، وابنُ عُمَرَ، وجابِرٌ، وأبو هُرَيْرَةَ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْيِ، وعَوامٌ علماءِ الأمْصارِ. ورُوِيَ عن عُمَرَ (3) بنِ عبدِ العزيزِ، وسالِمٍ، والقاسِمِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، أنَّهم كانوا لا يُتِمُّون التَّكْبِيرَ؛ لِما روَى عبدُ الرَّحْمنِ بن أبْزَى (4)، أنَّه صلَّى مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فكان لا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ. يَعْنِي إذا خَفَض وإذا رَفَع. رَواه الإمامُ أحمدُ (5). ولَنا، ما روَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في م: «به» .
(2)
سورة الحج 77.
(3)
في الأصل: «ابن عمر» .
(4)
في م: «أبي» .
(5)
في: المسند 3/ 406، 407.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا قام إلى الصلاةِ يُكَبِّرُ حينَ يَقُومُ، ثم يُكَبِّرُ حين (1) يَرْكَعُ، ثم يَقُولُ:«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» . حينَ يَرْفَعُ صُلْبَه مِن الرُّكُوعِ، ثم يَقُولُ وهو قائِمٌ:«رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» . ثم يُكَبِّرُ حينَ يَهْوِي ساجِدًا، ثم يُكَبِّرُ حينَ يَرْفَعُ رَأْسَه، [ثم يُكَبِّرُ حينَ يَسْجُدُ، ثم يُكَبِّرُ حينَ يَرْفَعُ رَأْسَه، ثم يَفْعَلُ ذلك في الصلاةِ كلِّها حتَّى](2) يَقْضِيَها. ويُكَبِّرُ حينَ يَقُومُ مِن الثِّنْتَيْن بعدَ الجُلُوسِ. مُتَّفَقٌ عليه (3). وعن ابنِ مسعودٍ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ، وقِيامِ وقُعُودٍ، وأبو بكرٍ وعُمَرُ. رَواه الإِمامُ أحمدُ، والتِّرْمِذِيُّ (4)، وقال: حسنٌ صحيحٌ. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (5). وقال: «إنَّمَا
(1) في الأصل: «ثم» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب التكبير إذا قام من السجود، وباب يهوى بالتكبير حين يسجد، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 199، 200، 202، 203. ومسلم، في: باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 293، 294. كما أخرجه أبو داود، في: باب تمام التكبير، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 192، 193. والنَّسائيّ، في: باب التكبير للسجود، من كتاب التطبيق. المجتبى 2/ 185. والدارمي، في: باب التكبير عند كل خفض ورفع، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 285. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 454.
(4)
أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب في التكبير عند الركوع والسجود، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 54، 55. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 386، 442، 443. كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب التكبير للسجود، وباب التكبير عند الرفع من السجود، وباب التكبير للسجود (آخر)، من كتاب التطبيق، وفي: باب التكبير إذا قام من الركعتين، وباب كيف السلام على اليمين، من كتاب السهو. المجتبى 2/ 161، 182، 185، 313، 52. والدارمي، في: باب التكبير عند كل خفض ورفع، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 285.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 441، 442.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا». مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّه شُرُوعٌ في رُكْنٍ، فشُرِع فيه التَّكْبِيرُ، كحالَةِ الابتِداءِ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَضَعَ يَدَيْه على رُكْبَتَيْه. ثَبَت ذلك عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهو قولُ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ. وذَهَب قَوْمٌ بن السَّلَفِ إلى التَّطْبِيقِ؛ وهو أن يَجْعَلَ المُصَلِّي إحْدَى كَفَّيْه على الأُخْرَى، ثم يَجْعَلَهما بينَ رُكْبَتَيْه إذا رَكَع. وهذا كان في أوَّلِ الإِسلامِ، ثم نُسِخ. قال مُصْعَبُ بنُ سَعْدٍ: رَكَعْتُ، فجَعَلْتُ يَدَيَّ بينَ رُكْبَتَيَّ، فنَهانِي أبِي، وقال: إنّا كُنّا نَفْعَلُ هذا، فنُهِينا عنه، وأُمِرْنا أن نَضَعَ أيْدِيَنا على الرُّكَبِ. مُتَّفَقٌ عليه (2). وفي حديثِ أَبى حُمَيْدٍ (3): رَأَيْتُه إذا رَكَع أمْكَنَ يَدَيْه مِن رُكْبَتَيْه. ويُسْتَحَبُّ أن يُفَرِّجَ أصابِعَه؛ لِما روى وائِلُ بنُ حُجْرٍ، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا رَكَع، فَرَّجَ أصابِعَه. رَواه البَيْهَقِيُّ (4).
(1) تقدم تخريجه في صفحة 416.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب وضع الأكف على الركب في الركوع، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 200. ومسلم، في: باب الندب إلى وضع الأيدي على الركب في الركوع ونسخ التطبيق، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 380. كما أخرجه أبو داود، في: باب تقريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 200. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 59. والنَّسائيّ، في: باب نسخ التطبيق، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 144. وابن ماجه، في: باب وضع اليدين على الركبتين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 283. والدارمي، في: باب العمل في الركوع، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 218، 299.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 400.
(4)
في: باب بضم أصابع يديه في السجود. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 112.