الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِن لَمْ يَنْوِ، جَازَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ.
ــ
429 - مسألة: (ويَنْوِي بسَلامِه الخُرُوجَ مِن الصلاةِ، فإن لم يَنْوِ، جاز. وقال ابنُ حامِدٍ: تَبْطُلُ صَلاتُه)
الأوْلَى أن يَنْوِيَ بسَلامِه الخُرُوجَ مِن الصلاةِ، وإن نَوَى مع ذلك السَّلامَ (1) على المَلَكَيْن، وعلي مَن خَلْقه، إن كان إمامًا، أو الرَّدَّ على مَن معه إن كان مَأْمُومًا، فلا بَأْسَ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: يَنْوِي بسَلامِه الرَّدَّ على الإمامِ. وقال أَيضًا: يَنْوِي بسَلامِه الخُرُوجَ مِن الصلاةِ، فإن نَوَى المَلكين، ومَن خلْفَه فلا بَأْسَ،
(1) في م: «الرد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والخُرُوجَ مِن الصلاةِ نَخْتارُ. وقال ابنُ حامِدٍ: إن نَوَى في السلامِ الرَّدَّ على المَلَائِكَةِ، أو غيرِهم مِن النّاس مع نِيَّةِ الخُرُوجِ، فهل تَبْطُلُ صَلاتُه؛ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، تَبْطُلُ؛ لأنَّه نَوَى السَّلامَ على آدَمِيٍّ، أشْبَهَ ما لو سَلَّمَ على مَن لم يُصَلِّ معه. وقال أبو حَفْصٍ بنُ المُسْلِمِ (1): يَنْوِي بالتَّسْلِيمَةِ الأُولَى الخُرُوجَ، وبالثّانِيَةِ السَّلامَ على الحَفَظَةِ والمَأَمُومِين، إن كان إمامًا، والرَّدَّ على الإِمام والحَفَظَةِ، إن كان مَأْمُومًا. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حديثِ جابِرِ بنِ سَمُرَةَ:«إنَّمَا يَكْفِي أحَدَكُمْ أنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ» . رَواه مسلمٌ (2). وفي لفظٍ: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَرُدَّ على الإمامِ، وأنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنا على بعضٍ. رَواه أبو داودَ (3). وهذا يَدُلُّ على أنَّه يُسَنُّ التَّسْلِيمُ على مَن
(1) في م: «مسلمة» .
(2)
تقدم تخريجه وصفحة 563.
(3)
في: باب الرد على الإمام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 229. وابن ماجه، في: باب رد السلام على الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 297.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معه، وهذا مذهبُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ. فإن لم يَنْوِ الخُرُوجَ [مِن الصلاةِ](1) ولا شَيْئًا غيرَه، صَحَّ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يَصِحُّ. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشافعيِّ، لأنَّه ذِكْرٌ في أحَدِ طَرَفَيِ الصلاةِ، فافْتَقَرَ إلى النِّيَّةِ، كالتَّكْبِيرِ. ولَنا، أنَّه جُزْءٌ مِن أجْزاءِ الصلاةِ، فلم يَحْتَجْ إلى نِيَّةٍ تَخُصُّه، كسائِرِ أجْزائِها، ولأن الصلاةَ عِبادَةٌ، فلم تَحْتَجْ إلى نِيَّةٍ للخُرُوجِ (2) منها، كالصومِ، وذلك لأنَّ النِّيَّةَ إذا وُجِدَتْ في أوَّلِ العِبادَةِ انْسَحَبَتْ على سائِرِ (3) أجْزائِها، واسْتُغْنِيَ عن ذِكْرِها، وقِياسُ الجُزْءِ الآخِرِ على الأوَّلِ [لا يَصِحُّ](4)؛ لذلك.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «الخروج» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في الأصل: «يصح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ ذِكْرُ اللهِ تعالى، والدُّعاءُ عَقِيبَ الصلاةِ، والاسْتِغْفارُ، كما وَرَد في الأخْبارِ؛ فروَى المُغِيرَةُ، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ في دُبُرِ كل صلاةٍ مَكتُوبَةٍ: «لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال ثَوْبانُ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا انْصَرَفَ مِن صَلاِته اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا. وقال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكرَامِ» . قال الأوْزاعِيُّ: يقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ. رَواه مسلمٌ (2). وقال أبو هُرَيْرَةَ: جاء الفُقَراءُ (3) إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الذكر بعد الصلاة، من كتاب الأذان، وفي: باب الدعاء بعد الصلاة، من كتاب الدعوات، وفي: باب لا مانع لما أعطى الله، من كتاب القدر، وفي: باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، من كتاب الاعتصام. صحيح البُخَارِيّ 1/ 214، 90/ 8، 157، 9/ 117، 118. ومسلم، في: باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 415. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يقول الرَّجل إذا سلم، من كتاب الوتر. وفي: باب التكبير على كل شرف في المسير، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 1/ 346، 2/ 79، 80. والنَّسائيّ: باب نوع آخر من القول عند انقضاء الصلاة، وباب كم مرة يقول ذلك، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 59، 60. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 245، 247، 250، 251، 254، 255.
(2)
في: باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 414. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يقول الرَّجل إذا سلم، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 7/ 347. والنَّسائيّ، في: باب الاستغفار بعد التسليم، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 58. وابن ماجه، في. باب ما يقال بعد التسليم من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 300. والدارمي، في: باب القول بعد السلام، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 311. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 275، 279، 280.
(3)
في م: «فقراء المهاجرين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقالُوا: ذَهَب أهلُ الدُّثُورِ مِن الأمْوالِ بالدَّرَجات العُلَى والنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّون كما نُصَلِّي، ويَصُومُون كما نَصُومُ، ولهم فَضْلٌ مِن أمْوالٍ، يَحُجُّون بها ويَعْتَمِرُون، ويُجاهِدُون، وَيَتَصَدَّقُون. فقال:«أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهمْ، إلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ؛ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُون وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلاثًا وَثلَاثِينَ» [قال سُمَيٌّ](1) فاخْتَلَفْنا بَيْنَنا. فقال بعضُنا: نُسَبِّحُ ثَلاثًا وثَلاِثين، ونَحْمَدُ ثَلاثًا وثَلاِثِين، ونُكَبِّرُ أرْبعًا وثَلَاثِين. [فرَجَعْتُ إليه، يَعْنِي إلى أبي صالِحٍ](1)، فقال: يقول: سُبْحانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ واللهُ أكْبَرُ حتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلَّهِنَّ [ثَلاثٌ وثَلاثُون](2). مُتَّفَقٌ عليه (3). واللَّفْظُ للبُخارِيِّ. قال أحمدُ، في رِوايَةِ أبي داودَ: يقُولُ (4) هكذا، ولا يَقْطَعُه: سُبْحانَ اللهِ، والحَمْدُ لله، [ولا إلهَ إلَّا الله](5)، واللهُ أكْبَرُ. وكان ابنُ الزُّبَيْر يقُولُ في دُبُر كل صلاةٍ: «لَا
(1) من سياق مسلم دون البُخَارِيّ.
(2)
في الأصل: «ثلاثًا وثلاثين» .
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الذكر بعد الصلاة، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 213. ومسلم، في: باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 416،
417، كما أخرجه أبو داود، في باب التسبيح بالحصى، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 345. والدارمي، في: باب التسبيح في دبر الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 312.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْل وَلَهُ (1) الثَّنَاءُ الحَسَنُ (2)، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ». وقال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ. رَواه مسلمٌ (3). وعن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخَذَ بيَدِه، فقال:«يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعَنْ دُبُرَ كُل صَلَاةٍ تَقَولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنَّسائِيُّ (4). وعن أبي ذَرٍّ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَالَ في دُبُرِ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكلَّمَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «الحسن الجميل» .
(3)
في: باب استحباب الذكر بعد الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 415، 416. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يقول الرَّجل إذا سلم، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 346. والنَّسائيّ، في: باب التهليل بعد التسليم، وباب عدد التهليل والذكر بعد التسليم، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 59. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 4، 5.
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب في الاستغفار، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 349. والنَّسائيّ، في: باب نوع آخر من الدعاء، من كتاب السهو. والمجتبى 3/ 45، 46. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 245، 247.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، ومُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَه ذَلِكَ كلَّهُ في حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ للذَّنْبِ أنْ يُدْرِكَهُ في ذَلِكَ الْيَوْمِ، إلَّا الشِّرْكَ بِاللهِ». رَواه النسائِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ (1)، وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. وقال أبو مَعْبدٍ (2)، مَوْلى ابنِ عباسٍ: إنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بالذِّكْرِ حينَ يَنْصَرِفُ النّاسُ مِن المكْتُوبَةِ، كان على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال ابنُ عباسٍ: كنتُ أعْلَمُ إذا انْصَرَفَ النّاسُ بذلك إذا سَمِعْتُه. مُتَّفَقٌ عليه (3).
فصل: رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يَقْعُدُ بعدَ صلاةِ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا (4). رَواه مسلمٌ (5). فيُسْتَحَبُّ للإِنْسانِ أن يَفعَلَ ذلك، اقْتِداءً برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب حَدَّثَنَا قتيبة. . . .، من أبواب الدعاء. عارضة الأحوذى 13/ 19. والنَّسائيّ، في: باب ثواب من قال في دبر صلاة الغداة. . . . إلخ، من كتاب عمل اليوم والليلة. السنن الكبرى
6/ 37. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 415، 6/ 298.
(2)
في الأصل: «أبو سعيد» .
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الذكر بعد الصلاة، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 213. ومسلم، في: باب الذكر بعد الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 410. كما أخرجه أبو داود، في: باب التكبير بعد الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 238، 239. والنَّسائيّ، في: باب التكبير بعد تسليم الإمام، من كتاب السهو. المجتبي 3/ 57.
(4)
في م: «حسناء» . وحسنا: أي طلوعًا حسنًا، أي مرتفعة.
(5)
في: باب فضل الجلوس في صلاه بعد الصبح وفضل المساجد، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 464. كما أخرجه أبو داود، في: باب الرَّجل يجلس متربعًا، من كتاب الأدب. سنن أبي داود 2/ 562. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 91، 97، 100 ، 101، 105، 107.