الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
ــ
399 - مسألة: (ويَجْهَرُ الإمامُ بالِقراءَةِ في الصُّبْحِ، والأُولَيَيْن مِن المَغْرِبِ والعِشاءِ)
الجَهْرُ في هذه المَواضِعِ مُجْمَعٌ على اسْتِحْبابِه، ولم يَخْتَلِفِ المُسْلِمُون في مَواضِعِه. والأصْلُ فيه فِعْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد ثَبَت ذلك بنَقْلِ الخَلَفِ عن السَّلَفِ. فإن جَهر في مَوْضِعِ الإِسْرارِ، وأسَرَّ في مَوْضِع الجَهْرِ، تَرَك السُّنَّةَ، وأجْزَأه. وقال القاضي: إن فَعَل ذلك عامِدًا صَحَّتْ صَلاتُه، في ظاهِرِ كَلامِه. ومِن أصحابِنا مَن قال: تَبْطُلُ. وإن فَعَلَه ناسِيًا، لم تَبْطُلْ، إلَّا أنَّه إذا جَهَر في مَوْضِعِ الإِسْرارِ ناسِيًا، ثم ذَكَر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في أثْناءِ قِراءَتِه، بَنَى على قِراءَتِه، وإن نَسِيَ فأسَرَّ في مَوْضِعِ الجَهْرِ، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهما، يَمْضِي في قِراءَتِهْ، كالتى قَبْلَها. والثانيةُ، يَسْتَأْنِفُ القِراءَةَ جَهْرًا على سَبِيلِ الاخْتِيارِ لا الوُجُوبِ، والفَرْقُ بينَهما أنَّ الجَهْرَ زِيادَةٌ، قد حَصَل بها المَقْصُودُ وزِيادَة، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه، والإِسْرارُ نَقْصٌ، فاتَتْ به سُنَّةٌ تَتَضَمَّنُ مَقْصُودًا، وهو إسْماعُ (1) المَأْمُومِين القِراءَةَ، وقد أمْكنَه الإِتْيانُ بها، فيَنْبَغِي أن يَأْتِيَ بها.
فصل: ولا يُشْرَعُ الجَهْرُ للمَأمُومِ، بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه مَأمُورٌ بالاسْتِماعِ للإِمام والإِنْصاتِ له، ولا يُقْصَدُ منه إسْماعُ (2) أحَدٍ. فأمّا المُنفَرِدُ، فهو مُخَيَّرٌ في ظاهِرِ كَلامِه. وكذلك مَن فاتَه بَعْضُ الصلاةِ مع الإمامِ، فقامَ ليَقْضِيَه. [روَى ذلك عنه](3) الأثْرَمُ، قال: إن شاء جَهَر،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن شاء خافَتَ، إنَّما الجَهْرُ للجَماعَةِ. وكذلك قال طاوُسٌ، والأوْزاعِيُّ في مَن فاتَه بعضُ الصلاةِ. ولا فَرْقَ بينَ القَضاءِ والأداءِ. وقال الشافعيُّ: يُسَنُّ للمُنْفَرِدِ؛ لأنَّه غيرُ مَأْمُورٍ بالإنْصاتِ، أشْبَهَ الإِمامَ. ولَنا، أنَّه لا يُرادُ منه إسْماعُ غيرِه، أشْبَهَ المَأْمُومَ في سَكَتاتِ الإِمامِ، بخِلافِ الإِمامِ، فإنَّه يَقْصِدُ (1) إسْماعَ المَأْمُومِين، فقد تَوَسَّطَ المُنْفَرِدُ بينَ الإِمامِ والمَأْمُومِ، ولذلك كان مُخَيَّرًا في الحالَيْن.
فصل: فإن قَضَى الصلاةَ في جَماعَةٍ، وكانت صلاةَ نَهارٍ، أَسَرَّ، سَواءٌ قَضاها لَيْلًا أو نَهارًا، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّها صلاةُ نَهارٍ، وإن كانت صلاةَ لَيْلٍ فقَضاها لَيْلًا، جَهَر في ظاهِرِ كَلامِه؛ لأنَّها صلاةُ لَيْلٍ فَعَلَها لَيلًا فيَجْهَرُ فيها، كالمُؤَدّاةِ، وإن قَضاها نَهارًا احْتَمَلَ أن لا يَجْهَرَ، وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، والأوزاعِيِّ (2)؛ لأنَّها مَفْعُولَةٌ في النَّهارِ، وصلاةُ النَّهارِ عَجْماءُ، وقد روَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ فَارْجُمُوهُ بِالبَعْزِ» . رَواه أبو حَفْصٍ
(1) في الأصل زيادة: «منه» .
(2)
سقط من: الأصل.