الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ دُونَ غَيرِهَا، لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.
ــ
هو أكْمَلُ حالًا وأفْضَلُ، واعْتِبارُ فضِيلَتِه دَلِيلٌ على فضيلةِ مَنْزِلَتِه. ومَن نَصَر الروايَةَ الأُولَى قال: إنَّما لم يَتَوَلَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وخُلَفاؤُه؛ لضِيقِ وَقْتِهم عنه، ولهذا قال عُمَرُ: لولا الخِلِّيفَي (1) لأذَّنْتُ (2). والله أعلمُ.
258 - مسألة: (وهما مَشْرُوعان للصَّلَواتِ الخَمْسِ دُونَ غيرِها، للرِّجالِ دونَ النِّساءِ)
أجْمَعَتِ الأمةُ على أنَّ الأذانَ والإقامَةَ مَشْرُوعان للصَّلَواتِ الخَمسِ، ولا يُشرعان لغيرِ الصَّلَواتِ الخَمسِ، لأنَّ المَقْصُودَ منه الإعْلامُ بوَقْتِ المفْرُوضَةِ على الأعْيانِ، وهذا لا يُوجَدُ في غيرِها. والأصْلُ في الأذانِ ما رُوِيَ عن أنس بنِ مالكٍ، رضي الله عنه، قال: لَمّا كثُر النّاسُ ذَكَرُوا أن يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلاةِ بشيءٍ يَعْرِفُونَه، فذَكَرُوا أن يُورُوا نارًا، أو يَضْرِبُوا ناقُوسًا، فأُمِرَ بِلالٌ اُن يَشْفَعَ الأذانَ ويُوتر الإقامَةَ. مُتَّفَقٌ عليه (3). وعن عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ بن عبدِ رَبِّه، رَضِي اللهُ
(1) الخِلِّيفَي: مبالغة في الخلافة.
(2)
أخرجه بنحوه عبد الرزاق، في: باب فضل الأذان، من كتاب الصلاة. المصنف 1/ 486.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب الأذان مثنى مثنى، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 158. ومسلم، في: باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 286.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه، قال: لَما أمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالنّاقُوس يُعْمَلُ ليُضْرَبَ به [للنّاسِ لجَمْعِ الصلاة](1)، طاف بِي وأنا نائمٌ رجلٌ يَحْمِلُ ناقوسًا في يَدِه، فقلتُ: يا عبدَ اللهِ، أتَبِيعُ النّاقُوسَ؟ قال: وما تَصْنَعُ به؟ قلتُ: نَدْعُو به إلى الصلاةِ. قال: أفلا أدُلُّكَ على ما هو خَير مِن ذلك؟ فقلت: بلى. قال: فقال: تقولُ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشْهَدُ أن لا إِلَهَ إلا الله، أشْهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللهُ، أشْهدُ أن محمدًا رسولُ الله، أشهدُ أن محمدًا رسولُ اللهِ، حَيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الصلاةِ، حَيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفلاحِ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلَهَ إلا الله. ثم اسْتَأخَرَ عنِّي غيرَ بَعِيدٍ، ثم قال: ثم تَقُولُ إذا أقَمْتَ (2) الصلاةَ: اللهُ أكبرُ الله أكبرُ، أشْهدُ أن لا إلَهَ إلَّا الله، أشْهَدُ أن محمدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الفَلاحِ، قد قامتَ الصلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، الله أكبرُ الله أكبرُ، لا إلَهَ إلَّا اللهُ. فلَمّا أصْبَحْتُ أتَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخْبرتُه بما رَأيتُ، فقال:«إنَّهَا لرؤيَا حَقٍّ، إنْ شَاءَ الله، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فألْقِ عَلَيةِ مَا رَأيتَ، فَلْيُؤذِّنْ بهِ، فَإَّنهُ أندَى صَوْتًا مِنْكَ» . فقُمْتُ مع بِلالٍ، فجَعَلْتُ أُلقِيه عليه ويُؤذِّنُ به. قال: فَسَمِعَ ذلك (3) عُمَرُ بنُ الخطابِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رضي الله عنه، وهو في بَيته، فخرَجَ يَجُرُّ رِداءَه، يقولُ: والذي بَعَثَك بالحَقِّ يا رسولَ الله، لقد رَأيتُ مثلَ الذي رَأى. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلِلَّهِ الْحَمدُ» . أخْرَجَه الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، وهذا لَفْظُه، وابنُ ماجَه (1)، وأخْرَج الترِّمِذِيُّ بعْضَه (2)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
فصل: وليسَ على النِّساءِ أذانٌ ولا إقامَةٌ. كذلكَ قال ابنُ عُمَرَ، وأنَسٌ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، وابنُ سِيرينَ، والثَّوْرِيُّ، ومالكٌ، وأصحابُ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم. واخْتَلَفُوا، هل يُسَنُّ لَهُنَّ ذلك؟ فرُوىَ عن أحمدَ، إن فَعَلْنَ فلا بَأْسَ، وإن لم يَفْعَلْنَ. فجائِزٌ. وقال القاضي: هل تُسْتَحَبُّ لها الإقامَةُ؟ على رِوايَتَين. وعن جابِرٍ، أنَّها تُقِيمُ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، والأوْزاعِيُّ. وقال الشافعيُّ: إن أذَّنَّ وأقَمْنَ فلا بَأْسَ. وعن عائشةَ، أنَّها
(1) أخرجه أبو داود، في: باب كيف الأذان، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 116، 117. وابن ماجه، في: باب بدء الأذان، من كتاب الأذان. سنن ابن ماجه 1/ 232، 233. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 43، 5/ 246. كما أخرجه الدارمي، في: باب بدء الأذان، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 268، 269.
(2)
في: باب ما جاء في بدء الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 1/ 305.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كانَتْ تُؤَذِّنُ وتُقِيمُ. وبه قال إسحاقُ. وقد رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِنَ لأُمِّ وَرَقَةَ أن يُؤذَّنَ لها ويُقامَ، وتَؤُمَّ نِساءَ أهْلِ دارِها (1). إلَّا أنَّ هذا الحديثَ يَرويه الوَلِيِدُ بنُ جُمَيعٍ (2)، وقد قال ابنُ حِبّانَ: لا يُحْتَجُّ بحَدِيثِه. ووَثَّقَه يَحْيى بنُ مَعِينِ. ورُوي عنه، لا يُشْرَعُ لها ذلك، لِما روَى النَّجَادُ، بإسنادِه، عن أسماءَ بنتِ يَزِيدَ، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لَيسَ عَلَى النِّسَاءِ أذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ» (3). ولأنَّ الأذانَ يُشْرَعُ له رَفْعُ الصَّوْتِ، ولا يُشْرَعُ لها، ولا تُشْرَعُ لها الإقامَةُ؛ لأنَّ مَن لا يُشْرَعُ له الأذانُ، لا تُشْرَعُ له الإقامَةُ، كغيرِ المُصَلِّي وكالمَسْبُوقِ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب إمامة النساء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 139. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 405.
(2)
هو الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري. انظر الضعفاء الكبير، للعقيلي 4/ 317.
(3)
أخرجه البيهقي، في: باب ليس على النساء أذان ولا إقامة، من كتاب الصلاة. سنن البيهقي 1/ 408.