الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ، لَمْ يَتْبَعْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَيَتْبَعُ الْجَاهِلُ وَالْأَعْمَى أوْثَقَهُمَا في نَفْسِهِ.
ــ
مُظْلِمَةٍ، فلم نَدْرِ أين القِبْلَة، فصَلَّى كلُّ (1) رجلٍ منَّا حِيالَه، فلَمَّا أصْبَحْنا ذَكَرْنا ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فنَزَلَ:{فَأيْنَمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} (2). رواه ابنُ ماجَه، والتِّرمِذِيُّ (3)، وقال: حديثٌ حسنٌ، إلَّا أنَّه مِن حديثِ أشْعَثَ السَّمَّانِ (4)، وفيه ضَعْفٌ.
353 - مسألة: (وإذا اختَلَفَ اجْتِهادُ رَجُلَيْن، لم يتْبَعْ أحَدُهما صاحِبَه. ويَتْبَعُ الجاهِلُ والأَعْمَى أوْثَقَهما في نَفْسِه)
متى اخْتَلَفَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة البقرة 115.
(3)
أخرجه ابن ماجه، في: باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 326. والتِّرمذيّ؛ في: باب ما جاء في الرَّجل يصلي لغير القبلة، من أبواب الصلاة، وفي: باب حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 2/ 143، 11/ 79.
(4)
في الأصل: «السماك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُجْتهِدان، ففَرْضُ كلِّ واحِدٍ منهما الصلاةُ إلى الجِهَةِ التي يُؤدِّيه إليها اجْتِهادُه، فلا يَسَعُه تَرْكُها، ولا تَقْلِيدُ صاحِبه، وإن كان أعْلَمَ منه، كالعالِمَيْن يَخْتَلِفان في الحادِثَةِ. فإنِ اجْتَهَدَ أحَدُهما دُونَ الآخَرِ، لم يَجُزْ له تَقْلِيدُ مَن اجْتَهَدَ، حتَّى يَجْتَهِدَ بنَفْسِه وإن ضاقْ الوَقْتُ، كالحاكِم لا يَسَعُه تَقْلِيدُ غيرِه. وقال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ في المُجْتَهِدِ، أنَّه يَسَعُه تَقْلِيدُ غيرِه إذا ضاق الوَقْتُ عن اجْتِهادِه. قال: لأنَّ أحمدَ قال، في مَن هو في مَدِينَةٍ، فتَحَرَّى، فصَلَّى لغيرِ القِبْلَةِ في بَيْتٍ: يُعِيدُ؛ لأنَّ عليه أن يَسْألَ. قال شيْخُنا (1): وما اسْتَدَلَّ به لا دَلِيلَ فيه، وكَلامُ أحمدَ إنَّما دَلَّ على أنَّه ليس لمَن في المِصْيرِ الاجْتِهادُ، لأنِّه يُمْكِنُه التَّوَصُّلُ إلى مَعْرِفَةِ القِبْلَةِ بالخَبرِ، وكذلك (2) لم يُفرِّقْ بينَ ضِيق الوَقْتُ وسَعَتِه، مع الاتِّفاقِ على أنَّه لا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ مع سَعَة الوَقْتِ.
(1) في: المغني 2/ 108.
(2)
في تش: «لذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومتى اخْتَلَفَ اجْتِهادُهما، لم يَجُزْ لأحَدِهما أن يَؤْمَّ صاحِبَه؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَعْتَقِدُ خَطَأ الآخرِ، فلم يَجُزْ له الائْتِمامُ به؛ لو خَرَجَتْ مِن أحَدِهما رِيحٌ، واعْتَقَدَ كلُّ واحِدٍ منهما أنَّها مِن الآخَرِ. قال شَيْخُنا (1): وقِياسُ المَذْهَبِ جَوازُ ذلك. وهو مَذْهَبُ أبي ثَوْرٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَعْتَقِدُ صِحَّةَ صلاةِ الآخَرِ، وأنَّ فَرْضَه التَّوَجُّهُ إلى ما تَوَجَّهَ إليه، فلم يَمْنَعْ الاقْتِداءَ به اخْتِلافُ الجِهَةِ، كالمُصَلِّين حَوْلَ الكَعْبَةِ. وقد نَصَّ أحمدُ على صِحَّةِ الصلاةِ خلفَ المُصَلِّي في جُلُودِ الثَّعالِبِ، إذا كان يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الصلاةِ فيها، وفارَق ما إذا اعْتَقَدَ كلُّ واحِدٍ منهما حَدَثَ صاحِبِه، لأنَّه يَعْتَقِدُ بُطْلانَ صَلاِته، بحيث لو بأن له يَقِينًا حَدَثُ نَفْسِه، أعاد الصلاةَ، بخِلافِ هذا. وهذا هو الصَّحِيحُ، إن شاء اللهُ تعالى. فأمّا إن مال أحَدُهما يَمِينًا، والآخَرُ شِمالًا، مع اتِّفاقِهما في الجِهَةِ، فلا يَخلِفُ المَذْهَبُ في صِحَّةِ ائْتِمامِ أحَدِهما بالآخَرِ، لاتِّفاقِهما في الجهَةِ الواجِبِ اسْتِقْبالُها.
(1) في: المغني 2/ 109.