الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: أَرْكَانُ الصَّلَاةِ اثْنَا عَشَرَ، الْقِيَامُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإحْرَامَ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالسُّجُودُ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالطُّمأنِينَةُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَالتَّشَهُدُ الأخِيرُ، وَالْجُلُوسُ لَهُ، وَالتَّسْلِيمَةُ الأولَى، وَالتَّرْتِيبُ. مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
ــ
456 - مسألة: قال رحمه الله: (أرْكان الصلاةِ اثْنا عَشَرَ، القِيامُ، وتَكبيرَة الإحْرامِ، وقِراءَة الفاتِحَةِ، والرُّكُوعُ، والاعْتِدالُ عنه، والسُّجُودُ، والجُلوسُ بينَ السَّجْدَتَيْن، والطُّمَأْنِينَة في هذه الأفْعالِ، والتَّشَهُّدُ الأخِيرُ، والجُلُوسُ له، والتَّسْلِيمَةُ الأُولَى، والتَّرْتِيبُ، مَن تَرَك منها شيئًا عَمْدًا بَطَلَتْ صلاتُه)
المَشْروعُ في الصلاةِ قِسْمانِ، واجِبٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومَسْنُونٌ، والواجِبُ يَنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْن، أحَدُهُما، لا يَسْقُطُ في عَمْدٍ ولا سَهْوٍ، وهي الأرْكانُ التى ذَكَرَها المُصَنِّفُ، إلَّا أنَّ قِراءَةَ الفاتِحَةِ إنَّما تَجِبُ على الإمامِ والمُنْفَرِدِ، والقِيامُ يَسْقُطُ في النّافِلَةِ، وفي وُجُوب بعضِها اخْتِلافٌ ذَكَرْناه. وقد ذَكَرْنا أدِلَّتَها في أثْناءِ البابِ سِوَى التَّرتِيبِ، ويَدُلُّ عليه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّاها مُرَتَّبَةً، وقال:«صَلُّواْ كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي» (1). وقد دَلَّ على وُجُوب أكْثَرها ما روَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل المَسْجِدَ، فدَخَلَ رَجُلٌ فصَلَّى، ثم جاء فسَلَّمَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:«ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» . [فرَجَعَ فصَلَّى كما صَلَّى، ثم جاء فسَلَّمَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»](2)، ثَلاثًا. فقال: والذى بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غيرَه، فعَلِّمْنِي. قال: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبَّر، ثُم اقْرَأ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِن رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 441، 442.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، [ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا](1)، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاِتكَ كُلِّهَا». مُتَّفَقٌ عليه (2). وزاد مسلمٌ:«إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَأسْبغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ استقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّر» . فدَلَّ ذلك على أنَّ هذه المُسَمّاةَ فِي الحديثِ لا تَسْقُط بحالٍ، فإنَّها لو سَقَطَتْ لسَقَطَتْ عن الأعرْابِيِّ لجَهْلِه بها، والجاهِلُ كالنّاسِي. فأمّا أحْكامُ تَرْكِها، فإن كان عَمْدًا بَطَلَتْ صلاتُه في الحالَ، وإن كان سَهْوًا، ثم ذَكَرَه في الصلاةِ أتَى به على ما سَنَذْكُرُه، إن شاء اللهُ. وإن لم يَذْكُره حتَّى سَلَّمَ وطال الفَصْلُ، بَطَلَتِ الصلاةُ، وإن لم يَطُلِ الفَصْلُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 408.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَنَى على ما مَضَى مِن صلاِته. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ جَماعَةٍ. وهو قولُ الشافعيِّ. وقال بعضُ أصحابِنا: متى لم يَذْكُرْه حتَّى سَلَّمَ، بَطَلَتْ صلاتُه. وقال الأوْزاعِيُّ في مَن نَسِيَ سَجْدَةً مِن صلاةِ الظُّهْرِ فذَكَرَها في صلاةِ العَصْرِ: يَمْضى في صلاِته، فإذا فَرَغ سَجَدَها. ولَنا على (1) أنَّ الصلاةَ لا تَبْطُلُ مع قُرْبِ الفَصْلِ، أنَّه لو تَرَك رَكْعَةً، أو أكْثَرَ (2)، وذَكَر قبلَ طُولَ الفَصْلِ، أتَى بما تَرَك ولم تَبْطُلُ صلاتُه إجماعًا. وقد دَلَّ على
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «كبر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك حديثُ ذى اليَدَيْن (1). فإذا تَرَك رُكْنًا واحِدًا، فَأوْلَى أنْ لا تَبْطلَ. والدَّلِيلُ على أنَّ الصلاةَ تَبْطُلُ بطُولِ الفَصْلِ، أنَّه أخَلَّ بالمُوالاةِ، فبَطَلَتْ صلاتُه، كما لو ذَكَرَ في يومٍ ثانٍ. والمَرْجِعُ في طُولِ الفَصْلِ إلى العُرْفِ. وبه قال بعضُ الشافعيَّةِ. وقال بَعْضُهم: الفَصْلُ الطوِيلُ قَدْرُ رَكْعَةٍ. وهو نَصُّ الشافعيِّ. وقال الخِرَقِيُّ، في سُجُودِ السَّهْوِ: إذا تَرَكَه، يَسْجُدُ ما
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، من كتاب الصلاة، وفي: باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول النَّاس، من كتاب الأذان، وفي: باب إذا سلم في ركعتين أو ثلاث. . . إلخ، وباب من لم يتشهد في سجدتى السهو، وباب من يكبر في سجدتى السهو، من كتاب السهو، وفي: باب ما يجوز من ذكر النَّاس، نحو قولهم الطَّويل والقصير، من كتاب الأدب، وفي: باب ما جاء في إجازة خبر الآحاد، من كتاب خبر الآحاد. صحيح البُخَارِيّ 1/ 129، 130، 183، 2/ 85 - 87، 8/ 19، 20، 9/ 108. ومسلم، في: باب السهو في الصلاة والسجود له، من كتاب المساجد، صحيح مسلم 1/ 403، 404. كما أخرجه أبو داود، في: باب السهو في السجدتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 231 والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الرَّجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 188، 189. والنَّسائيّ، في: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيًا وتكلم، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 17، 18. وابن ماجه، في: باب في من سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 383. والدارمي، في: باب سجدة السهو من الزيادة، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 351، 352. والإمام مالك، في: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا، من كتاب النداء. الموطأ 1/ 93، 94. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 234، 235، 423، 460.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان في المَسْجِدِ؛ لأنَّه مَحَلٌّ للصلاةِ، فيُحَدُّ قُرْبُ الفَصْلِ وبُعْدُه به. والأوْلَى حَدُّه بالعُرْفِ؛ لأنَّه لا حَدَّ له في الشَّرْعِ، فرُجِعَ فيه إلى العُرْفِ، كسائِرِ مالا حَدَّ له، ولا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ بالتَّحَكُّمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومتى كان المَتْرُوكُ سَلامًا أتَى به فحَسْبُ، وإن كان تَشَهُّدًا أتَى به وبالسلامِ، وإن كان غيرَهما أتَى برَكْعَةٍ كامِلَةٍ. وقال الشافعيُّ: يَأْتِي بالرُّكْنِ وبما بعدَه لا غيرُ. ويَأتِي الكَلامُ عليه إن شاء اللهُ. وتَخْتَصُ تَكْبيرَةُ الإِحرامِ مِن بينِ سائِرِ الأرْكانِ، بأنَّ (1) الصلاةَ لا تَنْعَقِدُ بتَرْكِها؛ لأنَّهَا تَحْرِيمُها، فلا يَدْخُلُ في الصلاةِ بدونِها، ويَخْتَصُّ السَّلامُ بأنَّه إذا نَسِيَه أتى به وَحْدَه، وقد ذَكَرْناه.
(1) في م: «لأن» .