الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ، وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا قَرَأَ قَدْرَهَا فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ. وَقِيلَ: فِي عَدَدِ الْآيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا آيَةً وَاحِدَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا.
ــ
وأنْشَدَ في المَدِّ:
يَا رَبِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبَدًا
…
ويَرْحَمُ اللهُ عَبْدًا قالَ آمِينَا (1)
ومَعْناها: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ. قالَه الحسنُ. وقِيلَ. هو اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ عز وجل. ولا يُشَدِّدُ المِيمَ؛ لأنَّه يُخِلُّ بالمَعْنَى، فيَصِيرُ بمَعْنَى: قاصِدِين.
فصل: فإن نَسِيَ الإِمامُ التَّأْمِينَ أمَّنَ المَأْمُومُ، ورَفَع بها صَوْتَه؛ ليُذَكِّرَ الإِمامَ؛ لأنَّه مِن سُنَنِ الأقْوالِ، فإذا تَرَكَها الإمامُ، أتى بها المَأْمُومُ، كالاسْتِعاذَةِ، وإن أخْفاها الإمامُ جَهَر بها المَأْمُومُ؛ لِما ذَكَرْنا. فإن تَرَك التَّأْمِينَ حتَّى شَرَع في قِراءَةِ السبُّورَةِ، لم يَعُدْ إليه؛ لأنَّه سُنَّةٌ فات مَحَلُّها.
394 - مسألة: (فإن لم يُحْسِنِ الفاتِحَةَ، وضاق الوَقْتُ عن تَعَلُّمِها، قَرَأ قَدْرَها في عَدَدِ الحُرُوفِ، وقِيلَ في عَدَدِ الآياتِ مِن غيرِها، فإن لم يُحْسِنْ إلَّا آيَةً كَرَّرَها بقَدْرِها)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَن لم يُحْسِنِ
(1) البيت أَيضًا من الشواهد النحوية، وعجزه في أمالي ابن الشجرى 1/ 259، 375، وشرح الأشموني =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفاتحةَ، يَلْزَمُه تَعَلُّمُها؛ لأنَّه واجِبٌ في الصلاةِ، فلَزِمَه تَحْصِيلُه إذا أمْكَنَه، كشُرُوطِها، فإن لم يَفْعَلْ مع القُدْرَةِ عليه، لم تَصِحَّ صَلاتُه، فإن لم يَقْدِرْ أو خَشِيَ فَواتَ الوَقْتِ، سَقَط، فإن كان يُحْسِنُ منها آيَةً أو أكثَرَ، كرَّرَها بقَدْرِها، لا يُجْزِئُه غيرُ ذلك. ذَكَرَه القاضي؛ لأنَّ ذلك أقْرَبُ إليها مِن غيرِها. وقال ابنُ أَبى موسى: لا يُكرِّرُها. وكذلك إن لم يُحْسِنْ مِن القُرْآنِ إلَّا آيَةً. ويَحْتَمِلُ أن يَأْتِيَ ببَقِيَّةِ الآيِ مِن غيرِها، كمَن وَجَد بعضَ الماءِ، فإنَّه يَغْسِلُ به، ويَعْدِلُ إلى التَّيَمُّمِ. ذَكَر القاضي هذا الاحْتِمالَ في «الجامِعِ» ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْهان كهَذَيْن. فأمّا إن عَرَف بعضَ آيَةٍ، لم يُكَرِّرْها، وعَدَل إلى غيرِها؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ
= 3/ 197، وهو في: شرح المفضل، لابن يعيش 4/ 34، واللسان (أمن) 13/ 27، وشذور الذهب 116. ونسبه صاحب اللسان إلى عمر بن أبي ربيعة، وليس في ديوانه، ونبه على ذلك الشيخ محيي الدين عبد الحميد في حاشية شرح شذور الذهب، وذكر أن قومًا نسبوه إلى قيس بن الملوح المعروف بمجنون ليلى. وهو في ديوانه 283، وانظر تخريجه في حاشية صفحة 283، وفي بعض مصادر التخريج هذه أنَّه ليزيد بن سلمة بن سمرة المعروف بابن الطارية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذى لا يُحْسِنُ الفاتِحَةَ أن يقُولَ: الْحَمْدُ للهِ. وغيرَها (1). وهي بَعْضُ آيَةٍ، ولم يَأْمُرْه بتَكْرارِها. فإن لم يُحْسِنْ شيئًا منها، وأحْسَنَ غَيْرها مِن القرآنِ، قَرَأَ منه بقَدْرِها إن قَدَر عليه، لا يُجْزِئُه غيرُ ذلك؛ لِما روَى أبو داودَ (2)، عن رِفاعَةَ بنِ رافِعٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَإن كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فاقْرَأْ بِهِ، وَإلَّا فَاحْمَدِ اللهَ، وَهَلِّلْهُ، وَكَبِّرْهُ» .
ويَجِبُ أن يَقْرَأَ بعَدَدِ آياتِها. وهل يُعْتَبَرُ أن يكُونَ بعَدَدِ حُرُوفِها؟ فيه وَجْهان؛ أظْهَرُهما اعْتِبارُ ذلك. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّ الحَرْفَ مَقْصُودٌ؛ بدَلِيلِ تَقْدِيرِ الحَسَناتِ به، فاعْتُبرَ،
كالآىِ. والثاني، تُعْتَبَرُ الآياتُ، ولا يُعْتَبَرُ عَدَدٌ الحُرُوفِ؛ بدَلِيلِ أنَّه لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَكْفِي عَدَدُ الحَرُوفِ دُونَها، فأشْبَهَ مَن فاتَه صَوْمُ يَوْمٍ طَوِيلٍ، لا يُعْتَبَرُ في القَضاءِ صومُ يوْمٍ طَوِيلٍ مِثْلِه. وفيه وَجْهٌ ثالِثٌ، أنَّه يَكْفِيه أن يَقْرَأ بعَدَدِ الحُرُوفِ، ولا يَعْتَبِرُ عَدَدَ الآياتِ. وهو ظاهِرُ كلامِ شيخِنا هاهُنا (1)؛ لأنَّ الثَّوابَ مُقَدَّرٌ بالحُرُوفِ، فكَفَى اعْتِبارُها (2)، فإن لم يُحْسِنْ إلَّا آيَةً، كَرَّرَها بقَدْرِها، فكان بمَثابَةِ مَن قَرَأها؛ لأنَّها مِن جِنْسِ الواجِبِ.
(1) انظر: المغني 2/ 159.
(2)
بعده في الأصل: «وقال ابن عقيل: يكون ما يأتي به على قدر حروف الفاتحة، كما قلنا قيما إذا قرأ من غيرها» . وسيأتي في المسألة التي بعد هذه.