الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ
وَهُوَ الشرطُ الرَّابع، فَمَتَى لَاقَى بِبَدَنِهِ أوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، أوْ حَمَلَهَا، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتهُ.
ــ
بابُ اجْتنابِ النَّجاساتِ
(وهو الشرطُ الرابعُ، فمتى لاقى ببَدَنِه أو ثَوْبِه نَجاسة غيرَ مَعْفُوٍّ عنها، أو حَملَها، لم تَصِحَّ صَلاتُه) وجُمْلَة ذلك، أن الطهارةَ مِن النَّجاسَةِ في بدَنِ المُصَلِّي وثَوْبِه شَرْطٌ لصِحَّةِ الصلاة في قَوْلِ أكثر أهْلِ العلمِ. منهم ابنُ عباسٍ، وسعيدُ بنُ المُسَيبِ، وقتادَةُ، ومالك، والشافعي، وأصحابُ الرأيِ. ورُوِيَ عن ابنِ عباس أنَّه قال: ليس على ثَوْبٍ جَنابَة (1). ونَحْوُه عن أبي مِجْلَزٍ، وسَعِيدِ بنِ جُبَيْر، والنَّخَعِيِّ. وقال الحارِثُ العُلِكيُّ، وابنُ أبي لَيْلَى: ليس في ثَوْب إعادَة. وسُئِل سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، عن الرجلِ يرَى في ثَوْبِه الأَذَى، وقد صَلَّى، قال: اقْرَأ عليَّ الآيَةَ التى فيها غَسْلُ الثِّيابِ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (2).
(1) أخرجه بنحوه البيهقي، في: باب المني يصيب الثوب، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 106.
(2)
سورة المدثر 4.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ سِيرِينَ: هو الغَسْل بالماءِ، وعن أسْماءَ بنتِ أبي بكرٍ الصِّديقِ، قالت: سُئِل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن دَمِ الحَيْض يَكُون في الثَّوْبِ، قال:«اقْرُصِيهِ، وَصَلِّي فِيه» (1). وفي لَفْظٍ قالتْ: سمِعْتُ امرأةً تَسْألُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: كيف تَصْنَعُ إحْدانا بثَوْبِها إذا رَأتِ (2) الطُّهْرَ، أتصَلِّي فيه؟ قال:«تنْظر فِيهِ، فَإنْ رَأتْ فِيهِ دَمًا فَلْتَقْرُصْهُ (3) بِشَيْءٍ مِنَ المَاءِ، وَلْتَنْضَحْ مَا لَمْ ترَ، وَلْتُصَلِّ فِيهِ» . رَواه أبو داودَ (4). وحديثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حينَ مَرَّ بالقَبْرَيْن، فقال:«إنهُمَا ليعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذبَانِ فِي كَبِير؛ أمَّا أحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ» . مُتِّفَق عليه. وفي رِواية: «لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ» (5). ولأنَّها إحْدَى الطَّهارَتَيْن، فكانت شرطًا
(1) تقدم تخريجه في 2/ 202.
(2)
في تش: «أرادت» .
(3)
في م: «فلتقزحه» .
(4)
تقدم تخريجه في 2/ 202.
(5)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، وباب ما جاء في غسل البول، من كتاب الوضوء، وفي: باب الجريد على القبر، وباب عذاب القبر من الغيبة والبول، من كتاب الجنائز، وفي: باب الغيبة، وباب النميمة من الكبائر، من كتاب الأدب. صحيح البُخَارِيّ 1/ 64، 65، 2/ 119، 120، 124، 8/ 20، 21. ومسلم، في: باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 240، 241. كما أخرجه أبو داود، في: باب الاستبراء من البول، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 5. والتِّرمذيّ، في: باب الشديد في البول، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 90. والنَّسائيّ، في: باب التنزه عن البول، من كتاب الطهارة. وفي: باب وضع الجريدة على القبر، من كتاب الجنائز. المجتبى 1/ 29، 4/ 87، 88. وابن ماجه، في: باب التشديد في البول، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 125. والدارمي، في: باب الاتقاء من البول، من كتاب الطهارة. سنن الدَّارميّ 1/ 188.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للصلاةِ، كطَهارَة الحدثِ.
فصل: ويُشْتَرَطُ لهَا (1) طهارة [مَوْضِع الصلاةِ أَيضًا، وهو الموْضِعُ الذى تَقَعُ عليه ثِيابُه وأعْضاؤه التى عليه، قِياسًا على طهارةِ](2) البَدَنِ والثيابِ. فلو كان على رأسِه طَرَفُ عِمامَةٍ، وطَرَفُها الآخرُ يَقَعُ (3) على نجاسَةٍ، لم تَصِحَّ صَلاتُه، كما لو وقع عليها شئٌ من بَدنِه. وذَكَر ابنُ عَقِيل احْتِمالًا فيما يَقَعُ عليه ثِيابُه خاصَّة، أنَّه لا تُشْتَرط طَهارَتُه؛ لأنه يُباشِرُها بما هو مُنْفَصِلٌ عن ذاتِه، أشْبَهَ ما لو كان [إلى جانِبِه](4) إنْسان نَجِسُ الثوْبِ، فالْتَصَقَ به ثوْبُه. والمَذْهَبُ الأوَّلُ؛ لأن سُتْرتَه تابِعَة له، فهي كأعْضاءِ سُجُودِه، فأمّا إذا كان ثَوْبه يَمَسُّ شيئًا نَجِسًا، كثَوْبِ مَن يُصَلِّي [إلى جانِبِه، و](5) حائِطٍ لا يَسْتَنِدُ إليه، فقال (6) ابن عَقِيل: لا تَفْسُدُ صَلاته بذلك؛ لأنه ليس بمَحَلٍّ لبَدَنِه ولا سترتِه. ويَحْتَمِلُ أن تَفْسُدَ؛ لأنَّ ستْرَتَه ملاقِيَةٌ لنَجاسَةٍ، أشْبَهَ ما لو وَقَعَتْ عليها. وإن كانتِ
(1) زيادة من: تش.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «وقع» .
(4)
في م: «بجانبه» .
(5)
في م: «وبجانبه» .
(6)
في م: «قال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النجاسَةُ مُحاذِيَةً لجِسْمِه في حالِ سُجُودِه، بحيث لا يَلْتَصقُ (1) بها شيءٌ مِن بَدَنِه ولا ثِيابِه، لم تَبْطُلِ الصلاةُ؛ لأنه لم يُباشِرِ النَّجاسَة، أشبَهَ ما لو خرجتْ عن مُحاذاتِه. وذَكَر ابنُ عَقِيل وَجْهًا، أنها تَبْطُل، كما لو باشَرَتْها (2) أعْضاؤه. وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ.
فصل: وإن حَمَل النَّجاسَةَ في الصلاةِ، لم تَصِحَّ صَلاتُه، كما لو كانت على بَدَنِه أو ثَوْبه. فإن حَمَل حَيَوانًا طاهِرًا أو صبِيًّا، لم تبْطُلْ صلاتُه؛ لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى وهو حامِلٌ أمامَةَ بنتَ أبي العاص. مُتِّفَق عليه (3).
ولأن ما في الحَيَوانِ مِن النَّجاسَةِ في مَعْدِنِها (4)، فهي كالنَّجاسَةِ في جَوْفِ المُصَلِّي. ولو حَمَل قارُورَةً مسْدُودَةً فيها نَجاسَةٌ، لم تَصِحَّ صَلاتُه. وقال بَعْضُ أصحابِ الشافعيّ: تَصِحُّ؛ لأن النَّجاسَةَ لا تَخْرُجُ منها، فهي
(1) والأصل: «يلصق» .
(2)
في م: «باشر بها» .
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، وفي: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، من كتاب الصلاة، وفي: باب رحمة الولد وتقبيله، من كتاب الأدب. صحيح البُخَارِيّ 1/ 137، 8/ 8. ومسلم، في: باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 385. كما أخرجه أبو داود، في: باب العمل في الصلاة، من كتاب الصلاة، سنن أبي داود 1/ 210، 211. والنَّسائيّ، في: باب حمل الصبايا في الصلاة ووضعهن في الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 10. والإمام مالك، في: باب جامع الصلاة، من كتاب قصر الصلاة في السفر. الموطأ 1/ 170. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 304.
(4)
أي في غير موطنها الأصلي، مثل المعدة للحيوان.