الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا، لَا جُحُودًا، دُعِيَ إلى فِعْلِهَا، فَإنْ أَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا، وَجَب قَتْلُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ حَتَّى يَتْرُكَ ثَلَاثًا، وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ.
ــ
255 - مسألة: (فإن تَرَكَها تَهاوُنًا لا جُحُودًا، دُعِي إلى فِعْلِها، فإن أبَى حتى تَضايَقَ وَقْتُ التي بَعْدَها، وَجَب قَتْلُه. وعنه: لا يَجِبُ حتى يَتْرُكَ ثَلاثًا، ويَضِيقَ وَقْتُ الرّابِعَةِ)
وجُمْلَتُه، أنَّ مَن تَرَك الصلاةَ تَهاوُنًا وكَسَلًا، مع اعْتِقادِ وُجُوبِها، دُعِي إلى فِعْلِها، وهُدِّد، فقِيلَ له: صَلِّ وإلَّا قَتَلْناك. فإن لم يُصَلِّ حتى تَضايَقَ وَقْتُ التي بعدَها، وَجَب قَتْلُه، في إحْدَى الرّوايَتَين، واختيارِ ابن عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه إذا تَرَك الصلاةَ (1) الأُولَى لم نَعْلَمْ (2) أنَّه عَزَم على تَرْكِها إلَّا بخُرُوجِ الوَقْتِ، فإذا خَرَج، عَلِمْنا أنَّه تَرَكَها، ولا يَجِبُ قَتْلُه بها؛ لأنَّها فائِتَةٌ، فإذا ضاق وَقْتُ الثّانِيَةِ، وَجَب قَتْلُه. وقال أبو إسحاقَ ابنُ شاقْلا: إن كان التَّرْكُ للصلاةِ إلى صلاةٍ لا تُجْمَعُ معها، كالفَجْرِ إلى الظُّهْرِ، والعَصْرِ إلى المَغْرِبِ، وَجَب قَتْلُه، وإن كانت تُجْمَعُ معها، كالظُّهْرِ إلى العَصْرِ، والمَغْرِبِ إلى العِشاءِ، فلا يُقْتَلُ، لأن وَقْتَهما وَقْتٌ واحِدٌ في حالِ العُذْرِ، ولأنَّ الوَقْتَينِ كالوقتِ الواحدِ عندَ بعضِ العُلَماءِ. قال شيخُنا (3): وهذا قَوْلٌ حَسَنٌ. والرِّوايَةُ الثانيةُ، لا يُقْتَلُ حتى يَتْرُكَ ثلاثَ صَلَواتٍ، ويَضِيقَ وَقْتُ الرّابِعَةِ. قال أحمدُ، رحمه الله: لِئَلا تكُونَ شُبْهَةٌ، لأنَّه قد يَتْرُكُ الصلاةَ والصَّلاتَين والثَّلاثَ لشُبْهَةٍ، فإذا رَأْيناه تَرَك الرّابِعَةَ، عَلِمْنا أنَّه عَزَم على تَرْكِها، وانْتَفَتِ الشُّبْهَةُ، فيَجِبُ قَتْلُه. والصَّحِيحُ الأوَّلُ. وقد نَصَّ أحمدُ في من تَرَك صلاةَ الفَجْرِ عامِدًا، حتى وَجَبَتْ عليه أُخْرى، يُسْتَتابُ، فإن تاب وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُه؛ لأنَّه قد وُجِد التَّرْكُ، وليس تَقْدِيرُها بثَلاثٍ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «يعلم» .
(3)
في: المغني 3/ 354.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْلَى مِن تَقْدِيرِها بأرْبَعٍ وخَمْسٍ. و [القَوْلُ بقَتْلِ تارِكِ الصلاةِ](1) هو مَذْهَبُ مالكٍ، والشافعيِّ. وقال الزُّهْرِيُّ: يُسْجَنُ ويُضْرَبُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُقْتَلُ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِيءٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإحْدَى ثَلَاثٍ؛ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ، أوْ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ، أوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيرِ حَقٍّ» . ولم يُوجَدْ مِن هذا أحَدُ الثَّلاثةِ، وقال صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقولُوا لَا إلَهَ إلَّا الله، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إلَّا
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِحَقِّهَا». مُتَّفَقٌ عليهما (1). ولأنَّه أحَدُ الفُرُوعِ، فلا يُقْتَلُ بتَرْكِه (2)، كالحَجِّ، ولأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُ الدَّمِ، فلا تَثْبُتُ الإِباحَةُ إلَّا بنَصٍّ أو
(1) الأول أخرجه البخاري، في: باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ. . .} ، من كتاب الديات. صحيح البخاري 9/ 6. ومسلم، في: باب ما يباح به دم المسلم، من كتاب القسامة. صحيح مسلم 3/ 1302، 1303. كما أخرجه أبو داود، في: باب الحكم في من ارتد، من كتاب الحدرد. سنن أبي داود 2/ 440. والترمذي، في: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي 9/ 2. والنسائي، في: باب ذكر ما يحل به دم المسلم، وباب الصلب، وباب الحكم في المرتد، من كتاب التحريم. المجتبى 7/ 84، 93، 94، 95. والدارمي، في: باب لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله، من كتاب السير. سنن الدارمي 2/ 218. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 61، 63، 65، 70، 163، 382، 428، 444، 465، 6/ 181، 214.
والثاني أخرجه البخاري، في: باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة. . . .، من كتاب الإيمان، وفي: باب فضل استقبال القبلة. . . .، من كتاب الصلاة، وفي: باب وجوب الزكاة، من كتاب الزكاة، وفي: باب قتل من أبى قبول الفرائض، من كتاب استتابة المرتدين والمعاندين. . . .، وفي باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وباب قول الله تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ} . . . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 1/ 13، 109، 2/ 131، 9/ 19، 115، 138. ومسلم، في: باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا. . . .، من كتاب الإيمان، وفي: باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم 1/ 51، 52، 53، 4/ 1871، 1872. كما أخرجه أبو داود، في: باب الزكاة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 356. والترمذي، في: باب ما جاء أمرت أن أقاتل. . . .، وباب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم. . . .، من أبواب الإيمان، وفي: تفسير سورة الغاشية، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 10/ 68، 69، 71، 72، 12/ 243. والنسائي، في: باب مانع الزكاة، من كتاب الزكاة، وفي: كتاب وجوب الجهاد، من كتاب الجهاد، وفي: باب تحريم الدم، من كتاب التحريم، وفي: باب على ما يقاتل الناس، من كتاب الإيمان. المجتبى 5/ 10، 11، 6/ 5، 7، 71، 73، 8/ 96. وابن ماجه، في: باب في الإيمان، من المقدمة، وفي: باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 1/ 27، 2/ 1295. والدارمي، في: باب في القتال على قول النبي صلى الله عليه وسلم. . . .، من كتاب السير. سنن الدارمي 2/ 218. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 11، 19، 35، 36، 2/ 314، 345، 337، 423، 439، 475، 482، 502، 527، 528، 3/ 199، 224، 224، 295، 300، 332، 339، 394، 4/ 8، 9، 5، 246.
(2)
في الأصل: «تاركه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَعْنًى (1)، والأصْلُ عَدَمُه. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} . إلى قولِه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2). فأباح قَتْلَهُم حتى يَتُوبُوا مِن الكُفْرِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكاةَ، فمتى تَرَك الصلاةَ، لم يَأْتِ بشَرْطِ التَّخْلِيَةِ، فَتَبْقَى إباحَةُ القَتْلِ، وقال صلى الله عليه وسلم:«مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ» . رَواه الإمامُ أحمدُ (3). وهذا يَدُلُّ على إباحةِ قَتْلِه. وقال صلى الله عليه وسلم: «بَينَ الْعَبْدِ وَبَينَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» . رَواه مسلمٌ (4). وقال: «نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» (5). ولأنَّها رُكْنٌ مِن أرْكانِ الإسلامِ لا تَدْخُلُه النِّيابَةُ، فوَجَب أن يُقْتَلَ تارِكُه، كالشَّهادَةِ، وحَدِيثُهم حُجَّةٌ لنا؛ لأنَّ الخَبَرَ الذي رَوَيناه يَدُلُّ على أنَّ تَرْكَها كُفْرٌ، والحديثُ الآخَرُ اسْتَثْنَى منه:«إلَّا بِحَقِّهَا» ، والصلاةُ مِن حَقِّها، ثم إنَّ أحادِيثَنا خاصَّةٌ، تَخُصُّ عُمُومَ ما ذَكَرُوه، وقِياسُهم على الحَجِّ لا يَصِحُّ؛ لاخْتِلافِ النّاسِ في جَوازِ تَأْخِيرِه.
(1) في م: «معناه» .
(2)
سورة التوبة 5.
(3)
في: المسند 6/ 421.
(4)
في: باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 88. كما أخرجه أبو دارد، في: باب في رد الإرجاء، من كتاب السنة. سنن أبي داود 2/ 522. والترمذي، في: باب ما جاء في ترك الصلاة، من أبواب الإيمان. عارضة الأحوذي 10/ 89. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من ترك الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 342. والدارمي، في: باب من ترك الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 280. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 370، 389.
(5)
أخرجه أبو داود، في: باب الحكم في المخنثين، من كتاب الأدب. سنن أبي داود 2/ 580.