الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ الأذَانُ إلَّا مُرَتبًا مُتَوَالِيًا، فَإنْ نَكَّسَهُ أوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ، أوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ، أوْ محَرَّم، لَمْ يُعتَدَّ بِهِ.
ــ
ذلك، بحيث يُؤذنُ (1) في المنارَةِ أو [في مكانٍ](2) بَعِيدٍ مِن المسجدِ، فيُقِيمُ في غيرِ مَوْضِعِه؛ لئلا يَفُوتهَ بعضُ الصلاةِ.
فصل: ولا يُقِيمُ إلّا بإذْنِ الإِمامِ، فإنَّ بلالًا كان يَسْتَأذِنُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وفى حديثِ زيادِ بنِ الحارثِ الصُّدائِيِّ، أنَّه قال: فجَعلْتُ أقولُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أقِيمُ أقِيمُ (3)؟ وروَى أبو حَفْص، بإسنادِه، عن عليٍّ، قال: المُؤذَّنُ أملَكُ بالأذانِ، والإمامُ أملَكُ بالإقامَةِ. ورَواه البَيهقِيُّ (4)، قال: وقد رُوِىَ عن أبى هُرَيْرَةَ مَرفُوعًا، وليس بمَحفوظٍ.
273 - مسألة: (ولا يَصِحُّ الأذانُ إلّا مُرَتبًا مُوالِيًا، فإن نَكَّسَه، أو فَرَّق بينَه بسُكُوت طَوِيل، أو كلام كَثِير، أو مُحَرم، لم يُعتَدَّ به)
وجُملَةُ ذلك، أن مِن شَرطِ صِحَّةِ الأذانِ أن يكُونَ مُرَتبًا تُوالِيًا؛ لأنَّه لا يُعلَمُ أنه أذان بدُونِهما، ولأنَّه شُرِع في الأصلِ كذلك، وعَلَمَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا مَحْذُورَةَ مُرَتبًا، فإن نكَّسَه، لم يَصِحَّ؛ لِما ذَكَرنا.
(1) في الأصل: «يكون» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 82.
(4)
في: باب لا يقيم المؤذن حتى يخرج الإمام، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 19.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ أن يَتَكَلَّمَ في أَثْناءِ الأذانِ، وكَرِهه طائِفَة مِن أهلِ العلمِ؛ منهم النَّخَعيُّ، وابنُ سِيرِينَ. قال الأوْزاعِيُّ: لم نَعلَم أحدًا يُقْتَدَى به فَعَل ذلك. ورَخَّصَ فيه الحسنُ، وعَطاء، وعُروَةُ، وسُلَيْمانُ بنُ صُرَدٍ (1). فإن لم يَطُلِ الكلامُ جاز، وإن طال الكلامُ بَطل الأذانُ؛ لإِخْلالِه بالمُوالاةِ المُشْتَرَطَةِ فيه. وكذلك لو سَكَت سُكُوتًا طَوِيلًا، أو تام نَوْمًا طويلًا، أو أغْمِىَ عليه طويلًا (2)، أو أصابَه جُنُون يَقْطَعُ المُوالاةَ، بَطل أذانُه؛ لِما ذَكَرْنا. وإن كان يَسِيرا مُحَرَّمًا [كالسَّبِّ ونَحوِه](3)، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَبْطُلُ؛ لأنَّه لا يُخِلُّ بالمَقْصُودِ، أشْبَة المُباحَ. والثاني، يَبْطُلُ الأذانُ؛ لأنَّه فَعَل فيه (4) مُحَرمًا، أشبهَ الرِّدَّةَ. فإن ارتدَّ في أثْناءِ الأذانِ، بَطُلُ؛ لقَوْلِه تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (5). وإن ارتَدَّ بعدَه، فقال القاضى: يَبْطُلُ، قِياسًا على الطهارة. قال شَيْخنا (6): والصحيحُ أنه لا يَبْطُلُ، لأنَّها
(1) أبو مطرف سليمان بن صرد بن الجون الخزاعى الكوفي، له صحبة، كان خيرا فاضلا، قتل سنة خمس وستين. تهذيب التهذيب 4/ 200، 201.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
(5)
سورة الزمر 65.
(6)
في: المغنى 2/ 84.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وُجِدَتْ بعدَ فَراغِه، وانْقِضاءِ حُكْمِه، فأشْبَهَ سائِرَ العِباداتِ. فأمَّا الطهارةُ فحُكْمُها باقٍ؛ بدَلِيلِ أنها تَبْطُلُ بمُبْطِلاِتِها، فأمَّا الإقامَةُ فلا يَنْبَغِى أن يَتَكَلَّمَ فيها؛ لأنه يُستحَبُّ حَدرُها. قال أبو داودَ: قلتُ لأحمدَ: الرجل يَتَكَلَّمُ في أذانِه؟ قال: نعم. فقِيلَ له: يَتَكلمُ في الإقامَةِ؟ قال: لا. وقد رُوِىَ عن الزُّهْرِي، أنه إذا تَكلَّم في الإقامَةِ أعادَها. وأكثرُ أهلِ العلمَ على أنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُجزِئُه قِياساً على الأذانِ. وليس للرجلِ أنْ يَبْنىَ علىْ أذانِ غيرِهْ؛ لأنَّها عِبادَةْ بَدَنِيَّة، فلا تَصِحُّ مِن شَخْصَيْن، كالصلاةِ. فأمّا الكلامُ بينَ الأذانِ والإقامَةِ فجائِز، وكذلك بعدَ الإقامَةِ قبلَ الدُّخُولِ في الصلاةِ؛ لأنَّه روِى عُمر، أنَّه كان يُكَلِّم الرَّجُلَ بعدَ ما تُقامُ (1) الصلاةُ. والله أعلمُ.
(1) في الأصل: «أقام» .