الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأذَانِ الْفَاسِق، وَالأذَانِ الْمُلَحَّنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
بإسْنادِه عن عبدِ اللهِ بنِ أبى بكرِ بنِ أنسٍ، قال: كان عُمُومَتِى يَأْمُرُونَنِى أن أُؤذِّنَ لهم وأنا غُلامٌ لم أحْتَلِمْ، وأنَسُ بنُ مالكٍ شاهِدٌ لم يُنْكرْ ذلك. وهذا مِمّا يَظْهَرُ ولا يَخْفَى، ولم يُنْكَرْ، فكان إجْماعًا، ولأنَّه ذَكَرٌ تَصِحُّ صَلاتُه، فصَحَّ أذانُهُ، كالبالِغَ. والثانيةُ، لا يَصِحُّ؛ لأن الأذانَ شُرِع للإعْلامِ، ولا يَحْصُلُ الإعْلامُ بقَوْلِه؛ لأنَّه لا يُقْبَلُ خَبَرُه ولا رِوايَتُه.
278 - مسألة: (وهل [يُعْتَدُّ بأذانِ]
(1) الفاسِقِ، والأذانِ المُلَحَّنِ؟ على وَجْهَيْن) ذَكَر أصحابُنا في صِحَّةِ أذانِ الفاسِقِ وَجْهَيْن؛ أحَدُهما، لا يَصِحُّ؛ لِما ذَكَرْنا في الصَّبِىِّ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَهُم
(1) في م: «يصح أذان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالأمانَةِ، والفاسِقُ غيرُ أمِين. والثانى، يَصِحُّ؛ لأنَّه ذَكرٌ تَصِحُّ صَلاتُه، فصَحَّ أذانُه، كالعَدْلِ. وهذا قوْلُ الشافعىِّ. وهذا الخِلافُ في مَنْ هو ظاهِرُ الفِسْقِ، فأمّا مَسْتُورُ الحالِ، فيَصِحُّ أذانُه بخيِر خِلافٍ عَلِمْناه. وفى الأذان المُلَحَّنِ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَصِحُّ؛ لِما روَى ابنُ عباسٍ، قال: كان للنبىِّ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنٌ يُطَرِّبُ (1)، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ الْأَذَانَ سَمْحٌ سَهْلٌ، فَإِنْ كَانَ أذَانُكَ سَمْحًا سَهْلًا، وإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ» . رواه الدَارَقطْنِىَ (2). والثانى، يَصِحُّ. وهو أصَحُّ؛ لأنَّ المَقْصُودَ يَحْصُلُ به، فهو كغيرِ المُلَحَّنِ، والحديث ذَكرَه ابنُ الجَوْزِىِّ في المَوْضُوعاتِ (3).
فصل: ويُكرَهُ اللَّحْنُ في الأذانِ؛ فإنَّه رُبَّما غَيَّر المَعْنَى، فإنَّ مَن نَصَب لامَ «رَسُولُ» أخْرَجَه عن كَوْنِه خبَرًا، ولا يَمُدُّ لَفْظَة «أكْبَرُ» ؛ لأنَّه يَجْعَلُ فيها ألِفًا، فيَصِيرُ جَمْعَ «كَبَرٍ» وهو الطَّبْلُ، ولا يُسْقطُ الهاءَ مِن اسْمَ «الله» واسمِ «الصلاةِ» ، والحاءَ مِن «الفَلاحِ» ؛ لِما روَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ» .
(1) التطريب: التَّغَنِّى.
(2)
في: باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطنى 1/ 239.
(3)
2/ 87.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْنَا: وكيف يَقُولُ؟ قال: «يَقُولُ: أشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللَّا (1)، أشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّا» . أخْرَجَه الدَارَقُطْنِىُّ في الأفْرادِ. فأمّا إن كان ألْثَغَ لُثْغَةً فاحِشَةً، كُرِهَ أذانُه، وإن كانت لا تَتَفاحَشُ، فلا بَأْسَ، فقد رُوِىَ أنَّ بِلالًا كان يَجْعَلُ الشِّينَ سِينًا. والفَصِيحُ أحْسَنُ وأكْمَلُ. واللهُ أعلمُ.
(1) مع حذف الهاء في النطق وأورده ابن الجوزى في الموضوعات 2/ 87.