الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"أو" هنا للشَّكّ من الرّاوي، أو للتقسيم (1)، والمعنى [فيهما](2) يرجع إلى معنى واحد.
ويحتمل أن تكُون "الصُّورَة" هُنا عبارة عن الذّات، قال تعالى:{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64 والتغابن: 3].
وقال بعضُ المفسرين: المعنى في الآية: "فأحْسَنَ إدراكهم وعقولهم"(3). وهو هُنا له معنى، أي:"يَصير عَقْله وإدراكه في صفة عَقْل الحمار وإدراكه".
الحديث الثّاني [والثّالث](4):
[75]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. [فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ] (5). فَإذَا كَبَّرَ فكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا. وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ"(6).
[76]
: قال الشّيخ تقيّ الدّين (7): وَمَا في مَعْنَاهُ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِه، وَهُوَ شَاكٍ، فصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فأشَارَ
(1) انظر: الجنى الداني (ص 228)، توضيح المقاصد (2/ 1008، 1009)، أوضح المسالك (3/ 341، 342)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 92)، الهمع (3/ 206)، جامع الدروس العربية (3/ 246).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (10/ 189)، الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي (5/ 438).
(4)
مزادة لضبط الترقيم.
(5)
سقط من النسخ. والمثبت من العمدة.
(6)
رواه البخاري (772) في الأذان.
(7)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 223).
إلَيْهِمْ، أَنْ اجْلِسُوا، فلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:"إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِه، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا ولَكَ الحْمْدُ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ"(1).
هكذا [جعله](2) الشّيخ تقيّ الدّين (3)، وهو في "العُمْدة"(4)"الحديث الثّالث"، قال فيه: "وعن عائشة
…
".
قوله: "قال": أي: "أنّه قَال".
"إنما جُعِل الإمامُ ليُؤتم به": [يحتمل](5) أن يكون "جُعل" هنا بمعنى "سُمِّيَ"؛ فيتعدّى إلى مفعولين، أحدهما "الإمام" القائم مقام الفاعل، والثاني محذوف، أي:"إنما جُعِل الإمامُ إمَامًا". ويحتمل أن يكُون بمعنى "صار"، أي:"إنما صُيِّر الإمام إمامًا". (6) وتقدّمت معاني "جعل" في الرابع من أوّل الكتاب.
ويجوز أن يكون فاعل "جعل": ضَمير "الله"، أي:"جَعَل الله الإمام"، أو ضمير "النبي صلى الله عليه وسلم".
واللام في "ليُؤتَمّ به" لام "كي"، والفعل منصوب بإضمار "أن"، ويجوز
(1) رواه البخاري (1113) في تقصير الصلاة، ومسلم رقم (411) في الصلاة.
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 223).
(4)
كذا في نُسخة من العُمدة (ص 57، ط المعارف)، لفظ: "عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: صلَّى
…
"، وفي الإعلام لابن الملقن (2/ 554): "الحديث الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: صلى
…
". وفي نُسخَة من العُمدة (ص 69، ط دار الثقافة): "وَمَا في مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ"، وكذا في إحكام الأحكام (1/ 223)، وزاد بعد إيراد الحديث: "وهذا الحديث الثالث".
(5)
بالنسخ: "ويحتمل".
(6)
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 554، 555).
إظهارها. وقال بعضهم: هو منصوبٌ بـ "كي". (1)
وقيل: النّاصبُ نفس "اللام" بطَريق الأصَالة.
ويجب إظهارُ "أنْ" إذا دَخَلت "لا" على "أنْ"(2).
واختار بعضهم أنْ يتلقّى بها (3) القَسَم، وجَعَل منه قوله تعالى:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} [التوبة: 62]، وهي مَكْسُورة؛ لأنّها حَرف جَر، [وبنو](4) العَنبر يفتَحُونها، قال "مكّي". (5)
والفَرقُ بينها وبين "لام" الجحود: أنّ "لام" الجحود مَسبُوقة بكَوْن منفي لا يكون إلّا ماضيًا وضعًا، أو بـ "لم"، ولا يكُونُ إلّا ناقصًا، لا تامًّا، ولا يقع بعده ظَرْف ولا مجرور، لا تقُولُ:"ما كان عندك زيد ليفعل" ولا: "
…
أمس ليفعل".
ومن شرطها: أنّ فاعل الفعل الذي دَخَلت عليه "اللام" لا يكُون إلا ضَميرًا عائدًا على اسم "كَان"؛ لأنّ "اللام" وما بعدها في مَوضِع الخبر من "كَان"، فلا يجوز:"ما كان ليذهب عمرو". (6)
(1) راجع: شواهد التوضيح (ص 243).
(2)
قال ابن هشام: لك إظهار "أَن"، فتقول:"جئْتُك لِأَن تكرمني"، بل قد يجب، وذلك إِذا اقْترن الفعل بِـ "لَا"، نحو:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150]؛ لئلا يحصل الثّقل بالتقاء المثلين.
انظر: مغني اللبيب (ص 277).
(3)
أي: لام "كي".
(4)
بالأصل: "بنوا".
(5)
انظر: مُشكل إعراب القرآن لمكي (1/ 100)، تفسير القرطبي (2/ 4)، البحر المحيط (1/ 447)، (5/ 450)، اللباب في علوم الكتاب (2/ 199)، شواهد التوضيح (ص 243)، مغني اللبيب (ص 277، 278، 756)، همع الهوامع (2/ 483 وما بعدها).
(6)
انظر: نتائج الفكر (ص 106 وما بعدها).
و "إنما" تقَدّم الكَلامُ عليها في الحديث الأوّل من الكتاب. ومعناها: إثباتُ الحكم للمذكور، ونفيه عما عَدَاه. (1)
قوله: "فإذا كبّر فكبّروا، وإذا رَكَع فاركعوا": تقَدّم الكَلامُ على "إذا" في الحديث الثاني من أوّل الكتاب.
قوله: "وإذا قال: سَمِع الله لمن حمده، فقُولُوا": "سَمِع" هنا لفظه لفظ الخبر، ومعناه الأمر. وعُدّي "سَمِع" هُنا بـ "اللام"، كما عُدّي بـ "إلى" في قوله تعالى:{لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} [الصافات: 8]. (2)
قَالُوا: وإنما تعدّى بـ "إلى"؛ لأنّه بمعنى "الإصغاء"، فهو مُتضمّن معنى فِعْل آخَر. (3)
وأمّا هُنا فيحتمل أنْ يُضَمّن معنى "شَكَر"، كقوله في الحديث:"فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ"(4)، ولا يُقَدّر "الإصغاء"؛ [لأنّه](5) لا يُوصَف به تَعَالَى، ولم يَرِد به [سَمع](6). (7)
(1) انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (10/ 102)، فيض القدير (1/ 30)، شرح المفصل لابن يعيش (4/ 522)، (5/ 67 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (2/ 309)، النحو المصفى (ص 289).
(2)
انظر: شرح التسهيل (2/ 84)، مغني اللبيب (ص 676، 898).
(3)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (9/ 92)، مغني اللبيب (ص 676)، النحو الوافي (2/ 581، 580).
(4)
مُتفقٌ عليه: البخاري (652) ومُسلم (1914/ 164) من حديث أبي هريرة.
(5)
مُزادة لضبط المعنى.
(6)
كذا بالنسخ. والمعنى: لم يَرِد به دَليل من السّماع. فلعلها: "سماع".
(7)
راجع: عُمدة القاري (5/ 270)، شرح صحيح مسلم (4/ 193)، مُغني اللبيب (ص 898)، النحو الوافي (2/ 580، 581).
قوله: "فقُولوا: رَبّنا ولك الحمد": بزيادة "الواو"؛ لتَدلّ على محذُوف، تقديره:"ربنا استجب ولك الحمْد على ذَلك"؛ فيكُون مِن بَاب عَطْف الجُمْلة الاسمية على الفِعْلية، والإشارة في ذلك إلى المصْدَر المفْهُوم مِن الفِعْل، وهو "الاستجابة".
ويحتمل: "ولك الحمد مُطلقًا مِن غير تقييد"، وهو أحْسَن. (1)
وقيل: "الواو" هنا زائدة، كزيادتها في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ} [الزمر: 73]. (2)
وحَذفُ حرف النداء من "ربنا" هُو الذي وَرَد في جميع القرآن من حكاية دُعاء الأنبياء والأولياء، فحيث وَرَدَ نداؤه تعَالى جَاء بحَذف حَرف النداء، نحو:"رَبّ" أو "ربّنا"، وفي ذلك نوع من الأدَب؛ فإنّ "يا" لها مَعَان لا يجُوز تقديرها مع اسم الله تعالى، كالتنبيه ونداء البعيد. ومَا وَقَع من ذلك في الأدعية المأثُورة فهي فيه للاستفتاح، أو لتوهّم بُعد مَقَام الدّاعي من مَقَام القُرب. (3)
قوله: "وإذا صَلّى جَالسًا": حَال مُقَدّرة؛ لأنّ "الجلوسَ" بَدَلٌ من "القيام"، فهو داخلٌ في ماهيّة الصّلاة، وشَرطُ الحال أن تكُون زائدة على الحقيقة،
(1) انظر: فتح الباري (2/ 282)، عُمدة القاري (5/ 270)، شرح صحيح مسلم (4/ 121)، إرشاد الساري للقسطلاني (2/ 108)، إحكام الأحكام (1/ 224، 238)، الإعلام لابن الملقن (2/ 559).
(2)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 1114)، شرح صحيح مسلم (4/ 121)، عمدة القاري للعيني (5/ 270)، (6/ 62)، إرشاد الساري (2/ 109)، إحكام الأحكام (1/ 224)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 480)، المقتضب (2/ 80)، سر صناعة الإعراب (2/ 289)، همع الهوامع (3/ 190).
(3)
راجع: الإعلام لابن الملقن (2/ 559)، (3/ 431)، عقود الزبرجد (2/ 351 وما بعدها)، علل النحو (ص 348)، شرح المفصل (1/ 361 وما بعدها)، شرح التسهيل (3/ 282، 283)، شرح الأشموني (3/ 30).
[لكن](1) تقَدّر كما قَدّرت في قولهم: "خَلَق الله الزّرافة يديها أطْوَل مِن رِجْليها". (2)
وصيغة "جُلُوس" على صيغة المصْدَر؛ لأنّه مِن فِعْل لازم، كـ "قَعَد قُعودًا"، و "دَخَل دُخُولًا"، وإنما هو هُنا جمعُ "جَالس". ويمتنع هنا أنْ يكُون مَصْدرًا؛ لأنّه ليس من لفظ الفِعْل ولا مِن مَعْناه.
وإذا ثبت ذلك: ففي "جُلوسًا" ضَميرٌ مرفُوع يصحّ أنْ تكُون "أجمعون" تأكيدًا له. ويصحّ أن تكُون تأكيدًا للضّمير في "صَلّوا". ويترجّح الأوّل بعَدم الفَصْل بين التأكيد والمؤكد [بالحال](3). ويصح أنْ تكُون "أجمعون" خَبر مُبتدأ محْذُوف، أي:"وأنتم أجمعون"، وتكُون جُملة حالية. (4)
وأمّا قول الشّيخ تقيّ الدِّين: "وما في معناه من حديث عائشة": فـ "ما" هنا موصُولة، و "في معناه" متعلّق بالاستقرار الذي هو صِلة لـ "ما"، والصِّلة والموصول في محلّ رفع على الابتداء، ويكون الخبر في جملة الحديث على الحكاية، ويحتمل غير هذا.
قوله: "في بيته": يتعلّق بـ "صَلّى". وجُملة: "وهُو شَاك" في محلّ حَال من ضَمير "صلّى". و "شَاك": مَنْقُوصٌ، لا يظهرُ إعرابه في حالتي الرفع والجر (5).
(1) غير واضحة بالأصل، وتشبه:"نكرة". والمثبت من (ب).
(2)
انظر: إرشاد الساري (1/ 228)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 50)، الكتاب (1/ 155)، شرح الكافية الشافية (2/ 727، 728)، مُغني اللبيب (ص 605)، شرح الأشموني (2/ 5)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 322)، شرح التصريح (1/ 572)، همع الهوامع (2/ 294).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 563، 564)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 148، 149).
(5)
انظر: عُمدة القاري (5/ 217)، إرشاد الساري (2/ 50، 372)، شواهد التوضيح (ص 244 وما بعدها)، عقود الزبرجد للسيوطي (3/ 178)، مجمع بحار الأنوار (3/ 250)، اللمع لابن جني (ص 14)، اللمحة (1/ 175 وما بعدها)، شرح ابن=
واختلف في "هار"؟ فقيل: هو مثله، وقيل: لا. (1)
قوله: "وصَلّى وَرَاءه قَوْم قِيَامًا": "وراءه" في محلّ حال من "قوم"، وجازت الحال من النكرة للصفة التي تقَدّمَت، ولا ينتفي التخصيصُ بتقَدّمها حَالًا. والأحسَنُ: أنْ يكُون العَامِلُ في الظّرف "صَلّى"، ويكُون "قيامًا" حَال من نَكِرة، على اختيار كثيرين، ومنه:"عليه مائة بيضاء". (2)
قال ابنُ هشام: ومنه: "وصلّى وراءه قوم قيامًا". (3)
قلتُ: وكونُ "وراءه" في الأصل صفة يُذهب معنى رتبة مقام المأموم، بخلاف تعلّقه بـ "صلى".
وقوله: "فأشار إليهم أنْ اجلسوا": "أنْ" هنا مُفسِّرة؛ لأنه قد تقدّمها معنى القول. قالوا: وهذا شَرْطُها، دون لفْظ القَول وحُروفه؛ لأنَّ معنى القول يحتاج إلى تفسير. (4) ولفظ القول الواقع بعده منصوب به، ومعمول له. والتفسيرية لا محلّ لها.
= عقيل (1/ 81 وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 80 وما بعدها)، المنهاجُ المختَصر (ص 162)، أصول النحو (ص 74).
(1)
انظر: لسان العرب (5/ 268)، تاج العروس (14/ 447)، شرح شافية ابن الحاجب للرضي (4/ 371 وما بعدها)، شرح المفصل (5/ 448)، الهمع (3/ 382).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 112)، شرح التصريح (1/ 588)، شرح الكافية (2/ 740)، أوضح المسالك (2/ 259 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (2/ 256 وما بعدها)، المسائل السفرية (ص 14)، شرح الشذور لابن هشام (ص 325، 326)، شرح الشذور للجوجري (2/ 460)، شرح الأشموني (2/ 14)، الهمع (2/ 304)، ضياء السالك (2/ 220).
(3)
انظر: أوضح المسالك (2/ 265)، المسائل السفرية (ص 14)، شرح ابن عقيل (2/ 263)، ضياء السالك (2/ 220).
(4)
انظر: شرح أبي داود للعيني (3/ 119)، عقود الزبرجد (1/ 76)، (2/ 293)، المفصل (ص 428)، شرح الكافية (3/ 1522، 1530)، الجنى الداني (220، =
قوله: "فلمّا انصرف": تقَدّم الكلامُ على "لمّا" في الرّابع من "المذي"، وتقدّم "وراء" في الثّالث من "باب صفة الصّفوف".
[77]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الخِطْمِي الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: حَدّثَنِي الْبَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ"(2).
قوله: "عن عبد الله بن يزيد". قيل: "يزيد" لا ينصرفُ للعَلمية ووَزْن الفعل، وهو بناء على أنّه مُفرَد من "يزيد المال". وقيل: هو جملة من قولهم: "المال يزيد"؛ فيُعرَب إعراب الجُمَل المسَمّى بها، مثل:"برق نحره" و"شاب قرناها"؛ فيُحكى على ما هو عليه.
فإذا قيل لك: "يزيد" مُعْرَب أو مبني؟ فجوابه: هل هو من "زاد المال" أو "المال يزيد"؟ فالأوّل مُعْرَب، والثّاني مبني. (3)
= 221)، توضيح المقاصد (3/ 1235)، شرح الشذور لابن هشام (ص 377)، مغني اللبيب (ص 48)، شرح التصريح (2/ 363)، شرح المفصل (5/ 83)، الهمع (2/ 408)، اللباب في قواعد اللغة وآلات الأدب (ص 40).
(1)
بالنسخ: "الثالث". لكن الناسخ كان قد كتب "الرابع" وكتب فوقها، وقد جاء الخطأ من أن الشارح "ابن فرحون" اعتبر حديث عائشة السابق هو الحديث الثالث، فلم يلحظ الناسخ هذا الترتيب، فاعتبر الناسخ الحديث هنا هو الثالث. وعليه فسيتم تغيير ما يأتي من ترقيم الناسخ للحديثين التاليين. فتنبه.
(2)
رواه البخاري (811) في الأذان، ومسلم (474) في الصلاة.
(3)
انظر: مُغني اللبيب (ص 817)، أمالي ابن الحاجب (1/ 340)، خزانة الأدب (1/ 270)، أوضح المسالك (1/ 131)، شرح الأشموني (1/ 116)، شرح الكافية الشافية (3/ 1457 وما بعدها)، المفصّل (ص 24)، شرح التصريح (1/ 129)، =
قوله: "وهو غير كذُوب": جملة اعتراض لا محلّ لها (1)، وكذلك جملتا "صلى الله عليه وسلم" و"رضي الله عنه". وضمير "هو" يعود على "البراء".
والقائلُ له: قيل: هُو "عبد الله بن يزيد"، أي:"والبراء غير كذوب" تقوية للحديث، لا شَكًّا في "البراء".
وقال ابنُ معين: القائلُ: "وهو غير كذُوب" هو " [أبو] (2) إسحاق"، ومُراده:"أنّ عبد الله بن يزيد غير كَذوب"؛ لأنّ "البراء" لا تحسُنُ تزكيته؛ لأنّه صَحابي، فلا يحسُنُ فيه ذلك. (3)
قوله: "كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ": جملة معمُولة للقول في اللفظ، وفي المعنى هي معمُولة و"حدّثني"، لأنّ "قال" تأكيدٌ لـ "حدّثني"، بدليل أنه لو قال: "حدّثني البراء، كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
…
" لصحّ عمَل "حَدّثني" فيه، ولو قال: "عن عبد الله بن يزيد، قال: قال البراء: كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
…
" لصحّ عمل القول فيه، فأحدهما مُؤكِّد للآخر.
وتقدّم الكَلامُ على "حَدّث" في الخامس من "فضل الجماعة"، وعلى "إذا" في الثاني من أوّل الكتاب، وعلى "سمع الله لمن حمده" في الحديث السابق قبل هذا.
وقوله: "لم يحن": جوابُ "إذا".
= (2/ 339)، ضياء السالك (1/ 127)، جامع الدروس العربية (2/ 216)، التطبيق النحوي (ص 42).
(1)
راجع: جامع الدروس العربية (3/ 287).
(2)
سقط من النسخ. والمثبت من المصادر. والمراد به: "أبو إسحاق السبيعي"، وهو الرواي عن "عبد الله بن يزيد".
(3)
انظر: فتح الباري (2/ 181، 182)، فتح الباري لابن رجب (6/ 163)، شرح النووي على مسلم (4/ 190 وما بعدها)، إرشاد الساري (2/ 51)، إحكام الأحكام (1/ 226)، الإعلام لابن الملقن (2/ 578 وما بعدها).
ولا يمتنعُ ما بعد "لم" من العَمَل فيما قبلها؛ لأنها لا تستحقُّ [الصّدر](1). (2)
ويُقَال: ["حنى"](3) و"يحني" و "يحنو". وجَاء في الرواية الأخْرَى: "لَا يَحْنُو أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ"(4). و"حَنيتُ" أكثر. (5)
قوله: "منّا": يتعلّق بصفة لـ "أحَد"، و "من" للبيان.
و"حتى": هُنا بمعنى "إلى أنْ". (6)
و"يقَع": أصله "يوقع"؛ لأنَّ فَاء مَاضيه واو، كـ "وَعَد، يَعِد"، وكان حقّه أن يُقال:"يَقِع" بكَسْر عَينه، كـ "وَجَب، يجِب" و"وَصَل، يَصل"، وهذا التصريفُ لازم لكُلّ ما كان فاؤه واوًا. (7)
والجوابُ عما وقع مفتوح "العَين" مثل هذا - كـ "يهب" و"يضع" - عند الشّيخ أبي عمرو ابن الحاجب وغيره: أنّ الكَسْرة فيه مُقَدّرة؛ لأنّه حَرْفُ حَلْق، فهي فتحة أصلها كَسرة؛ فحُذفت "الواو"، لوقُوعها بين "ياء" وكَسرة أصلية، وذلك أنّه لو كَان أصلها الفتح لم تحذف "الواو"، كـ "وَجل، يَوْجَل". وإنما صحّ في "يَوْجَل": لأنه ليس
(1) كذا بالنسخ.
(2)
انظر: الأصول لابن السّراج (2/ 235)، علل النحو (ص 352)، النحو الوافي (1/ 61)، (2/ 148)، جامع الدروس العربية (2/ 183، 184)، (3/ 23).
(3)
مكررة بالأصل.
(4)
صحيح: مسلم (474/ 200).
(5)
انظر: شرح النووي على مسلم (4/ 191، 192)، شرح سُنن أبي داود للعيني (3/ 147)، الإعلام لابن الملقن (9/ 189)، لسان العرب (14/ 202 وما بعدها)، تاج العروس (37/ 487).
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 529)، الجنى الداني (ص 554. 555)، توضيح المقاصد (3/ 1250)، مُغني اللبيب (ص 169)، موصّل الطلاب (ص 106)، الهمع (2/ 381)، حاشية الصبّان (3/ 435)، جامع الدروس العربية (2/ 181).
(7)
انظر: المقتضب (1/ 88 وما بعدها)، شرح المفصل (5/ 425، 426).
فيه حَرْف حَلق؛ فتجيء الفتحة لأجْله. وإنما أوجبوا الفتحة مع حرف الحلْق؛ للخفّة. (1) وموضعُ هذا كُتب التصريف؛ فليُنظر هنالك.
قوله: "سَاجدًا": حالٌ من الفاعل.
قوله: "ثم نقع سُجودًا": في العَطْف بـ "ثم" دلالة على أنّ سُجودهم بعد كَمال سُجوده، وأكّد ذلك بالبَعْدية.
والظّاهر في إعراب "ثُمّ [نقع"] (2) الرّفع على الاستئناف. ولو كان معطوفًا على قوله: "حتى يقع ساجدًا" لوجَب نصب الفعل، وصار المعنى:"لم يحن أحَد منا ظهره حتى يقع ساجدًا ثم نقع سُجودًا بعده"، فيكون الانحناء واقعًا بعد وقوعه ووقوعهم، وهذا فاسدُ المعنى؛ فيتعين الاستئناف. ونظير ذلك:"إذا جاء زيد لم يتكلم منا أحَد حتى نأكل الطعام، ثم نأكل". إلا أن يكون الضمير في "بعده" يعود على "الانحناء"؛ فيكون التقدير: "لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا ثم نقع نحن بعد الانحناء سُجودًا".
وفي قوله: "يقع" و "نقع" إشارة إلى سُرعة الانحطاط؛ لأنها الحالة التي يكون فيها العبدُ قريبًا من فضل الله وكَرَمه وجُوده.
(1) انظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 64)، المفصل (ص 523)، شرح المفصل (5/ 426)، المقتضب (2/ 111)، مغني اللبيب (ص 879)، شرح التسهيل (3/ 446)، شرح شافية ابن الحاجب للرضي (1/ 117 وما بعدها)، اقتطاف الأزاهر (ص 49 وما بعدها)، تصحيح الفصيح وشرحه، لابن درستويه، (ص 52)، شرح التصريف للثمانيني (ص 377، 433)، المنصف لابن جني، شرح به كتاب التصريف لأبي عثمان المازني، (ص 207)، الممتع الكبير في التصريف (ص 280)، جامع الدروس العربية (1/ 216).
(2)
بالنسخ: "يقع".