الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذَا المَرْءُ أَعْيَتْهُ السِّيَادَةُ نَاشِئًا
…
فمَطْلَبها كَهْلًا عليه شَديد (1)
الحديث الرابع:
[60]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا اسْتَأذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعُهَا".
قَالَ: [فَقَالَ](2) بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: وَاللهُ لَنَمْنَعَهُنَّ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله، فَسَبَّهُ سبًّا سَيِّئًا، مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ: وَاللهُ لَنَمْنَعَهُنَّ؟ (3)
وَفي لَفْظٍ: "لا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللهِ"(4).
وقد تقدَّم (5) أنَّ التقدير: (رُوي عن عبد الله أَنَّهُ رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُ قَالَ"، فتتَعَلَّق "عن" الأُوْلى بالفِعْل المبني للمَفعُول، وتتعلَّق "عن" الثّانية بالفِعْل المبني للفَاعِل، ويُقَدَّر "أنّه قَال" الثاني في مَحلّ نَصْب، و"أنّه قَال" الأوّل في مَحلِّ رَفْع. (6)
= اللمحة (1/ 379، 380)، شرح الكافية الشافية (2/ 752 وما بعدها)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 707)، شرح الأشموني (2/ 21)، شرح التصريح (1/ 595)، أصول النحو (ص 147).
(1)
البيتُ من البحر الطويل، وهو من الشعر الحماسي، يُنسب للمعلوط السعدي، أو لعبد الرَّحمن بن حسان. وفي رواية: "
…
عليه عسيره. انظر: فتح القدير للشوكاني (4/ 376)، نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب (ص 446، 447)، شرح لامية المعجم للدميري (ص 104)، زهر الأكم في الأمثال والحكم لليوسي (3/ 183).
(2)
سقط من النسخ. وانظر: عُمدة الأحكام (ص 60).
(3)
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري (873) في الأذان، ومسلم (442)(134)(135) في الصلاة.
(4)
رواه مسلمٌ (442)(136) في الصّلاة.
(5)
راجعه بالحديث الأوّل.
(6)
راجع: شرح القطر (ص 190)، شرح ابن عُقيل (2/ 127)، جامع الدروس العربية =
قولُه: "إِذَا استَأذَنت
…
إِلَى آخِره": مَعْمُولُ القَول.
وتَقَدَّم الكَلامُ على "إذا" وفِعْلها وجَوابها، والعَامِل فيها، [بالحديث](1) الثّاني من "الأوّل".
قولُه: "أحَدَكُم": مَفْعُولٌ بـ "استأذنت"، و"امرأتُه" الفَاعِل. وأُخِّر الفَاعِلُ عن المفعُول وجُوبًا؛ لأنه اتّصل بالفَاعِل ضَميرٌ يَعُود على المفْعُول، فهو كَقَوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} [البقرة: 124]، فلو تقدَّم الفاعلُ وفيه ضَمير المفعُول لعَاد الضَّميرُ على ما بعْدَه في اللفظِ والرُّتبة، وذَلك لا يجُوزُ، إلَّا فيما شَذّ، كقَوْلهم:"زَانَ نُورُه الشَّجَرَ". (2)
وسيأتي الكَلامُ على "امرئ" و"مَرْءٍ" و"امرأة" في الحديثِ السَّادِس من "الزَّكَاة".
قولُه: " [إلي] (3) المسْجِد: يتعلّق حَرْف الجرّ بمُقَدَّر، أي: "في الخُروج إِلَى المسْجِد". وعليه المعنَى؛ لأنَّ (استأذن) يتعدّى بـ "في"، و"خَرَج" يتعَدّى بـ "إلى". وهذا أحْسَنُ من غَيره. (4)
= (2/ 246 وما بعدها).
(1)
بالنسخ: "الحديث". ولعلَّ الصَّواب المثبت.
(2)
انظر: الخصائص (1/ 295 وما بعدها)، شرح ابن عُقيل (1/ 242)، (2/ 154، 105، 110)، شرح الكافية الشافية (2/ 585)، شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 286، 287)، شرح الأشموني (1/ 406 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 415 وما بعدها)، توضيح المقاصد (1/ 102)، (2/ 597)، أوضح المسالك (2/ 110)، المنهاجُ المختصر في علمي النّحو والصّرف (ص 85).
(3)
تكرار بالأصل.
(4)
انظر: إرشاد الساري (8/ 119).
ويحتمل أنْ تكُون "إلى" بمَعْنَى "في"، أي:"استأذَنَت في المسْجِد"(1)، كقوله:
فَلَا تَتْرُكَنِّي بالوَعِيدِ كأنَّني
…
إِلَى النّاسِ مَطْليٌّ بِهِ القارُ أجرَبُ (2)
وهَذا لا يراهُ سيبويه. (3)
وكذلك يحتمل أنْ تكُون "إلى" بمَعْنى "اللام" التي للعلة، أي:"لأجْل المسْجد"، كقوله:{فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ} [التوبة: 83]. (4)
[ويحتمل أن تتعلّق](5) بحَال، أي:"مُتوجّهة إِلَى المسْجد".
قولُه: "فلا يَمْنَعْها": الفِعلُ مجزُومٌ بالنهي، و"الفاءُ" جوابُ "إذا". (6)
قالوا: وفي الحقيقة الجوابُ ما بعدها، وإنَّما استُجلبت"الفَاء" لأنّها تُؤذِن بالجَواب، ولو [كان](7) جَوابًا حَقيقة لحَسُن السُّكُوتُ عليها. (8)
(1) انظر: إرشاد الساري (8/ 119).
(2)
البيتُ من البحر الطويل، وهو منسوبٌ للنابغة الذبياني. والشاهدُ فيه: ورود "إلى" بمعنى "في". انظر: إرشاد الساري (8/ 119)، أدب الكاتب (ص 506)، العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق (2/ 177، 178)، المستقصى في أمثال العرب للزمخشري (1/ 450)، شرح أدب الكاتب لابن قُتَيْبَةُ، لابن الجواليقي، (ص 257)، خزانة الأدب (9/ 465)، ضرائر الشعر (ص 238)، اللمحة (1/ 224)، الجنى الداني (ص 387، 388)، مغني اللبيب (ص 105)، لسان العرب (15/ 435)، المعجَم المفصل (1/ 198).
(3)
انظر: إرشاد الساري (8/ 119)، الكتاب (1/ 249 وما بعدها)، الأصول في النحو (1/ 141)، لسان العَرب (15/ 435).
(4)
انظر: إرشاد الساري (8/ 119).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "ويحتمل أن يتعللان".
(6)
انظر: إرشاد الساري (8/ 119).
(7)
كذا بالنسخ.
(8)
انظر: عقود الزبرجد للسيوطي (3/ 4)، أمالي ابن الحاجب (1/ 115)، حاشية =
و"لا" هُنا ناهِيةٌ، والفِعْلُ معها مجْزومٌ بالسّكُون. (1)
قولُه: "قَال": فاعله يعُود على غير مذكُور، وهو "مجاهد" راوي الحديث عن عبد الله بن عُمر، وكَانَ ينبغي لصَاحِبِ "العُمْدة" أن يُسمِّيه؛ لأنَّ له ذِكْرًا في الحديث. (2) وليست "قال" في كُلّ النُّسَخ.
قولُه: "والله لَنَمْنَعَهُنَّ": تقَدَّمَت حُرُوف القَسَم في العَاشِر من "كتاب الصَّلاة". وجَاءَ جَوَابُ القَسَم هُنا باللام وَحْدَها، ولو أُكِّد بـ "اللام" و"النُّون" لَقَالَ:" [لنمْنَعنَّهُن] (3) ".
قولُه: "فأقْبَل عَليه": فاعِلُ "قَال" للراوي، ولم يذكُره الشيخُ، وفيه ما تقَدَّم من الاعتراض عليه. والضّميرُ في "عليه" يعُودُ على "بلال". و"بلال" هذا [هو](4) أحَدُ بني عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما.
قولُه: "فسَبَّه سبًّا سَيئًا ما سمعته سَبَّه مثله".
[قولُه](5): "سبًّا": مَصْدَرٌ، وهو للنّوع؛ لأنّ المصْدَرَ إِذَا لم يَزد على مَدْلُول الفِعْل، فهُو مُؤَكِّد. (6)
= الصبان (1/ 296).
(1)
انظر: إرشاد الساري (8/ 119)، الأصول في النحو (1/ 400)، توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1265)، المنهاج المختصر (ص 124).
(2)
صرّح ابن الملقن بأنّ القائل هو: "سالم بن عبد الله بن عُمر".
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 388).
(3)
بالنسخ: "لنمنعهن". ولعلّ الصواب المثبت.
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: الكليات للكفوي (ص 1053)، موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (2/ 1613، 1614).
وإنْ زَاد بصفَةٍ - كما هُو [ههنا](1)، وكقَولك:"ضَرَبتُه ضَربًا شَديدًا" - أو دَلَّ على هيئة - كقَولك: "جَلَسْتُ جِلْسَة" بكَسْر الجيم - أو أُضيف -[نحو](2): "ضَرب شُرْطي" - أو مُعَرَّفًا بـ "اللام" العَهْديّة - نحو: "ضَرَبْتُ الضرب" - فهَذا كُلّه للنوع. (3)
وإذا ثبَتَ ذلك: فلا شَكَّ أنَّ ضَميرَ المفْعُول في "سَبَّه" يَعُود على "بلال".
و"سبًّا": مَصْدَر، و"سَيئًا": صفته.
قولُه: "ما سَمعته سبّه مثله": جُمْلة في محلِّ الصفة لـ "سبًّا".
وهَذه الضّمَائرُ الثّلاثة تحتمِلُ أوْجُهًا ثلاثة: -
الأَوْلَى: أنْ يكُون التقديرُ: "ما سَمعْتُ ابنَ عُمَر سَبّ بلالًا مثل ذلك السَبّ"؛ فضَمير "سَمعته" يعُود على "ابن عُمَر"، وضَمير "سَبّه" يعُود على "بلال"، وضَمير "مثله" يعُود على السبّ.
الوجهُ الثّاني: يكُونُ التقديرُ: "ما سَمعتُ سَبًّا من أحَد سَبّ سَبًّا مثل سَبّ ابن عُمَر"؛ فيكونُ الضّميرُ الأوّل [عَائِدًا](4) على السَّبّ، والثاني يعُودُ عليه أيضًا، وضَميرُ "مثله" يعُود على "ابن عُمَر" بتقدير مُضَاف، أي:"مثل سَبّ ابن عُمر"، ويكُون "مثله"[مَرْفُوعًا فاعل](5)"سبّه".
وظاهِرُ الحديث تصدير الجُمْلة الواقعة في مَوْضِع المفعُول الثاني لـ "سَمع"
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(3)
انظر: شرح الأزهَرية (ص 38، 39)، الهمع (2/ 100)، دليل الطالبين (ص 54)، كشّاف اصطلاحات الفنون (2/ 1614).
(4)
بالنسخ: "عائد".
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
بالماضي، والمنقُول عن النحويين تصديرها بالمضارع؛ فيكُون ذلك حُجّة عليهم.
ويصحّ أنْ يكُون التقدير: "
…
مثل ابن عُمر في سَبِّه"؛ فيكُون المجْرورُ مُتعلقًا بحَال من "ابن عُمر".
الثالث: يكون التقدير: "ما سَمعتُ ابن عُمر [سَبّ] (1) ذلك السبَّ أحَدًا مثل بلال"؛ فيكون ضَمير "سمعته" يعُود على "ابن عُمر"، وضمير "سبّه"، يعُود على "السبّ"، وضمير "مثله" يعُود على "بلال" المحذُوف.
قولُه: "وقال: أخبرك عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم": أي: "قال ابن عُمر".
و"أخبر": من الأفعال المتعدِّية إِلَى مفعُولين، فتارة تتعَدّى إليهما بنفسها، وتارة تتعدّى إِلَى الثاني بحَرف الجر، مثل ما وَقَع ههنا. (2)
قولُه: "وتقول: والله لنمنعهن": مُسْتَأنَفٌ، وجُملةُ القَسَم وجَوابه مَعْمُولة للقَول.
قولُه: "وفي لَفْظ": حَرْفُ الجرّ يتعَلَّق بـ "رُوي" أو بـ "جَاء" أو [بـ "يُروَى"](3) مُقدّرًا.
وجُملةُ "لا تمنعوا إماء
…
إِلَى آخره": محلّها رَفْع، مَفْعُول لم يُسَمّ فاعله لـ "رُوي" المقدَّر، أو [فاعل] (4) لـ "جاء".
(1) طمس بالأصل. وسقط من (ب).
(2)
انظر: المفصل (ص 342)، توضيح المقاصد (1/ 573)، شرح ابن عُقيل (2/ 67 وما بعدها)، مُعجم الصواب اللغوي (1/ 22).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).