الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن:
[88]
: عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيّ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهما، قَالَ:"إنِّي لا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَما [رأيتُ] (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَير بِنَا. قَالَ ثَابِتٌ: فكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ، [وكَانَ] (2) إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ؛ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ"(3).
قوله: "لا آلُو": أي: "لا أُقصِّرُ".
قال الشّيخُ تقيّ الدِّين: وقد قيل: إنّ "الْأُلُوَّ" يكُون بمعنى "التقصير" وبمعنى "الاستطاعة" معًا. وَ "الأُلُوُّ" على مثال "العُتُوِّ"، ويُقَال:"الْأُلِيُّ" على مثال "الْعُتِيِّ". والماضي: ["أَلى"](4) بالتخفيف. وقد يُقَال: ["أَلَّى"](5) بالتشْديد، ["يُؤلّي"](6). انتهى. (7)
قلتُ: ومن ذلك قَولهم في المثَل: "إلّا حظيّة فلا أَلِيَّة"، أي:"إن لم يكُن حَظيّة فما أنا مُقَصِّرة". (8)
(1) كذا بالنسخ. وهي في "صحيح البخاري" برقم (821)، و"صحيح مُسلم" برقم (472/ 195). وفي "العُمدة" (ص 75):"كان".
(2)
كذا بالنسخ، وعليه شرح ابن فرحون، وأشار هناك إلى اختلاف نُسخ "العُمدة". وفي "العُمْدة" (ص 75):"كان".
(3)
رواه البخاري (800) في الأذان، (821)، ومسلم (472).
(4)
بالنسخ: "ألَا".
(5)
بالنسخ: "ألّا".
(6)
بالنسخ: "يأليّ". ولعل الصواب المثبت، أو" تألّى". وراجع: لسان العرب (14/ 39 وما بعدها)، الصحاح (6/ 2270، 2271).
(7)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 246)، الإعْلام لابن الملقن (3/ 110، 111)، الصحاح (6/ 2270)، مجمل اللغة (1/ 101).
(8)
نظر: الكتاب (1/ 260، 261)، المستقصى للزمخشري (1/ 373، 374)، الصحاح =
واسمُ الفَاعِل منه: ["آلٍ"](1)، مثل "قاض"، والمرآة:"آليّة". وجمعها: "أوال". وقد تُحْذَف "الوَاو" منْه؛ فيُقال: "لا آلُ"، كما حُذِفَت "اليَاءُ" من "أدْري"؛ قَالُوا:"لا أدْر". (2)
وقد تكُون ["ألَى"](3) المخَفّفَة بمَعْنَى "استطاع"، "ألاه، يألُوه، ألْوًّا"، أي:"استطاعة". (4)
قوله: "أنْ أُصَلِّي بكم": أي: "بأنْ أصَلّي بكُم"، فـ"أنْ" في محلّ نَصْبٍ أو جَرٍّ، على الخلافِ المتقدِّم. (5)
= (6/ 2270)، العقد الفريد لابن عبد ربه (3/ 41)، جمهرة الأمثال للعسكري (1/ 67)، فصل المقال في شرح كتاب الأمثال (ص 237 وما بعدها)، مجمع الأمثال للميداني (1/ 20)، زهر الأكم في الأمثال والحكم (1/ 100، 101)، شرح المفصل (1/ 220).
(1)
بالنسخ: "آلي". والمثبت من المصادر.
(2)
انظر: الإعلام لابن الملقن (3/ 111)، الصحاح للجوهري (6/ 2270)، مجمل اللغة (1/ 101).
(3)
بالنسخ: "ألَا".
(4)
انظر: لسان العرب (14/ 39 وما بعدها، 41).
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 181، 403، 456)، (2/ 343، 471، 472)، (6/ 112)، (9/ 438)، اللباب لابن عادل (1/ 449)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 43)، إرشاد الساري (1/ 78)، (8/ 275)، عُقود الزبرجَد (2/ 88)، الإعلام لابن الملقن (1/ 645)، (3/ 111)، شواهد التوضيح (ص 253)، الكتاب (1/ 37، 38)، الأصول في النحو (1/ 177 وما بعدها)، الكشكول (1/ 335)، المقتضب (2/ 35 وما بعدها، 321)، خزانة الأدب (1/ 339)، (9/ 123)، الصاحبي (ص 91)، شرح الكافية الشافية (2/ 634)، مُغني اللبيب (ص 682)، شرح الشذور لابن هشام (ص 477)، نتائج الفكر (ص 255، 259، 260)، أمالي ابن الحاجب (2/ 712، 713)، شرح التصريح (1/ 469)، شرح المفصل (4/ 514 وما بعدها)، الصبان (2/ 133)، اللمحة (1/ 325 وما بعدها)، الهمع (3/ 13 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 193 وما بعدها)، المنصوب على نزع الخافض (ص 276 وما بعدها)، النحو المصفى (ص 635).
وقوله: "كما رأيتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ["الكافُ"] (1) للتشبيه (2).
وجعَل سيبويه "الكَاف" هُنا وفي أمثاله نَصْبًا على الحال من المصْدَر المحذُوف بعد الإضمار على طريق الاتساع (3)؛ فيكُون التقديرُ: "إني لا آلو أن أصَلّي بكُم الصّلاة على حَالٍ رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصلّيها عليه".
واختار كثيرٌ من النحويين أن تكُون (4) في محلّ نَصْب على النّعْت لمصْدَر محْذوفٍ (5)، أي:"إنّي لا آلو أنْ [ق 69] أصَلّي بكُم صَلاةً مثل صَلاةِ رسُول اللَّه".
وتقَدّم الكَلامُ على "كما" في الثّاني من "باب الجنابة".
وإنّما أُكَرِّر قولهم فيه لغُمُوضه عند المعْربين المبتَدئين، ولم يُوجَد للمُتقَدِّمين تصريحٌ به.
و"مَا" في "كما" مَصْدَريّة حيث وَقَعَت (6)، أي: "كصَلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم. وأمّا
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 298)، الكتاب (2/ 171)، المفصل (ص 385)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 361)، الهمع (2/ 447).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 110، 555)، الكتاب لسيبويه (1/ 227، 228)، الأصول لابن السراج (1/ 193 وما بعدها)، شرح التسهيل لابن مالك (2/ 204)، الهمع للسيوطي (2/ 144 وما بعدها).
(4)
أي: الكاف.
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 110، 555)، (2/ 93)، (2/ 298)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 30)، عقود الزبرجد (2/ 160)، نتائج الفكر (ص 282)، الأصول لابن السراج (1/ 193 وما بعدها)، شرح التسهيل (2/ 204)، الهمع (2/ 144 وما بعدها)، إعراب لامية الشنفري (ص 93، 128)، المسائل السفرية (ص 13)، مغنى اللبيب (ص 707، 708)، أمالي ابن الحاجب (1/ 211).
(6)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 110)، (2/ 93)، إعراب لامية الشنفري لأبي البقاء العكبري (ص 128).
هنا: فقد دَخَلَت على "رأيتُ"؛ فيجُوزُ أنْ تُقَدِّر: "إنّي لا آلُ أنْ أُريكُم من صَلاتي كرُؤيتي صَلاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم"، وأن تُقَدِّر:"إني لا آلُ أنْ أصَلّي بكُم كصَلاةِ رَسُول الله"؛ فيُقَدّر المصْدَر مِن لفْظ "مَا" قبل "مَا".
وعلى الأوّل: يُقَدّر المصْدَر من لفْظ "ما" بعْد "ما"، والمعنى يرد كُلّ واحدٍ منهما إلي الآخَر. (1)
قوله: "فكان أنس يصنع شيئًا لا أراكُم تصنعونه": جملة "يصنع" في محلّ خبر "كان". وجملة "لا أراكم" في محلّ صفة لـ"شيء". و"شيئًا": يأتي الكَلامُ عليه في السّادس من "الزّكاة".
قوله: "وكان إذا رَفَع رأسَه من الركوع انتصب": في بعض النّسَخ: "كان" بلا "واو"، و [في] (2) بعضها:"وكان" بـ "الواو".
وهذه "الواو" إذا ثبتت تكون عاطفة؛ تعطف "كان" على "كان"، ويكون الذي يصنعه "أنس" يحتمل أن يكونوا يصنعونه، ويحتمل أن لا؛ فهو غيرَ المفسَّر بـ"كان" الثانية؛ لما تقتضيه "الواو" العاطفة من التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه.
وإن لم تثبت "الواو": كانت الثّانية مع ما بعْدَها تفسيرًا للذي كَان يصنعه "أنس"، وتكُونُ الجُمْلة مُفَسّرة على هذا، لا محلّ لها.
وعلى الأوّل: محلّها نصْبٌ بالقَول.
قوله: "وكَان إذا رَفَع رَأسَه من الرّكُوع": تقدّم الكلامُ على "كان" في الحديث الأوّل من الكتاب، و"إذا" في الحديث الثّاني من الكتاب. والعامل" في "إذا" هنا:"انتصب"، أو فعلها، على الخلاف المتقدِّم بيانه (3).
(1) راجع: البحر المحيط (2/ 46).
(2)
كشط بالأصل. وفي بـ: "وقال". ويصح المعنى على: "وبعضها".
(3)
انظر: حاشية الشِّهاب على تفسيرِ البيضَاوِي (6/ 121، 171)، أمالي ابن الحاجب =
و "حتى" هنا ناصبة، بإضمار "أنْ". (1) وتقَدّمت في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.
وقوله: "مَكَث": الاسْمُ: "المكْث"، بضَمّ " الميم"، وكَسْرها. و "يمكُث":"يلبث". و"المكيثي"، مثل "الخصيصي":"المكث". و "سار الرجل [مُتمكثًا"] (2). و" رَجلٌ مكيث"، أي:"رَزينٌ". (3)
قوله: "حتى يقُول القَائل": أي: "حتى يظُنّ الظّانّ". وتقدّم أنّ القَولَ يأتي بمعنى "الظن"، ولذلك تُفْتَح بعْدَه "أن". (4)
وجُمْلَة "قد نَسي": في مَحَلّ مَعْمُول القَوْل.
و"مَكث": يجُوزُ فيه ضَمّ "الكَاف"، وفتحها، الضّمُّ أشْهَر. وقَال أبو البقاء:"هُمَا لُغَتَان". (5)
= (1/ 187)، الجنى الداني (ص 369 وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 292، 293)، الموسوعة القرآنية (4/ 474).
(1)
انظر: الصحاح للجوهري (1/ 246)، لسان العرب لابن منظور (2/ 23، 24)، الكليات للكفوي (ص 395، 396).
(2)
بالنسخ: "ممكثًا". وفي "الصحاح "(1/ 293): "وسار الرجل مُتَمَكِّثًا، أي مُتَلَوِّمًا". وكذا في بقية المصادر.
(3)
انظر: الإعلام لابن الملقن (3/ 113)، الصحاح (1/ 291، 293)، لسان العرب (2/ 182، 191)، المصباح (2/ 577)، النظم المستعذَب (1/ 16).
(4)
انظر: الإعلام لابن الملقن (3/ 113)، شرح المفصل (4/ 325)، توضيح المقاصد (1/ 569 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 301)، النحو الوافي (1/ 650).
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 5 83)، إملاء ما من به الرحمن للعكبري (2/ 97)، الإعلام لابن الملقن (3/ 113)، الصحاح (1/ 291، 293)، لسان العرب (2/ 182، 191)، المصباح (2/ 577)، النظم المستعذَب (1/ 16).