الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع:
[33]
: عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ ، قال: نعم إِذَا تَوَضَّأَ أحدكم فليرقد"(1).
تقدم القول فيه إِلَى قولُه: "يا رسول الله".
و"يا": حرف نداء موضوع لنداء البعيد حقيقة أو حُكمًا، و [قد](2) يُنادى بها القريب توكيدًا.
وقيل: هي مشتركة بين القريب والبعيد.
وهي أكثر حروف النداء استعمالًا؛ ولهذا لا يقدّر عند الحذف سواها، نحو:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29](3).
وليس نصب المنادى بها وَلَا بأخواتها سواء قلنا هي أحرف وأسماء لـ "أدعُو" مُتحمّلة لضمير الفاعل، خِلافًا لزاعمي ذلك، بل بـ "أدعُو" محذوفًا لزومًا (4).
قولُه: "أيرقد أحدنا: "الهمزة" للاستفهام.
وحروف الاستفهام: "الهمزة" و"أُم"[و"هل"](5).
= التوضيح (ص 135، 136)، والإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 130)، وشرح المفصل لابن يعيش (4/ 387).
(1)
رواه البخاري (287) في الغسل، ومسلم (306) في الحيض.
(2)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(3)
انظر: مغني اللبيب (ص 488)، وشرح المفصل (1/ 316)، والجنى الداني (ص 355)، والصبان (3/ 199).
(4)
انظر: مغني اللبيب (ص 488)، وأوضح المسالك (4/ 4)، وشرح الكافية الشافية (3/ 1288)، والجنى الداني (ص 355)، ونتائج الفكر (ص 61).
(5)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
وأمّ الباب: "الهمزة"، وذلك لأنه يُستفهَم بها عن المعلوم والمجهول، كما قال:
أَطَرَبًا وأنتَ قِنَّسْرِيُّ
…
............................................. (1)
وقد تحقّق عنده أَنَّهُ "قنسري"، ثم استفهم عن طربه. (2)
ومن ذلك: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1].
وَلَا تقع موقع "الهمزة" هنا "هل، وَلَا غيرها (3).
قال الشيخ أَبُو حيّان عند قولُه تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116]:
إِذَا ولى الاستفهام الاسم وجاء الفعل بعده أشعر بوقوع الفعل في الوجود، والاستفهام عن صدور ذلك الفعل من المخاطب، وعدم صدوره، بخلاف ما إِذَا ولى الاستفهام الفعل؛ فإنه ليس فيه إشعار بوقوعه.
فإذا قلت: "أنت ضربت زيدًا؟ " أشعر بوقوع الضرب، ولكنك استفهمت عن إسناده للمخاطب.
وإذا قلت: "أضربت زيدًا؟ " استفهمت عن إسناده له، وَلَا إشعار فيه بالوقوع.
قال: ونص على ذلك أَبُو الحسن الأخفش (4).
وسيأتي في الحديث بعد هذا تتمة لمعنى "هل"،
(1) البيت من مشطور السريع، وأخطأ من قال: هو من الرجز. وهو للعجاج. انظر: خزانة الأدب (11/ 275)، والمعجم المفصل (12/ 396).
(2)
انظر: أمالي ابن الشجري (1/ 400).
(3)
انظر: التعليقة على كتاب سيبويه (2/ 248)، شرح التسهيل (4/ 109)، شرح المفصل (5/ 102).
(4)
انظر: البحر المحيط (4/ 416).
قلت: فيكون هذا فيه استفهام عن رقاد الجنب وهو بحال جنابته، وَلَا إشعار فيه بالوقوع.
وأمَّا "أم": فإنها تأتي متصلة ومنقطعة.
فالمتصلة يتقدّمها الاستفهام، ويقع بعدها المفرد، [وتقدر](1) بـ "أي"، ويكون جوابها أحد الشيئين أو الأشياء.
وأمَّا المنقطعة: فيتقدّمها الاستفهام والخبر، وتقع بعدها الجملة، وتقدر بـ "بل" و"الهمزة لا، ويكون جوابها: "لا" أو "نعم".
مثال المتصلة: "أقام زَيْدِ أم عَمْرو؟ ".
ومثال المنقطعة -وأكثر ما يقع في القرآن العزيز- مثل: "إنها لإبِلٌ أُم شاء؟ "؛ قَدَّر جميعُهم: "بل هي شاء"، وقدَّر الرمانيُّ (2):"بل شاء هي"،
واعتُرض؛ فقيل: إنّ "هي"[خبرٌ](3)، فكيف يخبر بالمعرفة عن النكرة؟ وإن أراد أنَّها مبتدأ فلمَ أخّرها في التقدير (4).
وأمَّا "هل" فتأتي في الحديث الذي بعد هذا.
والجملة من قولُه: "وهو جنب" في محل الحال من "أخذ"، وهو معرفة
(1) غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(2)
انظر: منازل الحروف للرماني (ص 58).
(3)
بالنسخ: "خبرا".
(4)
انظر في أحكام "أُم": الجنى الداني (ص 204 وما بعدها)، وشرح ابن عُقيل (3/ 231)، واللمحة (2/ 697)، والهمع (3/ 198)، ومغني اللبيب (ص 66)، والأصول لابن السراج (2/ 213)، والتعليقة على كتاب سيبويه (2/ 248، 278)، شرح التسهيل (3/ 362)، شرح المفصل (5/ 17، 102)، وأوضح المسالك (3/ 338).
بالإضافة، والعامل في الحال العامل في صاحبها، وهو:"أيرقد".
و"نعم": حرفُ جواب مُقرِّرة لما سبقها نفيًا كان أو إثباتًا.
ويكون في الجواب للاستخبار بالثبوت، فإذا قال:"هل قام زَيْدِ؟ " فجوابه في الإثبات: "نعم"، ولو قال قائل:"ما خرج زَيْدِ ولم يكن خرج" قلت في جوابه: "نعم"، أي "نعم ما خرج"، فصدقت الكلام على نفيه ولم تبطله، كما تبطله "بلى"، فإن كان قد خرج قلت:"بلى"، أي:"قد خرج"، فرفعت ذلك النفي [وأزالته](1). (2)
قال الله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، ولو قالوا نعم كان كُفرًا؛ إذ معناه:"نعم لست ربَّنَا"، هذا هو المشهور فيها (3).
قال ابنُ مالك: وجاء في [قصة](4) الأنصار: "ألستم تعرفون ذلك؟ " قالوا: "نَعَم"(5)، فأوقعوا "نعم" موقع "بلى". (6)
فقوله في هذا [الحديث](7): "نعم" تصديق لما تقدّم من رقاد أحدهم وهو جُنب، لكنه صلى الله عليه وسلم شرط في إباحة ذلك أن يتوضّأ، والمعنى في ذلك:"نعم فليرقد".
(1) بالنسخ: "وأزلته".
(2)
انظر: رياض الأفهام (2/ 243)، مغني اللبيب (ص 452).
(3)
انظر: شرح المفصل (5/ 100)، مغني اللبيب (ص/153)، الجنى الداني (ص/ 422)، همع الهوامع (2/ 519)، جامع الدروس العربية (3/ 255).
(4)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(5)
رواه أَبو عُبيد القاسم بن سلاّم في "غريب الحديث"(2/ 271)، كما رواه في كتاب "الأمثال"(ص 138)، ورواه عنه ابن الشجري في الأمالي (2/ 63، 64).
(6)
انظر: أمالى السّهيلي، تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنا، ط مطبعة السعادة بمصر 1390 هـ / 1970 م، (ص 46). وراجع: الأمثال للقاسم بن سلام (ص 138)، عقود الزبرجد (3/ 280)، وأمالي ابن الشجري (2/ 64، وبالهامش).
(7)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).