الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
-
الحديث الأوّل
[81]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَبَّرَ في الصَّلاةِ سَكَتَ هُنيهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: "أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ. اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ"(1).
تقدّم في أوّل الكتاب إعراب السَّند.
و"إذا" وجوابها في محلّ خبر "كان"، والجوابُ: "سَكَت
…
".
قوله: "هُنَيهَة": أي: "سُكيتة".
قال في "الصّحاح"(2): هو تصغيرُ "هَنُ"، و "هَنُ" منقُوصٌ، ويُقال:"هنية" أيضًا بغير "هاء"، وقد رُوي الحديثُ بهما، "هنيّة" (3) بتشديد "الياء". وأصْلُ "هُنيّة":"هنيوة"، اجتمَعَت "الياء" و "الواو"، وسُبقت [إحداهُمَا](4) بالسّكُون؛ فقُلبَت "الواو" يَاءً، وأُدْغِمَت "الياءُ" في "الياء". و "الواو" من هَمَزَهَا فقَد أخْطَأ. (5)
(1) رواه البخاري (744) في الأذان، ومسلم (598) في المساجد.
(2)
راجع: الصحاح (6/ 2535 وما بعدها).
(3)
صحيح: مُسلم (598/ 147).
(4)
بالنسخ: "إحديهما". والمثبت من المصادر.
(5)
انظر: فتح الباري (2/ 229)، عُمدة القاري (5/ 293)، إرشاد الساري (2/ 77)، شرح النووي لمسلم (5/ 96)، عقود الزبرجد (3/ 17)، نيل الأوطار (2/ 222)، الصحاح للجوهري (6/ 2535 وما بعدها)، لسان العرب (11/ 31، 32)، (15/ 366)، تاج العروس (1/ 516)، (40/ 315).
قال في "الصّحاح": تردّها في التصغير إلى أصلها، تزيدها "الهاء"، كما تقول:"أُخيّة" و "بُنيّة". وقد تُبدَل من "الياء" الثّانية "هاء"؛ فيُقَال: "هُنَيْهَة". ومنهم من يجعلها بَدَلًا من "التاء" التي في "هَنْت". والجمعُ: "هنات". ومَن رَدّ قَالَ: "هنوات"(1). وجمعُ "هَن": "هنون"(2).
قال القاضي عياض: "هُنيهة" تصغيرُ "هَنَة". (3)
و"الهن": كنايةٌ عن كُلّ شَيءٍ، وتلحقُه "الهاءُ" أحيانًا. (4)
إذا ثبت ذلك: فـ "هنيهة" كناية عن "سُكَيتة".
قال الزّمخشري: "هن" و "هنة" للكناية عن أسماء الأجناس. انتهى. (5)
و"هُنيهة" مُنصَرفٌ؛ لأنّه ليس بعَلَم، بخلافِ "فُلان"، فإنّه عَلَم، لكن تخلّف عنه الشّرْط الثّاني؛ فلذلك انصرَف.
فتقرّر من هذا كُله أنّه مَنْصُوبٌ نصْب المكنَّي عنه، وهو المصْدَر.
(1) انظر: عمدة القاري (5/ 293)، الصحاح للجوهري (6/ 2536 وما بعدها)، المحكم والمحيط الأعظم (4/ 426، 427)، لسان العرب لابن منظور (15/ 366)، تاج العروس (40/ 315)، شمس العلوم (1/ 71).
(2)
انظر: عقود الزبرجد (3/ 206)، الصحاح للجوهري (6/ 2536)، المُحكم والمحيط الأعظم (4/ 427)، لسان العرب لابن منظور (13/ 96)، (15/ 367)، تاج العروس للزبيدي (40/ 314، 317).
(3)
انظر: مشارق الأنوار (2/ 271)، الإعلام لابن الملقن (3/ 6)، عقود الزبرجد للسيوطي (3/ 17)، سر صناعة الإعراب (1/ 117)، المحكم والمحيط الأعظم (4/ 358)، شمس العلوم (1/ 71).
(4)
انظر: فتح الباري (3/ 217)، الإعلام لابن الملقن (3/ 6، 7)، عقود الزبرجد (3/ 17، 206)، مشارق الأنوار (2/ 271)، لسان العرب (15/ 369).
(5)
انظر: الإعلام لابن الملقن (3/ 6)، المفصل (ص 32)، شرح المفصل (1/ 145 وما بعدها)، مفتاح العلوم للسكّاكي (ص 150).
قوله: "قبل أن [يقرأ] (1) ": تقدّم الكلامُ على الأسماء التي تُصغَّر في الرّابع من "باب تسوية الصفوف"، ومنها "قبل" و "بعد". و "أن يقرأ": في محلّ جر بالإضَافة، أي:"قبل القراءة".
قوله: "فقُلتُ": معْطُوفٌ على "سَكَت"، وفيها معنى السّبب. و " [يا رسُول] (2) الله": تقدَّم القولُ فيه قريبًا، وهو محكيّ بالقول.
قوله: "بأبي أنتَ وأمّي": تقديره: "أفديك بأبي وأمي"، فحرفُ الجر يتعلّق بالفعل المحذوف، وحُذف العاملُ اختصارًا؛ لدلالة الكَلام عليه.
وزاد المحذوف بيانًا ضمير "أنت"؛ لأنّه إمّا أن يكُون تأكيدًا لضمير المفعول، كقوله تعالى:{إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129](3)؛ فمحلّه نَصْب، أو مُبتدأ؛ فمحلّه رَفع، ويكُون خبره في الجملة المحذوفة، وتقديرُ الكَلام:"أنت أفديك بأبي وأمي"، فلما حُذف الخبرُ قُدِّم المجرورُ على المبتدأ ليدلّ على مُتعَلّقه؛ إذ ليس في الكَلام ما يتعلّق به غيره.
وتوسّط "أنت" بين المجرور وما عطف عليه أحسَنُ من تأخّره، ولو أخّر لجاز، كقوله:"بأبي وأمي أنت"، والمعنى على أنّ "أنت" تأكيد للضّمير المنصوب، وهو من أوجُه الإعراب. والله أعلم.
ولا يصحُّ أن يكُون "أنت" تأكيدًا للضّمير المجرور في "بأبي" ولا بَدَلًا منه؛ لفسَاد المعنى، ولا مُبتدأ - والخبر في المجرور - لعَدَم الفَائِدة. (4)
(1) بالنسخ: "تقرأ".
(2)
بالنسخ: "يرسول".
(3)
وكذا بسورة [غافر: 8] وبسورة [الممتحنة: 5].
(4)
انظر: عُمدة القاري (5/ 293 وما بعدها)، إرشاد الساري (2/ 376)، عقود الزبرجد للسيوطي (3/ 125)، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث للأصبهاني المديني (1/ 25، 26)، النهاية لابن الأثير (1/ 20).=
قال ابنُ مالك: يجوز في "بأبي" أربعة أوْجُه: -
إثباتُ "الهمزة" و "الياء".
الثاني: إبدالُ "الهمزة" ياء، "بيَبي".
الثالث: سَلامَة "الهمزة"، وإبدال "الياء"، "بأَبَا".
الرابع: إبدالُ "الهمزة" ياء، و"الياء" ألِفًا، "بيَبَا". (1)
قوله: "أرأيتَ سُكوتك": "الهمزة" للاستفهام. و"رأيت": هنا العِلْمية، بمعنى "أخبرني"(2)؛ ولذلك يجُوز في "الهمزة" من "رأيت" التسهيل (3)، وهو قولُ الشاعر:
أريت إن جاءت به أُمْلُودا
…
مُرَجّلًا ويلبس البرودا
[أقائلن](4): أحضروا الشهودا (5)
= المديني (1/ 25، 26)، النهاية لابن الأثير (1/ 20).
(1)
انظر: شواهد التوضيح (ص 257).
(2)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 182، 183)، (3/ 17)، نيل الأوطار (2/ 222).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 507)، عقود الزبرجد (2/ 41).
(4)
بالنسخ: "أقائلا". والمثبت من المصادر.
(5)
الرجز لرُؤبة بن العجَّاج. وقيل: لرجل من هذيل. وفي بعض المصادر: "جئت"، وفي بعضها:"معَّما ويلبسُ". وفي بعضها: "أقائلن"، وفي بعضها:"أقائلون". والأملود: الغصن الناعم. والمرجّل: الذي شعره بين الجعودة والسبوطة. يقول: أخبرني إن جاءت هذه بشاب يتزوجها مرجل الشعر حسن الملبس كالغصن الناعم؛ أآمِرٌ أنت بإحضار الشهود لعقد نكاحها عليه، ينكر وقوع ذلك منه. انظر: البحر المحيط لأبي حيان (8/ 504)، سر صناعة الإعراب (2/ 118)، الخصائص (1/ 137)، شرح التصريح (1/ 35، 36)، شرح الكافية الشافية (3/ 1412)، شرح التسهيل لابن مالك (1/ 14)، الجليس الصالح الكافي (ص 678)، المعجم المفصل (9/ 396)، =
قال بعضهم: مفعولها الثّاني لا يكُونُ إلّا جملة استفهامية، وبذلك جاء كثير القرآن، {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33)
…
أَعِنْدَهُ} [النجم: 33 - 35]، {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 58 - 59]، فيكُون هنا "ما تقُول" في محلّ المفعول الثّاني. (1)
قال الفراء: تسهيل همزة "أرأيت" هو الفاروق بين "أرأيت" بمعنى ["أخبرني"](2) وبينها بمعنى "علمت"، فإذا [كان](3) بمعنى "أخبرني" جاز أن يدخلها "الكاف". وتختلف "التاء" باختلاف المخاطَب؛ فتُفتح وتُكسَر. (4)
و"الكافُ" حَرفُ خطاب، لا محلّ له من الإعراب. و "التاء" عند البصريين فاعل. (5)
ومذهبُ الفرّاء: أنّ "التاءَ" حرفُ خطاب كهي في "أنت"، و"الكاف" بعد "التاء" في "أرأيتك" في موضع الفاعِل، استُعيرت من ضمائر النّصب للرّفع. (6)
= شذا العرف في فن الصرف للحملاوي (ص 44)، الموجز في قواعد اللغة العربية (ص 51).
(1)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 508، 509)، (10/ 510)، اللباب لابن عادل (15/ 87)، حاشية الشِّهَاب على تفسيرِ البَيضَاوِي (8/ 379)، تفسير الألوسي (15/ 407)، إعراب القرآن وبيانه (10/ 532)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 182، 183)، (2/ 41)، الكتاب لسيبويه (1/ 240).
(2)
بالنسخ: "خبرني".
(3)
كذا بالنسخ.
(4)
انظر: معاني القرآن للفراء (1/ 333)، البحر المحيط (4/ 507، 508)، عقود الزبرجد (2/ 40، 41)، شرح التسهيل (1/ 247)، الكليات (ص 79).
(5)
انظر: البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد للسيوطي (2/ 41)، شرح التسهيل لابن مالك (1/ 247)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 173، 179)، سر صناعة الإعراب (1/ 318)، الهمع (1/ 302).
(6)
انظر: معاني القرآن للفراء (1/ 333)، البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد =
قال في "المجيد": نصَّ سيبويه والأخفش والفرّاء والفارسي وابن كَيْسَانَ وغيرُهم على أنّ "أرأيت" و "أرأيتك" بمعنى "أخبرني"، وهو تفسيرٌ معنوي. (1) قالوا: فتقول العَرَب: "أرأيتَ زيدًا ما صنع؟ " فيلزم المفعول الأوّل النّصب، ولا يُرفَع على تعليق "أرأيت"؛ لأنّها بمعنى "أخبرني"، و "أخبرني" لا تُعَلَّقُ. (2)
والجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثّاني، بخلافها إذا كانت بمعنى "علمت"؛ فيجُوز تعليقها. (3) انظر تمام الكَلام في "المجيد" لأبي حيان (4) رحمه الله.
وقال الشيخُ تاج الدّين الفاكهاني: روايتنا في "أرأيت" ضَمّ "التاء". (5)
قُلتُ: هذا غَريبٌ؟ فإنَّ جميعَ ما جَاء من "أرأيت" بمعنى "أخبرني" في القرآن "التاء" فيه مفتُوحة (6)، وتقَدّم أنّها تجري مع المخاطَب.
إذا ثبت ذلك: فقوله "سُكوتك" منصُوبٌ على أنه مفعول بـ"أرأيت" بمعنى "أخبرني"، على أنه أسْقَط حَرْفَ الجرّ منه، أي:"أخبرني عن سُكوتك".
و"بين": ظرْف، تقَدّم الكَلامُ على "بين" في الثّالث من "باب السّواك".
قوله: "ما تقول؟ ": "ما" استفهامية، محلّها رفع بالابتداء، والخبر في الفعل
= (2/ 41)، شرح التسهيل (1/ 247)، الهمع (1/ 302).
(1)
انظر: البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد (1/ 182، 183)، (2/ 41)، الكتاب لسيبويه (1/ 127، 239، 240).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد (2/ 41، 259)، سر صناعة الإعراب (1/ 318 وما بعدها)، شرح التسهيل (2/ 91)، الهمع (1/ 302).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 508)، عقود الزبرجد (1/ 83 1).
(4)
ليس كتاب "المجيد" لأبي حيان، بل هو للصفاقسي، كما سبق بيانه.
(5)
انظر: رياض الصالحين (2/ 151)، عقود الزبرجد (3/ 18).
(6)
انظر: عقود الزبرجد (3/ 18).
بعدها، وهو المفعول الثاني لـ"رأيت" على ما تقدّم. وتقَدّم الكَلامُ على "ما" في الحديث الأول من "باب التيمم".
قوله: "قال: أقول": فاعل "قال" و "أقول" ضمير"النبي صلى الله عليه وسلم"، وجملة "أقول" معمولة للقول.
قوله: "اللهم": تقدّم الكلامُ عليها في الأوّل من"الاستطابة".
وأمّا "خَطَاياي": فأصله عند الخليل "خَطَائِءُ"، فـ" الهمزة" الأولى بدَل من "الياء" الزائدة في "خطيئة"، و"الهمزة" الثّانية هي "لام" الفعل، ووزنه "فعائل"، واستثقل الجمعُ بين همزتين في كَلمة، فقُدِّمت "الياءُ" الزائدة بعد "الهمزة" - التي هي "لام" الكلمة - فصار "خَطائي"، "الهمزة" بعدها "ياء"، ثم أبدلت "الياء" ألِفًا بدَلًا لازمًا مسمُوعًا من العَرب في هذا البناء من الجمع، وإذا أبدلت من "الياء" ألِفًا لزم أن تبدل من كسرة "الهمزة" التي قبلها فتحة، إذ "الألِف" لا يكون ما قبلها إلا مفتُوحًا، فلما انفتحت "الهمزة" صارت " [خطاءَا] (1) "، اجتمعت ألِفان بينهما "همزة"؛ فأبدل من "الهمزة" ياء، فصار "خطايا"، فوزنها "فعالى"، مقلُوبٌ من "فعائل".
وسيبويه يرى أنْ لا قلب فيه، لكنه أبدل من "الهمزة" الثانية - التي هي "لام" الفعل - "ياءً"؛ لانكسار ما قبلها، ثم أبدل منها ألِفًا، على ما تقدّم من مذهب الخليل؛ فوزنه عنده" فعالى" محوَّل من "فعائل". (2)
(1) بالنسخ: "خطاءً". والمثبت من المصادر.
(2)
انظر: رياض الأفهام (2/ 155، 156).
وراجع: البحر المحيط (1/ 352)، الإعلام لابن الملقن (3/ 11)، العين (4/ 292)، الكتاب (3/ 552، 553)، (4/ 377)، شرح المفصل (5/ 280، 281، 501)، الأصول لابن السراج (2/ 403)، شرح الشافية للرضي (1/ 25، 258)، (3/ 59، 62، 181)، شرح الشافية للركن الأستراباذي (2/ 710، 711، 836)، توضيح المقاصد (3/ 1573).
إذا ثبت ذلك: فالتقديرُ هُنا: "اللهم باعِد بيني وبين خَطَايَاي كَما بَاعَدْت بين المشْرق والمغرب"، فـ" ما" المحذُوفة موصُولة. (1)
وهنا بحثٌ ذكره الشيخ أبو حيّان عند قوله تعالى في "سورة المائدة": {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106]، قال أبو عبد الله الرّازي: التقدير: "شهادة ما بينكم". (2)
قال: ونظيره قوله تعالى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]، أي:"ما بيني وبينك"، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] في قراءة مَن نَصَب. (3)
واعتُرض بأنّ "ما" الموصولة لا تحذَفُ عند البصريين، ولو سلم فلا يصح حذفها مع الإضافة البتة؛ لأنّ الإضافة إليه أخرجته عن الظرفية وصيرته مفعولًا به على السعة، وليس قوله:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] نظيره، ولا قوله:{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بالنّصب، لأنّ ذلك مُضَافٌ إليه، وهذا باق على ظرفيته، فيُمكن أن يتخيّل فيه تقدير "ما" دون الأوّل. انتهى. (4)
وعلى ذلك: فـ"بين" في محلّ الصّلة، [ويتنزل](5) على ما قاله الرّازي من جَوَاز حَذْف الموصُول (6)، وإلا فيجرى على ظاهره من غير تقدير.
قوله: " كما باعَدْت بين المشْرق والمغْرب": "كما" الكَافُ هنا نعْتٌ لمصدر محذوف، أي:"باعِد مُباعَدة مثل مُباعدة ما بين المشْرق والغْرب". وقيل: "الكَافُ"
(1) انظر: إرشاد الساري (2/ 77)، مرقاة المفاتيح (2/ 671).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 390)، مفاتيح الغيب، تفسير فخر الدين الرا زي، ط دار إحياء التراث العربي، (12/ 450).
(3)
انظر: تفسير الرازي (12/ 450)، البحر الحيط (4/ 390).
(4)
انظر: البحر المحيط (4/ 390).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "فتنزل".
(6)
راجع: شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (ص 26)، الهمع للسيوطي (1/ 343)، أمالي ابن الحاجب (2/ 835).
هُنا - وحيث وَقَعَت مع "ما" - في محلّ نَصْب على الحال، أي: "باعد المباعدة مثل
…
"، أي: "مثل هذه الحال". (1)
قال أبو حيان: "الكَافُ" حَرفُ تشبيه. وتختصّ اسميتها بالشِّعر على الأصح. وتجيء زائدة. وتُوافق "على"، " كخَير" في جَواب مَن قَال:"كيف أصبحت؟ ". وللتعليل، نحو قوله تعالى:{كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198]. (2)
قال أبو حيّان في قوله تعالى: {آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} [البقرة: 13]: مَوْضِعُ الكَاف نصب على الحَال من المصْدَر المفهُوم من الفِعْل المتقدّم المحْذوف بعد الإضمار على طريق الاتساع، أي:"آمنوا الإيمان على هذه الحالة". (3)
ولا تكونُ عنده [نعتًا](4) لمصْدَر محذُوف؛ لأنه يُؤدّي إلى حَذْف الموصوف (5) في غير المواضع المستثناة (6) التي تقَدّم ذكْرها في الرابع من "كتاب الصّلاة"، وفي الثاني من " التيمم".
(1) راجع: إعراب لامية الشنفري (ص 93، 111)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 782)، أمالي ابن الحاجب (1/ 211).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 102)، سر صناعة الإعراب (1/ 325)، الجنى الداني (ص 83 وما بعدها، 86)، أوضح المسالك (3/ 42 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 232 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 654 وما بعدها)، شرح التسهيل لابن مالك (3/ 169 وما بعدها)، الهمع للسيوطي (2/ 477).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 110).
(4)
بالنسخ: "نعتٌ". والمثبت من المصادر.
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 35)، البحر المحيط (1/ 110).
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 0 11، 555)، الكتاب (1/ 227، 228)، الأصول لابن السراج (1/ 193 وما بعدها)، شرح التسهيل لابن مالك (2/ 204)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 144 وما بعدها).
وأجَاز الزمخشري في "كما" أنْ تكُون "مَا" كَافّة للكَاف عَن الجر. (1)
قوله: "اللهم نقّني": أصلُه: "نقيني"، فحُذِفَت؛ عَلامَة [للبناء] (2). (3) و"مِن": لبيان الجنس (4).
والكَلامُ على "كما"[تقدّم](5).
وعَلامَةُ الجرّ في "خَطَايَاي": كَسْرَة مُقَدّرة؛ لأنّه مُضَافٌ إلى "يَاء" المتكَلِّم. (6)
قوله: "بالثلج والماء والبرَد": استعارات في مُبالغة التنقية.
(1) انظر: تفسير الزمخشري (1/ 64)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 30)، البحر المحيط لأبي حيان (1/ 110).
(2)
غير واضحة بالأصل.
(3)
انظر: اللمحة (1/ 140)، شرح المفصل (4/ 294)، شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 231)، المنهاجُ المختَصر (ص 20)، النحو الوافي (1/ 81).
(4)
انظر: الجنى الداني (ص 309)، حروف المعاني والصفات (ص 50)، اللمحة (1/ 64)، المقدمة الجزولية (ص 124)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 354)، أوضح المسالك (3/ 18)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 420)، شرح الأشموني (2/ 70)، جامع الدروس العربية (3/ 172).
(5)
غير واضحة بالأصل.
(6)
انظر: شرح الشذور لابن هشام (ص 83)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 879)، جامع الدروس العربية (1/ 24).