الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والضَّاد من قولُه: "وانضح" مكْسُورة لا غير؛ لأنه من: "نضح، ينضِح"، فالأمْر فيه:"انضح"(1).
وفي قولُه: "اغسل ذَكَرَك" و"تَوَضَّأَ وانضح فرْجَك" بالخِطَاب في رواية البخاري ومُسلم يحتمل أنْ يكُون لعَليّ؛ لأنه كان حاضرًا وعَلِم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ الذي يَقَع منه ذلك.
ويحتمل أنْ يكُون الخطابُ للمقداد مع غَيبة "عَليّ"؛ لأنه السَّائل (2).
ويأتي القَول على "أمَرَ" في الثَّالِثِ من "فَضْل الجمَاعة".
وتقدَّم القولُ على "باب" و "الحديث الأوّل" في أوَّلَ حَديث من الكتاب، ومُتعلّق حرف الجر، وكَون جُملتي "النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم" و"رضي الله عنه" لا مَحَلَّ لهُما.
الحديثُ الثَّاني:
[25]
: عَنْ عَبَّادِ بن تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن زيدٍ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ، قَالَ:"لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أو يَجِدَ رِيحًا"(3).
قولُه: "شُكي": فعلٌ ماض مَبني لما لم يُسَمَّ فَاعِله، والمفعول الذي لم يُسَمّ فاعله مُضافٌ محذوف، أي:"شُكي حالُ الرجُل"، فـ"الرجُل" قائمٌ مقام المحذوف؛ لأنَّ الذي شُكي حَالُه، لا ذاته. (4)
(1) انظر: تاج العروس (7/ 180، 181).
(2)
انظر: شرح النووي على مسلم (3/ 213)، عمدة القاري (2/ 216)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 645 وما بعدها)، إحكام الأحكام (1/ 116).
(3)
رواه البخاري رقم (137) في الوضوء، ومسلم (361) في الحيض.
(4)
انظر: الإعلام بفوائد عُمدة الأحكام (1/ 661).
و"شَكَى": ألِفُه مُنقلبة عن "ياء"، و"الياءُ" مُنقَلبةٌ عن "وَاو"؛ لأنّه من "شَكَوت"، وإنّما قُلبَت "الواو" ياءً لانكسَار ما قبْلها.
وقيل: هو من "شَكَي، يَشْكي"؛ فَلا قَلْبَ إذَن. (1) وسيأتي في الثاني عَشر من "الجهَاد" طَرَفٌ مِنْ ذَلك.
وقوله: "يُخيَّل إليه أَنَّهُ يجد الشيءَ في الصلاة": ["يخيل": أي](2)"يُشَبَّه له" و"يُخايَل". (3)
قَالَ في الصحاح: يُقال: "تخيّلته"، "فتخيّل لي"، كما يُقال:"تصوّرتُه، فتصَوّر لي"، و"تبيّنته، فتبيّن"(4).
وهو هُنا مَبني لما لم يُسَمّ فاعِله، والمفْعُولُ الذي لم يُسَمّ فَاعله:"أَنَّهُ يجد الشيءَ". والتقديرُ: "يخيَّل إليه وجدان الشيء"(5).
و"وَجَد" هُنا يتَعَدّى إِلَى مَفعُولين، المفعُولُ الأوّل "الشيء"، والثاني في المجْرور، به يتعَلّق حَرْف الجرّ، أي:"كَائنًا في الصَّلاة".
والمرادُ بالحدَث: "المانعُ من أداء الصلاة".
وتقدَّم القَولُ عَلى "وَجَدَ" في الثاني مِن "باب الاستطابة".
والجُمْلة من "يجد" وما يتعلّق به في محلّ خبر أنّ، و "أَنَّهُ" في محلّ مَفعُول لم يُسَمّ فاعله لـ"تخيل"، و"إليه" يتعلّق به.
(1) انظر: الإعلام لابن الملقن (1/ 661)، والصحاح (6/ 2394، 2395).
(2)
بالنسخ: "يحتمل أن". ولعلَّ المثبت صواب.
(3)
انظر: الصّحاح (4/ 1693).
(4)
انظر: الصّحاح (4/ 1693).
(5)
راجع: كوثَر المعاني الدَّرَارِي للشنقيطي (4/ 207).
والجمْلة من "يُخيّل" في محل حال من "الرجُل". ويحتمل أن تكُون في محل صفة للرجُل، وإن كان بالألف واللام، كما قيل في قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]، وقوله:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5]. (1)
وضَعَّف هذا أَبُو حَيّان (2)، وقال: هذا هَدْمٌ للقَاعِدَة النَّحوية؛ لأنَّ النكرةَ لا تنعتُه إلَّا بنكِرَة، وإنْ كَان قَاله الزّمخشري (3) وابن مالك (4) في قَوله:
وَلَقَدْ أمُرَّ على اللَّئِيم يَسُبُّني
…
.................................... (5)
قولُه: "قال: لا يَنصرفُ": "لا" نافية. وتقدَّم القَول عليها في الأول من "باب الاستطابة".
و"يَنصرف": فعل مُضَارع، ورَافعُه التجرّد من العَوَامِل، وقيل: وقوعُه مَوْقع الاسم. وقيل: مَرفُوعٌ بحَرْف المضَارعة، وهو ضَعيفٌ (6).
ويحتمل أنْ تكُون "لا" ناهية؛ فيكُونُ الفعلُ مَجزُومًا (7).
(1) انظر: الإعلام لابن الملقن (1/ 661)، مُغني اللبيب (ص 561).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 178، 9/ 64).
(3)
انظر: تفسير الزمخشري (1/ 16، 556)، (4/ 530).
(4)
انظر: البحر المحيط (2/ 178، 9/ 64)، وأوضح المسالك (3/ 275 وما بعدها)، وشرح الأشموني (2/ 318).
(5)
صدر بيتُ من الكامل، وهو لرجل من بني سلول، أو لشمر بن عَمْرو الحنفي، أو لعميرة بن جابر الحنفي. وعجز البيت:"فَمَضَيْتُ ثَمَّتَ قَلْتُ: لَا يَعْنِينِي". انظر: البحر المحيط (4/ 42)، (9/ 64)، الكتاب (3/ 24)، البصائر والذخائر لأبي حيَّان التوحيدي (8/ 111)، الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني (3/ 147)، أوضح المسالك (3/ 276)، شرح ابن عُقيل (3/ 196)، شرح الأشموني (2/ 318)، خزانة الأدب (1/ 357)، (7/ 197)، المعجم المفصل (8/ 271).
(6)
انظر: إرشاد الساري (1/ 229)، علل النحو (ص 187، 188).
(7)
انظر: إرشاد الساري (1/ 229).
وعلى الأوّل: يَكُون الخبرُ بمَعنى النَّهي، وهو أبْلَغُ (1)، وقد تقدّم قريبًا تعليلُ ذلك.
وقوله: "حَتَّى يَسْمَع صَوتًا": "حتّى": حَرْف غاية، أي:"إِلَى أنْ يَسْمَع صَوتًا"(2).
قال أثيرُ الدين أَبُو حيّان: قال أَبُو البقاء: "حتّى" تكُون بمعنى: "إلَّا أنْ". وَلَا أعْلَمُ أحَدًا من مُتقدِّمي النّحويين ذَكَر لـ"حَتَّى" هذا المعنى (3).
وذَكَرَ "ابنُ مَالك في "التسهيل" (4)، وأنْشَدَ عليه في غيره:
ليس العَطَاءُ من الفُضول سَماحَة
…
حَتَّى تجُود ومَا لَدَيك قليل (5)
أي: "إلَّا أنْ تَجُود"(6).
قلتُ: يتمكّن معنى "إلَّا أنْ" هُنا؛ أي: "فلا يَنصرف إلّا أنْ يَسْمَع صَوْتًا". وقد تقدَّم القولُ على "حَتَّى" في الحديث الثاني من أوَّلَ الكتاب.
وتقدَّم القولُ على "سَمِع" في الحديث الأوّل.
(1) راجع: فتح الباري (12/ 7)، إرشاد الساري (2/ 451)، مرقاة المفاتيح (1/ 164).
(2)
انظر: إرشاد الساري (1/ 229)، (9/ 428).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 529).
(4)
انظر: التسهيل (ص 230)، وشرح التسهيل (4/ 24).
(5)
البيت من الكامل، وهو للمُقنع الكندي. انظر: المعجم المفصل (6/ 348).
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 529)، وشرح التسهيل (4/ 24)، والجنى الداني (ص 554، 555)، توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1250)، همع الهوامع (2/ 381)، جامع الدروس العربية (2/ 381).
قال أَبُو حيَّان: وقد أغنانا ابنه عن الرد عليه في ذلك، وقال: إنه يصح فيه تقدير "إِلَى أن". وإذا احتمل أن تكون "حتي" فيه للغاية فلا دليل في البيت على أن "حتي" بمعنى: "إلَّا أن". انظر: همع الهوامع (2/ 381).