الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوقع الجمع على التثنية، كقوله تعالى:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ} [ص: 22]. (1)
باب الجنابة
الحديث الأول
[30]
: عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، قال: فانخنست منه فذهبت فاغتسلت وجئت، فقال: أين كنت يا أبا هُرَيْرَةَ، قال: كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، قال: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس (2).
تقدّم القول على ["أَبِي"](3) في الحديث الرّابع من الكتاب، وعلى "أَبِي هُرَيْرَةَ" في الثّاني من الكتاب، وعلى ["رسول"](4) في أوّل حَدِيث.
وجملة "لقيه" في محلّ خبر "أن"، و"في بعض" يتعلق بالفعل.
والألِف واللام [من](5)"المدينة" للغَلَبة، كهي في "البيت" للكعبة. (6)
وجملة "وهو جُنب": حالٌ من ضمير المفعول في "لقيه".
والأحسَن هنا أن يكون "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" هو المفعول الذي لم يُسَم فاعله
(1) انظر: إرشاد الساري (8/ 463)، والكتاب لسيبويه (2/ 48)، (3/ 622)، وإسفار الفصيح للهروي (1/ 560).
(2)
رواه البخاري (283) في الغسل، ومسلم (371) في الحيض، وفي أوله انقطاع في رواية مسلم ذكره المازري في المعلم، ووصله البخاري وغيره.
(3)
بالنسخ: (ابن).
(4)
غير واضحة بالأصل، وفي (ب):(كتب)، والصواب المثبت.
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: إرشاد الساري (10/ 338).
لـ"روى" المقدّر، ويكون "لقيه" مِمَّا حكاه الراوي عن "أَبِي هُرَيْرَةَ""لقيني وأنا جنب" عَبّر عنه، فأخبر الراوي عنه بمعنى كلامه، ويدلّ على ذلك قولُه:"فانخنست منه"، ولم يقل:"فانخنس منه".
وقوله: "فانخنست": يقال: " خنس، يخنُسُ" بضم "النون"، أي:"تأخر"، و"أخنسه غيره" إِذَا "خلفه، ومضى عنه". وقيل: "الانخناس": "الانقباض" و"الرجوع". (1)
و"خنس" يُستعمل لازمًا ومتعَدّيًا، فجاء في الحديث هذا مُطاوعًا لازمًا، وجاء مُتعدّيًا في قولِه:"فخنَسَ إِبْهَامَهُ"(2)، ولازِمًا في قولِه:"الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ ابْنِ اصدمَ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ"(3). (4)
ورُوي: "فَانْبَجَسْتُ"(5) بـ "الجيم"، أي:"اندفعت"(6).
ورُوي: "فَانْبَخَسْتُ مِنْه"(7)، من "البخس"، وهو "النقص"(8).
(1) انظر: إحكام الأحكام (1/ 127)، ورياض الأفهام (1/ 362)، والصحاح للجوهري (3/ 925).
(2)
صحيح: مُسلم (1080/ 16)، من حَدِيث ابن عُمر.
وانظر: الصّحاح (3/ 925)، وتاج العروس (16/ 33).
(3)
روى بهذا اللفظ موقوفًا على ابن عَبَّاسٍ عند أَبِي داود في الزهد (337)، وابن أَبِي شيبة في المصنّف (34774)، والحاكم في المستدرك (3991)، وبنحوه عن ابن عَبَّاس عند البخاري مُعلقًا (6/ 181/ كتاب التفسير/ باب قولُه:{اللَّهُ الصَّمَدُ} ).
(4)
انظر: رياض الأفهام (1/ 363).
(5)
أخرجه الترمذي في سننه (121).
(6)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 127).
(7)
انظر: فتح الباري (1/ 390)، وعُمدة القاري (3/ 238).
(8)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 128).
ورُوي: "فَانْتَجَسْتُ"(1) بـ"التاء" المثنّاة [و"الجيم"](2)، أي:"اعتقدتُ نفسي نجسًا"(3).
و"أنْ أجالسك" في محل مفعول"كرهت"، و"أن" المصدرية تقدّمت في الرّابع من أوّل الكتاب.
وقوله: "جنبًا": أي: "ذا جنابة"؛ لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو "الإجناب"(4)، وقد تقدّم في الخامس من أوّل الكتاب القول في ذلك.
وانظر إِلَى قولُه: "قَال" من كلام أَبِي هُرَيْرَةَ بغير "فاء"، و"قَال" من كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بـ"الفاء". وإنَّما سقطت"الفاء" من كلام أَبِي هُرَيْرَةَ لأنَّها جاءت على الأفصح في الجمل المفتتحة بالقول، كما قيل في قولِه تعالى:{أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ} وما بعدها [الشعراء: 10، 11، 12]. (5)
وأمّا القول مع ضمير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: فـ"الفاء" سببية رابطة؛ فاجتُلبت لذلك. (6)
قولُه: "فكرهت أنْ أجالسك": فرّق السّهيلي بينه وبين "كرهتُ مجالستك"، فالأول يكون المكروه وقوع الفعل، وهو المجَالَسَة، وعلى الثاني المكروه ليس
(1) وهي رواية المستملي، كما في "فتح الباري"(1/ 390). وذكرها الرشيد العطار في "غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة"(ص 184).
(2)
بالنسخ: "والحاء".
(3)
انظر: رياض الأفهام (1/ 364)، وفتح الباري (1/ 395)، وعمدة القاري (3/ 238)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 343).
(4)
انظر: العين للخليل بن أحمد (6/ 148)، وشمس العلوم (2/ 1183، و 1191)، ومجمع بحار الأنوار (1/ 396).
(5)
انظر: إرشاد الساري (1/ 335).
(6)
انظر: إرشاد الساري (1/ 335).
المجَالَسَة (1).
قولُه: "وأنا على غير طهارة": جمله في محلّ الحال. وصاحب الحال فاعل "أجالسك". وجاءت الحال جملة اسمية بـ "الواو" وحدها (2).
و"سبحان الله": اسم وضع موضع المصدر منصوب بإضمار فعل من معناه لا يَجوز إظهاره، وهو من الأسماء الملتزم فيها النصب على المصدرية.
وذهب الكسائي إِلَى أَنَّهُ منادى مُضاف.
وضعف بأنه لم يسمع دخول حرف النداء عليه.
ويُستعمل كمَا جَاءَ هنا، ومُفردًا مُنوّنًا، كقوله:
سُبحانَه ثم سُبْحانًا نَعوذ به
…
وقبلنا ............................ (3)
فقيل: صرفه ضرورة. وقيل: لأنّه نكرة. وقيل: لقطعه عن الإضافة. ومنعه من الصّرف للعَلَمية وزيادة الألِف والنون. (4)
و"الكَاف" في "سُبحانك" مفعول به أضيف إليه.
وأجاز بعضهم أن يكون فاعلًا؛ لأنّ المعنى: "تنزهت"(5).
(1) انظر: نتائج الفكر في النحو (ص 267).
(2)
انظر: شرح المفصل (2/ 278)، شرح ابن عُقيل (2/ 278).
(3)
البيت من البسيط، وهو لورقة بن نوفل، وقيل: لأمية بن أَبِي الصلت، وقيل: لزيد بن عَمْرو بن نفيل. وهو بتمامه:
سُبحانَه ثم سُبْحانًا نَعوذ به
…
وقبلنا سبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ
انظر: المعجم المفصل (2/ 270).
(4)
انظر: رياض الأفهام (1/ 366 وما بعدها).
(5)
انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 106)، شرح المفصل (1/ 119)، وشرح التسهيل (2/ 185)، الكتاب (1/ 376، وما بعدها)، حاشية الصبان على الأشموني =