الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمضارع مجرَى الاسمية لرجُوعها إليها عندهم، لأنّك إذا قلت:"لا أدري أيقوم زيد أم لا؟ "، كان التقدير:"لا أدري أقيام يكون منه أم لا؟ ".
قال بعضهم: وإذا عُطف بـ"أو" عِوَضَ "أم" لم يجز.
قال: وقد قال صاحب "الصّحاح" بجوازه، فقال: يُقال: "سواء عليّ أقُمت أو قعدت"(1).
قال ابنُ هشام: وقد قُرئ: "سَوَاءٌ عَلَيهِم أأَنْذَرْتَهُم أَو لَم تُنْذِرْهُم"(2).
قلت: وهذا الحديث جاء بـ "أو" فهي تقوّي ما قاله صاحب "الصّحاح"، وجاء في الحديث بعد هذا في الصيد:"فَإنّ أحَدِكُم لَا يَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَو سَهْمُكَ"(3).
وفي الحديث حُجّة من وجهين، أحدهما: حذف "همزة" التسوية. والثاني: كون المعادل لها "أو". والله أعلم.
الحديث الثاني:
[106]
: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاس، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْه، فَلْيَدْفَعْهُ. فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّما هُوَ شَيْطَانٌ"(4)
تقدّم الكلام على "سمع" في الحديث الأوّل من الكتاب، و"إذا" في الحديث
(1) انظر: الصحاح (6/ 2386)، ولسان العرب (14/ 414).
(2)
سورة [البقرة: 6]. وهي قراءة ابن محيصن من طريق الزعفراني. وأشار ابن هشام إلى شذوذها. انظر: الكامل للهذلي (ص / 413)، مغني اللبيب (ص/ 63، 64).
(3)
صحيحٌ: مسلم (1929/ 7)، من حديث عَدِيِّ بن حَاتِم.
(4)
رواه البخاري (509) في الصلاة، و (3274) في بدء الخلق، ومسلم (505).
الثّاني من أوّل الكتاب، و"صلى" وعملها في الخامس من "فضل الجماعة"، و"أحدكم" في الثّاني من أوّل الكتاب.
قوله: "إلى شيءٍ": يتعلّق بـ "يصلي". ويحتمل أن يتعلّق بحال، أي:"متوجهًا إلى شيء". و"يستره" جملة في محلّ صفة لـ"شيء".
وتصغيرُ "شيء": "شُيَيْء" و"شِيَىء" بكسر"الشين"، والجمع:"أشياء"، غير مصروف. ويُجمَعُ ال"شيء" أيضًا على:"أشايا" و"أشياوات"(1).
قال القرطبي: لما ذكر أسماء الله الحسنى بدَأ من أسمائه بـ "شيء"؛ لأنّه أوّل أوصاف البارئ في الإثبات، ومعناه أنه موجود.
قال: ولا يختلف فيه.
قال: واختُلف في اشتقاقه على قولين، فقيل: هو "فعْل" بإسكان "العين"، مصدر "شاء، يشاء، شيئًا"، ثم سُمي بالمصدر. الثّاني: وزنه "فعيل"كـ "نصيب"، وأصله:"شَيِيء"، وكثر استعماله في الكلام، واستثقل اجتماع الياءين مع كسْرة.
وقيل: هو "فعيل" بمعنى "مفعول"كـ "جريح" بمعنى "مجروح".
قالوا: وإنما قُلنا ذلك لأنَّا رأينا جمعه لا ينصرف، لأنّه لو كان "شيء" فعلًا بإسكان "العين" وجمعُه "أفعال" لصُرِف الجمع كما يصرف "أكلاب" و"أشياخ".
قال: ويصغَّر على: "شُيَيء" و"شِيَيْء" بضم "الشّين" وكسرها.
و"شُوى" لُغة، سمعتها عن شيخنا أبي العَلاء إدريس بن مُوسى النحوي رحمه الله. انتهى. (2)
(1) انظر: الصحاح (1/ 58)، ولسان العرب (1/ 105).
(2)
راجع: الصحاح (1/ 58)، ولسان العرب (1/ 105).
وتقدّم الكلام على "شاء" و"شئت" في الحديث السّادس من "باب الإمامة".
قوله: "من الناس": يتعلّق بـ"يستره". و"مِن" سببية، ويحتمل أن تكون هنا بمعنى "عن"، كقوله تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: 121] أي: "عن أهلك"(1).
قوله: "فأراد [أحَد] (2) ": قال الزمخشري: تكاثر حذف مفعول "شاء" و"أراد" مع "لو" حتى لا يكادوا يبرزونه (3).
قال الأَسْفَاقُسِيُّ: حذف مفعول "شاء" و"أراد" مع "لو" هو الغالب (4)، وقد يُذكَر لأحَد ثلاثة أشياء، إمّا للاستغراب، وهو قول الزمخشري (5). وإمّا لكونه منكرًا أو كالمنكر، قاله أصحاب البيان. وإمّا لعوْد الضمير عليه، كما قيل في قوله تعالى:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: 17](6). انظر الحديث السّادس من "باب الإمامة".
وقد فقد هنا شرط حذف المفعول، وهو دخول "لو" على "أراد" و "شاء"؛ فلا يكون حذف المفعول راجحًا، كما هو مع "لو". والفعل والمفعول هنا جملة:"أن يجتاز"؛ لأنها مقدَّرة بمفرد، أي:"الجواز".
و"بين يديه": تقدّم الكلام على "بين" في "باب السواك".
قوله: "فليدفعْه": "الفاء" جواب "إذا"، و"اللام" لام الأمر، والفعل معها
(1) انظر: اللباب في علوم الكتاب (1/ 294).
(2)
بالنسخ: "أحدكم".
(3)
انظر: الكشاف (1/ 87).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 145).
(5)
انظر: الكشاف (1/ 87).
(6)
انظر: المُجيد في إعراب القرآن المجيد (ص/ 146).
مجزوم، وعلامة الجزم السكون. وتقدّم الكلام على "لام" الأمر في السّادس من "الإمامة"، وفي الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "فإن أبَيَ": تصريفه: "أبى"، "يأبى" بفتح "العين" ماضيًا ومُستقبلًا (1).
قال أبو القاسم السّعدي: ولا خِلاف فيه (2).
وحكى صاحب "المحكم": "أَبِيَ"، "يأبَى" بكسر "الباء" في الماضي، وفتحها في المستقبل (3).
و"الفاء" في قوله: "فليقاتله" جوابُ الشرط.
قوله: "فإنما هو شيطان": "إنما" تقدّم الكلام عليها في أوّل حديث من الكتاب.
و"شيطان" قيل: وزنه "فيعال"، وقيل:"فعلان".
فإنْ كان فيعالا فنونه أصلية، وإن كان "فعلان" فنونه زائدة، وهو إذَن من "شطن" أو من "شاط"(4).
وهو مُنصرف على كُلّ حال، لأنَّا إن قدَّرنا نونه أصلية فظاهر، وإن قدَّرناها زائدة فشرط منعه مفقود، وهو وجود "فَعْلى"(5).
وادَّعى السّجاوندى أنّ "شيطان" ممتنع، وأنشد عليه، وذلك مردُود.
وهل "شيطان" مُشتقّ من المصدر أو من الفعل؟ قولان، الأصح أنه من
(1) انظر: الصحاح (6/ 2259).
(2)
انظر: كتاب الأفعال (1/ 11).
(3)
انظر: المحكم والمحيط الأعظم (10/ 558).
(4)
انظر: الصّحاح (5/ 2144، 2145)، ولسان العرب (13/ 238)، وشمس العلوم (6/ 3465، 3466)، والكتاب لسيبويه (3/ 217، 218).
(5)
انظر: التعليقة على كتاب سيبويه (3/ 41)، وشرح المفصل (1/ 186).