الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصير مُقدّرًا بمُدة اليبس، وليس هو المراد؛ لأنّ سر ذلك [تسبيحهما](1) ما دامتا [رطبتين](2).
باب السواك
الحديث الأوّل
[17]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ".
"السّواك": ينطلق على العُود الذي يُستاك به، وعلى الفعْل.
وهو مُذكّر. وقيل: يُذكّر وُيؤنث. والصّحيح الأوّل.
ويُقال: "ساك فمه". فإن قُلت: "استاك" لم تذكُر "الفم".
ويجمع "السّواك" على "سُوُك" بضمتين، كَ "كِتاب" و "كُتُب". وحُكي فيه:"سؤك" بالهمز (3).
"لولا": حرفُ امتناع لوجود، ويلزم بعدها المبتدأ.
وتكون حرف تحضيض؛ ويلزم بعدها الفعل المضارع، نحو:{لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46].
وتكون للتوبيخ؛ فتختصّ بالماضي، نحو:{لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13]. ومنه: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} [النور: 16]، إلا أنّ الفعل أُخِّر.
(1) بالنسخ: "تستبحهما".
(2)
بالنسخ: "رطيبتين". وانظر: إرشاد الساري (9/ 41).
(3)
انظر فيما سبق: الصحاح (4/ 1593)، لسان العرب (10/ 446).
وذكر الهروي فيها الاستفهام، نحو قوله تعالى:{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [المنافقون: 10].
وقال الهروي: وتكُون نافية بمنزلة "لم"، وجَعَل منه قوله:{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: 98](1).
إذا ثبت ذلك: فـ "لولا" هنا الامتناعية، ويجب حذف خبر المبتدأ الواقع بعدها.
قال ابن مالك: وعلى هذا [اتفاق](2) أكثر النحويين، إلا الرماني و [ابن](3) الشّجري.
قال: وقد يُسر لي في هذه المسألة زيادة، فأقول وبالله أستعين: إنّ المبتدأ المذكور بعد "لولا" على ثلاثة أضرب: -
مخبر عنه بكون غير مُقيد.
مخبر عنه بكون مقيد لا يدرك معناه عند حذفه.
ومخبر [عنه](4) بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه.
فالأول: "لولا زيد [لزارنا] (5) عمرو"، فمثل هذا يلزم حذف خبره؛ لأن المعنى:"لولا زيد على كل حال من أحواله لزارنا عمرو"، فلم تكن حالٌ من أحواله أوْلى بالذّكر من غيرها، فلزم الحذف لذلك. ولما في الجملة من الاستطالة
(1) انظر: مغني اللبيب (361).
(2)
غير واضحة بالأصل، وفي (ب):(إطلاق)، والمثبت هو ما يناسب السياق، ولعل بالموضع سقطا، فعبارة ابن مالك:"وهو مما خفي على النحويين إلا الرماني وابن الشجرى". انظر: شواهد التوضيح (120).
(3)
غير موجود بالنسخ، والسياق يقتضيها. انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 510).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "لذكرنا"، والمثبت من المصدر.
[المحوجة](1) إلى الاختصار.
الثاني: وهو [المخبر](2) عنه بكون مقيّد ولا يدرى معناه إلا بذكره، نحو:"لولا زيد غائب لم أزرك"، فخبر هذا النوع واجب الثبوت؛ لأنّ معناه [يجهل](3) عند حَذفه. (4)
ومنه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَولا قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بكُفْر"(5) أو "حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بكُفْرٍ"(6)، فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ لظنّ أنّ المراد:"لولا قومك على كُلّ حَال من أحوالهم لنقضت الكعبة"، وهو خلاف المقصود؛ لأنّ من أحوالهم بُعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل، وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة وبنائها على الوجه المذكور (7)، ومن هذا النوع قال عبد الرحمن بن الحارث لأبي هريرة:"إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلا مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ"(8).
الثالث: وهو [المخبر](9) عنه بكَون مُقيّد يُدرَك معناه عند حذفه، كقولك:"لولا أخو زيد ينصره لغلب"، و "لولا صاحب عمرو يعينه لعجز"، فهذه الأمثلة وأمثالها يجوز فيها إثبات الخبر وحَذفه.
(1) غير واضحة بالنسخ، والمثبت من المصدر.
(2)
بالنسخ: (الخبر)، والمثبت من المصدر.
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "يجعل". والمثبت من المصادر.
(4)
انظر: عقود الزبرجد (3/ 175)، إرشاد الساري (10/ 283).
(5)
صحيحٌ: مسلم (1333/ 400).
(6)
متفقٌ عليه: أخرجه البخاري في صحيحه (126، 3147)، ومسلم في صحيحه (1333/ 402)، من حديث عائشة.
(7)
انظر: فتح الباري (3/ 444)، وعمدة القاري (9/ 217، وما بعدها)، وإكمال المعلم (4/ 429)، وشرح مسند الشافعي للرافعي (2/ 346).
(8)
أخرجه البخاري في صحيحه (1926).
(9)
بالنسخ: "الخبر".
ومن هذا النوع قول أبي العلاء المعري:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
فلولا الغِمْدُ يُمْسِكُه لَسالا (1)
وقد خَطّأه بعض النحويين، وهو بالخطأ أوْلى، انتهى. (2)
قلتُ: فيكون قوله: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم" من القسم الأوّل، ويحتاج إلى تقدير، والتقدير:"لولا مخافة أن أشق لأمرتهم أمر إيجاب"، وإلا لانعكس معناها؛ إذ الممتنع المشقّة، والموجود الأمر. و"اللام" جوابُ لولا (3).
قالوا: ويجب حذفُ الخبر في ثلاثة مواضع (4) أخرى: -
أحدها: "ضربي زيدًا قائمًا"، و "كل رجل وضيعته"، أي:"وضيعته مقرونان"، و "لعَمرك لأفعلن".
وحرفُ الجر في قوله: "بالسواك" يتعلق بـ "أمرتهم".
و"أمر" يتعدّى تارة بنفسه إلى واحد، وإلى الثاني بحرف الجر، ويجوز حذف الحرف.
(1) البيت من الوافر، وهذا عجُز البيت، وصدر البيت:"يُذيبُ الرُّعْبُ مِنْهُ كُلَّ عَضْبٍ". انظر: شرح التسهيل (1/ 276)، وشرح التصريح (1/ 225)، وحاشية الصبان (1/ 316)، وأوضح المسالك (1/ 218)، ومغني اللبيب (ص 360)، والمعجم المفصل (6/ 55).
(2)
انظر: شواهد التوضيح (ص 120 وما بعدها إلى 122). وراجع: المقرب لابن عصفور (1/ 84)، وشرح جمل الزجاجي له (1/ 351 - 352)، والهمع (3/ 176)، والصبان (1/ 316)، وأوضح المسالك (1/ 218).
(3)
انظر: عمدة القاري (6/ 180)، وفتح الباري (13/ 223)، وإرشاد الساري (2/ 164)، (10/ 283).
(4)
انظر: شرح المفصل (1/ 241)، شرح التسهيل (1/ 288)، الصبان (1/ 318 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (1/ 252)، الهمع (1/ 349).
والأمر من "أمر": "مُر"، بحذف فائه، وإثبات فائه قلمل، فإن تقدّمه "فاء" أو "واو" كان إثبات فائه أجوَد، كقوله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ} [طه: 132]. (1) ويأتي تمام الكلام على "أمر" في الثّالث من "باب فضل الجماعة".
و"عند": اسم [للحضور](2) الحسي، نحو:{فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} [النمل: 40]، والمعنوي، نحو:{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل: 40]، وهي مثلثة "الفاء"، والكسر أجوَد، ولا تقع إلا ظرفًا أو مجرورة بـ "من"، وقول العامة:"ذهبت إلى عنده" لحن. (3)
قال ابنُ هشام في قول بعض المولدين:
كل عند لك عندي
…
لا يساوي نصف عندي (4)
قال الحريري: لحن (5)، يعني: لأنّه خفض "عند" بغير "من".
قال ابن هشام: وليس كذلك، بل كل كلمة ذكرت وُيراد بها لفظها [فسائغ](6) أن تتصرّف تصرف الأسماء، وأنْ تُعرب ويُحكى أصلها. (7)
قوله: "عند كُلّ صَلاة": تقدّم القول على "كُل" في السادس من "الاستطابة"،
(1) انظر: رياض الأفهام (2/ 39)، وشرح المفصل (5/ 276، 277)، وإيجاز التعريف في علم التصريف (ص 196)، والجمل للخليل (ص 249)، وهمع الهوامع (1/ 349)، (3/ 508)، وشرح ابن عقيل (4/ 278)، وتهذيب اللغة (15/ 207).
(2)
بالنسخ: "الحضور". والمثبت من "المغني".
(3)
انظر: مغني اللبيب (ص 206)، وشرح التسهيل (2/ 235).
(4)
البيتُ من الرمل، وهو لبعض المولدين. انظر: درة الغواص (ص 32)، وشرح التصريح (1/ 47).
(5)
انظر: مغني اللبيب (ص 206).
(6)
بالنسخ: "فشائع".
(7)
انظر: مغني اللبيب (ص 206).