الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدَاكَ حَيُّ خَوْلانْ
…
جَميِعُهُمْ وَهَمْدَانْ
وكُلُّ آلِ قَحْطَانْ
…
وَالأَكْرَموُنَ عَدْنَانْ (1)
الحديث الثالث:
[32]
: عن ميمونة بنت الحارث زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت: "وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثًا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل جسده ثم تنحى فغسل رجليه فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض الماء بيديه"(2).
قولُه: "أنَّها قالت": في محل القائم مقام الفاعل لـ "روى"المتعلق به حرف الجر.
و"ميمونة": لا ينصرف للتعريف والتأنيث. و"بنت" صفة لها. و"زوج" صفة أخرى. والأفصح: "زوج" بغير "تاء"(3)، و [جاء] (4) بـ "التاء" في حَدِيث عمار عن عَائِشَة:"والله إني لأعلم أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، في الْجَنَّةِ"(5).
وجملة "وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم": معمول للقول.
وقوله: "وضوء الجنابة": مفعول بـ "وضع"، ويقع على "الماء"، وعلى "الإناء".
فإن كان المراد "الماء" كان التقدير: "وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء المعد للجنابة"، وَلَا
(1) البيتان من الهزج، وهما لامرأة من العرب ترقّص ابنها. انظر: الهمع (3/ 165)، شرح التصريح (2/ 135)، أوضح المسالك (3/ 296)، والمعجم المفصل (8/ 4).
(2)
رواه البخاري (274) في الغسل، ومسلم رقم (317) في الحيض.
(3)
انظر: مشارق الأنوار (1/ 313)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 137)، لسان العرب (2/ 292).
(4)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(5)
رواه الإِمام أحمد في كتاب "فضائل الصحابة"(2/ 868 / برقم 1625).
بُد من تقدير: "في تور" أو "طست".
وإن كان المراد "الإناء" كان هو الموضوع، وأضيف إلى "الجنابة" بمعنى أَنَّهُ مُعدّ لغسل الجنابة إضافة تخصيص.
وتقدّم القول على "أكفأ" و"كفأ" في الحديث الثّامن من أوَّلَ الكتاب.
و"الباء" في قولِه: "بيمينه" باء الاستعانة (1)، وتتعلق بـ "أكفأ".
وقوله: "مرتين": تثنية "مرة"، مصدر "أو ثلاثًا" عَدَده، ويكون مصدرًا أيضًا؛ لأنّ المصدر اسم الفعل أو عدده أو ما قام مقامه أو ما أضيف إليه (2).
قولُه: "ثم غسل": معطوفٌ على "أكفأ".
وقوله: "ثم ضرب يده بالأرض": جعل"الأرض" آلة الضرب، وجاء في رواية:"ثم ضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ"(3)؛ فيحتمل هنا أن يكون من باب القَلب، من قولهم:"أدخلتُ القلنسوة في رأسي"، و"أدخلت رأسي في القلنسوة". ومنه:"عرضت الناقة على الحوض"، والأصل:"عرضت الحوض على الناقة"(4).
ومنه قولُه تعالى: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: 76]، أي العصبة تنوء بالمفاتيح لثقلها (5).
ويحتمل أن يكون من باب الملابسة؛ لأنّ مَن مسّك فقد مسسته، ومن وضعت
(1) انظر: الجنى الداني (ص 39)، همع الهوامع (2/ 418).
(2)
انظر: شرح ابن عُقيل (2/ 169)، توضيح المقاصد (2/ 644).
(3)
صحيح: البخاري (276).
(4)
انظر: إرشاد الساري (1/ 329)، ومغني اللبيب (ص / 913)، وشمس العلوم (5/ 3177).
(5)
انظر: البحر المحيط لأبي حيَّان (8/ 324) و (10/ 364)، والتحرير والتنوير (20/ 177، 30/ 283).
يدك على جسمه فقد وضع جسمه على يدك.
ويحتمل معنى آخر، وهو أنّ الضّرب ينشأ عنه الألم، وَلَا يحصل في هذا الموضع ألم الأرض، وإنَّما يحصل لضاربها.
ويحتمل أن يكون الفعل مُضَمَّنًا غير معناه؛ لأنّ المراد "تعفير اليد بالتراب"، فكأنه قال:"فعفر يده بالأرض"(1).
وقوله: "أو الحائط": "أو" للشك من الرا وي. وما بعد هذا معطوف لا إشكال فيه.
قولُه: "فأتيته بخرقة": يتعلّق حرف الجر بـ "أتيته" أو بحال، أي:"مصاحبا لخرقة"؛ فتكون "باء" الحال (2).
وقوله: "فلم يردها": "لم" حرف، تقدّم الكلام عليها في الحديث الثالث من "باب المذي". وهي حرفُ جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيًا، نحو:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3](3).
وقد يرتفع الفعل بعدها، نحو قولُه:
لولا فوارس من نعم وأسرتهم
…
يوم الصليفاء لم يوفون بالجار (4).
(1) انظر: فتح الباري (1/ 383)، والتمهيد (22/ 94)، شرح ابن ماجة لمغلطاي (1/ 718)، عمدة القاري (3/ 223)، فتح الباري لابن رجب (1/ 315)، والكواكب الداراي (3/ 135).
(2)
انظر: الجنى الداني (ص 40).
(3)
انظر: مغني اللبيب (ص 365).
(4)
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة. ورُوي فيه:"لولا فوارس من ذهل". انظر: سر صناعة الإعراب (2/ 118)، خزانة الأدب (1/ 205)، (9/ 3)، شرح التسهيل (1/ 28)، شرح المفصل (4/ 213)، مغني اللبيب (ص 365)، والمعجم المفصل (3/ 399).
قال ابنُ مالك: لُغة (1).
وقيل: ضرورة (2).
قلتُ: وفي صحيح البخاري في حَدِيث رفاعة قولُه صلى الله عليه وسلم لزوجه: "إنك [لم] (3) تحلين له أو تصلحين له"(4)، بإثبات "النون" فيهما، متَّفقٌ عليه في النسخ كُلها دليل على أنَّها لُغة.
وقد جاء النصب بها في قولِه تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1].
وأجيب: بأنّ الأصل: ["نشرحن"](5) بـ "النون"، بدل منها "ألِف"، ثم حذفت تخفيفًا، ذكره ابن عطية (6).
قال ابن هشام: في هذا التخريج شذوذان، أحدهما: توكيد المنفي بـ "لم"، وحذف "النون" لغير وقف (7).
وقوله: "وجعل ينفض الماء بيديه": تقدّم القول على "جعل" في الحديث الرّابع من أَوَّل الكتاب، وهي من أفعال المقارَبَة، واسمها مستتر فيها، وخبرها في الفعل (8).
(1) شرح التسهيل (1/ 28).
(2)
انظر: مغني اللبيب (ص/ 365)، شرح التصريح (2/ 398).
(3)
بالأصل: "لمن". وفي (ب): "لن".
(4)
ما في صحيح البخاري: "فَإِنْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّى لَهُ، أو: لَمْ تَصْلُحِي لَهُ حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ".
ولكن روى الإِمام أحمد في مسنده (26700) من حَدِيث أُم سَلَمَة، وفيه:"قالوا: إنك لم تحلين"، وهو صحيحٌ على شرط الشيخين.
وانظر: فتح الباري (10/ 282)، وإرشاد الساري (8/ 435).
(5)
بالنسخ: "شرحن". والمثبت من المصدر.
(6)
انظر: المحرر الوجيز (5/ 496)، والكشاف (4/ 770).
(7)
مغني اللبيب (ص / 916).
(8)
انظر: البحر المحيط (1/ 137)، رياض الأفهام (1/ 64، 65، 653)، شواهد =