الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس:
[62]
: عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتْ:"لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلى شيءٍ منَ النَّوافِلِ أشَدُّ تَعاهُدًا منْهُ عَلى رَكْعَتَي الفَجْرِ". (1)
وفي لفْظٍ لِمُسْلِمِ: "رَكْعَتا الفَجْرِ خيرٌ منَ الدُّنيا وَمَا فِيهَا". (2)
قوله: "لم يكن": علامةُ الجزْم السكونُ. وتقَدّم الكَلامُ على "لم" في الثالث من "المذي".
ولا يجوز حذفُ نون "يكُن" هنا؛ لأنّه إذا وَلي "النون"[ساكنٌ](3) لم يجز حذفها، كما في قوله تعالى:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1].
وإنْ وَليَهَا مُتحرّك جَاز، نحو قوله تعالى:{وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ} [النحل: 127]، و {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43].
وهذا مما اختصّت به "كان". [ولذلك](4) شروط، منها الذي تقَدّم، ومنها: أنْ لا يتّصل بها ضَمير منصُوب، مثل قَولك:"إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ"(5). (6)
[وقولها](7): "على شَيءٍ": في الكَلام حَذْفٌ، تقديره: "لم يكن تعاهُد النبي صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البخاري (1169) في التهجد، ومسلم (724)(94) صلاة المسافرين.
(2)
أخرجه مسلم (725).
(3)
بالنسخ: "ساكنًا".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
مُتفقٌ عليه: البخاري (1354) ومُسلم (2930/ 95) من حديث عُمر.
(6)
انظر: شرح التسهيل (1/ 366)، شرح الكافية الشافية (1/ 422 وما بعدها)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 244)، شرح ابن عقيل (1/ 299)، شرح التصريح (1/ 259)، توضيح المقاصد (1/ 504)، اللمحة (2/ 860)، همع الهوامع (1/ 445).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
على شيء أشَدّ منه تعاهُدًا على رَكعتي الفجر". فقوله "على شيء" يتعلّق بالمحذُوف المضَاف، أي: "لم تكُن محافظته".
و"المعاهَدة": "المحَافظة".
و"أشَدّ": خبر "كان"، وهو "أفعَل من". و"منه" يتعلّق بـ"أشَدّ"، و"تعاهُدًا" تمييز، و"على ركعتي الفجر"[بالتمييز](1).
ولا يصلح أنْ يتعلّق "على شيءٍ" بصفة لـ (تعاهُدًا)، تقَدّم، فانتصب على الحال؛ لأنّ تمييز "أفعَل" لا يتقَدّم عليه (2)، فكذلك صفته.
ولا يتعلّق بـ"تعاهُدًا" نفسه؛ لأنّه مصْدَر، والمصدرُ لا يتقَدّم عليه ما يتعلّق به إنْ كَان مُنحَلًّا إلى "أنْ والفِعْل" بلا خِلافٍ، كما هُو هُنا. وإنْ كَان غير مُنحلٍّ: فالأكثرون على المنع، وجَوّزه بعضهم في نحو:"لزيدٍ بالطبّ مَعرفة"، وليس على هذا أكثرهم، بل يحتمل أن يكون "بالطّب" مُتعلقًا بالاستقرار [في](3) المجرور المقَدّر خبرًا. (4)
فإن قُلت: قد قدّرت: "لم يكن تعاهُد النبي"، و"أفعل" متى كان ما بعده من [جنس ما](5) قبْله وَجَبَت الإضافة (6)، فكان الواجب أن يقول: "تعاهُد النبي صلى الله عليه وسلم
(1) كذا بالنسخ، ولعل الصواب:"يتعلّق بالتمييز".
(2)
انظر: التسهيل (ص 156)، شرح التسهيل لابن مالك (3/ 236)، شرح المفصل (4/ 140)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 510)، النحو الوافي (3/ 363، 400)، الموجز في قواعد اللغة العربية (ص 17).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 265، 266)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 53).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت بالرجوع إلى المصادر. وسيأتي نظيره بعد أسطر.
(6)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 164)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 390)، المقدمة الجزولية (ص 131)، شرح المفصل لابن يعيش (2/ 156 وما =
أشَدّ تعاهد".
[وكذلك](1) اختلف النحويون في [توجيه](2) قوله تعالى: {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَو أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200]؛ لأنّ "ذِكْرًا" منصُوبٌ، وهو [مِن](3) جنس ما قبله، ولو كان مِن غير جنسه لم يحتاجُوا إلى تكلّف التوجيه، وخرّج ذلك على خمسة أوْجُه، انظرها في موضعها. (4)
والجوابُ هُنا: أنّ الاعتبار باللفظ من غير تقدير، وأما التقدير فيصير الباب كُلّه واحدًا. ألا ترى أنّك لو قُلت:"زيدٌ أشَدّ قُوّة" لنَصبت، مع أنّ التقدير:"قُوّة زيد أشَدّ قوة"، فالنظر إنّما [هُو](5) إلى اللفظ لا إلى المقَدّر. (6)
إذا ثبت ذلك: فقال الجوهري: "تعهّدتُ فُلانًا"، و"تعَهّدتُ ضيعتي" أفصَح من قولك:"تعاهَدت"؛ لأنّ "التعاهُد" إنها يكُون من اثنين. (7)
قوله: "وفي لفظ لمسلم": تقَدّم مثله قريبًا.
قوله: "ركعتا الفجر خَير": مُبتدأ وخَبر.
= بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 116).
(1)
غير واضحة بالأصل، فقد تُقرأ:"ولذلك".
(2)
بالنسخ: "توجه".
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 164)، البحر المحيط (2/ 307 وما بعدها)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 99)، شواهد التوضيح والتصحيح (ص 110، 111)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 702).
(5)
لعل بعدها بالأصل: "هنا".
(6)
انظر: البحر المحيط (2/ 87، 88)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 164)، شرح الأشموني (2/ 300)، توضيح المقاصد (2/ 933).
(7)
انظر: الصحاح (2/ 516).