المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب سُجود السّهو ‌ ‌الحديث الأوّل: [103] : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي - العدة في إعراب العمدة - جـ ١

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة ابن فرحون

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته:

- ‌نشأته وتعلّمه:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌نبذة من ترجمه الإمام ابن قدامة

- ‌وصف النسختين الخطيتين

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخه الثانية:

- ‌منهجُ العَمل في الكِتَاب

- ‌كتابُ الطَّهَارة

- ‌الحديثُ الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني

- ‌الحديث الثّالث

- ‌الحديث الرّابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحدِيث السّابع:

- ‌الحديث الثّامِن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌باب الاستطابه

- ‌الحدِيث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني

- ‌الحدِيث الثّالِث

- ‌الحدِيث الرّابع

- ‌الحديث الخامِس

- ‌الحديث السّادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌[الحديث الأوّل]

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب في المَذْي وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديثُ الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن:

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأوَّل

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصّلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السَّابع:

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العَاشِر:

- ‌بَاب فَضْل الجماعَة ووجُوبها

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس:

- ‌باب الأذان

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرّابع

- ‌مسألة:

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الصفوف

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني [والثّالث] (4):

- ‌الحديث [الخامس] (1)

- ‌الحديث [السّادس والسّابع] (3):

- ‌باب صفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌فائدة:

- ‌باب الطُّمأنينة في الرّكُوع والسُّجُود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌فائدة:

- ‌بابُ ترك الجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب سُجود السّهو

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌بابُ المرور بين يدي المصَلّي

- ‌الحديث الأوّل

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

الفصل: ‌ ‌باب سُجود السّهو ‌ ‌الحديث الأوّل: [103] : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي

‌باب سُجود السّهو

‌الحديث الأوّل:

[103]

: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ:"صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلاتَيْ الْعَشِيِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَسَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْن، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِد، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِد، فَقَالُوا: أُقصرَتِ الصَّلاةُ؟ - وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - فَهَابَاه أَنْ يُكَلِّمَاهُ. وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَنَسِيتَ، أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةٌ؟ قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ. فَقَالَ: أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَو أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، [ثُمّ كَبّر]، (1) وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَو أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَنُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ"(2).

قوله: "عن أبي هريرة": يحتمل أن يكُون بدَلًا من "عن محمَّد بن سيرين"، أو تقدّر:"رُوي عن ابن سيرين أنَّه رَوى".

وباختلاف التقديرين يختلف محلّ "قَالَ: صَلّى بنا"؛ فعلى الأوّل يكون محلّه رفعًا، وعلى الثّاني يكون محلّه نصبًا.

وقوله: "بنا" يتعلّق بـ"صلّى"؛ لأنه بمعنى: "أمّ بهم".

وجاء "صلَّى" متعدّيًا بـ"اللام"، نحو:"لأُصَلِّي لَكُم"، و"صَلَّى لَنَا"(3). وجاء

(1) سقط من النسخ. والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

رواه البخاري (482) في الصلاة، ومسلم (573) في المساجد.

(3)

اللفظان بعض حديث صحيح رواه البخاري برقم (380)، من حديث أنس بن مالك، "أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ

".

ص: 593

بـ"الباء"، وهي "باء"[التعدية](1). وتقدّم الكَلام على "صلَّى" وتعدِّيها في الحديث الخامس من "فضل الجماعة".

و"إحْدَى": مفعول "صلَّى"، [على](2) تضمينه معنى "قضَى" و "أدَّى"؛ لأنّه لازم، [فلا](3) يتعدّى إلا إلى مصدره أو ظرفه.

وقد يُقال: إنّه إنّما [تعدّى إلى](4)"إحدى"؛ لأنها مضافة إلى مصدره، أو لأنّها عَدَده. و"إحْدَى" تأنيث:"أحَد".

قوله: "قال ابن سيرين": فعل وفاعل، ومُضاف إليه.

و"سيرين" مُعرَب بالحركات، غير مُنصرف للعَلَمية والعُجمة، وليس هو كـ"ثيرين" ولا "سنين".

قال ابنُ قُتيبة في كتاب "المعارف": محمَّد بن سيرين، كان سيرين عبدًا لأنس بن مالك، كاتَبَهُ على عشرين ألْفًا، فأدَّى الكتابة، وأمُّه صفيَّة مولاة أبي بكر رضي الله عنه. (5)

قوله: "قال ابن سيرين: وسمّاها أبو هريرة، ولكن نسيتُ أنا": هذه الجملة كلها مُعترضة بين قول أبي هريرة.

ففاعل "قال" الثانية: "ابنُ سيرين"، وفاعل "قال" الثّالثة:"أبو هريرة"، وهي مُؤكّدة للأولى حتى تتصل حكاية "أبي هُريرة".

قوله: "ولكن": تقدَّم الكلام عليها في الحديث الأوّل من "باب الحيض"،

(1) غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب). والمثبت بالرجوع للمصادر. انظر: شرح المشكاة للطيبي (4/ 1132)، إرشاد الساري (9/ 68)، عقود الزبرجد (1/ 94).

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(4)

غير واضحة بالأصل.

(5)

انظر: المعارف لابن قتيبة (ص 442).

ص: 594

ومتى وَليها كلامٌ فهي حرفُ ابتداء لمجرّد إفادة الاستدراك، كما هي هنا.

و"أنا" تأكيدٌ لضَمير الفاعِل [في "نسيتُ"](1). ويجوز أن يكون "أنا"، مبتدأ، و"نسيتُ" خبر مُقدّم.

"قال: فصلى": فاعل "قال" ضمير "أبي هريرة".

وجملة "صلّى بنا ركعتين": تقدَّم الكلام عليها في الخامس من "فضل الجماعة". "ثمَّ سلَّم" معطوفٌ عليه. و"ثُمَّ"، لترتيب الأخبار؛ لأنَّ السّلام من [الصّلاة](2) داخلٌ في ماهيتها.

وإذا ضممت آخر كلام أبي هريرة إلى أوّله كان التقدير: "عن أبي هريرة قال: أراد الصّلاة بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شرع في الصّلاة بنا - فصلى بنا ركعتين". وإنما احتيج إلى ذلك؛ لأنَّ "الفاء" تقتضي التعقيب، فيكون صلاته للركعتين عقيب صلاته إحدَى صلاتي العشي.

قوله: "ثمَّ قام إلى خشبة": "إلى" هنا يتعلّق بحال، أي:"قام مستندًا إلى خشبة"، أو يتعلّق بـ"قام". و"معروضة" صفة لـ"خشبة".

و"في المسجد" يحتمل أن يتعلّق بـ"معروضة"؛ لأنّه اسم مفعول من: "عرضت العود". ويحتمل أن يتعلّق بصفة لـ"خشبة".

ويحتمل النصب في "معروضة" على الحال من "خشبة" وإن كانت نكرة (3)، ويكون "في المسجد" مُتعلّقًا بـ"معروضة"، أو بحال من الضمير فيها. ولا يتعلّق "في المسجد" بصفة لـ"خشبة" اللفصل بالحال بين الصّفة والموصُوف. ولا تنتصب

(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

انظر: شرح الأشموني (2/ 10 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (2/ 256).

ص: 595

"معروضة" على الحال من الضّمير الذي في "المسجد"؛ لأنَّ الحالَ لا يتقدّم على العَامِل المعنوي (1).

قوله: "فاتكأ عليها": أصله: "اوتكأ عليها"(2). والأصل في هذا وما هو مثله مما "فاء" الكلمة فيه "ياء" أو"واو" وبُني منه "افتعل"، فإنهما يُبدلان "ياء"، ويُدغمان في "تاء" الافتعال (3). وتقدّم في الثّالث من "الحيض".

قوله: "كأنه غضبان": في موضع الحال، أي:"مشبهًا".

و"غضبان" لا ينصرف؛ لأنه صفة، ومؤنثه "غَضْبَى"(4)، وتقدّمت في الحديث الثّاني من "الأذان".

قوله: "ووضَع يَده اليمنى على اليسرى": معطوفٌ على "اتكأ". و"شبَّك بين أصابعه" و"خرَجَت السّرعان" معطُوفات.

قال ابنُ الأثير: "السّرعان" من النَّاس: "مُقدّموهم" و"أوائلهم"(5)، بفتح "السّين" وضمها وكسرها.

قال الجوهري: ويلزم الإعراب نُونه في كُل وجْه. ويُقال: "سرعان ذا خروجًا"، أي:"سرع ذا خروجا"، نُقلت فتحة "العين" إلى "النون"؛ لأنه معدول من "سَرُعَ"؛ فبُنِيَ عليه. ويُقال:"لَسَرْعان ما صنعت كذا"، [أي:"ما أسرَع"] (6).

(1) انظر: الكافية في علم النحو (ص 24)، وشرح المفصل لابن يعيش (2/ 42)، وشرح ابن عقيل (2/ 27 وما بعدها).

(2)

انظر: الصّحاح (1/ 82)، لسان العرب (1/ 200، 201).

(3)

انظر: شرح شافية ابن الحاجب (2/ 732)، وهمع الهوامع (3/ 476).

(4)

انظر: التعليقة على كتاب سيبويه (3/ 40 وما بعدها)، وشرح التصريح على التوضيح (2/ 322).

(5)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 361).

(6)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

ص: 596

انتهى (1).

قوله: "من أبواب المسجد": يتعلّق بـ"خرَجَت".

قوله: "فقالوا: أقصرت الصّلاة؟ ": أي: "قال بعضهم لبعض لأجل ما رأوا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم و"الهمزة" للاستفهام.

قال في "الصّحاح": "قَصُرَ" بالضم "يقْصُر"، "قصْرًا"، خلافُ "الطُّول". و"قَصَرْتُ" من الصّلاة" بالفتح "أقصُر"، "قَصْرًا". و"قَصَرْت الشيء على كذا" إذا "لم يجاوز به إلى غيره" (2).

وجملة "أَقُصِرت؟ " معمول للقول، ويُروى:"قُصِرت الصّلَاة؟ "(3) بـ"همزة" مُقدّرة، كما قُدّرت في قوله تعالى:{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] أي: "أَوَتلك نعمة؟ "(4).

قوله: "وفي القوم أبو بكر": "أبو بكر" مبتدأ، وخبره مُتقدّم في المجرور، و"عمر" معطوفٌ عليه. والجملة معطوفة على ما قبلها، أو في موضع الحال.

قوله: "فهاباه": رُوي بإثبات المفعول وحذفه. فـ"أنْ يُكلّماه" بدَل من ضمير المفعول في "هاباه". و"أنْ" هي المصدرية الناصبة. وعلامة النّصب في "يكلماه": حذفُ "النون".

والجملة كُلّها في الحقيقة مُفسّرة لمعنى [قوله](5): "وفي القوم أبو بكر وعمر"

(1) انظر: الصحاح (3/ 1228).

(2)

انظر: الصحاح (2/ 794).

(3)

متفق عليه: البخاري (482)، ومسلم (573/ 97).

(4)

انظر: البحر المحيط (8/ 148)، تفسير القرطبي (13/ 59).

(5)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

ص: 597

لأنّه لو لم يُقل: "فهاباه" لقيل: فما منعهما وهما أقرَب من غيرهما [وأدلّ عليه](1) صلى الله عليه وسلم؟ (2).

قوله: "وفي القوم رجُلٌ في يديه طول": "رجل" مبتدأ، ومُسوّغ الابتداء بالنكرة تقدُّم الخبر في قوله:"في القَوم"، ومُسوّغٌ آخر، وهو وصفه بالجملة بعده، فـ"طولٌ" مبتدأٌ خبرُه في المجرور.

ويحتمل أن يرتفع "طُول" بالمجرور؛ لأنّه اعتمد على الصفة، والظّروف والمجرورات إذا اعتمدت على صفة أو حال أو صلة أو خبر عملت عند سيبويه (3).

قوله: "يقال له: ذو اليدين": يجري في إعراب "ذو اليدين" ما قيل في: {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60].

قال أبو حيان: في ارتفاع "إبراهيم" أقوال: -

أحدها: أنَّه خبر مبتدأ محذوف، أي:"هو إبراهيم"، وتكون الجملة المحكية بالقول في موضع نصب به.

الثاني: أنَّه مفعولٌ لم يُسمّ فاعله لـ "يُقال"، وهو من الإسناد للفظ لا لمدلوله، أي:"يُطلق عليه هَذا اللفظ". واختاره الزّمخشري وابن عطيّة.

وفيه خلاف ينبني على أنّ القول هل يعمَل في المفرَد المراد به مجرّد اللفظ، نحو:"قلت زيدًا"، فأجازه الزمخشري والزجاج وابن خروف وابن مالك بشرط أن لا يكُون مُنقطعًا من جملة، نحو قوله:

(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2)

انظر: إرشاد الساري (9/ 40).

(3)

انظر: اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 143)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (1/ 44 وما بعدها).

ص: 598

إِذَا ذُقْتُ فَاها قُلْتُ: طَعْمُ مُدَامَةٍ

........................ (1)

ولا مُفردًا معناه معنى الجملة، نحو:"قلتُ خُطبة"، ولا مصْدَرًا، نحو:"قُلتُ قولًا"، ولا صفة له، نحو:"قُلتُ حقًّا"، بل مجرّد اللفظ، نحو:"قُلتُ زيدًا".

ومن النّحويين مَن منَع ذلك. وهو الصّحيح؛ إذ لا يحفَظ من لسَانهم: "قال فُلانًا"، ولا:"قال ضرب"، ولا:"قال ليت".

وإنما يعمل في الجملة؛ لأنّه موضوع لحكايتها، [أو ما كان مُفردًا بمعناها، نحو: "قلتُ حقًّا"](2).

الثالث: للأعلم، أنَّه مرفُوع بالإهمال؛ لأنه لم يتقدّم عامل يُؤثر فيه، إذ لا يُؤثر القول إلَّا في مفرد مُضمَّن معنى الجملة، فبقي مُهمَلًا، والمهملُ إذا ضُمَّ إلى غيره ارتفع، كقولهم:"واحدٌ، [اثنان] (3) " إذا عَدُّوا ولم يُدخِلوا عَاملًا لفظيًّا ولا تقديرًا، وعَطَفوا بعضها على بعض (4). انتهى.

وفي قوله: "أقصرت الصلاة؟ " و"أصدق ذو اليدين؟ " ما يُؤذِن بأنّ الشّك في الفعل، لأنّه إذا دخَل الاستفهام على القول يكُون الشّك في الفعل المستفهَم عنه، وإن دخَل على الاسم - نحو:"أأنت فَعَلت"، "أأنت قُلت" - فإنّ الاستفهام عن فاعل الفعل المشكُوك فيه (5).

وجملة قوله: "يُقال له" في محلّ صفة لـ"رجل". و"ذو" من الأسماء الستة، تقدّم

(1) صدر بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس، وعجزه:"مُعَتَّثَةٍ ممَّا تجيءُ به التجر".

انظر: زهر الأكم في الأمثال والحكم (1/ 312)، المعجم المفصل (3/ 11).

(2)

كذا بالنسخ، والظاهر أنَّه تكرار، وليس هذا موضعه عن أبي حيان.

(3)

كذا بالنسخ. وفي البحر المحيط: "واثنان".

(4)

انظر: البحر المحيط (7/ 447).

(5)

انظر: مغني اللبيب (ص 26)، الجمل في النحو (ص 264).

ص: 599

القول عليها في الثالث من "باب استقبال القبلة"، وتقدّم تثنية "يد" وما يتعلّق بالمنقوص غير المقيس في الرّابع من أوّل الكتاب.

و"أمْ" من حروف العطف، وهي على قسمين: متصلة ومنقَطعة، وهي هنا المتصلة؛ لأنها جاءَت على شرطها من تقدَّم الاستفهام والسّؤال بـ "أيّ" والجواب بأحَد الشّيئين المستفْهَم عنهما، أو الأشياء.

وأمَّا المنقَطعة: فشرْطها وقُوع الجملَة بعدها، ويتقدّمها الاستفهام والخبر، وتقدّر بـ"بل" و"الهمزة"، وجَوابها:"لا" أو "نعم"(1).

قوله: "لَمْ أنْسَ، ولم تُقْصَر": الجملة محكيّة بالقَول، وجُزم "أنْسَ" بحذف "الألِف"، وجزم "تُقصَرْ" بالسّكون، وهو مبني لما لم يُسمّ فاعله.

ولما كانت "أمْ" هنا المتصلة لم يحسُن في الجواب "لا" أو "نعم"، إنما نفى جملة المسئول عنه بناءً على ظنّه، أو بمعنى أنّ جملة ذلك لم يكُن، بل كان بعضه، ورُوي:"كُلُّ ذَلِك لَم يَكُن"(2)، فأدْخَل في خبر "كُل" ما يقتضى السّلب عن كُلّ فرد.

قال ابن هشام: قال البيانيون: إذا وقعت "كُلّ" في حيِّز النفي كان النّفي موجَّها للشّمول خاصة، وأفاد بمفهومه ثبات الفعل لبعض الأفراد، كقوله:"ما جاء كُلّ القوم"، و"لم آخذ كُلّ الدراهم". ومنه:

مَا كُلُّ مَا يتَمنَّى المرَءُ يُدْرِكُهُ

........................ (3)

وإن وقع النفي في حيِّز "كُلّ" اقتضى السّلب عن كُلّ فرد، كما تقدَّم من قوله

(1) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (3/ 359، وما بعدها)، والجنى الداني في حروف المعاني للمرادي (ص/ 205، وما بعدها).

(2)

صحيحٌ: مسلم (573/ 99).

(3)

صدر بيت من البسيط، وهو للمتنبي، وعجزه:"تأتي الرِّياحُ بما لا تَشتَهي السُّفُنُ".

انظر: شرح ديوان المتنبي للعكبري (1/ 63)، المعجم المفصل (8/ 118).

ص: 600

"كُلّ ذلك لم يكُن"(1).

قوله: "أَكَما يقول ذو اليدين؟ ": "الهمزة" هنا للاستفهام، وهي داخلة على مبتدأ محذوف، أي:"آلأمر كما يقول؟ "، فـ "الكاف" بمعنى"مثل". و"ما" هي موصولة بمعنى "الذي"، والعائد محذوف، أي:"مثل ما يقوله"، إن جعلت "الكاف" اسمًا. وإن جعلتها حرف جرٍّ، فالخبر مُقدّر، أي:"كائن كما يقول"، فتتعلّق "الكاف" به.

وقال ابن عصفور في "شرح الجمل": لا تتعلّق "الكاف" بشيء. قال: وكذا الحروف الزائدة، و"لولا" الجارّة (2).

وقال ابن عطيّة في مثل هذا: الخبر "الكاف"، وهي على هذا اسم، كما في قول الأعشى:

أَتَنتَهُونَ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ

كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ (3)

قالوا: يتعيّن في البيت أن يكون الفاعل "الكاف"، ولا يجوز أن يُقدَّر:"أتنتهون ولا يُنهى بشيء كالطعن"؛ لأنّ الفاعل لا يجوز حذفه عند جمهور البصريين، وجوّز الأخفش حذفه (4).

قوله: "فقالوا: نَعم": تقدّم الكلام على "نَعَم" في الرابع من "الجنابة".

قوله: "فتقدّم": جملة من فعل وفاعل، فاعلها ضمير "النبي صلى الله عليه وسلم". وجملة "فصلى" معطُوفة عليه. و"ما" موصولة مفعول "صلى" على السّعة، أو مصدَرية، أي:"صلى صلاته". و"ترك" صلةُ"ما"، والعائدُ محذوف، أي:"الذي تركه". "ثم سلم"،

(1) انظر: مغني اللبيب (ص/ 365).

(2)

انظر: شرح جمل الزجاجي (1/ 479 وما بعدها)، الهمع (2/ 278).

(3)

البيت من البسيط، وهو للأعشى. انظر: خزانة الأدب للبغدادي (9/ 454)، المعجم المفصل (6/ 192).

(4)

انظر: تفسير ابن عطية (1/ 99).

ص: 601

"ثم كبر"، "فسجد" كُلّها معطوفات.

قوله: "مثل سُجُوده": نعت لمصدر محذوف، أي:"سجد سجودًا مثل سجوده". أو حال، أي:"سجد السّجود في حال كونه مثل سجوده"، فهو حال من المصدر بعد إضماره. واختير هذا؛ لأنّ في الأوّل حذف الموصُوف في غير المواضع المستثناة، وقد تقدّم ذكر ما استثنى من ذلك في الثّامن من "باب صفة الصلاة"، وفي الثّاني من "باب التيمم".

قوله: "أو أطول": شكّ من الرّاوي.

و"الهاء"(1) راجعة إلى "النبي"، أي:"مثل سُجُود النبي صلى الله عليه وسلم في الصّلاة أو أطْوَل".

قوله في الثّانية: "مثل سُجُوده": يحتمل أنْ يُريد: "مثل سُجوده في السّجدة الأولى من سُجود السّهو"، ويحتمل أنْ يُريد:"مثل سُجوده في صلاته".

والكَلام على "أفعَل التفضيل" تقدّم في الأوّل من "الصّلاة". وقد استُعمل هنا بـ "من" مُقدّرة.

قوله: "فربّما سألوه": "رُبَّ" حرفُ تقليل عند الأكثرين، والكوفيون ادَّعوا اسميتها، ويجب تصديرها - فلا يُقال:"جاءني رُبّ رَجُل" - وتنكيرُ مجرورِها، ونعتُه إن كان ظاهرًا إمَّا باسم أو فعل أو بظرف أو جملة. ولا يجوز أن تقول:"رُبَّ رجُل" وتسكت، حتى تقول:"رُبّ رجل صالح"، أو "رُبّ رجل يقول"، أو "رُبّ رجل عندك"، أو "رُبّ رجل أبوه عالم".

ومن أحكامها: أنها تأتي لما مضى، وللحال دون الاستقبال، تقول:"رُبّ رجل قام"، و"يقوم"، ولا تقول:"رُبّ رجل سيقوم"، و"ليقومن غدًا"، إلا أن تريد: "رُبّ رجل

(1) أي: في قوله: "سجوده".

ص: 602

يوصف بهذا"، كما تقول: "رُبّ رجُل مسيء اليوم محسن غدًا، أي:"يُوصَف بهذا".

ومن أحكامها: أنها تدخُل على المضمر قبل الذّكْر على شريطة التفسير، وينصب ما بعد ذلك المضمر على التفسير، كقولهم:"رُبَّهُ رجلًا جاءني"، وهذا الضّمير عند البصريين لا يُثنى ولا يُجمع؛ لأنّه ضمير مُبهَم مجهُول.

ومن أحكامها: أنها توصَل [بـ"ما"](1)، فيبطل عملها، ويُستأنف الكلام بعدها. قالوا: ويجوز: "رُبَّ رجُل وأخيه مُنطلقين"، ولا تقول:"رب رجل وزيد منطلقين"، وإنما جَاز في الأوّل لأنّ "وأخيه" يُقدّر نكرة بِينَّةِ الانفصال، أي:"وأخ له"(2).

وتنفرد "رُبَّ" بغَلَبة حذْف مُتعلَّقها، نحو:"رُبّ رجُل لقيته أكرمني"، فيحذفون "أكرمني" في كثير من الكلام، وشرطه أن يكُون ماضيًا.

ومن أحكامها: إعمالها محذُوفة بعد "الفاء" و"الواو" و"بل"، نحو:

فمثلك حبلى قد طرقت

....................... (3)

وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ

.............................. (4)

بَلْ [بَلَدٍ](5) ذِي صُعُدٍ وَآكَام (6)

(1) بالأصل: "بها"، والمثبت من (ب).

(2)

انظر: الكتاب لسيبويه (2/ 54، 55)، شرح التسهيل (3/ 175 وما بعدها)، الأصول في النحو لابن السراج (1/ 416 وما بعدها).

(3)

صدر بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس، وبقيته: "ومُرضِعا

فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تمَائِمَ مُغْيَلِ". انظر: تفسير القرطبي (20/ 2)، المعجم المفصل (6/ 583).

(4)

صدر بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس، وبقيته: "أَرْخَى سُدُولَهُ

علَيَّ بأَنْواعِ الهُمُومِ لِيَبْتَلِي". انظر: زهر الأكم (2/ 174)، المعجم المفصل (6/ 463).

(5)

سقط بالنسخ. والمثبت من المصادر.

(6)

الرجز لرؤبة بن العجاج. ويُروى فيه: "وأصباب". انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (1/ 122)، مفتاح العلوم للسكاكي (ص 100)، خزانة الأدب (10/ 32 =

ص: 603

ومحلّ مجرورها في قولك: "ربّ رجل صالح عندي" رفع على الابتداء، لأنّ التقدير:"رجل صالح عندي". ومحلّه في نحو: "رب صالح لقيته" رفعٌ أو نصبٌ، كما في قولك:"هذا لقيته"، فالرّفع على الابتداء، والخبر:"لقيته"، والنّصب على إضمار فعل، أي:"لقيتُ رجُلًا صالحًا لقيته"، فتكُون الجملة مفسِّرة.

قال ابنُ هشام: وزَعَم الزّجّاج وموافقوه أنّ مجرورها لا يكون إلّا في محلّ نصب. قال: والصّواب ما قدّمناه (1).

وفي "رُبَّ" ستة عشر لُغة: ضم "الراء" وفتحها، وكِلاهما مع التشديد، ومع التخفيف، والأوْجُه الأربعة مع "التاء" ساكنة أو متحرّكة، ومع التجرد منها، فهذه اثنا عشر، والضّم والفتح مع إسكان "الباء"، وضمّ الحرفين مع التشديد ومع التخفيف ومع التجرّد منهما (2).

و"ربَّ" هنا موصولة بـ "ما"؛ فلذلك لا عَمَل لها، والكَلامُ بعدها مُستأنَف.

قوله: "ثُم سَلّم": يحتمل أن يكون المعنى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما كَمل السّجدتين، لم يذْكُر الرّاوي سَلامه من سَجْدتي السّهو؛ فقال الرّاوي، وهو ابنُ سيرين:"فرُبّما سألُوه"، يعنى "سألوا أبا هريرة"، بمعنى أنه لم يتحقّق سُؤال أصحاب أبي هريرة لأبي هُريرة قبل أنْ يخبر أبو هُريرة بسَلام النبي، فأتى بـ "رُبّ" بمعنى تقليل ذلك عنده.

= 33)، مغني اللبيب (ص 182)، ولسان العرب (7/ 511)، المعجم المفصل (9/ 26).

(1)

انظر: مغني اللبيب (ص/ 182).

(2)

انظر للاستزادة من أحكام (رب) ومسائلها: تفسير القرطبي (10/ 2)، والكتاب لسيبويه (2/ 54، 55)، مغني اللبيب (ص/179 - 184)، وشرح المفصل (4/ 481 وما بعدها)، الصّحاح (1/ 132، 131)، والكافية لابن الحاجب (ص/ 51)، وشرح التسهيل (3/ 186)، شرح الأشموني (2/ 104 وما بعدها).

ص: 604