الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك قالوا: يجري في جمع المذَكّر السّالم كُله هذه اللغة. (1)
الحديث الثالث
[43]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَت:"كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلانَا جُنُبٌ"(2).
"وَكَانَ يَأمُرُنِي فَأتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ"(3).
"وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ"(4).
قولُه: "أغتسل": جملة في محلّ خبر "كان"، و"كان" مع اسمها وخبرها مفعول بالقول، والقولُ معمول للفعل المقدَّر الذي يتعلّق به حرف الجر.
و"أنا": تأكيدٌ لضمير الفاعل في "أغتسل"، مُصَحِّح للعَطف. (5)
ويجوزُ النصبُ في "رسُول الله" بواو "مع". (6)
(1) انظر: الجمل في النحو (ص 243)، شرح الكافية الشافية (1/ 194 وما بعدها)، أوضح المسالك إِلَى ألفية ابن مالك (1/ 77، 80)، شرح التصريح (1/ 75)، ضرائر الشِّعْر (ص 219)، شرح التسهيل (1/ 85)، دليل الطالبين لكلام النحويين (ص 24)، خزانة الأدب (8/ 75، 76)، المخصص (5/ 197)، جامع الدروس العربية (2/ 230).
(2)
رواه البخاري (299) في الحيض، ومسلم (321) في الحيض.
(3)
رواه البخاري (300) في الحيض، ومسلم (293) في الحيض.
(4)
رواه البخاري (301) في الحيض، ومسلم (2979)(8) في الحيض.
(5)
انظر: فتح الباري (1/ 363)، عمدة القاري (3/ 190، 196)، إرشاد الساري (1/ 328)، تحفة الأحوذي (1/ 164)، شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (3/ 812).
(6)
انظر: فتح الباري (1/ 363)، إرشاد الساري (1/ 328)، عقود الزبرجد (3/ 208)، مرقاة المفاتيح (7/ 2831)، علل النحو (ص 320).
وتقَدّم أنّ جملة "رضي الله عنها"، وجملة "صلى الله عليه وسلم" مُعترضتان، لا محلّ لهما من الإعراب، وقد تقدّم عَدّ الجمَل التي لا محلّ لها في الحديث الأوّل.
وأجَاز الكُوفيّون العطْفَ على الضّمير المرفُوع بغير تأكيدٍ وَلَا فصْل. (1) وتقَدّم الكَلامُ على العَطْف على الضمير المرفُوع في الثاني من "الجنابة".
قولُه: "من إناءٍ واحد": يتعلّق بـ "أغتسل"، و "واحد" صفة لـ"إناء".
قولُه: "كِلانا جُنُب": مُبتدأ وخَبر، وعَلامةُ الرفْع في "كلانا" الألف؛ لأنه محمُولٌ على المثنّى، وليس بمُثنى عند الأكثرين؛ وكذلك "اثنان"، محمولٌ على المثنى، وليس بمُثنى عند الأكثرين.
وإنَّما أعرب "كِلا" إِذَا أُضيف إِلَى مُضْمَر إعْرابَ المثنى؛ لأنّ المضمَر المجرور مُتصل بما قبله، وصَار "كلا" مع ما أضيف إليه بمنزلة الكلمة الواحدة؛ فأشبه المثنى.
وأمَّا إِذَا أُضيف إِلَى مُظْهَر - نحو: "كِلا الرجلين" - فالمضَافُ إليه مُنفَصلٌ عما قبله، فلا يكُون "كِلا" مع ما بعده كَلمة واحدة.
و"كِلا" في نفْسه مُفْرَد، وإنْ كَان في المعنى مُثنىً؛ فليس مُشَابهته للمُثنى كمُشَابهة المضَاف إِلَى المضْمَر.
ومن الدّليل على أنَّ "كِلا" مُفْرَد: قولُه تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33]، ولم يقل:"آتتا"، وبقوله:
(1) انظر: البحر المحيط (10/ 10)، إرشاد الساري (1/ 328)، عقود الزبرجد (3/ 179، 180)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 388 وما بعدها)، الأصول في النحو (1/ 336)، علل النحو (ص 320)، توضيح المقاصد (2/ 665)، شرح ابن عُقيل (3/ 239)، أوضح المسالك (3/ 350 وما بعدها)، المدارس النحوية (ص 50).
كِلانا يا يزيدُ يُحِبُّ لَيْلَى
…
بِفيَّ وفيكَ مِنْ لَيْلى التُّرَابُ (1)
فقال: "يُحبّ"، ولم يقُل:"يحبان".
وقيل: لها مُفْرَد. واختُلف فيه؟ فقيل: "كِلا" و"كِلْتا" مثله، إلَّا أنّ [تاءه](2) عند البصريين - غير الجرمي - بَدَل من "واو"؛ فأصله "كِلْوَا"(3)، وألِفه للتأنيث. وزائدة (4) عند الجرمي، وألِفه مُنقلبة عن "واو"، ووزنها (5) عنده:"فِعْتَل". وقيل غير ذلك. (6)
(1) البيتُ من الوافر، وهو لمزاحم العقيلي. وهو في "مجمع الأمثال": "كلانا يا معاذُ نحبُّ لَيْلى
…
بِفيّ وفيك من ليلى الترابُ". وفي "الفتح على أَبِي الفتح": "كلانا يا أخي بحي ليلى
…
بفيّ وفيك من ليلى التراب". انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 362)، مجمع الأمثال للميداني (1/ 96)، الفتح على أَبِي الفتح، لابن فُورَّجَة البروجردي (المتوفى نحو 455 هـ)، ط العراق، (ص 215)، المعجَم المفصّل (1/ 154).
(2)
بالنسخ: "تاءه". وانظر: ليس في كلام العرب لابن خالويه (ص 142).
(3)
فوزنها: "فِعلى". وانظر: المدارس النحوية (ص 115).
(4)
أي: التاء.
(5)
أي: "كلتا".
(6)
انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 359 وما بعدها)، أسرار العربية (ص 208 وما بعدها)، الصحاح (6/ 2477)، سر صناعة الإعراب (1/ 162)، علل النحو (ص 389 وما بعدها)، درة الغوّاص (ص 122، 123)، ليس في كلام العرب (ص 142، 143)، إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 454 وما بعدها)، أمالي ابن الحاجب (2/ 814)، نتائج الفكر (ص 220 وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 398 وما بعدها)، (2/ 338)، اللمحة (2/ 713، 714)، مغني اللبيب (ص 268 وما بعدها)، شرح الأشموني (1/ 56، 57)، شرح التسهيل (1/ 67 وما بعدها)، (3/ 245)، توضيح المقاصد (3/ 1462)، شرح المفصل (1/ 158 وما بعدها)، (2/ 314)، (3/ 468)، جامع الدروس العربية (2/ 227 وما بعدها).
ومن المصادر يتبين أنّ مذهب الكوفيون في "كلا" و"كلتا" أنّ فيهما تثنية لفظية =
وجاء هُنا في الحديث: "كِلانا جُنب": لفظُ "الجنب" في الإفراد والتثنية والجمع لفظ واحد، وجاء تثنيته وجمعه. وَلَا يكونُ فيه دَليلٌ على إفراد "كِلا"؛ لأنه مَصْدَر (1).
وقد تقَدّم في الحديث الخامس من أوّل الكتاب.
قولُه: "وكان يأمُرني فَأَتَّزِرُ": يُقَال: "أزّرته، فاتّزر"، و"تأزّر إزْرَةً حَسَنَة"، ومنه في الحديثِ:"إِزْرَةُ (2) الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ"(3)، مثل "الجِلْسَة".
و"الإزارُ" مَعْرُوفٌ، ويُذَكّر ويُؤَنّث، وجمعُه:"أُزُر" في الكثرة، و " [آزِرَة] (4) " في القِلّة، مثل:"حمار، وأحمرة، وحُمُر".
وأصْلُ الفعل: " [ائتزر] (5) "، قُلبت "الهمزةُ" الثّانية "تَاءً" وأُدْغِمَت في "التاء"، كما أُدغِمَت في "اتَّسَرَ، و"اتّزَر" و"اتّعَد". (6)
= ومعنوية، وأصل "كلا":"كل"، فخفّفت "اللام"، وزيدت "الألف" للتثنية، وزيدت "التاء" في "كلتا" للتأنيث، والألف فيهما كالألف في "الزيدان"، و"العمران"، ولزم حذف نون التثنية منهما للزومهما الإضافة. بينما ذهب البصريون إِلَى أنّ فيهما إفرادًا لفظيًّا وتثنية معنوية، والألف فيهما كالألف في "عصًا"، و"رحًا". وهو الصواب.
(1)
انظر: البحر المحيط لأبي حيَّان (3/ 650، 651)، عقود الزبرجد (1/ 461)، المصباح المنير (1/ 111).
(2)
الإِزرة، بالكسر: الحالة، وهيئة الائْتِزَارِ. انظر: لسان العرب (4/ 17).
(3)
صحيحٌ: رواه النسائي في "السنن الكبرى"(9629، 9632) من حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيد الخدري، ورواه ابن ماجة في سننه (3573)، وأحمد في "المسند"(3/ 6/ برقم 11042)، من حَدِيث أَبِي سَعِيد. وصحّحه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزياداته"(1/ 220/ برقم 919).
(4)
بالنسخ: "أأْزِرَة". والمثبت من المصادر. وفي "المحكم والمحيط الأعظم"(9/ 75): "والجمعُ: آزِرَةٌ، وأُزُرٌ حجازية، وأُزْرٌ تميمية".
(5)
بالنسخ: "اتّزر".
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 317، 318)، الإعلام لابن الملقن (6/ 50)، الكتاب =
[وإنْ كان أصله " [اوتزر](1)، و [ايتسر"] (2)؛ قال جمالُ الدّين بن مالك: ما كَان على وَزْن "افتعل" مِمَّا فاؤه "واو" أو "ياء"، فإبدَالُ فائه "تاء" لازمٌ في اللغة المشْهُورة، نحو:"اتّصل يتصل" و "اتّسر يتسر"، فـ "التاءُ" الأولى (3) بَدَلٌ من "واو"، وفي "اتّسر" بَدَلٌ مِن "ياء".
وإن [كانت](4)"فاءُ" ما وَزْنه "افتعل" همزة: أُبدلت "يَاءً" بعد هَمْزة الوَصْل، مَبْدُوءًا بها، نحو:"ايتمر" و" [ايتمار] (5) "، وألِفًا بعد "همزة" المتكلِّم، نحو:" [آتمر] (6) "، وسَلِمَت فيما سوى ذلك، نحو:"يأتمر، [ائتمارًا] (7)، فهو مُؤْتمِر".
= لسيبويه (3/ 601)، شرح المفصل (5/ 279)، شرح التصريف للثمانيني (ص 353، 354)، شرح الأشموني (4/ 99)، سهم الألحاظ في وهم الألفاظ لابن الحنبلي (ص 41)، الصحاح (2/ 578)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 75)، المصباح المنير (1/ 13)، لسان العرب (4/ 16 وما بعدها)، النظم المستعذب (بالمقدمة ص 28، 1/ 72)، القاموس المحيط (ص 343)، تاج العروس (10/ 44)، جامع الدروس العربية (2/ 123، 124).
(1)
كذا بالنسخ. وقد وجدته في بعض المصادر: "ايتزر".
(2)
هذه الجملة قد تكون مُتعلّقة ومُتصلة بالفقرة السابقة.
(3)
أي: في "اوتزر".
(4)
بالنسخ: "كان". والمثبت من "شواهد التوضيح"(ص 238).
(5)
بالنسخ: "ايتمن". والمثبت من "شواهد التوضيح"(ص 238).
(6)
بالنسخ: "أاتمر". والمثبت من "شواهد التوضيح"(ص 238).
(7)
كذا بالنسخ، وهو ما في "عقود الزبرجد"(3/ 205). وليست في "شواهد التوضيح"(ص 238)، وذكر محققه بالهامش أنّ الموجود في نُسَخِه:(يأتمر ائتمارًا فهو مؤتمر)، وأنَّ كلمة "ائتمارا" هنا زائدة؛ لأنَّها على وزن "افتعل"، والهمزة لا تسلم فيها، وأنّ المؤلف قد ذكر اللفظة قبل سطر فيما تبدل فيه الهمزة ياء، وأنه - أي: المحقّق - لذلك حذفها من المتن.
وقد شُبّه هذا [النوع](1) بما فاؤه "واو" أو "يَاء"؛ فتجيء [بها](2) مُشَدّدة قبل "العَين"، لكنّه مقْصُورٌ على السّماع، كـ " [اتّزر] (3) " و"اتّكل"(4). وسيأتي جملة من القَول على ذلك في الثّاني عشر من "باب الجنائز" عند الكَلام على "اتخذ".
قولُه: "فَأتَّزر": فِعْل مُضَارع، مرفُوعٌ بالعَطْف على "يأمُرني"، وكذلك:"فيُباشرني". ويجوز فيهما النصب، بتقدير فِعْل الأمر، أي:"يقول: اتّزري؛ فآتّزر"، كما قيل في قولِه تعالى:{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31]، قيل: التقدير: "قُل لعبادي: أقيموا؛ يُقيموا"، والمعنى هنا:"اتّزري، فآتَزر". وقد اعُترض على هذا؛ فليُنظَر في موضعه. (5)
وجملة قولُه: "وأنا حَائض": في محلّ الحال من ضَمير المفعُول في "يُباشرني"، ويحتمل أن تكُون الحال من ضَمير الفَاعِل.
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "الثوب". والمثبت من "شواهد التوضيح"(ص 238).
(2)
كذا بالنسخ. وفي "شواهد التوضيح"(ص 238): "بتاء".
(3)
بالنسخ: "ايتزر". والمثبت من "شواهد التوضيح"(ص 239).
(4)
انظر: شواهد التوضيح (ص 238، 239)، عقود الزبرجد (3/ 205).
وراجع: البحر المحيط (1/ 317، 318)، شرح التصريف للثمانيني (ص 353، 354)، المفصل لابن يعيش (ص 524)، شرح شافية ابن الحاجب للرضي (3/ 83)، شرح شافية ابن الحاجب للركن (2/ 870، 732)، توضيح المقاصد والمسالك (18/ 163 وما بعدها)، شرح الأشموني (4/ 99، 133، 134)، شرح التصريح (2/ 736 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (2/ 123، 124).
(5)
انظر: البحر المحيط (6/ 437، 438)، (7/ 66)، عقود الزبرجد (2/ 229)، المقتضب (2/ 84)، شرح الكافية الشافية (3/ 1569)، الجنى الداني (ص 113)، مغني اللبيب (ص 840)، أمالي ابن الحاجب (1/ 235)، شرح التصريح (2/ 704)، شرح الأشموني (4/ 99)، علل النحو (ص 299)، الهمع (2/ 539).