الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومتعلّق "عن" في الأحاديث قبله، و "باب" في "باب الاستطابة"، ونظير "أبو هريرة" من المركّبات في الثالث من أول الكتاب.
[وتقدّم](1) أنّ جملتي "صلى الله عليه وسلم" و "رضي الله عنه" لا محلّ لهما من الإعراب.
والتقدير في "عن" الثانية [مخالفٌ](2) للتقدير في الأولى، كما تبين مرارًا أنّ التقدير:"رُوي عن أبي هريرة أنه رَوى عن النبي صلى الله عليه وسلم".
الحديث الثاني:
[18]
: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك"(3).
قوله: "إذا قام من الليل": "إذا" ظرف زمان مستقبل، وغلب مجيئها شرطًا، وهي لما تيقن أو رجح وجوده. ولا يُجزم بها إلا في الشّعر، خلافًا [للكوفيين](4). (5)
وتجيء للمفاجأة ظرف زمَان، خلافًا للمبرد، فإنها عنده ظرف مكان.
وذهب الكوفيون إلى أنها حَرْف (6).
والعَاملُ فيها جوابها، عند الجمهور.
(1) بالنسخ: "وتقول".
(2)
في النسخ: "مخالفًا".
(3)
رواه البخاري (1136) في التهجد، ومسلم رقم (255) في الطهارة.
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: علل النحو (233)، وشرح المفصل (3/ 121)، وشرح التسهيل (2/ 210)، ومغني اللبيب (ص 120).
(6)
انظر: الهمع (2/ 179)، وشرح الكافية الشافية (3/ 1593).
واعترض بأنه يجوز: "إذا قمت فعمرو قائم"، ولا يصح هنا أن يعمل فيها جوابها؛ لأنّ ما بعد "الفاء" لا يعمل فيما قبلها، وبوقوع "إذا" المفاجأة جوابًا لها، قال:{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [يونس: 21]، ولا يعمل ما بعد "إذا" المفاجأة فيما قبلها.
وقيل: العاملُ فيها ما يليها، وهذا يجري على القول بأنّ فعلها في محلّ جزم بها، أما إن كَان في محلّ جر فلا يعمل (1)، وقد تقدّم القول على ذلك في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.
وتحتمل "إذا" هنا أن تكون لا شرط فيها؛ فلا تحتاج إلى جواب.
ومتى جعلناها شرطية كان الجواب محذوفًا، ويكون "يشوص" دليلًا عليه، أي:"إذا [بلغ] (2) من الليل يفعل ذلك".
وقريبٌ من هذا التركيب قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35]، فقيل:"يستكبرون" اسم "إن"، و "كانوا" مُلغاة لا عمل لها. وقيل:"يستكبرون" خبر "كان"، والجملة من "كان" مع اسمها وخبرها خبر "إن"، وجوابُ "إذا" محذوف يدلّ عليه ما قبله (3).
و"من" في قوله: "من الليل" لابتداء الغاية.
وقوله: "فاه": "الفم"، له حالتان: -
إحداهما: أن يكون مفردًا؛ فيجب أن يكون بـ "الميم"، تقول:"هذا فم"،
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 105)، واللباب في علوم الكتاب (10/ 289)، والتبيان في إعراب القرآن (2/ 669).
(2)
كذا بالأصل. ولعلها: "قام".
(3)
انظر: البحر المحيط (9/ 79)، تفسير القرطبي (15/ 76)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 336).
و "رأيت فمًا"، و "مررت بفم".
وأصله: "فوه" بسكون "الواو"، بدليل قولهم:"أفواه"، ولكنهم حذفوا منه "اللام" -وهي "الهاء"- حذفًا على غير قياس، فصار:"فُوْيمْ"، ثم أبدلوا من "الواو" ميمًا، وأعربوه بالحركات، فإذا أضافوا رجعوا بعينه -وهي "الواو"- إلى أصلها، فقالوا:"هذا فوك"، وقلبوها ألِفًا في النصب و "ياء" في الجر، فقالوا:"رأيت فاك"، و "نظرت إلى فيك"(1).
ولا يجوز الجمع بين "الميم" والإضَافة إلا في ضرورة الشّعر، كقوله:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
يُصْبعُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهْ (2)
هذا قول جماعة، منهم أبو علي الفارسي (3).
وقال ابنُ مالك (4): لا يختص بالشعر، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ
…
" (5)، ولم يقُل: "فيّ الصّائم" (6).
(1) انظر: الأصول في النحو (3/ 273)، وشرح المفصل (2/ 216)، وشرح التصريف للثمانيني (ص 343)، وشرح المفصل (1/ 156).
(2)
هذا عجز بيت من الرجز لرؤبة، ونُسب لجرير. وصدر البيت:"كالحوت لا يكفيه شيءٌ يلهَمُهْ". انظر: خزانة الأدب (4/ 451)، وحماسة الخالدين (ص 41)، وجمهرة الأمثال للعسكري (1/ 251)، محاضرات الأدباء للراغب (1/ 732)، والمعجم المفصل (12/ 117).
(3)
انظر: الكتاب (3/ 412)، نتائج الفكر (ص 80)، وشرح المفصل (2/ 216، و 5/ 387)، وشرح التسهيل (1/ 49)، شرح التصريف للثمانيني (ص 411)، ليس في كلام العرب (ص 217)، وحاشية الصبان (1/ 109)، وخزانة الأدب (4/ 451).
(4)
انظر: شرح التسهيل (1/ 51)، خزانة الأدب (4/ 451).
(5)
متفقٌ عليه: البخاري (1894)، ومسلم (1151/ 163)، من حديث أبي هريرة.
(6)
انظر: شرح التسهيل (1/ 47، 49، 50)، (3/ 285).
وجرى في هذا الحديث على الأصل المشهور، فأضاف "الفم" إلى الضمير، فقال:"يشوص فاه". وسيأتي في الثّاني من "باب الأذان"، وفي الثاني من "الوصايا" ذكر ذلك.
وأما "فوَه" بتحريك "الواو" فهي: "سعة الفم"، تقول:"رجل أفوَه" و "امرأة فوهاء"(1).
وسيأتي القول على معاني "عن" في الثّالث من "باب الصفوف".
و"حُذيفة" لا ينصرف؛ [للعلمية](2) والتأنيث.
و"اليمان": يُروى بإثبات "الياء" وحذفها، والمحدثون على حذفها (3).
وتقدم أنّ جملتي "صلى الله عليه وسلم" و "رضي الله عنه" جملتا اعتراض لا محلّ [لهما](4).
و"قال" تقدّر معه "أنّ"؛ ليسوغ بناؤه للمفْعول الذي لم يُسَمّ فاعله.
(1) انظر: الصحاح (6/ 2244).
وراجع: سر صناعة الإعراب (2/ 91)، درة الغواص (1/ 81)، إصلاح المنطق (ص 260)، خزانة الأدب (4/ 494)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 397)، الممتع لابن عصفور (ص 518).
(2)
بالأصل: "والعلمية". والمثبت من (ب).
(3)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 344)، وأسد الغابة (1/ 468)، والاستيعاب لابن عبد البر (1/ 334).
(4)
بالنسخ: "لها".