الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل عندي أنَّ المرادَ من الحديث: "إِذَا حَضَر وَقْتُ العشَاء؛ فابدءوا بالعَشاء"، وَلَا يكونُ "العِشَاء" هو الأوَّل.
ويحتمل أنْ يكُون العُدولُ إِلَى الظّاهِر لتأكيد الأمْر بذلك. (1)
قولُه: "حَضر": استَعْمَل أهلُ اللغَة "حَضَر" بفتْح "الضَّاد"، "يحضُر"، بضَمّها في المستقبَل، و"حضِر" بكَسْر "الضّاد"، "يحضُر" بضَمّها؛ ولذلك يُقال:"حضر القاضي اليوم امرأة"، بفَتْح "الضَّاد" وكَسْرها. (2)
الحديث الثامن
[53]
: وَلِمُسْلِمٍ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ"(3).
قولُه: "ولمسْلم": تقدَّم في الحديثِ الخَامس مثله، فلا حَاجَة لإعادته.
و"اللامُ" في "لمسْلم" تُسمّى "لَام" النسبة، نحو قَوْلِك:"لزَيْد [عَمٌّ] (4) ".
= خلافًا للجبائي والفُقَهاء والمبرد". وعبارة ابن مالك في شواهد التوضيح (ص 176) هي: "
…
قول بعض العَرَب: أهلَك النّاس الدرهمُ البيض والدينار الحمر. فكما جاز أن يُوصَف بما يُوصَف به الجمع لمَا حَدَث فيه من العُموم كذلك يَجوز أنْ يُعاد إليه ضَمير كضَمير الجَمْع، فيُقال: الدينار بها هَلك كثيرٌ من النّاس؛ لأنه في تأويل الدنانير".
(1)
راجع: شرح المشكاة للطيبي (4/ 1129).
(2)
انظر: الصحاح (2/ 633)، مقاييس اللغة (2/ 77)، المقتضب (2/ 148)، المفصل (ص 247)، شرح التصريح (1/ 409)، كتاب الأفعال لابن القطاع (1/ 12، 213، 214)، تاج العروس (11/ 38)، شمس العُلوم (3/ 1489).
(3)
رواه مسلمٌ (560) في المساجد، ورواه أَبُو داود (89) في الطهارة.
(4)
بالنسخ: "عمرو". والمثبت من المصادر. وفي بعض المصادر: "لزيد عَم هُوَ لعَمْرو خَال". وانظر: البحر المحيط (1/ 33)، شرح التصريح (1/ 645)، الجنى الداني =
قولُه: "رسُول الله": مفعولُ "سَمعْتُ"، وقد تقدّم في الحديث الأوّل من الكتاب أنّ "سَمِع" إِذَا تَعلّق بالأصْوَات تعَدّى لمفعُول واحِدٍ، نحْو:"سَمِعْتُ كَلامَ زَيْد"، وإنْ تعَلّق بالذّوات تَعدَّى إِلَى مَفعُولين ثانيهما جُمْلَة فِعْليّة صَدْرها مُضَارع. فقوله:"يقُول": في محَلِّ المفْعُول الثّاني؛ لأنه تعلّق بالذَّوَات، هذا اختيارُ الفَارسيّ ومُوَافِقيه. واختارَ ابنُ مَالِك ومَنْ تَبعَه أنّ يَكُون في مَحلّ الحَال، إنْ كَان المتقدِّمُ مَعْرفة، كَمَا هُو هُنا، أو صفة إنْ كَان المتقدِّم نَكِرة. (1)
قولُه: " [لا] (2) صَلاة بحَضْرَةِ طَعَام": الجملةُ محكية للقَول، و"لا" نافية، و"صَلاة" اسمُ نكرة مبني مع "لا"، والخبر في المجرور [ق 48]. (3) وقد تَقَدَّم الكَلامُ على "لا" النَّافية مَع ما تَدخُل عليه مُسْتَوفىً في الأوّل من "بَاب الاستطابة"، وحُكْمها مع [اسمها](4) من "باب التيمّم".
وقوله: "بحَضْرَةِ طَعَام": مُتعَلِّقٌ بالخَبَر، أي:"كَامِلَة بحَضْرَةِ طَعَام"، أو يكُون التقديرُ:"لا صَلاة كَائنة بحَضْرَة طَعَام كَامِلة"، وَلَا بُدّ من تقْدير "كَامِلَة" إمّا حَالٌ من
= (ص 97)، همع الهوامع (2/ 452).
وانظر: البحر المحيط (1/ 33)، (6/ 607)، نُخَب الأفكار للعَيني (11/ 37)، شرح المشكاة للطيبي (9/ 2759)، شرح التسهيل (3/ 144 وما بعدها)، الجنى الداني (ص 97)، شرح الأشموني (2/ 77)، شرح التصريح (1/ 645)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 570)، (2/ 754)، أوضح المسالك (2/ 70)، الهمع (2/ 451، 452)، جامع الدروس العربية (3/ 183).
(1)
انظر: إرشاد الساري (8/ 188)، (9/ 401)] (10/ 15)، عُمدة القاري (1/ 23)، شواهد التوضيح (ص 182).
(2)
غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(3)
انظر: نيل الأوطار (2/ 9)، دَليلُ الفالحين لابن علان (8/ 565)، عُقود الزّبرجَد (3/ 212، 213)، شرح المشكاة للطيبي (4/ 1129).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
الضَّمير في الخبَر؛ فتُقدَّر مُتأخِّرًا، وإمّا صفَة للصّلاة؛ فتُقَدَّر قبْل الخبَر، أي:"لا صَلاة كَامِلَة كَائنة بحَضْرَة طَعَام". (1)
و"حَضرَةُ الرّجُل": "قرْبُه". ومنه: "حَضْرَة طَعَام". (2)
قولُه: "وَلَا وهُو يُدَافِعُه": أي: "وَلَا صَلاة له". والضّمير في "له" يعُودُ على مُقدَّر في الأوّل، أي:"لا صَلاةَ لمكَلَّف بحَضْرَة طَعَام، وَلَا صَلَاة له - أي كَائِنَة لَه - وهُو يُدَافِعُه الأخبثان"، وهُما جُملَتان، صُغْرى وكُبرَي، الكُبرَى المنفيّة، والصُّغْرَى:"يُدافِعُه الأخبثان"؛ فالجُمْلة في مَحَلِّ الحال من الضمير في "له"، أي:"كائنة له"، والعامل في الحال الكوني المقدَّر الذي تعلّق به حَرْف الجر والمقدّر أولًا - وهو "لمكَلّف" - يَتعلّق بصفة "الصّلاة"، وَلَا يتعلّقُ بـ "صَلاة"؛ لأنّه لو تعلّق بها صَار مَعْمُولًا. (3)
و"الأخبثان": مَرفُوعٌ على الفاعِلية بـ "يُدافِعه". ويُروَى: "وهُو يُدَافِعُ الأَخْبَثَين"(4)؛ فيكُون الفاعلُ [ضَميرًا مُستَترًا](5)، و"الأخبَثَين" مَفعُولٌ به، وهو تثنيةُ "أخبَث".
و"أخبَث": أفعَلُ التفضيل، وقد استُعمِل بالألِف واللام؛ فيجُوز أنْ يُثنّى
(1) راجع: إرشاد السّاري (2/ 429).
(2)
انظر: الصحاح (2/ 632)، مقاييس اللغة (2/ 77)، النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 399)، لسان العرب (4/ 196)، تاج العروس (11/ 39).
(3)
راجع: شرح سُنن أَبِي داود للعيني (1/ 247)، عُقود الزّبرجَد (3/ 213)، مرقاة المفاتيح (3/ 835)، مرعاة المفاتيح (3/ 493)، شرح المشكاة للطيبي (4/ 1129)، دليل الفالحين (8/ 565)، مجمَع بحار الأنوار (2/ 3)، (5/ 395).
(4)
روَاه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 101، 102/ برقم 5026، 5027)، وابن أبي شيبة في مُصنفه (2/ 185/ برقم 7940).
(5)
بالنسخ: "ضمير مستتر". وَلَا يسوغ اعتباره مبتدأ مُوخرًا.