الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتحف" و"نطفة ونطف"، ومن قال: "بَقْعَة" قال في جعمه: "بقاع"، مثل: "قصعة وقصاع" و"بلغة وبلاغ" (1).
قال الشيخ تقيّ الدِّين: أخذ بعضهم من قولُه: "فيصلي فيه" تعقيب الصّلاة للفرك، ويقتضى ذلك عدم الغسل قبل الدخول في الصلاة، إلَّا أنّه ورد بـ "الواو" وبـ "ثُم" أيضًا في هذا الحديث، فإذا كان حديثًا واحدًا فالألفاظ مختلفة، [والمفعول](2) منها واحد؛ [فتنتفي الدلالة](3) بـ "الفاء"، وإن كانت الرّواية بـ "الفاء" حديثًا مُفردًا اتجه ما قالوه (4).
الحديث السابع
[36]
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل"،
وفي لفظ: "وإن لم يُنزل"(5).
تقدّم القول على "إِذَا" وما قبلها في الحديث الثّاني من الأول. وجواب "إِذَا" هنا: "فقد وجب"، والعامل فيها إمّا فعلها أو جوابها على ما تقدّم، وقد تكرر مرارًا.
وتقدم القول على "بين" في الثالث من "باب السِّوَاك".
و"جلس" فاعله ضمير يعود على غير مذكور يفسّره السياق، كقوله تعالى:
(1) راجع: تهذيب اللغة (1/ 188)، ومشارق الأنوار (1/ 99)، والصحاح (3/ 1187)، والمحكم (1/ 250)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 281)، والمصباح (1/ 57).
(2)
كذا بالنسخ. وفي المصدر: "والمقول".
(3)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(4)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 141).
(5)
رواه البخاري (291) في الغسل، ومسلم (348) في الحيض.
{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32](1). وكذلك فاعل: "جهدها".
ومصدره: "جلوسًا"، و"المجلِس" بكسر "اللام":"موضع الجلوس"، و"المجلَس" بفتح "اللام" المصدر.
قال في "الصحاح": يقال: "رجل جُلَسَة" مثل "هُمَزَة"، أي:"كثير الجلوس"، و"الجلسة" بكسر "الجيم". و"جالسته" فهو "جِلسي" و"جليسي"، مثل ما تقول:"خدني" و"خديني"(2).
وقوله: "شعبها": جمع "شُعبة". وجَرى العَدَد على التأنيث؛ فقال: "الأربع"، ولم يقل:"الأربعة"؛ لأنّه جمعُ "شُعبة"(3).
وقوله: "ثم جهدها": [قيل](4): هو من أسماء "الوطء"، وهو بعيد.
و"الجُهد": "الطاقة".
وقرئ: {لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79]، بضم "الجيم" وفتحها (5).
وقال الفراء: "الجهد" بالضم"الطاقة"، وبالفتح من قولك:"اجهد جَهْدك في هذا الأمر" بالفتح، أي:"ابلغ غايتك"، وَلَا يُقال:"اجهد جُهدك" بالضم.
(1) والمقدر في الآية: "الشمس". وانظر: تفسير القرطبي (15/ 195)، والبحر المحيط (9/ 154)، وفتح الباري (2/ 43)، نخب الأفكار (3/ 211)، مرقاة المفاتيح (2/ 526)، الإعلام لابن الملقن (2/ 245)، عقود الزبرجد (1/ 445)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 80)، همع الهوامع (1/ 265).
(2)
انظر: الصحاح (3/ 914)، والعين (6/ 54)، لسان العرب (6/ 39).
(3)
انظر: فتح الباري (1/ 395).
(4)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(5)
قرأ الجمهور بالضم، وقرأ الأعرج وجماعة بالفتح.
انظر: تفسير ابن عطية (3/ 63، 64).
و"الجهد": "المشقة"، وتجيء بمعنى "المبالغة في الشيء"، وهو المراد هنا.
ويقال: "جهد دابته" و"أجهدها" إِذا "حمل عليها في السير فوق طاقتها"، و"جهد الرجل في الأمر" أي:"بالغ فيه"، وهذا منه (1).
قو له: "فقد وجب الغسل: جواب "إِذَا" الشرطية.
والفعل الماضي إِذَا وقع بعد الشرط ظاهرًا وهو مُسْتَقْبِلَ المعني، كما هو هنا، فهو الجواب؛ وذلك لأنّ جواب الشرط لا يكون إلَّا مستقبلًا، حَتَّى إنه لو وقع لفظه ماضيًا انقلب إِلَى الاستقبال، فإذا قلت:"إن قام زَيْدِ قام عَمْرو" فهو قبل دخول حرف الشرط على أصله من المضيِّ، وبعد دخول حرف الشرط انقلب إِلَى الاستقبال.
وهذا الحكم في سائر الأفعال؛ إلَّا "كان"، فإنهم اختلفوا فيها، فقيل: إنها على حالها من معنى المضي لا تنقلب إِلَى الاستقبال؛ فتقول: "إن كان زَيْدِ قام" لم يتغير معناها؛ لأنَّها خرجت من الأفعال بنقصها وكونها لا مصدر لها؛ ولذلك لم يشترطوا في خبرها إِذَا كان ماضيًا تقدير "قد"، نحو قولُه تعالى:{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 27]؛ ليتحقق الماضي فيها.
وذهب آخرون إِلَى أن معناها تغير وانقلب كسائر الأفعال، والتقدير:"إن تبين كون قميصه"(3).
(1) انظر: معاني القرآن للفراء (1/ 234، 447)، تفسير القرطبي (7/ 62)، رياض الأفهام (1/ 412، 413)، إحكام الأحكام (1/ 142، 143)، مشارق الأنوار (1/ 161)، الصحاح (2/ 460)، النهاية لابن الأثير (1/ 320)، لسان العرب (3/ 133، 134)، وتهذيب اللغة (6/ 26).
وراجع: فتح الباري (1/ 395)، وتاج العروس (7/ 535).
(2)
في الأصل: "إن كان".
(3)
انظر: تفسير القرطبي (9/ 174)، البحر المحيط (1/ 166)، (3/ 529)، اللباب في =
قال [أثير الدّين](1) أَبُو حيّان في قولِه تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]: جَوابُ الشرط "أوتي"، والفعل الماضي الواقع جواب الشرط ظاهرًا قد يكون ماضي اللفظ مُسْتَقْبِلَ المعني، كهذه الآية، فهو الجواب حقيقة.
وقد يكون ماضيًا لفظًا ومعني، كقوله تعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [فاطر: 4]، فلا يكون جوابًا للشرط؛ لأنّ الشرط مُسْتَقْبِلَ، وما ترتب على المستقبل مُسْتَقْبِلَ.
قال: والجوابُ في الحقيقة محذوفٌ، ودَلّ هذا عليه، أي وإن يكذبوك فتسلَّ (2).
وكذلك قال رحمه الله في قولِه تعالم: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40]: الجواب: "فينصره الله"، ويدلّ عليه:{فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} ، أي:"ينصره في المستقبل كما نصره في الماضي"(3).
وكذلك قال أَبُو البقاء في قولِه تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]: التقدير: "إن تتوبا إِلَى الله فذلك واجب"، ودلّ على المحذوف:{فَقَدْ صَغَتْ} (4).
= علوم الكتاب (1/ 432)، (2/ 309)، (8/ 118)، شواهد التوضيح (ص 231)، عقود الزبرجد (1/ 163)، توضيح المقاصد (3/ 1281، 1282)، الجنى الداني (ص 67)، شرح ابن عُقيل (4/ 33)، الأصول لابن السراج (2/ 190)، شرح التسهيل (4/ 76، 92، 93، 95)، مغني اللبيب (ص 217، 218، 552)، اللمحة (2/ 575)، موصل الطلاب (ص 43، 44)، الهمع (2/ 551).
(1)
سقطت من (ب).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 685).
(3)
انظر: البحر المحيط (5/ 420)، والكشاف (2/ 272).
(4)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 1229).
قلت: إنَّما قال في قولِه تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ} [البقرة: 269]: إنّ الجواب مُسْتَقْبِلَ وإن كان لفظه ماضيًا، لأنّ فعل الشرط وقع مستقبلًا لفظًا ومعنى؛ فترتب عليه جوابه، بخلاف الأمثلة التي ذكرها بعد.
وأمَّا قولُه: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]: فالجوابُ ماض بما ثبت من سبب الآية (1).
قولُه: "وفي لفظ: وإن لم ينزل": أي: "رُوي في لفظ"، فيتعلق به حرف الجر، وجوابه:"فقد وَجَب الغسل"،
ولَمَّا كانت "الفاء" تقتضي السببية في جواب الشرط حُكم في اللفظ باستقبال الجواب؛ لأنّ المسبب لا يقع إلَّا بعد السبب؛ ولذلك قالوا في قولِه تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [التوبة: 63](2): إنه جواب الشرط؛ لوجود السببية بما اقتضته"الفاء"، أي"بسبب المحادة استحق نار جهنم"(3).
وقوله: "وإن لم: أمّا "لم" فتقدم الكلام عليها في الثالث من "باب المذي"، وأمّا "إنْ": فهي حرفٌ ثنائي وضعًا، وأصله الشرط، كمَا جَاءَ هنا، ويجيء للنفي، كقوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك: 20]، أي: "ما الكافرون". (4) وفي
(1) راجع: التحرير والتنوير (28/ 350)، إرشاد العقل السليم لأبي السعود (8/ 267).
(2)
في الأصل ذكرت الآية بدون قولُه تعالى: "ألم".
(3)
انظر: تفسير القرطبي (8/ 190)، التبيان في إعراب القرآن (2/ 649)، البحر المحيط (5/ 451 وما بعدها)، اللباب لابن عادل (10/ 134)، (19/ 439)، الكتاب (3/ 133)، شرح التسهيل (2/ 22، 23). وراجع: التحرير والتنوير لابن عاشور (10/ 246)، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود (8/ 78).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 164)، المغني (ص/33)، وشرح الفصل (5/ 39، 148)، والإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 522).
عمله عمل "ما" خلاف. (1)
ومن عمله: قولُه تعالى على قراءة مَن قرأ: "إنْ الذين تدعون من دون الله عبادًا"(2).
ويجيء حرفًا زائدًا بعد "ما" النافية (3).
وتقبل مَدّة الإنكار، نحو:"آلله"، وفي قول مَن قال:"أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: ["أأنا إنيه؟ "] (4)، أصله: "إنْ"، فزاد عليه مَدّة الإنكار، وهي "الياء".
وَلَا تُعَدّ من مواضِع "إن" المخفّفة من الثقيلة؛ لأنَّها ثُلاثية الأصل، [ولذا] (5) اختلف تصغيرها؛ فقيل في "إن" الخفيفة:"أُنيّ"، وفي الأخرى:"أُنَيْنٌ" رجوعًا إِلَى الأصل. فهمًا من "المجيد"(6).
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 164)، الكتاب (3/ 152)، وتعليقة الفارسي عليه (1/ 290)، شرح المفصل (5/ 39)، المغني (ص/33)، الجنى الداني (ص 209)، وحروف المعاني والصفات (ص 57)، والإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 522).
(2)
سورة [الأعراف: 194]، وهي قراءة سَعِيد بن جبير. انظر: تفسير ابن عطية (2/ 489)، البحر المحيط (5/ 251، 250)، والهداية إِلَى بلوغ النهاية (4/ 2682)، والجنى الداني (ص 209)، وشرح الأشموني (1/ 268)، وشرح التصريح (1/ 271).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 164).
(4)
في الأصل: "آينه". وانظر: الجنى الداني (ص 211)، ومُغني اللبيب (ص 39).
(5)
بالنسخ: "وإذا". والصواب المثبت. والله أعلم.
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 164، 165)، (5/ 249)، وشرح التسهيل (1/ 372)، والجنى الداني (ص 211)، ومغني اللبيب (ص 39)، وشرح المفصل (3/ 403)، والأصول لابن السراج (3/ 325)، وعمدة الكتاب للنحاس (ص 260، 261)، والمقتضب (1/ 233).