الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس:
[86]
: عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَان بْنُ حُصَيْنِ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، [فكَانَ](1) إذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْن حُصَيْنٍ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. أَو قَالَ: صَلَّى بِنَا صَلاةَ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (2).
قوله: "أنا وعِمْرَان بن حُصَين": "أنا" هنا مُؤَكّدة لفَاعِل "صَلّيتُ"، وسَوَّغَت العطفَ على الضمير المتّصل. وقد تقَدّم الكَلامُ على ذلك في الثّاني من "باب الجنَابة". ويصحّ في "عِمْران" النَّصْب على أنّه مَفْعُولٌ معه. (3)
قوله: "خَلْفَ [عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه"] (4).
قال الشيخُ أبو حيّان: اطّرَد إضَافَة هذه الظُّروف - وهي: "قَبْل"، و"بَعْد" ونحوهما - إلى أسْماء الأعيان، على حَذْفِ مُضَاف يَدُلّ عليه مَا قبْله. ففي نحو:"خِلافَكَ" في قوله تعالى: {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76] يُقَدّر "خَلْف إخْرَاجِك"، و"جَاءَ زَيدٌ قبْل عمرو"، أي:"قبل مجيء عمرو"، و"ضَحِك بكْرٌ بعد خَالد"، أي:"بعد ضَحِكِ خَالد". (5) انتهى.
(1) بالنسخ: "وكان". والمثبَت من "العُمدة"(ص 74). وعليه شرح ابن فرحون.
(2)
رواه البخاري (786) في الأذان، ومسلم (393) في الصلاة.
(3)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 153)، (3/ 179)، علل النحو (ص 320)، اللمع (ص 96)، الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 379، 388 وما بعدها)، أوضح المسالك (3/ 350)، توضيح المقاصد (2/ 665)، مغني اللبيب (ص 824)، شرح الأشموني (2/ 394 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 181 وما بعدها)، شرح الشذور لابن هشام (ص 582)، جامع الدروس العربية (3/ 75 وما بعدها).
(4)
سها الشارح أو الناسخ هنا، فكتب:"رسُول الله صلى الله عليه وسلم".
(5)
انظر: البحر المحيط (7/ 92).
وعلى هذا يكُون تقدير "صَلّيتُ خَلْف عَلِيّ": أي: "خَلْف صَلاته"، بمعنى أنّ صَلاةَ المأمُوم تابعةٌ صَلاة إمامه.
وهي (1) من ظُروف المكَان المقَدَّرَة بـ"في"، وتقطع عن الإضافة، فتُبنى على الضّم. (2)
وتقدّم في أوّل حديثٍ من "الحيض" الكَلامُ على "ابن" و "ابنة"، وعلى هَمْزة الوَصْل في أوّل حَديثٍ من الكتاب.
قوله: "فكان إذا سَجَد": "الفاءُ" هُنا عاطفة، لا سَببية فيها (3)، وجملة" إذا" وجَوَابها في محلّ خَبر "كان"، واسمُها ضمير يعودُ لـ "عَليّ رضي الله عنه". وتقدّم الكَلامُ على "إذا" وفعلها وجوابها في ثاني حَديث من "الأوّل".
قوله: "فلما قضى": تقدَّم الكَلامُ على "لمّا" في الحديث الرّابع من "باب المذي" مُستوفىً. و"الفاءُ" عاطفة على "صَلّيتُ"، أي:"صَلّيتُ خلف عَليّ، فلما قضى صَلاته".
وجاء الجوابُ هنا مَاضيًا، ولا خِلافَ في ذلك. ويجيء جملة اسمية مقرونة بـ"إذا" الفجائية، أو بـ "الفَاء" عند ابن مالك. ويجيء فعلا مُضارعًا عند ابن عصفور.
مثال ما جاء بـ "الفاء" مع الجملة: قوله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [لقمان: 32]. وقيل: التقديرُ: "انقسموا، فمنهم مُقتصد"؛ فالجوابُ إذن
(1) أي: "خلف".
(2)
انظر: مغني اللبيب (ص 773)، شرح التصريح (1/ 648)، اللمحة (1/ 448)، شرح المفصل لابن يعيش (1/ 428)، شرح الأزهرية (ص 39)، المنهاجُ المختَصر في علمي النَّحو والصَّرف (ص 97 وما بعدها).
(3)
انظر: شرح الشذور لابن هشام (ص 443)، شرح القطر (ص 93)، شرح ابن عقيل (4/ 38)، جامع الدروس العربية (2/ 193).
ماضٍ.
ومثال مجيئه فعلًا مُضارعًا: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا} [هود: 74]. والجوابُ: أنه مُؤول بـ "جادلنا". وقيل: "الواو" زائدة في قوله: "وجَاءَته". (1)
قال ابنُ هشام: ومن مُشْكِل "لمّا" هذه قول الشاعر:
أَقُوُل لعَبْدِ اللَّهِ لَمَّا سِقَؤنَا
…
ونَحْنُ بِوَادِي عَبْدِ شَمْسٍ وهاشِم (2)
فيُقالُ: أين فِعْلاها؟
والجوابُ: أنّ "سقاؤنا" فاعلٌ بفِعْل محذُوف، يُفسّره "وها"، وهو بمعنى "سَقَط"، والجوابُ محذوفٌ تقديره:"قلتُ" بدليل قوله: "أقُول". وقوله: "شِم": أمْر من "شمتُ البرق"، إذا "نظرتُ إليه". والمعنى:"لما سَقَط سقاؤنا، قلتُ لعبد الله: شمه". (3)
قوله: "وقال": معْطُوفٌ عليه. وجملة "ذكرني": معمولة للقول، ويحتمل مع ذلك [أنها](4) جَوابُ قَسَم، بتقدير:"لقد ذكّرني". و "هذا": فاعل "ذكّرني". و"صَلاة
(1) انظر: مغني اللبيب (ص 369، 370)، شرح الأشموني (2/ 153)، حاشية الصبان (2/ 391)، الهمع (2/ 222)، النحو الوافي (2/ 296 وما بعدها).
(2)
البيتُ من الطويل، وهو لتميم بن رافع المخزومي، ونسبه في "نفح الطيب" للمعري. انظر: المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1/ 458 وما بعدها)، زهر الأكم في الأمثال والحكم (2/ 197)، العُمدة في محاسن الشعر وآدابه (1/ 162)، نفح الطيب (5/ 246)، شرح الأشموني (2/ 153، وبالهامش)، حاشية الصبان (2/ 391)، تاريخ آداب العرب للرافعي (3/ 267)، المعجم المفصل (7/ 376).
(3)
انظر: مُغني اللبيب (ص 370).
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أنه".
رسُول الله": مفعولٌ ثان؛ لأنّ "ذَكَّر" يتعدّى إلى مفعول واحد، وبالتضعيف (1) يتعدّى إلى اثنين. والتقدير: "ذكّرني هذا بصَلاته صَلاة
…
".
و"أو": هُنا للشّك. (2) ولها أقسَامٌ ذُكِرَت في الثّالث من "باب السّواك".
قوله: "صَلاة محمّد": منصوبٌ بتقدير مُضَاف، أي:"صَلى صَلاة مثل صَلاة محمّد"، فحَذَفَ المضَافَ، وأقَامَ المضَافَ إليه مَقَامه.
و"الباءُ" في قوله: "أخذ بيدي": "باءُ" الإلصاق، وتحتمل الزّيادة، وتقدّم الكَلامُ عليها في الرّابع من "باب الاستطابة". والإلصاقُ هنا حقيقة، وقد يكون مجازًا، نحو:"مَرَرتُ بزيد"، أي:"بمَكَان زَيد فيه". و"الباءُ" في "صَلّى بنا": "باءُ" التعدية. (3)
(1) انظر: اللمحة (1/ 329)، شرح المفصل (4/ 300)، الهمع (3/ 12).
(2)
انظر في أقسام "أو": علل النحو (ص 377)، الجزولية (ص 72)، الأصول في النحو (2/ 56)، اللمع (ص 92)، المفصل (ص 405)، شرح المفصل (5/ 19 وما بعدها)، الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 393)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 422 وما بعدها)، الجنى الداني (ص 228)، أوضح المسالك (3/ 340)، شرح القطر (ص 305)، مُغني اللبيب (ص 87 وما بعدها)، شرح الأشموني (2/ 378)، الهمع (3/ 203 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 246).
(3)
انظر في أقسام الباء، والإلصاق: الجنى الداني (ص 36 وما بعدها)، الأصول في النحو (1/ 412 وما بعدها)، أوضح المسالك (3/ 31 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 137 وما بعدها)، شرح الأشموني (2/ 88 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 646 وما بعدها)، شرح التسهيل (3/ 149)، توضيح المقاصد (2/ 755 وما بعدها)، الهمع (6/ 412 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 168 وما بعدها)، النحو الوافي (2/ 490 وما بعدها).