الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستطابه
الحدِيث الأوّل:
[11]
: عَنْ أَنسَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا دَخَلَ الْخَلاءَ قال:"اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالخَبَائِثِ". (1)
"الباب" يُجمع على "أبواب" و "أبوبة" إذا قصد الازدواج، نحو قولك:
هَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ وَلَّاجُ أَبْوِبَةٍ
…
...
…
...
…
...
…
ولو أُفرد لم يجُز، ويُقال:" [تبوَّبْتُ] (3) بَوَّابًا"، أي:"اتخذته"، و"أبواب مُبَوَّبَةٌ" كـ"أصناف مُصَنّفَةٍ". و"هذا شيء من بَابتكَ" أي:"يصلح لك". انتهى من "الصحاح"(4).
قال غيرُه: وحقيقة "الباب ": "فُرجة في ساتر يتوصّل منها من ظاهر إلى باطن". (5)
ولما كان الجهل ساترًا ما وراءه من العلوم استعير للعِلم "باب" من حيث يدخُل المتصف بالجهْل إلى باطن العِلم، وفي الحديث: "مَنْ تَعَلَّمَ بَابًا مِنَ العِلْمِ
(1) رواه البخاري (142) في الوضوء، ومسلم رقم (375) في الحيض.
(2)
شطر بيت من البسيط، والشطر الثاني:"يَخْلِطُ بِالبِرِّ مِنْهُ الجدَّ واللِّينَا". وهو للقلاخ بن حبابة، أو لابن مقبل. وورد الشطر الثاني بلفظ:"يَخْلِطُ بِالجدِّ منه البِرَّ واللِّينا". انظر: أمالي ابن الشجري (1/ 378)، شرح القصائد السبع الطوال (ص 136)، أدب الكاتب (ص 600)، المعجم المفصل (8/ 87).
(3)
بالنسخ: "بوبت".
(4)
انظر: الصحاح (1/ 90).
(5)
انظر: كشف اللثام شرح عمدة الأحكام للسفاريني (1/ 172).
" (1).
والتقديرُ ههنا: "هَذا بابُ الاستطابة"، فهو مرفوعٌ بتقدير مبتدأ محذوف، والمعنى:"هَذا بابُ أحاديث الاستطابة".
وتقدَّم القول على "الحديث الأوّل" عند ذكر الحديث الأوّل من الكتاب.
قوله: "عن أنس بن مالك": تقدّم في الحديث الأوّل القول على متعلَّق "عن"، وتقدّم في الثّاني موجب حَذف التنوين و"الألِف" من "ابن مالك"(2).
قوله: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم": تقدّم ذكر المواضع التي تفتح فيه "أنّ" في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "قال: اللهم": "قَال" جَوابُ "إذا".
و"إذا" تقدّم القول عليها في الحديث الثّاني من الأوّل، وهي وجوابها خبر "كان". و"كان" واسمها وخبرها خبر "أنّ"، و"أنّ" في محلّ رفع بمتعلّق المجرور.
و"اللهم" مُنَادَى، عُوّض مِن حَرْف النّداء "الميم" عند البصريين (3)، ولذلك لم يجمعوا بينهما إلّا في ضرورة (4)، كقَوله:
(1) ضعيفٌ: رواه ابن ماجه في سُننه (219) من حديث أبي ذر. وضعّفه الألباني في "ضعيف الجامع"(6373).
(2)
انظر: شرح شافية ابن الحاجب للرضي (2/ 234، وبالهامش).
(3)
انظر: ما يجُوزُ للشاعر في الضرورة للقزاز القيرواني (ص 240)، وأسرار العربية (177)، وأمالي ابن الشجري (2/ 340)، وجامع الدروس العربية (3/ 154)، والنحو المصفَّى (1/ 498).
(4)
انظر: فتح الباري (11/ 155)، وعقود الزبرجَد (1/ 299)، وأسرار العربية (176، 177)، والإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 279 وما بعدها)، وما يجوز للشاعر في الضرورة (ص 240)، وشرح شذور الذهب للجوجري (1/ 325)، وشرح =
إنِّي إذَا مَا حَدَثٌ ألَمَّا
…
أَقُول: يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا (1)
خِلافًا للفرّاء، فإنه يقول: الأصل: "اللهم أُمَّنا بخير". (2)
وردَّ هذا أبو عليّ بقوله تعالى: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [الأنفال: 32]، إذ لو كان المراد:"أُمَّنا" لأغنى هذا الفعل عن جَواب الشرط، كما تقول:"يا ربنا قاتل فلانًا إن كان باغيًا"، وبأنه لو صَح لما حَسُن:" [اللهم] (3) أُمَّنا بخَير"؛ لأنّه يكُون تكرارًا.
ورُدّ أيَضًا بقوله تعالى: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً} [الأنفال: 32]؛ لأنه نَقِيضُ: "أُمَّنا بخير". (4)
وقد يُستعمل بـ "اللام"، فيُقال:"لاهُم" بحذف الألِف واللام. (5)
وتجئ "اللهم" حشوًا بعد عُموم [حثًا](6) للسامع أو تنبيها على أنه كَلام يستعذر التارك به، كقولك: "أنا لا أنقطع عن زيارتك، اللهم إلا أن يمنع مانع لا يُقْدَرُ على دَفْعِهِ، [ولألزمنَّك](7) أبَدًا اللهم إلا أنْ تكرَه ............................
= التسهيل (3/ 401)، وشرح التصريح (2/ 224)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 63 وما بعدها)، والنحو الوافي (4/ 36).
(1)
البيتُ من الرجز، وزعم البعض أنه لأبي خراش الهذلي، وقيل: لأمية بن أبي الصلت. انظر: سر صناعة الإعراب (2/ 94)، الحماسة البصرية (2/ 431)، خزانة الأدب (2/ 295)، المعجم المفصل (12/ 82).
(2)
انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 341، 340)، الهمع (2/ 64).
(3)
سقطت من الأصل، ولا يستقيم الكلام إلا بإثباتها.
(4)
انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 281)، وشرح المفصل (1/ 367).
(5)
انظر: اللباب في علوم الكتاب (5/ 124)، ورياض الأفهام للفاكهاني (1/ 183)، والهمع للسيوطي (2/ 63).
(6)
بالنسخ: "حتى".
(7)
في الأصل: "ولألزمك".
مني شيئًا (1).
"اللهم" لا يُوصف عند الأكثرين، وعُلل بأنه تغيَّر بـ"الميم" في آخره. (2)
وقيل: إنّ {مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] صفة في الآية. ورُد بأنه لو كان صفة لجاز فيه الوجهان، الرفع والنصب، كسائر المناديات المبنية (3).
و"أعُوذ": لفظه لفظ الخبر، ومعناه الدعاء.
قالوا: وفي ذلك تحقيق الطلب، كما قيل في:"غفر الله لك" بلفظ الماضي. (4)
قالوا: ولم يُسمَع فيه تقديم معمُوله، كما سُمِع في:"لله الحمد"؛ لأنه في الإتيان بلفظ الاستعاذة امتثال الأمر. (5)
وقال بعضهم: تقديم المعمول في الكلام تفنن وانبساط، والاستعاذة هرب إلى الله تعالى، ولذلك فقبض عنان الانبساط والتفنن فيه لائق؛ لأنه لا يكون إلا حالة خوف وقبض، والحمدُ حَالة شُكر وتذكّر إحسَان ونعَم. (6)
والباء في "بالله" للإلصاق، وهو إلصاق معنوي؛ لأنه لا يلتصق شيء بالله ولا
(1) انظر: رياض الأفهام (2/ 152).
(2)
انظر: تفسير ابن عطية (1/ 417)، وتفسير القرطبي (4/ 55)، والبحر المحيط (3/ 85)، واللباب في علوم الكتاب (5/ 126)، وشرح المشكاة للطيبي (2/ 545)، وعقود الزبرجد (1/ 365)، والهمع (2/ 64).
(3)
انظر: تفسير ابن عطية (1/ 417)، وتفسير القرطبي (4/ 51، 52، 55)، والبحر المحيط (3/ 85)، واللباب لابن عادل (5/ 126)، وإعراب القرآن وبيانه (1/ 486)، وعقود الزبرجد (1/ 365)، والنحو الوافي (4/ 47).
(4)
انظر: إرشاد الساري (9/ 209)، والإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 442).
(5)
انظر: تفسير الرازي (1/ 95)، واللباب في علوم الكتاب (1/ 105)، وإرشاد الساري (9/ 209).
(6)
انظر: إرشاد الساري (9/ 209).