الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الطُّمأنينة في الرّكُوع والسُّجُود
[95]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ". فَرَجَعَ، فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"ارْجِعْ فَصَلّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ " ثَلاثًا. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ [ما أُحْسِنُ غَيْرَ هذا](1)، فَعَلِّمْنِي. فَقَالَ:"إذَا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ: فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ [معك] (2) مِنْ الْقُرْآن، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا. وَافْعَلْ ذَلِكَ في صَلاتِكَ كُلِّهَا"(3).
قوله: "دَخَل المسْجدَ": جملة في محلّ خبر "أنّ". وجملة "فدَخَل رجُل" معطوف عليه، و"الفاءُ" هنا لا سَببية فيها (4).
وللفَاء أقسام ومَعَان تقدَّمَت في السّادس من "الاستطابة".
(1) كذا بالنسخ، وفي "صحيح مُسلم"(397/ 45). وهي في "العُمدة" المطبوعة (ط دار الثقافة، ص 79) و "إحكام الأحكام"(1/ 256): "لَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ". وفي "صحيح البخاري"(757) و"العُمدة" المطبوعة (ط مكتبة المعارف، ص 64) و" الإعلام لابن الملقن"(3/ 163): "ما أُحْسِن غيره".
(2)
ثابتة بالنسخ، وفي "صحيح البخاري"(757) و"صحيح مسلم"(397/ 45) و"العُمدة" المطبوعة (ط مكتبة المعارف، ص 64) و"الإعلام لابن الملقن"(3/ 163). وغير موجودة بـ"العُمدة" المطبوعة (ط دار الثقافة، ص 79)، و"إحكام الأحكام"(1/ 256).
(3)
رواه البخاري (793) في الأذان، ومسلم (397) في الصلاة.
(4)
انظر: شرح الشذور لابن هشام (ص 443)، شرح القطر (ص 93)، شرح ابن عقيل (4/ 38)، جامع الدروس العربية (2/ 193).
و"الفَاءُ" في قوله ["فصَلَّى"](1) فاءُ السّببية.
قوله: "ثم جَاء": أصلُ "جاء": "جيأ"، تحرّكَت "الياءُ"، وانفتح ما قبلها؛ فقُلبت ألِفًا. (2) ويأت الكَلام على "جاء" في الثّامن من "فصل الصّوم في السّفر".
قوله: "ارجع": أمْرٌ من "رَجع". ويأتي لازمًا ومُتعدّيًا، فمن اللازم هذا. ومن المتعدّي: قوله: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83]. لكن مصدر اللازم: "رجوعًا"، ومصدر المتعدّي:"رَجْعًا". (3)
"فإنّك لم تُصَلّ": لا بُدّ من مُقَدّر، أي:"لم تُصَلّ صَلاةً صَحيحة" أو "لم تُصَلّ صَلاةً كَاملة". (4)
وقوله: "ثلاثًا": عَددُ المرات. فقيل: هو مصدر. وقيل: ظرف. (5)
قال أبو البقاء: "المرّة" في الأصل مصدرٌ من "مَرّ يمُرّ"، ثمَّ استُعمل ظَرْفًا اتساعًا، وهذا يدلُّ على قُوة شبه الزمان للفعل. (6)
(1) بالنسخ: "فصَلّ". والصّواب المثبت.
(2)
انظر: الأصول لابن السراج (3/ 297)، الممتع الكبير في التصريف (ص 326 وما بعدها)، شرح الشافية للرضي (3/ 180)، لسان العرب لابن منظور (1/ 51 أو ما بعدها)، تاج العروس (1/ 183 وما بعدها)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 574)، كتاب الأفعال لابن القطاع (1/ 182).
(3)
انظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 294)، أمالي ابن الحاجب (1/ 360، 361)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 681)، المصباح المنير (1/ 220)، تاج العروس (21/ 66)، الكليات (ص 479).
(4)
انظر: إرشاد الساري (9/ 145، 387).
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 522)، نتائج الفكر (ص 300)، شرح المفصل (1/ 425)، إعراب لامية الشنفري (ص 145).
(6)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 522)، تفسير أبي السعود (6/ 14)، روح البيان، لإسماعيل حقي، (5/ 381، 382)، شرح المفصل (1/ 425).
ولا يكونُ المراد بـ "المرّة" الفعل.
وعلى هذا الخلاف يجري الخلاف في "ثلاثًا"، إن جعلته [عَددَ المصدر](1) فهو مَصْدر، وإن جعلته عَددَ ظرف فهو ظرف.
وقوله: "فقال": الفَاعِلُ ضَمير يعُود على "الرّجُل".
قوله: "والذي بعثك بالحقّ": "الواو" واو القَسَم، وهي بَدَلٌ من "الباء"؛ لأنّ "الباءَ" تدْخُل على المُظهَر والمضْمَر. (2) وقد تقَدّمَت حُروفُ القَسَم في العاشر من "الصّلاة".
وجَوابُ القسم: "ما أُحْسِن غير هذا". وأجوبةُ القَسَم تقَدّم الكَلامُ عليها في الحديث الثاني من "باب الصفوف".
قوله: "بالحق": يتعلّق بـ "بعثك"، أو بحَال من ضمير المفعول، أي:"ومعك الحق"، أو بحَال من ضَمير الفَاعِل، أي:"ومعك الحقّ"، كما قيل في:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 119][فاطر: 24]. (3)
قوله: "فعَلِّمْني": فعلُ أمر، ونُون الوقاية، ومفعول.
وتدخُل (4) في الفعْل الماضي والمضَارع عَريًّا عن نُون الإعراب، والأمرُ (5) مثْل ما هُو هُنا، وفي (6) المتصَرّف والجَامِد، نحْو:"أكرمني"، و"عساني"، و "خَلاني"، و "ما عداني"، و "حاشاني"، إنْ قُدِّر فِعْلا. وتدخُل في اسم الفعل، نحو:"دراكني"
(1) يحتمل أن تُقرأ: "عددًا لمصدر".
(2)
انظر: شرح المفصل (5/ 257).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 588).
(4)
أي: نون الوقاية.
(5)
مُتعلّق بـ: "وتدخل في".
(6)
مُتعلّق أيضًا بـ: "وتدخُل في".
و"تراكني"، و"عليكني"، [بمعنى:"أدركني"] (1). وتدخُل الحرف "إنّني" وأخواتها. ويختارُ إثباتها في: "ليت" و"من" و"عن" و"قد" و"قط". ويختارُ حذفها في: "لَعَلّ". (2)
وجَوابُ "إذا قُمْتَ إلى الصّلاة" هو العَامِلُ فيها. وقيل: العَاملُ فيها فِعْلها. (3) وإن كان "العاملُ جوابها"(4) يُضعفه أنّ ما بعْد "الفَاء" لا يَعْمَلُ فيما قبلها، وضُعِّفَ بقَوْله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]؛ لأنَّ مَكَانَ إنْشاء "الإفاضة" غير مَكَان إنشاء "الذّكْر"؛ لأنَّ ذلك في "عرفات"، وهذا في "المشْعَر"، وإذا اختلف المكان لزم من ذلك اختلاف الزمانين؛ فلا يجوزُ أن يكُون "الذِّكْر" عند "المشْعَر". (5)
[قوله](6): "ثمَّ اقرأ ما تيسّر مَعَك من القرآن": "ما" ها هنا موصولة، أو موصوفة. (7)
(1) هذا راجعٌ إلى قوله: "دراكني".
(2)
انظر: مُغني اللبيب (ص 450)، النحو الوافي (1/ 280).
(3)
انظر: أمالي ابن الحاجب (1/ 187)، الجنى الداني (ص 369 وما بعدها)، إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 64 وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 292، 293)، الموسوعة القرآنية (4/ 474).
(4)
أي: وكون "العامل جوابها" يضعفه ....
(5)
انظر: البحر المحيط (2/ 298)، تفسير ابن عرفة (1/ 240)، اللباب في علوم الكتاب (3/ 413)، الدّر المصون (2/ 329 وما بعدها)، التحرير والتنوير لابن عاشور (26/ 23)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 162)، الجنى الداني (ص 377، 526)، شرح قطر الندى (ص 194)، الكليات للكفوي (ص 677).
(6)
بياض بالأصل بقَدر كلمة كبيرة. ولعل بموضعها: "الحرام، قوله".
(7)
انظر: شرح المفصل (2/ 76، 403)، المقدمة الجزولية (ص 54)، الهمع للسيوطي (2/ 285)، جامع الدروس العربية (1/ 67).
و"معك" يتعلّق بـ "تيسّر"، أو بحَال من "القُرآن". (1)
و"من" تبعيضية. (2)
ويبعُد أن يتعلّق "من القرآن" بـ "اقرأ"؛ لأنه لا يجبُ عليه ولا يُستحَبّ له أن يقرأ جميع ما تيسّر له من القُرآن. (3)
ولك أن تُعَلّق "معك" بحَال مِن ضَمير "تيسّر"، وتُعَلّق (4)"من القُرآن" بحَال من ضمير الاستقرار [متعلّق](5)"معك". ويدخُل التنازع بين "اقرأ" و"تيسّر"، ومُتعلّق "معك".
قوله: "ثمَّ اركع حتى تطْمئن رَاكعًا": "حتى" مُقَدَّرَة بـ "إلى أنْ"، ولا يجوزُ تقديرُها بـ "كَي". (6) وقد تقَدّم الكَلامُ على "حتى" في الثّاني من أوّل الكتاب. و"تطمئن" منْصُوبٌ بإضْمار "أنْ" بعْد "حتّى".
(1) انظر: إرشاد الساري (9/ 145، 387).
(2)
انظر: الجنى الداني (ص 309)، حروف المعاني والصفات (ص 50)، اللمحة (1/ 64)، الجزولية (ص 124)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 354)، أوضح المسالك (3/ 18)، مغني اللبيب (ص 420)، جامع الدروس العربية (3/ 172).
(3)
انظر: إرشاد الساري (9/ 145، 387).
(4)
مُتعلق بـ: "ولك أن".
(5)
غير واضحة بالأصل. ولعل المراد: "
…
بحال من ضمير الاستقرار الموجود في مُتعلق معك". ويحتمل في: "متعلق" أن تقرأ: "ومتعلق"، وحينها قد تكون "ومتعلق (معك) " في موضعها، وقد تكون مُكررة خطأ مع ما بعدها بآخر الجملة. والله أعلم.
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 529)، الجنى الداني (ص 554، 555)، مُغني اللبيب (ص 169)، توضيح المقاصد (3/ 1250)، شرح شُذور الذهب للجوجري (2/ 528)، موصل الطلاب (ص 104 وما بعدها)، همع الهوامع (2/ 381)، الكُليات للكفوي (ص 396)، حاشية الصبّان (3/ 435)، جامع الدروس العربية (2/ 181).
ومصْدرُ ["اطمأنّ": "اطمئنانٌ"](1)، و"طمَأنينة"، أي:"سَكن". و "هو مُطمئنٌ إلى كذا"، و "ذاك مُطمَأن [إليه] (2) ". و "اطبأنّ" - بـ"الباء" - مثله، على الإبدال. وتصغير "مُطمئن":"طُمَيْئِن"، بحذف "الميم " من أوّله، وحذف إحدى النونين من آخره. وتصغيرُ "طمَأنينة":["طُمَيئينة"](3)، تُحذَف إحدى النونين لأنّها زائدة. (4) انتهى من "الصحاح".
قوله: "راكعًا": حالٌ من فاعل "تطمئن". وكذلك "ساجدًا" و"قائمًا" و"جالسًا" أحوالٌ من ضمائر الأفعال قبلها.
قوله: "وافعَل ذلك في صَلاتك كُلّها": أكّدَ "الصّلاة" بـ"كُلّ"؛ لأنّها أرْكان مُتعدّدة. ويحتمل أنْ يُريد بقَوله: "في صَلاتك" جنس جميع الصَّلَوَات على اختلافِ أوْقَاتها وأسمائها.
***
(1) بالنسخ: "اطمئن: اطمئنانًا". وفي الصحاح: "اطمئن الرّجلُ اطمئنانًا".
(2)
سقط بالنسخ. والمثبت من الصحاح.
(3)
غير واضحة بالأصل. وقد تكون: "طُميئنة".
(4)
انظر: الصحاح (6/ 2158، 2159).