الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه دليل، ومنه قوله تعالى:{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22]، أي:"أو تلك"(1)، وتقدّم الكلام على مادة "أخذ" في السادس من "الاستطابة".
قولها: "فأشار برأسه أن نعم": أن هنا مفسرة، وقد تقدمها شرطها، [وهو](2) معنى القَول، وسيأتي القَول عليها في الخامس من "الأطعمة"، وسيأتي القول على "نعم" في الرابع من "الجنابة". والله أعلم.
الحديث الرابع:
[20]
: عن أبي موسى قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك وطرف السواك على لسانه يقول أع أع والسواك في فيه كأنه يتهوع"(3).
قوله: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم": التقدير: "أنه قال"؛ ليقوم مقام المفعول الذي لم يُسمّ فاعله.
وجملة "أتيت": "أتيت" في محلّ معمول القول.
وقوله: "وهو يستاك": جملة من مبتدأ وخبر في محل الحال من النبي صلى الله عليه وسلم، والرابط "الواو" والضّمير.
و"هو": من المضمرات الموضُوعة للمُذكّر الغائب، وهو كُلي وضعًا؛ إذ ما من مُذكّر غائب إلا ويُطلق عليه "هو"، وجرى استعمالًا لخصوصه بمن يُطلق عليه، والمشهور لُغة تخفيف واوه وتحريكها، [وهمدان](4) تشدّدها، وأسد وقيس تسكّنها.
(1) انظر: البحر المحيط (8/ 148)، تفسير القرطبي (13/ 59، 96)، وشرح الكافية الشافية (3/ 1215 وما بعدها).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
رواه البخاري (244) في الوضوء، ومسلم (254) في الطهارة.
(4)
بالنسخ: "وهو أن". والمثبت من "البحر المحيط".
وحذفها مُختصّ بالشعر. و "الواو" زائدة بدليل سقوطها في التثنية والجمع نحو: "هما" و "هم"، و "الهاء" أصل (1).
وقال أبو عبد الله القرطبي: "هو" اسم من أسماء الله الحسنى، ينفتح به من العلوم الباطنة ما لا ينفتح للعَالم بطريق النظر.
وقال الأقلبشي: لم يَرد فيه أثر، ولا هو من الأسماء التامة في اللسان العربي، بل هو اسم يحتاج إلى صلة وعائد ليكون مُفيدًا، فإنك إذا قلت:"هو" وسكتّ لم يكن الكلام مُفيدًا حتى تقول: "هو أخي" أو "هو قائم"، لكن أرباب القلوب الصافية وأهل المقامات العالية جَرَت عندهم هذه الكلمة مجرَى الأسماء [الذاتية](2)، فقالوا:"يا هو" كما قالوا: "يا الله"(3).
قال منصور بن عبد الله: "الهاء" تنبيه على معنى ثابت، و "الواو" إشارة إلى مَن لا تُدرَك حقائق نعوته وصفاته بالحواس.
قال ابن فورك: "الهاء" تخرج من أقصى الحلق، وهو أوّل المخارج، و "الواو" من الشفة، وهو آخر المخارج، فكأنه يشير إلى أنّ كِلا طرفي الأمور بيده، وهو الأوّل والآخر.
قال الأقلبشي: [كلها](4) إشارات الأولياء خارجة عن ظاهر العلم الحاصل
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 214)، وشرح المفصل (2/ 329)، التعليقة على كتاب سيبويه (2/ 78)، شرح التسهيل (1/ 140، 142، 148)، شرح الكافية الشافية (1/ 230)، الجنى الداني (1/ 350)، ونتائج الفكر (ص 174).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
راجع: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 214 وما بعدها)، وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10/ 227).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
بطريق النظر. (1)
قوله: "بسواك": يتعلق بـ "يستاك"، وإنما قال:"بسواك" احترازًا؛ لأن الاستياك يكون بالثوب [والإصبع](2)، وليرتب عليه (3):"وطرف السواك على لسانه".
ويظهر أنّ في الكلام [قلبًا](4)؛ لأنّ المراد: "والسواك على طرف لسانه"؛ لأنه لا يمكن في الاستياك أن يكون إلا بطرفه، فلا فائدة في ذكر الطرف.
ويحتمل أن يكون طرف السواك على آخر لسانه؛ ولذلك يقول: "أع أع"، وهو حكاية صوت التهوع، فيكون مثل "قب" حكاية وقع السيف، و"طاق طاق" حكاية صوت [الضرب](5)، وهذا النوع إنما بنيَ لعدم مُوجب الإعراب، وهو التركيب الإسنادي (6).
والجملة مِن "يقول" في محلّ الحال من فاعل "يستاك"، وفاعل "يقول": ضمير "النبي صلى الله عليه وسلم"، ويحتمل أن يكون ضمير "السواك"، من باب قولهم:
شكَا إليّ جملي طُولَ السُّرَي
…
...
…
...
…
...
…
...
…
. (7)
(1) راجع في هذا: البحر المحيط (1/ 214 وما بعدها)، تفسير الرازي (2/ 254).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: فتح الباري (1/ 355)، وإحكام الأحكام (1/ 112)، وعمدة القاري (3/ 185).
(4)
بالنسخ: "قلب".
(5)
بالنسخ: "الصوت". والمثبت من "شرح المفصل".
(6)
انظر: مغني اللبيب (ص 253)، وموصل الطلاب (ص 31)، والصحاح (3/ 1307)، وشرح المفصل (3/ 89).
(7)
البيت من الرجز، للملبد بن حرملة. ويُروى فيه:
يَشْكُو إليّ جمَلي طُولَ السُّرَي
…
صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلانا مُبْتَلَى
انظر: حياة الحيوان الكبرى للدميري (2/ 489)، والمعجم المفصل (12/ 352).
و:
امتلا الإنَاءُ وَقَالَ: قَطْني
…
مَهْلًا رُوَيدًا قَد مَلأتَ بَطْني (1)
قلت: يُضعفه قوله: "كأنه يتهوع"، فإنه ضميره صلى الله عليه وسلم قطعًا.
و"على لسَانه" يتعلق بالخبر، أي:"كائن".
قوله: "والسواك في فيه": جملة من مبتدأ وخبر في محل الحال من ضمير "تقول". وتقدّم الكلام على "الفم" في الحديث الثّاني من "باب السّواك".
قوله: "كأنه يتهوّع": جملة في محلّ الحال، أي:"مشبهًا للمتهوع"، وخبر "كان": الجملة.
***
(1) هذا الرجز بلا نسبة. ولكنه يُروى: "امتلأ الحوض". ويروى: "سَلًّا رُوَيْدًا". انظر: شرح الأشموني (1/ 106)، شرح التسهيل (1/ 137)، شرح المفصل (2/ 147)، الصحاح (3/ 1153)، المخصص (4/ 236)، لسان العرب (7/ 382)، تاج العروس (20/ 38)، المعجم المفصّل (12/ 289).