الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"قال" في الأحاديث الأُوَل من الكتاب.
الحديث الثَّاني:
[58]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ في بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بها خَطِيئَةٌ. فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْه، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ"(1).
قولُه: "صَلاة الرَّجل": مُبتدأ، ومُضَاف إليه.
"في بيته": يتعلّق بـ "صَلاة" لأنَّه مَصدر "صلّى"، والمصدرُ هنا مُضَاف إِلَى فاعله (2)، وَلَا يتعلّق بـ "تُضعّف"، لأنّ المعنى ليس عليه.
و"تضعف": مبني لما لم يُسَمّ فاعله، وهو [في محلّ](3) الخبر.
و"على صلاته": يتعلّق بـ "تُضعّف".
قولُه: "خمسًا وعشرين": يحتمل أن يكون مَصدرًا؛ لأنه عَدد التضعيف.
ويحتمل أنْ يكون خبرًا لـ "تضعف"، ويكون "تضعف" بمعنى "تصير"؛ فيحتاج إِلَى اسم وخبر، كما قيل في قولِه تعالى:{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} (4)[البقرة: 245]. (5)
(1) رواه البخاري (647) في الأذان، ومسلم رقم (649) في المساجد.
(2)
راجع: عقود الزبرجد (2/ 232)، شرح أبيات سيبويه (1/ 21)، جامع الدروس العربية (3/ 81).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
بالنسخ: "يضاعفه".
(5)
انظر: البحر المحيط (2/ 567)، تاج العروس (24/ 50، 51، 52).
و"ضعفًا": مصْدَرٌ بمعنى "المضَاعَفَة"، [كـ "العطاء"](1) بمَعنى "الإعطاء"، وهو هنا منصُوبٌ على التمييز. وإذا قُدِّر مَصْدرًا لا يُثنّى وَلَا يُجمَع. وإنّما جُمِع في الآية لاختلاف أنواع التضعيف، قال تعالى:{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} (2)[البقرة: 245](3).
واختلف في "تضعف" و"تضاعف"، هَل هما بمعنىً أُم لا؟ فقيل: بمعنى. وقيل: "تضاعف" لاثنين، و"تضعف" إِلَى أكثر منها. (4)
قولُه: "وذلك أنّه إِذَا توضّأ": أي: "لأنّه"؛ [فـ "الواو"](5) سببية، أي:"بسبب أنّه إِذَا توضّأ"، [و"أنّ"](6) في محلّ خبر "ذلك"، أي:"ذلك كائن بأنّه". والضّمير في قولُه: "أنّه" يعُود على "الرّجُل المصلّي"، وكذلك فاعل "تَوَضَّأَ"، وخبر "أنّ":"إِذَا"، وجَوابها:"لم يخط".
والعامل في "إِذَا": "يخط"، وَلَا يمنعه "لم"؛ لأنَّها لا مَصدرَ لها، أو يكُون العاملُ فعلها، على ما تقدّم في الحديث الثّاني من أوّل [الكتاب](7).
ويحتمل أن يكُون الضّميرُ في "أنّه" ضميرَ الأمر والشّأن، وتُفسّر الجملة بعد.
قوله: "فأحْسَنَ": [معطُوفة](8) على "توضّأ"، وكذلك "ثُم خرَج". و"إِلَى المسجد": يتعلّق بـ "خَرَج".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
بالنسخ: "يضاعفه أضعافًا".
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 567)، تاج العروس (24/ 49، 55).
(4)
انظر: البحر المحيط (2/ 566)، (3/ 643)، تاج العروس (24/ 51).
(5)
بالنسخ: "فالفاء".
(6)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "فأنّ".
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
قولُه: "لا يُخرجه إلَّا الصَّلاة": جملة حاليّة من ضمير "خرج"، أي:"غير خارج إلَّا للصّلاة". و"الصّلاة": فاعلُ "يُخرجه"، وهو استثناءٌ مُفرغ.
و"خطوة": بفتح "الخاء"، الفَعلة، وبضمها:"ما بين قَدَميّ الماشي". وهي هنا مفتوحة "الخاء"؛ لأنَّ المرادَ "فِعلُ الماشي"، وهو المصدر، فنصبها على المصدَريّة. (1)
قولُه: "إلَّا رُفعت له بها دَرَجَة": "رُفعت" فعل ماض لما لم يُسَم فاعله، في محلّ حال من ضمير "يخط".
والماضي إِذَا وَقَع بعد "إلّا" حَالًا لا تدْخُله "الواو" وَلَا "قد"، وكذلك إنْ كَان أصله شَرطًا، نحو:"لأضربنّه ذَهَب أو مَكَث". (2)
وقد تقَدّم في السَّابع من أوّل الكتاب الكَلامُ على ذَلك.
والضمير في "بها" يعُود على "الخطوة". وحرفُ الجر يتعلّق بـ "رفعت". و"له" يصح أن يتعلّق به أيضًا.
ويجوز أن تتعلّق "بها" بصفة لـ "درَجَة" تقدّمت؛ فانتصبت على الحال.
و"الدّرَجَة": واحدة "الدّرَجَات"، وهي "الطبقات". و"الدُّرجَة": بضَمّ "الدّال" - مثال "الهُمزَة" - لُغَة في "الدّرَجَة"، وهي "المرْقَاة". (3)
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيَّان (2/ 101)، مرقاة المفاتيح (2/ 595)، إحكام الأحكام (1/ 192)، الإعلام لابن الملقن (2/ 365)، مشارق الأنوار (1/ 235)، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (ص 77).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 436)، (7/ 526)، عقود الزبرجد (2/ 429، 432)، شرح التسهيل (2/ 304، 309)، شرح المفصل (2/ 28)، (5/ 251 وما بعدها)، أوضح المسالك (2/ 259)، توضيح المقاصد (1/ 190)، حاشية الصبان (2/ 262)، همع الهوامع (2/ 272، 321 وما بعدها، 326)، جامع الدروس العربية (3/ 266).
(3)
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 366)، الصحاح للجوهري (1/ 314)، لسان العرب =
"وحُطّ": معطوفٌ [عليه](1)، وهو مبني لما لم يُسَمّ فاعله. وأصله:"حطط".
ويجوز فيه ما جاز في "قيل" و"بيع" على قِلّة.
ومن ذلك قراءة الأَعْمَش: "هَذه بضَاعتُنا رِدَّتْ إلينا"(2) على نقل [حرَكَة](3)"الدّال" المدغَمَة إلى "الرّاء" بعد توهُّم [خُلُوّها](4) من الضّمة، وهي لُغة لـ "بني ضبّة"، [كما](5) نقَلَت العَرَب عنهم في "قيل" و"بيع". وحكى "قُطربٌ" النّقل في الحرْف الصّحيح غير المدْغَم، نحو:"ضَرَبَ زيدٌ". (6)
قولُه: "فإذَا صَلّى لم تَزَل الملائكَة تُصلّي عليه": جَوَابُ "إِذَا": "لم تزل"، و"الملائكة": اسمها، و"تُصَلّي" في مَوْضع الخَبَر، وهي من أخَوَات "كَان". وسيأتي الكَلامُ عليها.
قولُه: "ما دَامَ في مُصَلّاه": "مَا" في "مَا دَامَ" مَصْدَرية ظَرْفية (7)، من أخْوَات
= لابن منظور (2/ 266).
(1)
طمس بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
سورة [يوسف: 65]. وقد قرأ بها عَلقَمةُ، ويحيى بن وثَّابٍ، والأعمش. انظر: البحر المحيط (6/ 296).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أيضًا". والمثبت من "البحر المحيط" ومصادر أخرى.
(4)
بالنسخ: "خلوه". والمثبت من "البحر المحيط".
(5)
كشط بعضها بالأصل. والمثبت من "البحر المحيط".
(6)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 737)، البحر المحيط (6/ 296)، روح المعاني للألوسي (7/ 12)، المنصف لابن جني (ص 249 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 440)، شرح الكافية الشافية (2/ 606)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 603)، الهمع (3/ 315)، وشذا العرف في فن الصرف (ص 42).
(7)
انظر: إرشاد الساري (9/ 41)، شرح الأشموني (1/ 75)، العُمدة في إعراب البردة (ص 66).
"كان"، وَلَا يتقَدَّم خبرها عليها، ويتقَدَّم على اسمِها، خِلافًا لابن مُعْط (1). (2)
والشَّاهِدُ على جَوَازه:
لا طِيبَ لِلعَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً
…
لذَّاتُهُ بادِّكارِ الشَّيْبِ والهَرَمِ (3)
و"في مُصَلّاه": يتعلّق بخَبر "ما دَام".
قولُه: "اللَّهم صَلّ عليه، اللَّهُمَّ اغفر له، اللَّهم ارْحَمه": "اللهم": مُنَادَي، عُوِّض من حَرْف النداء "الميم" عند البصريين (4)؛ ولذلك لا يُجمَعُ بينهما إلّا في
(1) ابن مُعط: أَبُو الحسن، زين الدين يحيى بن عبد المُعطي المغربي الحنفي، إمام مُبرز في العربية، وشاعر مُحسن، قرأ على الجزولي، وأخَذ عنه الكثير، وكان مُدرسًا في دمشق ومصر، وكان يحفظ الكثير المفيد. له: الألفية في النحو، وشرح الجمل في النحو، وشرح أبيات سيبويه "نظم"، كما نظم كتاب الجمهرة لابن دُريد في اللغة، ونظم كتاب الصحاح للجوهري، ونظم كتابًا في العَروض، وقصيدة في القراءات. توفي سنة 628 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (22/ 324)، وفيات الأعيان (6/ 197)، بغية الوعاة للسيوطي (2/ 344).
(2)
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 368)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 494، 495)، أوضح المسالك (1/ 237 وما بعدها)، شرح القطر (ص 127 وما بعدها)، شرح ابن عُقيل (1/ 274 وما بعدها)، شرح الأشموني (1/ 231 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 242 وما بعدها)، همع الهوامع (1/ 428، 429)، النحو الوافي (1/ 565 وما بعدها)، جامع الدروس العَربية (2/ 279).
(3)
البيتُ من البسيط، وهو بلا نسبة. انظر: توضيح المقاصد والمسالك (1/ 494)، شرح التصريح (1/ 242 وما بعدها)، همع الهوامع للسيوطي (1/ 428، 429)، المعجَم المفصل (7/ 363).
(4)
الميمُ عند البصريين بدلٌ من "يا"، فلا يجوزُ عندهم أن تجتمع مع "يا"، وهي عند الكوفيين الميم من "أُمَّ"، إِذَا قلت:"اقصد"، ومعنى اللَّهُمَّ عندهم:"يا الله أُمَّنا بخيرٍ"، ولكن حُذِفت الهمزةُ ووُصِلت الميمُ باسم الله تعالى. والصحيحُ قول البصريين؛ لأنّ اللفظَ يُستعمَل في غير الخير أيضًا، كالدعاء باللعن. انظر: ما يجُوزُ للشاعر في =
ضَرورَةٍ. (1) وقَد تَقَدَّم في الحديثِ الأوّل من "باب الاستطابة" الكَلَامُ عليه؛ فَليُنظَر هُنالك.
والتقديرُ هُنا: "يقُولون اللَّهُمَّ". (2)
وحَذْفُ القول كثيرٌ، منه قولُه تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23، 24]، [أي] (3):"يقولون: سلامٌ". (4)
ويحتمل - عندي - الكَلَام تنوّع صَلَاة الملائِكة، فبَعضهم يقُول:"اللَّهُمَّ صَلّ عليه"، وبَعضهم:"اللهم اغْفَر له"، وبَعضهم:"اللهم ارْحَمْه". ويحتمل أنْ يكُونَ الجميعُ دُعَاءَ جميعهم. (5)
قوله: "وَلَا يزالُ في [صَلاة] (6) ": "مَا زَالَ" من أخَوات "كَان"، كما تقدَّم. وقد قيَّدوه بأنْ يكُون الماضي (زال) والمضارع "يزال"؛ احترازًا من ماضي "يزيل"، فإنه فِعْل تام [مُتعدّ لمفعول، ومن ماضي "يزُول"، فإنه فِعلٌ تام](7) قاصر، ومعناه "الانتقال". ومنه قولُه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ
= الضرورة للقزاز القيرواني (ص 240)، أسرار العربية (177).
(1)
انظر: فتح الباري (11/ 155)، عقود الزبرجَد (1/ 299)، أسرار العربية (176، 177)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 279 وما بعدها)، ما يَجوز للشاعر في الضرورة (ص 240)، شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 325)، شرح التصريح (2/ 224)، همع الهوامع (2/ 63 وما بعدها)، النحو الوافي (4/ 36).
(2)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 84)، الإعلام لابن الملقن (2/ 368).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 18، 19)، عقود الزبرجَد (1/ 84)، مُغني اللبيب (ص 827)، النحو الوافي (2/ 54، 55).
(5)
راجع: الإعلام لابن الملقن (2/ 369).
(6)
بالنسخ: "مُصلاه". والمثبت من مطبوعة "العُمدة"(ص 59).
(7)
سقط من (ب).
زَالَتَا} [فاطر: 41]، ومَصْدرُه "الزوال". (1)
وأمَّا "زَالَ" هُنَا: فمَعْناها "الدَّوَام"؛ فاسمُها ضَمير "المٌصَلِّي"، وخَبَرُها مُتَعَلَّق المَجْرُور.
قَالُوا [لِمَا](2) نُقِل: "زَالَ" من المكَان إِلَى [الزّمان](3)، نُقِل عن بناء "يَفْعُل" - نحو:"قَالَ، يقُول" - إِلَى بناء "يَفْعَل" - نحو: "خَاف، يخاف" - فَعَلُوا ذلك ليكُون إشْعَارًا بنَقْله عن المعنى الذي كَان عليه؛ فيقُول: "ما أزال"، كما يقُول:"ما أخَاف"؛ و"ما زلت"، كما يقُول:"ما خِفْت".
قولُه: "في صَلاةٍ": "في" هُنا لمَجَاز الظَّرْف؛ لأنَّ "الصَّلاةَ" ليسَت ظَرْفًا للمُصلى. (4)
قولُه: "ما انتظَر": "مَا" ظَرْفية مَصْدَرية، كما تقدَّم، أي:"مُدّة انتظاره للصّلاة". (5)
(1) انظر: أوضح المسالك (1/ 232)، شرح الشذور لابن هشام (ص 240)، شرح الأشموني (1/ 237)، شرح التصريح (1/ 237)، النحو الوافي (1/ 564).
(2)
قد تُقْرأ: "لَمَّا".
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 369).
(5)
انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (9/ 41)، شرح الأشموني (1/ 75)، العُمدة في إعراب البردة (ص 66).