الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال](1): "ثم سَلّم": من تتمّة كلام أبي هُريرة، وحكايته عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في السّجدتين. والله أعلم.
قوله: "فنُبِّئْتُ": القائلُ لهذا: "محمّد بن سيرين" عن أبي هريرة.
و"نبَّأ" يتعدّى إلى ثلاثة إذا كانت بمعنى "أعلم"(2)، فالأوّل هنا الضّمير المتصل القائم مقام الفاعل، وسَدَّت "أنَّ" مسدّ المفعولين الآخرين، وإن كانت المتعدّية لاثنين سدّت مسدَّ مفعُول واحد.
قوله: "فتقدّم": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم"، "فصلى ما ترك": أي: "الذي ترك"، والعائدُ ضمير مفعول محذُوف، و"م" وصلتها في محل مفعول "يصلي"؛ لأنّه مُضمَّن معنى "أدَّى"، كما تقدّم بيانه قريبًا.
الحديث الثاني:
[104]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن بُحَيْنَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ، فَقَامَ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْن، وَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إذَا قَضى الصَّلاةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ"(3).
قوله: (عن عبد الله): وهو "ابن بحينة"، تقدّم الكَلام عليه في الحادي عشر من "صفة الصّلاة"، وأنّه منسوبٌ إلى أمِّه؛ ولذلك ثبتت [ألِف](4)"ابن" مع "بُحينة".
قوله: "وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ": جملة معترضة.
(1) غير واضحة بالأصل. ولعلها: "يقال". والمثبت من (ب).
(2)
انظر: شرح التسهيل (2/ 100)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 572)، ومغني اللبيب لابن هشام (ص/ 681).
(3)
رواه البخاري (1224) في السهو، ومسلم (570) في المساجد.
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
والمعترضة هي: المفيدة تقوية ما يتوسّط بين أجزائه.
وجملة "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم" في محلّ رفع بمتعلّق حرف الجر، وقد تقدّم نظائره.
قوله: "صلى بهم" في محلّ خبر "أنَّ"، و"الظهر" مفعول بـ "صلي"، أي:"صلاة الظهر"، فتعدّى إلى مصدره.
قوله: "فقام": معطوفٌ على "صلَّى".
و"في الركعتين": "في" بمعنى "من"، كقوله:
..........................
…
ثَلَاثِينَ شَهرًا فِي ثَلَاثَة أَحْوَال (1)
وهو أحَد وجوهها. ويحتمل أن تكون على بابها، أي:"قام في جلوس الركعتين قبل أن يتمها". و"الفاء" ليست سببية.
قوله: "الأوليين": تقدّم في الحديث الثّاني من "باب القراءة".
قوله: "ولم يجلس": معطوف عليه. وكذلك: "قام الناس معه". تقدّم الكلام على "مع" في أوّل "المسح على الخفين". ويحتمل هنا أن يكون في محلّ حال من النّاس، أي:"مجتمعين معه".
[قوله](2): "حتى إذا قضى الصلاة" تقدم الكلام على "حتى" في الحديث الثاني من الأول، ويتعلّق بهذا الموضع الكلام على "حتى" مع "إذا".
قال أبو حيّان: "حتى" مع "إذا" حرف ابتداء، وليست جارَّة لـ "إذا" ولا لجملة الشرط والجزاء. ومعنى الابتداء فيها: أن يصلح وقوع المبتدأ بعدها، لا أنه يلزم
(1) عجز بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس، وصدره:"وَهل يَعِمَنْ مَنْ كَانَ أحدثُ عصره". انظر: مغني اللبيب (ص 225)، الهمع (2/ 446)، المعجم المفصل (6/ 439).
(2)
بياض بالأصل بقدر كلمة.
وقوعه بعدها، ألا ترى أنها في نحو:"ضربتُ القوم حتى زيدًا ضربتُ" حرفُ ابتداء، [وإن](1) كان ما بعدها منصوبًا.
و"حتى" إذا وقع بعدها "إذا" احتمل أن تكون بمعنى "الفاء"، أي:"فإذا"، أو بمعنى "إلى أن"، كقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ} [الأنعام: 25]، فكونه بمعنى "إلى أن" يكون التقدير:"إلى أن يقولوا: إنْ هذا إلّا أساطير الأولين، في وقت مجيئهم لمجادَلتك"؛ لأنّ الغَاية لا تؤخَذ إلّا من جواب الشرط، لا من الشرط. وعلى هذا يتخرّج جميع ما جاء من هذا النحو، ولا بدّ أن يتقدّمه كلام ظاهر، كالآية، وكقوله:{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا} [الكهف: 74]، أو مُقدّر، كقوله تعالى:{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} [الكهف: 96](2).
قلت: فيكون التقدير هنا: "فصلى بهم الظهر إلى أن كبَّر وهو جالس وقت انقضاء الصلاة وانتظارهم تسليمه".
قال الشّيخ أبو حيان: وجوَّز الزمخشري أن تكون "حتى" جارَّة لـ "إذا"؛ فقال: ويجوز أن تكون الجارَّة، وتكون "إذا جاءوك" في محلّ الخبر، بمعنى:"حتى وقت مجيئهم"، و"يجادلونك" حال. وأوجب ابن مَالك ذلك؛ فقال في التسهيل:"وقد تفارقها"(3). يعني أنّ "إذا" تُفارقها الظّرفية، فتجيء مفعولًا به ومجرورة بـ "حتى" ومُبتدأ.
وما [ذهَب](4) إليه ليس بصَواب، والحقّ ما قاله الحوفي وأبو البقاء وغيرهما
(1) بالنسخ: "أو". والمثبت من البحر المحيط.
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 470، 471).
(3)
انظر: التسهيل (ص 94).
(4)
غير واضحة بالأصل. ولعلها: "ذهبا". والمثبت من (ب).
أنّ "إذا" في موضع نصب بجوابها، وليس لـ"حتى" هنا عَمَل، وإنما أفادت معنى الغاية، كما لا تعمَل في الجمَل (1). انتهى.
فعلى ما اختاره أبو حيّان تكون "حتى" حرف ابتداء، و"قضى الصّلاة" في محل جر بإضافة "إذا" إليه، والعاملُ فيها جوابها وهو "كبَّر".
ومعنى الابتداء فيها: وقوعها مع ما بعدها جملة. قاله الزمخشري، وصوَّبه أبو حيان (2).
قوله: (وهو جالس): جملة حاليّة من فاعل "كبَّر"، وجاءت بـ "الواو" والضّمير.
قوله: "فسَجَد": معطُوفٌ. و"سَجْدَتين" مصدر مُثنى، مثل:"ضرب ضربتين".
قوله: "قبل أنْ يُسلِّم": تقدّم الكَلام على "قبل" في الرّابع من الأوّل. و"أن يسلم" في محلّ جَر بالإضَافة إلى "قبل".
* * *
(1) انظر: البحر المحيط (4/ 471).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 470).