الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فـ "أو" هنا في الحديث للشّك من الراوي، أو من "عائشة" رضي الله عنها.
فائدة:
إذا قلت: "أزيد عندك أو عمرو" حمل على أنّ السائل لم يثبت عنده أن أحدهما المسئول عنه؛ فيكون جوابه: "لا" أو "نعم".
فلو قال: "أزيد عندك أم عمرو" حمل على أنّ السائل علم أنّ أحدهما عند المسئول، ولكنه جهل تعيينه؛ فجوابه:"زيد" أو "عمرو"، ولا يجاب بـ" لا" و "نعم".
فـ "أم" للتعيين، بخلاف "أو". ويدلّ على ذلك جواز قولهم:"رأيت زيدًا أو عمرًا" وامتناع "رأيتُ زيدًا أم عمرا". (1)
*****
قوله: "في الرفيق الأعلى": حرْفُ الجر يتعلّق بمحْذوف، أي:"أَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى"، وقد جاء مصرّحًا به في رواية أخرى (2).
و"الأعلى": "أفعَل" من "علا". ويحتمل أن يكون مذكر "فُعلى". وُيراد بـ"الرفيق": "الجماعة العليا"(3). وقد جرى مثل هذا في "الفردوس الأعلى".
= الداني (ص 228)، وشرح شذور الذهب للجوجري (2/ 808)، والهمع (3/ 203)، وشرح التصريح (2/ 173)، وتوضيح المقاصد (2/ 1009)، حاشية الصبان (3/ 157).
(1)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 274)، واللباب في علل البناء والإعراب (1/ 430)، ومغني اللبيب (ص 63)، والمقتضب (3/ 301 وما بعدها)، وشرح المفصل لابن يعيش (2/ 149)، (5، 17/ 18).
(2)
صحيحٌ: سنن ابن ماجه (1619)، وسنن الترمذي (3496)، وقال:"حسن صحيح"، وأحمد (24774)، من حديث عائشة. وصحّحه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع الصغير"(1267).
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر (8/ 137)، وشرح النووي على مسلم (15/ 208) ، =
وقيل: مؤنثة؛ لتأنيث صفتها، إن قيل:"فُعلى".
وقيل: وزنه "أفعل"؛ فلا يدل على التأنيث.
ومتى قلنا: "الرفيق" هو اسم من أسماء الله تعالى تعين التذكير، ولا يكون له مفهوم، كقوله:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117]، وقوله:{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: 61]، ولا يكون قتلهم بحَق. (1)
قال الشيخ تقيّ الدّين: يحتمل أن يُراد بـ "الرفيق": "الأعلى" وغيره. ثُم ذلك على وجهين: -
أحدهما: أن يختص [الفريقين](2) معًا بالمقربين المرضيين، ولا شك أن مراتبهم مُفرّقة؛ فيكون صلى الله عليه وسلم طلب أن يكون في أعلى مراتب الرفيق، وإن كانوا كلهم سعداء مرضيون. (3)
قلتُ: فعلى هذا يكون المراد بـ "الرفيق": "المتصفين بالسعادة في الآخرة"، ثم طلب أعلى مراتبهم.
الثاني: أن يُطلق "الرفيق" بالمعنى الوضعي الذي يعم كُلّ رفيق، ثم يخصّ منه "الأعلى" بالطلب [وهو مُطلَق](4)"المرضيين"، ويكون "الأعلى" بمعنى "العالي"، ويخرج عنهم غيرهم، وإن كان اسم "الرفيق" مُنطلقًا عليهم. (5)
= والتمهيد لابن عبد البر (24/ 269).
(1)
انظر: رياض الأفهام (1/ 267 وما بعدها)، وتاج العر وس (16/ 322)، وتهذيب اللغة (13/ 104).
(2)
كذا بالأصل. وفي المصدر: "الرفيقان".
(3)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 110، 111).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب) والمصدر.
(5)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 111).
قلت: يريد -والله أعلم- أنّ المؤمنين كلهم رفيق له من جهة أنهم مُصدِّقون له صلى الله عليه وسلم مُؤمنون به، ولكن منازلهم على حسب أحوالهم وأعمالهم، فمنهم من خلفه عَمله عن منزلة غيره، ومنهم من قَدّمه عمله، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يُلحقه بـ "الرفيق الأعلى" منهم، وهو بمعنى "العالي من المنزلة".
وقوله: "ثلاثًا": مصدر؛ لأنه عَدَد "مرّات". و "مرات": جمع "مرة"، و "مرة" مصدر. وقيل:"مرّة" ظرف؛ فيكون "ثلاثًا" ظرف (1).
قولها: "قَضَى": نحبه، أو يكون بمعنى "تُوفي" اللازم.
قال في "الصّحاح": "قضى نحبه""قضاء"، أي "مات". (2)
وقال الفرّاء: قوله: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]، بمعنى:"امضوا إليّ"، كما يُقَال:"قضى فلان" أي: "مات ومضى". (3)
قال ابنُ الأثير: قال الأزهري: "القضاء" في اللغة على وجوه مرجعها إلى "انقطاع الشيء وتمامه".
ومنه: "القضاء"[المقرون](4) بـ "القَدَر".
والمراد بـ "القَدَر": "التقدير"، وب "القضاء":"الخلق"، كقوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12]، أي:"خلقهن".
و"القضاء والقَدَر" أمْرَان مُتلازمَان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر؛ لأنّ أحدهما بمنزلة الأساس، وهو "القَدَر"، والآخر بمنز لة البناء، وهو "القضَاء"، فمَن أراد
(1) انظر: البحر المحيط (5/ 476)، ونتائج الفكر (ص 300).
(2)
انظر: الصحاح (6/ 2463).
(3)
انظر: معاني القرآن للفرّاء (1/ 474)، والصحاح (6/ 2464).
(4)
بالنسخ: "المعروف".
الفصْل بينهما فقد رام هَدْم البناء ونقضه (1).
قوله: " [وكانت] (2) تقول": جملة مستأنفة.
و"مات بين حاقنتي وذاقتتي": اسمُ "كان": "ضمير عائشة رضي الله عنها". والخبر في جملة "تقول". و "ذاقنتي" معطوفٌ على "حاقنتي".
و"الحاقنة": هي "النُّقرة بين الترقوة [وحبل العاتق] (3) ". و "الذاقنة": "طرف الحلقوم". ويُقال: "الحاقنة": "ما سفل من البطن"، [قاله الجوهري](4). (5)
وقال غيره: "الذاقنة": "أعلى البطن"، و "الحواقن":"أسفله"(6).
قوله: "بين": ظَرْف، ويُستعمل استعمال الأسماء المعربة، فتدخلها علامات الإعراب، نحو قوله تعالى:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78].
وتكون بمعنى الوصل والقطع، كقوله تعالى:{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94]، أي:"وصلكم".
وتنتقل الزمانية إلى المكانية، نحو:"داري بين دارك ودار زيد".
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (4/ 78).
(2)
بالنسخ: "وكان".
(3)
بالنسخ: "وحد العنق". والمثبت من "الصحاح".
(4)
سقط من النسخ. والمثبت من المصادر.
وانظر: رياض الأفهام (1/ 270)، والإعلام لابن الملقن (1/ 593).
(5)
انظر: الصحاح (5/ 2103، 2119).
(6)
انظر: رياض الأفهام (1/ 270)، وإحكام الأحكام (1/ 110)، ومشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 209، 210، 271)، وتاج العروس (34/ 450)، ولسان العرب (13/ 126)، وشمس العلوم (8/ 5533)، والصحاح (5/ 2103)، والنهاية لابن الأثير (1/ 416)، وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 230)، وأساس البلاغة (1/ 313).
وتدخُل عليها "ما"، فتقول:"بينما يفعل كذا"، أي:"بين أوقات فعله لكذا". وقد تلحق "الألِف"، فتقول:"بينا"، والتقدير كما تقدّم.
واعلم أنّ "بينما" تتلقى تارة بـ "إذ" وتارة بـ "إذا" التي للمفاجأة، كقوله:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
. بيْنَما العُسْر إذْ دَارَت مَيَاسِير (1)
وقوله:
بَيْنَمَا المَرْءُ فِي الأَحْيَاءِ مُغْتَبِط
…
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ (2)
وأما "بينا" فلا تلتقي بواحدةٍ منهما.
وربّما أضيفت "بينا" إلى مصدَر، نحو:"بينا تُعانقه الكُماة"، بخفض "تعانقه".
قلتُ: وعجُز البيت لأبي ذؤيب:
بَينا تَعانُقِهِ الكُماةُ ورَوْغِهِ
…
يَومًا أُتيحَ لَهُ جَرئٌ سَلْفَعُ (3)
وهذا البيت ينشد بجر "تعانقه" ورفعه.
(1) عجز بيت من البسيط، وهو لجبلة العذرى عبد الْمَسِيح بن بقيلة الغسانى، أو لحريث بن جبلة، أو لعثير بن لبيد. والبيت هو:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْرًا وَارْضَيَنَّ بِهِ
…
فبيْنَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ مَيَاسيرُ
انظر: الحماسة البصرية (2/ 64)، وأمالي ابن الشجري (2/ 504)، وخزانة الأدب (7/ 60)، والمعجم المفصل (3/ 364).
(2)
البيت من البسيط، وهو لكثير بن لبيد العذري أو لحريث بن جبلة. انظر: لسان العرب (4/ 293)، وتهذيب اللغة (2/ 12)، والصحاح (2/ 661)، والمعجم المفصل (3/ 367).
(3)
البيتُ من الكامل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي. انظر: جمهرة أشعار العرب (ص 534، 549)، مُغني اللبيب (ص 677)، الجنى الداني (ص 176)، تاج العروس (21/ 219)، المعجم المفصّل (4/ 315).
فمن جر جعل "الألِف" للإشباع، لأن الأصل:"بين يعانقه" على الإضافة، ومن رفع [رفعه](1) على الابتداء وجعل "الألف" زائدة.
قالوا: ويقع بعدها اسم الإشارة مفردًا مثنى في المعنى، وهو الأصل؛ لأنّ تثنية اسم الإشارة وجمعه ليس حقيقيًا، فالأصل إفراده وتذكيره لفظًا، كقوله تعالى:{عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} (2)[البقرة: 68].
قيل: التقدير: "بين ذلك وهذا"، أي:"بين الفارض والبكر"، أو تكون الإشارة إلى معنى ما ذكر (3).
وسيأتي شيء من الكلام على "بينما" في الحديث الثاني من "استقبال القبلة"، وفي الحديث السابع من "الصيام".
قوله: "وفي لفظ: فرأيته ينظر إليه": الرؤية هنا بصرية تتعدّى إلى واحد، وجملة "ينظر إليه" في محل الحال.
وقوله: "وعرفت أنه يحب السواك": جملة "يحب السواك" في محل خبر "أن"، و "أن" مع اسمها وخبرها في محل مفعول "عرفت"، و "عرفت" في محل الحال من الفاعل في "رأيته"، و "قد" هنا معه مقدّرة، ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة لا محل لها.
قولها: "فقلت: آخذه لك": "الفاء" سببية. وجملة "آخذه" معمولة للقول.
و"آخذه": أصله "أأخذه؟ "، فحذفت "همزة" الاستفهام، وحذفها كثير إذا قام
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "ونصب".
(2)
كلمة "ذلك" غير واضحة بالأصل.
(3)
انظر في استعمالات "بين": البحر المحيط (1/ 401)، أمالي ابن الشجري (2/ 591)، شرح التسهيل (2/ 231)، همع الهوامع (2/ 204)، اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر (ص 237)، الجنى الداني (ص 176).