الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع:
[87]
: عَنْ الْبَرَاء بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ:"رَمَقْتُ الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ، فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِه، فَسَجْدَتَهُ، فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْن، فَسَجْدَتَهُ، فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ: قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ".
وَفي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: "مَا خَلا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ"(1).
قوله: "مع مُحمّد": "مع" اسم، بدليل التنوين، ويجوز تسكين "العَين". ومعناها الاجتماع في الذوات، والاجتماع في الزّمان، نحو:"جئتُك مع العَصْر"(2)، وتقدّم الكلامُ عليها في أوّل "المسح على الخفين".
وأفادَت "مع" هُنا زيادة معنى على قوله: "رَمَقْتُ صَلاة محمّد"؛ لاقتضاء "مع" معنى دخُوله معه في صَلاته مُؤتمًّا به. فـ"مع" تتعلّق بـ"الصّلاة "؛ لأنه مَصْدَر. ويحتمل أنْ تتعلّق بـ "رَمَقتُ"، ويُضعفه دُخولُ "النبي صلى الله عليه وسلم في الرَّمْق معه؛ لما اقتضته "مع" من المشَارَكة.
ويحتمل أن تتعلّق بحَال من فَاعِل "رَمَقْتُ"، أي:"كائنًا مع النبي صلى الله عليه وسلم"، أي:"في حَال كونه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتكُون "مع" ظَرْفَ مَكَان؛ لأنّ ظُروفَ الزّمان لا تكُونُ أحوالًا عن الجثَث (3).
(1) رواه البخاري (792) في الأذان، (801)، (820)، ومسلم (471) في الصلاة.
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 216)، اللباب لابن عادل (1/ 487)، مغني اللبيب (ص 439)، شرح التصريح (1/ 714)، ظاهرة التقارض في النحو العربي، لأحمد محمد عبد الله، نشر بمجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (59/ 282).
(3)
انظر: عقود الزبرجد (2/ 504)، الكتاب (1/ 136)، المقتضب (3/ 274)، (4/ 132/ 172)، الأصول في النحو (1/ 63، 70)، علل النحو (ص 233)، اللمع (ص 28، 233)، نتائج الفكر (ص 328).
ويحتمل أنْ تكُون حَالًا من "الصّلاة"، أي: "رمقتُ الصّلاة في حَال كونها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتمكّن معنى "المعيّة" للصّلاة وللنبي صلى الله عليه وسلم؛ فيكون التقدير: "رَمَقتُ الصّلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أي: "نظَرْتُ ذاتَه الكَريمة وفعله في صَلاته". والله أعلم. (1)
1 وهذه التعليقات لا تُؤخَذُ ببادي الرّأي (2)، ولا بظاهر الصّناعة؛ فلو رأى المعْرِب مثل هذا التركيب [حين] (3) يُقَال له: ما إعرابُ: "رأيتُ معك زيدًا"؟ ، فيتوَجّه له أنْ يُجيز تعَلّق "معك" بحَال من "زيد"، أو تعليقه بالفعل، وذلك صحيحٌ [في المعنى](4).
ثم يُقَال له: ما تقول في قوله تعالى: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ
…
} الآية [الأنعام: 94]، فيُجيز الوَجْهين المتقَدِّمين، فيُغَلّط؛ لأنه متى قَدّر "مع" مُتعلقة بحَال من "الشُّفعاء" فقد جَعَل معهم شُفَعَاء وأثبتهم لهم، ولكنه لا يَرَاهُم؛ فيفسُد المعنى، بخلافِ الأوّل. (5)
قوله: "فوَجَدْتُ قيامَه": مَعْطُوفٌ على "رَمَقْتُ". [لـ"وَجَد"](6) مَعَان تقَدّمَت
(1) راجع: عُمدة القاري (6/ 122)، كوثَر المعاني الدَّرارِي في كشف خبايا صحيح البُخَاري للشنقيطي (9/ 434).
(2)
بادي الرأي: ظاهره "الذي لا رَويّة فيه". وقد يجوز: "بادِئُ الرأْي". انظر: لسان العرب (1/ 27)، تاج العروس (37/ 145)، المعجم الوسيط (1/ 45).
(3)
غير واضح بالأصل. وفي (ب): "حتى".
(4)
غير واضح بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: البحر المحيط (4/ 587 وما بعدها)، اللباب لابن عادل (4/ 438 وما بعدها)، (8/ 295)، (11/ 237)، مغني اللبيب (ص 670، 774)، شرح الشذور لابن هشام (ص 485، 486)، المسائل السفرية في النحو (ص 16، 18).
(6)
كذا بالنسخ. ولعل الأصوَب: "ولوجد".
في الثّاني من "باب الاستطابة"، وهي هُنا بمعنى:"أصَبْتُ"، وليسَت بمَعْنى العلم على هذا (1). و"قيامَه": مفْعُولٌ به.
و"قريبَا": نعْتٌ لظَرفٍ محذُوف، أي:"وَجَدتُ قيامَه زَمنًا"، أو تُقَدّر:"شيئًا قريبًا". (2)
و"قريبٌ": أكثرُ ما يُستَعْمَل ظَرفًا، ويُستعْمَل غير ظَرف؛ تقُول:"إنّ قريبًا منك زيد". ويجوزُ هنا أن تكُون مفْعولًا ثانيًا، وتخرُج عن معنى الزّمَن؛ فتُقدّر "شيئًا"، فيتعَدّى "وَجَد" لمفعولين، المفعول الأوّل:"قيامه"، والثّاني:"قريب". (3)
و"من الشّواء": يتعلّق بـ "قريب"؛ لأنّه اسمُ فاعِل من" قَرُب"، أي [قرب](4)، فهو "قريبٌ". (5)
و"ما" في قوله: "ما بين التسليم والانصراف" يحتمل أن تكُون مَوصُولة، أي:"التي بين التسْليم والانصراف"، فمَحَلّها نعْتٌ و "جِلْسَتِهِ"، والتقديرُ:"فجِلْستِه التي شرعت - أو استقرّت - بين التسليم والانصراف". وفي الوصْف بـ"مَا"(6) خِلاف.
(1) انظر: توضيح المقاصد (1/ 555)، شرح الأشموني (1/ 352)، شرح التصريح (1/ 365)، الهمع (1/ 540)، جامع الدروس العربية (1/ 40).
(2)
راجع: البحر المحيط (1/ 484)، (4/ 439)، (7/ 65)، (8/ 462، 507)، (10/ 264)، الإعلام لابن الملقن (8/ 287).
(3)
انظر: البحر المحيط (3/ 268)، (5/ 72)، (8/ 507)، اللباب لابن عادل (9/ 162)، الكتاب (2/ 141 وما بعدها)، الأصول في النحو (1/ 248 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 589)، شرح التسهيل لابن مالك (2/ 17)، شرح المفصل لابن يعيش (4/ 133)، الهمع للسيوطي (1/ 435، 436).
(4)
كذا بالنسخ. ولعل الصواب: "قَرُب قُربًا".
(5)
انظر: المصباح (2/ 495، 496)، المعجَم الوسيط (2/ 723).
(6)
أي: أن تكون "ما" وصفية.
ولك أن تجعل "ما" زائدة، ويكُون العاملُ في "بين جِلْسَته"؛ لأنّه مصْدَر.
ولك أنْ تجعلها ظَرْفيّة، ويكُونُ العَامِلُ صفَة لزَمَان محذُوف، أي:"مُدّةً" أو "زَمنًا كائنًا". (1)
والذي يظهَر: أنّ الإشَارَة إلى "جِلْسته" بعد خُروجه من الصّلاةِ بالتسليم؛ فإنّه كان لا يَستَقرُ في مُصَلّاه إلا يَسيرًا مُقَدّرًا بما بين الأرْكَان من الفصْل؛ فيكون "التسليمُ" يُرَاد به: "الذي خَرَج به من صَلاته".
ويحتمل أن يكون "التسليم" المشار إليه هو الذي في التشهّد قبل قوله صلى الله عليه وسلم يقول] (2): "السّلامُ عليك أيها النبي ورحمة الله وبركَاته"، فـ "جِلْسَته فيما بينه وبين انصرافه من الصّلاة بالتسليم الثّاني مع ما تقدّم من أرْكَان الصلاة قريبًا من السّواء". (3)
وجاءَت الجمَل المعْطُوفَات كُلها بـ"الفَاء"، ولم يقُل:"فوَجَدتُ قيامه وركعته واعتداله"؛ لتُفيد "الفَاء" معنى التعقيب والترتيب. (4)
(1) انظر: عقود الزبرجد (2/ 239)، شرح الكافية الشافية (1/ 306)، مغني اللبيب (ص 276 وما بعدها، 390، 398 وما بعدها)، شرح الأشموني (1/ 75)، العُمدة في إعراب البردة (ص 66)، التعليقة على كتاب سيبويه (1/ 9 وما بعدها)، شرح المفصل (2/ 76، 403)، الجزولية (ص 54)، الهمع (2/ 285)، جامع الدروس العربية (1/ 67).
(2)
كذا بالنسخ.
(3)
انظر: عُمْدة القاري (6/ 122)، فتح الباري لابن رجب (7/ 436)، شرح النووي (4/ 188)، كوثَر المعاني الدَّرَارِي (9/ 434)، مجمع بحار الأنوار (4/ 242).
(4)
انظر: نتائج الفكر (ص 196)، الجنى الداني (ص 61)، توضيح المقاصد (2/ 998)، مغني اللبيب (214، 871)، أوضح المسالك (3/ 323)، شرح الأشموني (2/ 364)، شرح التصريح (2/ 160)، الهمع (3/ 192)، جامع الدروس العربية (3/ 245).
و"سَواء": اسمٌ بمعنى الاستواء، مَصْدَر "استَوَى"، ويجيء وَصْفًا بمعنى "مُسْتَو" مُتحمّلًا [للضّمير](1)، قَالوا:"مَرَرتُ برَجُل سَواءٍ هو والعَدَمُ". (2)
قال أبو حيّان: ولإجْرائه مجرَى المصْدَر لا يُثنّى ولا يُجمَع، وحُكي تثنيته عن بعض العَرب، فقالوا:" [سواءان] (3) ". (4)
وجاء جمعه: "سَواسوة". قالوا: يُقَال" قوم سواسوة"، واحِدهم ["سَواء"](5)، وهو جمْعٌ على غير قيَاس، وليس من كَلام العَرَب ["فعافلة"] (6) إلّا قولهم: "قوم
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 75، 557)، مشارق الأنوار (2/ 231)، الكتاب لسيبويه (2/ 26، 27، 31)، الأصول لابن السراج (2/ 28)، أمالي ابن الحاجب (1/ 173، 174)، حاشية الصبان وشرح الأشموني (2/ 239)، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي للهروي (ص 133)، لسان العرب (14/ 410، 412، 414)، المحكم والمحيط الأعظم (640/ 8، 641)، المخصص (4/ 438)، الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 388 وما بعدها، وبالهامش)، شرح الكافية الشافية (3/ 1245)، توضيح المقاصد (2/ 1024)، شرح الشذور لابن هشام (ص 582)، مغني اللبيب (ص 187، 866)، شرح ابن عقيل (3/ 239)، شرح الأشموني (1/ 522)، (2/ 393)، شرح التسهيل (3/ 373 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 182)، الهمع (3/ 221)، النحو الوافي (3/ 632).
(3)
بالنسخ: "سوآن". والمثبت من البحر المحيط (1/ 75) ومصادر أخرى.
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 75)، (6/ 358)، اللباب لابن عادل (1/ 312)، العين (5/ 327)، الصحاح (6/ 2385)، لسان العرب لابن منظور (14/ 410، 411)، المخصص (3/ 378)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 325)، مغني اللبيب (ص 186)، شرح التصريح (1/ 65)، (2/ 137)، شرح التسهيل (1/ 90)، همع الهوامع للسيوطي (1/ 159)، جامع الدروس العربية (3/ 234).
(5)
غير واضح بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
غير واضح بالأصل. وفي (ب): "فعاولة". والمثبت من بعض المصادر.
سَواسوة". (1)
قوله: "وفي رواية البُخاري: ما خَلا القيام والقُعود": يتعلّق حَرْف الجر بفِعْل مُقَدّر، [أي] (2):"وجَاء في رواية للبُخاري: ما خلا"؛ فأعل على الحكاية.
واللامُ في "للبُخاري"(3)"لام" النسبة، كقولك:"لزيد [عَمّ] (4) ". (5)
[و](6)"خَلا" لها مَعْنيان: -
أحدهما: تكُون فيه حَرْفًا جَارًّا للمُستثنى، وذلك إذا لم تكُن معَها "ما". وتتعَلّق
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 75، 596، 597)، شرح الأشموني (4/ 103)، شرح التصريح (2/ 710، 711)، ليس في كلام العرب لابن خالويه (ص 186 وما بعدها)، الصحاح للجوهري (6/ 2385)، المحكم والمحيط الأعظم (8/ 638)، المخصص (1/ 327)، (3/ 377)، لسان العرب لابن منظور (14/ 408، 410)، (15/ 170)، تاج العروس (38/ 323 وما بعدها)، (39/ 271)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها (2/ 8، 24، 64، 91)، أصول النحو (ص 220)، شذا العرف في فن الصرف (ص 128)، تداخل الأصول اللغوية وأثره في بناء المعجَم، لعبد الرزاق بن فراج الصاعدي، ط عمادة البحث العلمي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (2/ 722).
(2)
كشط بالأصل. وسقط في (ب).
(3)
هذا سهو؛ فما في المتن: "البخاري"، إلا إذا عاد الكلام على ما فيه الفعل المقدّر.
(4)
بالأصل: "عم" وكشط بعدها. وفي (ب): "عمرو". والمثبت بالرجوع للمصادر. وفي بعض المصادر: "لزيد عَم هُوَ لعَمْرو خَال". وانظر: البحر المحيط (1/ 33)، شرح التصريح (1/ 645)، الجنى الداني (ص 97)، همع الهوامع (2/ 452).
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 33)، (6/ 607)، نخب الأفكار للعيني (11/ 37)، شرح المشكاة للطيبي (9/ 2759)، شرح التسهيل (3/ 144 وما بعدها)، الجنى الداني (ص 97)، شرح الأشموني (2/ 77)، شرح التصريح (1/ 645)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 570)، (2/ 754)، أوضح المسالك لابن هشام (2/ 70)، الهمع (2/ 451، 452.)، جامع الدروس العربية (3/ 183).
(6)
كشط بسيط بالأصل. ولعل مكانه: "و".
بما قبلها؛ لأنها حَرْف جَرّ. وقيل: لا تتعلّقُ بشَيءٍ؛ لأنّها لا تُعَدّي الفِعْل إلى الاسم، ولا تُوَصّل مَعْنَاه، بل تُزيل مَعْنَاه عنه؛ فأشْبهَت في عَدَم التعْدية الحرْف الزّائد. هَذا أحَدُ مَعْنَييها.
والثاني: أن تكُون (1) فِعْلًا مُتعَدّيًا، وفاعِلُها ضَميرُ" البعض" المفهوم، أي:"خَلا بعضهم". (2)
وموضعُ "ما خلا" نصبٌ على المصدر. وقيل: نصبٌ على الحال. وقيل: نصبٌ على الظرف. وأجَاز بعضهم [جَرّها](3) على تقدير زيادة: "ما". (4)
قوله: "قريبًا من السّواء": تقَدّم أنه مُقَدّر بزَمَان محْذُوف، أي:"فوَجَدتُ زمن قيامه زمنًا قريبًا من السّواء". (5)
و"القيامَ والقُعودَ": منصُوبان بـ"خَلا"، ويجُوز الجر - كما تقدّم - عند مَن أجاز ذلك. (6)
(1) أي: "خلا".
(2)
انظر: مغني اللبيب (ص 178).
(3)
بالأصل: "ها". وفي (ب): "بها". والمثبت من مغني اللبيب (ص 179).
(4)
انظر: مغني اللبيب (ص 178، 179).
(5)
راجع: البحر المحيط (1/ 484)، (4/ 439)، (7/ 65)، (8/ 462، 507)، (10/ 264)، الإعلام لابن الملقن (8/ 287).
(6)
انظر: مغني اللبيب (ص 178).