الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزَعَم الشّلوبين أنّ الجملة المفسّرة بحسب ما هي تُفسّره، فإن كان لا محلّ لها فلا محلّ لها، نحو:"زيدًا ضربته"، ألا ترى أنّ "ضربته" مُفسّر لـ"ضربت" محذوفة، وهي جملة مُستأنفة لا محلّ لها، وإن كان لها محلّ فلها محلّ بحسبه، نحو:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، فـ"خَلَقناه" مُفسّر لـ"خَلقنا" مُقَدّرًا ناصبًا لـ"كُلّ شيء"، وذلك المقَدّر في محلّ رَفْع على الخبر، فكذلك مُفَسّره. (1)
مسألة:
قَد يُقَال: إنَّ المبتدأ إذا كَان مَوصُولًا مُضمّنًا معنى الشّرْط كَان خبره صِلته، كما أنّ جملة الشّرط هي الخبر، وهي نظيرة الصّلة. ويُؤيّد ذلك أنهم رُبما جَزَمُوا جَوابه (2)،
كقوله:
كَذَاكَ الَّذِي يَبْغِي عَلَى النَّاسِ ظَالِمًا
…
تُصِبْهُ عَلَى رَغْمٍ قَوَارِعُ مَا صَنَعَ (3)
وهي مُشكلة يُحاجَي بها، فيُقال: أين تكُون الصّلة لها محلّ؟
وخبرُ المبتدأ إذا كان جملة لا محلّ لها، وذلك مثل قوله:"مَن يقوم أكرمه"، فـ"يقوم" جملة الصّلة، ولا محلّ لها، باعتبار أنّه جملة صِلة.
فيُقَال: أين تقع جملة لا محلّ لها خبر مُبتدأ؟
= مغني اللبيب (ص 525، 526)، النحو الوافي (2/ 140).
(1)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 1196)، مغني اللبيب (ص 526)، موصل الطلاب (ص 63، 64)، الصبان (2/ 105)، النحو الوافي (2/ 140).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 126)، (9/ 373)، شرح التسهيل (4/ 83)، شرح حدود ابن عرفة للرصاع (ص 541)، نفح الطيب للتلمساني (5/ 431 وما بعدها).
(3)
البيت من الكامل. وهو لسَابق البَرْبَرِي. والذي فيه: "رُغمٍ عَوَاقِبُ". انظر: أمالي الزجاجي (ص 185)، شرح التسهيل (4/ 83)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (5/ 431 وما بعدها)، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (23/ 371).
أو يُقال: أين تقع جملة الصّلة لها محلّ؟
***
وأمّا الجملة المستأنَفة: [فهي التي](1) تقَع أوّل الكَلام، نحو قوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]. (2)
والمعترضة تقَدّمَت.
[قوله](3): "إذا سَمعتم المؤذّن": المعنى: "إذا سمعتم صوت المؤذّن يُؤذّن فقولوا". تقَدّم الكَلامُ على "إذا" في الحديث [الثّاني](4) من أوّل الكتاب، وعلى "سَمِع" في أوّل حديثٍ من الكتاب.
قوله: "مثل ما يقول": نعتٌ لمصدر محذوف، أي:"فقولوا قولًا مثل ما يقول". وتقدّم قول أبي حيان (5)، وأنّ مذهب سيبويه (6) في هذا وأمثاله [النصب](7) على الحال من مصدر مفهوم من الفعل، محذوف بعد إضماره على سبيل الاتساع، أي:"قولوا القول في حال كونه مثل ما يقول"، وجعل له نظائر من الكتاب والشّعر. ويحتمل أن يكون مَفعُولًا بالقول؛ لأنّ "المثل" هو المقول.
قال الزّمخشري: يُقال: "مثل" و "مثيل" و"مَثَل"، كـ"شِبْه" و "شَبَه" و"شبيه".
قال: واستُعير للحَال أو الصّفة إذا كَان لها شَأنٌ، وفيها غَرَابة. (8)
(1) غير واضحة بالأصل، وتظهر كأنها:"هاهنا". والمثبت من (ب).
(2)
انظر: موصل الطلاب (ص 48).
(3)
بياض بالأصل. وسقط من (ب).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 110، 555).
(6)
انظر: الكتاب (1/ 227، 228).
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(8)
انظر: تفسير الزمخشري (1/ 72).
ويجمَع على: "أمثال". (1)
وأعلم أنّ "مثل"[أو](2)"غير" إذا أضيف إلي "ما" و"أنْ" و"أنّ" يجوز بناؤهما؛ لأنهما أشبها الظروف لإبهامهما، قال الله تعالى:{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (3)[الذاريات: 23]، فـ"مثل" مرفوع المحلّ صفة [لـ"حَقّ"](5)، وبناؤهما على الفتح لإضافتهما إلى "ما". وقيل: هو منصوبٌ على الحال. (5)
وأمّا "غير": فنحو قول الشّاعر:
لَمْ يَمْنَع الشُّرْبَ منْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ
…
حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أَو قَالِ (6)
فبني "غير" على الفتح، وهي فاعلة بـ"يمنع"؛ لإضافتها إلى "أن" المصدرية، ولو رفع لكان على الأصل. (7)
(1) انظر: المصباح (2/ 563).
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "و".
(3)
بالنسخ: "وإنه".
(4)
بالنسخ: "بحق".
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 1180)، البحر المحيط (4/ 104)، شرح التسهيل (2/ 21)، (3/ 35، 262)، شرح المفصل (2/ 287)، شرح الكافية الشافية (2/ 922)، مغني اللبيب (ص 671)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 107)، الأصول في النحو (1/ 275)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 235 وما بعدها)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 417)، الخصائص (2/ 184)، همع الهوامع (2/ 234 وما بعدها).
(6)
البيتُ من البسيط. وهو لأبي قَيْسِ بن رِفاعةَ، وقيل: لرجلٍ من كِنانَةَ، وقيل: لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه. والشاهدُ فيه: أنّه بنى "غيرًا" على الفتح؛ لإضافتها إلى غير مُتمكّن، وإن كان في موضع رفع. انظر: شرح المفصل (2/ 287)، خزانة الأدب (6/ 532)، المعجم المفصل (6/ 416).
(7)
انظر: الكتاب (2/ 329، 330)، شرح التسهيل (2/ 312 وما بعدها)، (3/ 264)، =
فـ"مثل" ههنا يحتمل أن تكون الحركة فيها حركة إعراب، ويكون الفعل منصوبًا بـ"يقول"؛ لأنّه صفة لمصدر، كما تقَدّم. ويحتمل أن يكُون منفيًا، والحركة فيه فتحة، والمحلّ منصوبٌ [بالقول](1).
وفرّق بعضهم بين "المثل" و "النحو" في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُؤئِي هَذَا"(2)، فقَال: إنّما عَدَل عن "مثل" إلى "نحْو"؛ لأنّ مثل وضوئه صلى الله عليه وسلم يتعذّر على المكلّف. (3)
= شرح الكافية الشافية (2/ 922)، مغني اللبيب (ص 211، 671، 672)، سر صناعة الإعراب (2/ 167)، شرح المفصل (2/ 287)، (5/ 74)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 233 وما بعدها)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 417)، خزانة الأدب (3/ 406 وما بعدها)، (6/ 552 وما بعدها)، همع الهوامع (2/ 234 وما بعدها).
(1)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "كالقول".
(2)
متفقٌ عليه: البخاري (159) ومسلم (3/ 226) من حديث عثمان.
(3)
انظر: شرح صحيح مسلم (3/ 108)، إرشاد الساري (9/ 248)، الإعلام لابن الملقن (2/ 474).