الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثّالث:
[19]
: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به؛ فأبَدّه النبي صلى الله عليه وسلم بصره فأخذت السواك فقضمته فطيبته ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانًا أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه أو إصبعيه ثم قال: "في الرفيق الأعلى ثلاثًا" ثم قضى، وكانت تقول: "مات بين حاقنتي وذاقنتي" (1).
وفي لفظ: "فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك فأشار برأسه أن نعم" لفظ البخاري. ولمسلم نحوه (2).
الإعراب:
جملة "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر" معمولة للقول.
و"على النبي" يتعلق بـ "دخل"، والتقدير:"بيته" أو "في بيته".
وأقسام "على" تأتي في الخامس من "الجنابة".
وتقدّم القول في "دخل" في الرابع من "باب الاستطابة".
قوله: "وأنا مُسندته إلى صدري": جملة في محلّ الحال من "النبي صلى الله عليه وسلم ". والرابط من الجملة الضّمير. والعامل: "دخل". و "إلى صدري" يتعلق بـ "مُسندته".
ويأتي القول على "إلى" في الثاني من "باب الوتر".
قوله: " [مع] (3) عبد الرحمن" بن أبي بكر "سِوَاك": مبتدأ وخبر، والمسوّغ تقدّم
(1) رواه البخاري (890) في الجمعة، (4438) في المغازي.
(2)
رواه البخاري (4449) في المغازي.
(3)
سقط من النسخ.
الخبر في المجرور (1).
وعند الكوفيين: المجرور يعمل مُطلقًا، وإن لم يعتمد. فيكون "سواك" فاعل بالمجرور على مذهبهم.
ويأتي الكلام على "مع" في الحديث الأوّل من "باب المسح على الخفين"، وفي الثامن من "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم".
والجملة من المبتدأ والخبر في محلّ حَال من "عبد الرحمن".
فإن قلت: وأين العائد من الجملة على صاحب الحال؟
فالجواب: أنّ تكرار اسم صاحب الحال يقوم مقَام ضميره (2).
ثم إنّ الجملة الاسمية قد تجيء بـ "الواو" وحدها، كقوله تعالى {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14]، وقد تجيء بهما، كقوله تعالى:{خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} [البقرة: 243]، وقد تجيء بالضّمير وحده، كقوله تعالى:{اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [الأعراف: 24]، أي:"متعادين"(3).
قوله ["رطب"](4): صفة و "سواك".
(1) انظر: شرح المفصل (1/ 268)، شرح ابن عقيل (1/ 239).
(2)
انظر: شرح المفصل (2/ 7، 13)، وشرح التسهيل (2/ 355، وما بعدها)، وحاشية الصبان (2/ 269)، وأوضح المسالك (2/ 281، 60)، وشرح ابن عقيل (2/ 246).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 257)، (6/ 244)، والكشاف (2/ 449)، وشرح الكافية الشافية (2/ 758)، وشرح التسهيل (2/ 362)، وحاشية الصبان (2/ 282)، وشرح التصريح (1/ 610)، وأوضح المسالك (2/ 287)، والهمع للسيوطي (2/ 320).
(4)
سقط من النسخ. والمثبت الصواب.
و "سِوَاك" تقدّم أنه يجمع على "أسوك" و "سُوُك"(1).
وجملة: "يستن به": في محلّ صفة و "سواك" أيضًا.
و"الاستنان": إمرار الشيء الذي فيه حروشة على شيء آخر. ومنه "المسنّ" الذي يُسَنّ عليه الحديد، يريد:"أنه يدلّك به أسنانه"(2).
قوله: "فأبدّه النبي صلى الله عليه وسلم بصره": "أبدّه" فعل ومفعول، والفاعل:"النبي".
وهو بتخفيف "الباء" وتشديد "الدال"، قيل: بمعنى "طول نظره"، وعلى هذا يتعدى لواحد، ويكون المعنى:"طول إليه بصره"، ثم حذف حرف الجر، وعدّي الفعل إلى الضمير.
ويحتمل أن يكون مفعولًا ثانيًا، و "أبدّه" بمعنى "أتبعه"(3)، و "أتبع" يتعدّى لاثنين بالهمزة، كقولك:"أتبعت زيدًا عمرًا"، قال تعالى:"وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ"(4). (5)
قالت: "فأخذت السواك، فقضمته، وطيّبته، ثم دفعته": كلها معطوفات. وأتى
(1) انظر: المصباح (1/ 297)، وتاج العروس (27/ 217). وفيها أنه يجمع على:
"أسوكة" و "سوك".
(2)
انظر: رياض الأفهام (1/ 263). وراجع: عمدة القاري (6/ 196)، والكواكب الدراري (3/ 104)، والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (7/ 392).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 109)، عمدة القاري (18/ 65)، وإرشاد الساري (6/ 465)، والتوضيح لابن الملقن (7/ 424)، كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/ 315)، ومطالع الأنوار (1/ 455).
(4)
من سورة [الطور: 21]. و "أتبعناهم" هي قراءة أبي عمرو، و "ذرياتهم" قراءته وجماعة. انظر: معاني القراءات للأزهري (3/ 33)، جامع البيان في القراءات السبع (4/ 605)، المكرر في ما تواتر من القراءات السبع وتحرر (ص 406).
(5)
انظر: البحر المحيط (5/ 222)، (7/ 362)، والتحرير والتنوير (27/ 49)، وتفسير البيضاوي (5/ 154).
بـ "ثم" المقتضية للمُهلة في "دفعته للنبي صلى الله عليه وسلم" لأنه معطوف على "أخذته"، ولما كان من أخذها له ودفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مُهلة القضم والتطييب رتبت بـ "ثم"(1).
و"إلى النبي": يتعلّق بـ "دفع".
و"القضم": "القطعُ بأطراف الأسنان"(2).
والمعنى: "أنها طيّبته بأسنانها، وليّنته".
وقوله: "فاستن" معطوفٌ على محذوف، أي:"فأخذه فاستن".
قولها: "فما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم استن": "ما" نافية، والرؤية بصرية، وجملة "استن" في محلّ حال، أي:"مستنًا".
ويحتمل أن تكون الرّؤية بمعنى العِلم؛ فتكون جملة "استن" في محلّ المفعول الثاني. وهو أحسَن (3).
و"استنانًا": مصدر "استنّ". و "أحسن منه": صفته.
و"أحسَن": "أفعل" التفضيل، لا يُثنّى، ولا يجمَع (4).
قوله: "فما عَدَا": "مَا" نافية، و "عَدا" هنا بمعنى "جاوز"(5) ْ
وليست "عَدَا" أخت "خَلا"؛ فهما بمعنى: "فما جاوز أنْ فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: عُمدة القاري (6/ 196).
(2)
انظر: الصحاح (5/ 2013)، والعين (5/ 54)، ولسان العرب (12/ 487)، وتاج العروس (33/ 283)، والصاحبي (ص 153).
(3)
انظر: فتح الباري لابن رجب (8/ 128)، وإرشاد الساري (6/ 465)، والتوضيح لابن الملقن (7/ 424).
(4)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 262)، شرح التسهيل (3/ 64)، شرح المفصل (2/ 161)، والهمع (3/ 100).
(5)
انظر: شرح المفصل (2/ 49)، وشمس العلوم (7/ 4418).
من استنانه".
قال في "الصّحاح": يُقال: "عَدَاه"، أي:"جَاوَزه". يُقال: "ما عَدَا فلان [أنْ صَنَع كذا] (1) " و "ما لي عن فلان مَعْدًى"، أي:"لا تجاوز [لي] (2) إلى غيره"(3).
إذا ثبت ذلك: فقوله: "أن فرغ" في محلّ مفعول بـ "عَدَا"، أي:"فما عدا هو - أي: الاستياك- فَراغَ رسول الله صلى الله عليه وسلم "؛ فـ "الاستياك" فاعل، و "أن فرغ" مفعول به.
ويكون "رَفَع يديه" بدَل من "فرغ"، بَدل شيء من شيء؛ لأنه يرجع إليه في المعنى، أي:"فما جاوز الاستياك رَفع يديه قوله: في الرفيق الأعلى"(4).
ويجوز فيه وَجْه آخر، وهو أن يكون فاعل "عَدَا"[ضمير عائد](5) على "النبي صلى الله عليه وسلم"، و "أنْ فرغ" بَدَل من ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، بدل اشتمال، كما قيل في قوله تعالى:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]، (6)، ويكون "رفع يديه" مفعولًا بـ "عَدَا"، على تقدير "أن"، كما تقدّم في الوجه الثاني.
وقد جاء حذف "أن" كثيرًا، كقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الشورى: 32] أي: "أن يُريكم"، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ} (7) [البقرة: 83]، أي:" [بأن] (8) لا تعبدوا". وكذا:
(1) سقط من النسخ. والمثبت من المصدر.
(2)
سقط من النسخ. والمثبت من المصدر.
(3)
انظر: الصحاح (6/ 2421).
(4)
انظر: عمدة القاري للعيني (18/ 65)، وإرشاد الساري (6/ 465)، والتوضيح لابن الملقن (7/ 424).
(5)
كذا بالنسخ.
(6)
انظر: مغني اللبيب (ص 594)، والفصول المفيدة للعلائي (ص 231).
(7)
بالنسخ: "أخذ الله".
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
ألا أيهذا الزاجري أحضرُ الْوَغَى
…
...
…
...
…
...
…
...
…
. (1)
أي: " [عن] (2) أنْ أحضر"(3).
وقوله: "أو [إصبعيه] (4) ": "أو" للشّك من الرّاوي.
ولها مَعَان انتهت إلى اثني عشر، أحدها: الشّك، كقوله تعالى:{لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19].
الثاني: الإبهام، نحو:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]
قال ابن هشام (5): الشاهد [في](6)"أو" الأولى.
الثالث: التخيير، وهي الواقعة بعد الطلب، وقبل ما يمتنع به الجمع، نحو:"تزوج هندًا أو أختها".
الرابع: الإباحة، وهي الواقعة بعد الطلب، وقبل ما يجوز فيه الجمع، نحو:"جالس العُلماء أو الزهّاد"، و "تعلّم الفقه أو النحو".
(1) صدر بيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد. وعجزه:"وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي". انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 99)، وأمالي ابن الشجري (1/ 124)، والشعر والشعراء لابن قتيبة (1/ 189)، وخزانة الأدب (8/ 585)، والمعجم المفصل (2/ 431).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: الأصول في النحو (2/ 162)، وعلل النحو (ص 442)، وشرح التسهيل (1/ 234)، (4/ 50)، ومغني اللبيب (ص 839)، وشرح المفصل (3/ 6)، والهمع (1، 30/ 344).
(4)
بالنسخ: "إصبعه".
(5)
انظر: مغني اللبيب (1/ 87).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
الخامس: الجمع المطلَق، كـ "الواو"، قاله الكوفيون.
السادس: الإضراب، [كـ "بل"]، (1). وعن سيبويه إجازة ذلك بشرطين: تقدّم نفي أو نهي، وإعادة العامل، نحو:"ما قام زيد أو ما قام عمرو"، و "لا يقم زيد أو لا يقم عمرو"(2).
السابع: التقسيم، نحو:"الكلمة اسم أو فعل أو حرف"، ذكره ابن [مالك (3)، وعبّر عنه](4) بالتفصيل.
الثامن: تكون بمَعنى "إلّا" في الاستثناء، وهذه تنصب المضارع بعدها [بإضمار](5)"أنْ"، كقولهم:"لأقتلنه أو يُسلم".
التاسع: تكون بمعنى "إلى"، فتنصب المضارع أيضًا، نحو:"لألزمنك أو تقضيني حقّي".
العاشر: التقريب، نحو:"ما أدري أسلّم أو ودعّ".
الحادي عشر: الشرطية، نحو:"لأضربنه عاش أو مات".
الثاني عشر: التبعيض، نحو قوله تعالى:{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135]، نقله ابن الشّجري (6) عن بعض الكوفيين، انظر "المغني" لابن هشام (7).
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
ونسبه ابن عصفور لسيبويه. انظر: شرح الأشموني (2/ 379).
(3)
انظر: شرح الكافية الشافية (3/ 1220).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: الأمالي لابن الشجري (3/ 79).
(7)
انظر: مغني اللبيب (ص 87 وما بعدها).
وراجع: شرح الكافية الشافية (3/ 1220)، والإنصاف للأنباري (2/ 391)، والجنى =