الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريظ معالي فضيلة شيخنا د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الأمين العام لرابطة العالم الإِسلامي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين،،، أما بعد:
فقد اطلعت على المشروع الفقهي الذي أعده الأخ الأستاذ دبيان بن محمَّد الدبيان، وسماه (المنظومة في عقود المعاوضات المالية)(1)، فألفيته موسوعة فقهية قيمة في مبناها ومعناها، فقد نظم فيها المسائل الفقهية في سلك من الأبواب والفصول والمباحث والفروع والمطالب، وسلك في عرض تفاصيلها مسلك الاستيفاء والاستقصاء لأقوال الفقهاء وفاقًا وخلافًا، وناقشها مناقشة منصفة لم يتعصب فيها لمذهب بعينه، ولا قدم فيها قولًا على قول إلا بحجة اقتضت لديه التقديم، فهو يدور مع الدليل حيث دار، ويرجح ما يؤيده الكتاب والسنة من ظاهر نصوصهما؛ ولا يتكلف تأويلها إلا حيث يكون التأويل سائغًا متعينًا.
وقاده هذا الانعتاق من ربقة التقليد، وسلوك مسلك الاجتهاد في البحث والموازنة والترجيح إلى مناقشة بعض الاختيارات الفقهية في أدب جم، ومخالفة قرارات بعض المجامع الفقهية في بعض المسائل مع العناية بفقه التابعين، وأهل الحديث والمدرسة الظاهرية، وكان مراعيًا شروط البحث العلمي الأكاديمي
في تحرير أقوال المذاهب، فينسبها لأصحابها من مصادرهم، لا من مصادر مخالفيهم، ولا يذكر قولًا إلا مقرونًا بدليله الذي استدل به قائله إذا وقف عليه ما أمكن مع بيان وجه دلالته على المطلوب، وتوظيف القواعد الفقهية في سياق التعليل ومثاني الاحتجاج والتقوية والترجيح، وربما استدل للقول من عنده متى لم يقف على دليل لقائله، وكان يمكنه الاستدلال له دون تكلف ولا تعسف.
ولم يقتصر على المسائل المنصوص عليها في كتب الفقهاء الأقدمين، بل تعرض للقضايا المعاصرة التي طرأت على المعاملات المالية، وأصبح الناس محتاجين فيها لبيان حكمها من الحل والحرمة والصحة والفساد حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وفقه من دينهم، وتجري معاملاتهم على مقتضى الشرع الحنيف.
واقتضاه التتبع للقضايا المعاصرة تتبعًا للبحوث العلمية المتخصصة المتصلة بموضوعاتها كالرسائل الجامعية والبحوث المنشورة في المجلات الفقهية، والأعمال العلمية للمجامع الفقهية، وفتاوى اللجان الشرعية في المصارف الإِسلامية، وغير ذلك.
فظهرت في أبحاثه تسميات جديدة في الأبواب زائدة على ما في كتب المتقدمين، كالمعاملات المصرفية، وأحكام سوق المال، وتسميات جديدة في العقود، كعقد المقاولة، وعقد التوريد، وعقد المناقصة، وعقد التأمين، وتسميات جديدة في الحقوق، كالاسم التجاري، وحق المؤلف، وبراءة الاختراع، وتسميات جديدة في القبض، كقبض الأسهم، والقبض عن طريق القيد المصرفي، وقبض الشيك، وقبض الأوراق التجارية.
لقد جاءت هذه المعلمة حافلة بالفقه وما يتصل به من آيات الأحكام وأحاديثها، واستثمار القواعد الفقهية، وتمهيد مسالك الاستدلال وطرق
الترجيح، كما اشتملت على تقديم بدائل شرعية للمشكلات الناشئة عن النظام الرأسمالي القائم على النظام الربوي في التمويل والتعامل.
والنظام المالي الإِسلامي الذي تملكه الأمة الإِسلامية وأمامها اليوم فرصة سانحة لعرضه على العالم يقوم على أساس أخلاقية من إقرار العدل، ومنع الظلم والاحتكار والغش والخلابة والاستغلال، وإقامة التوازن بين حاجات السوق وحق التاجر، وبين حماية المستهلك.
فأسأل الله تعالى أن يعمم النفع بهذا العمل العلمي المتميز، ويبسط له القبول، ويكتب لصاحبه الأجر الجزيل على ما بذل فيه من جهد تنوء بمثله العصبة من الباحثين، ويزيده توفيقًا وتسديدًا حتى يتم ما شرع فيه، ويوفي به على الغاية. والله الموفق.
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الأمين العام لرابطة العالم الإِسلامي
* * *