الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني
خلاف العلماء في بيع الصبي غير المميز
جاء في تحفة المحتاج: عبارة الصبي ملغاة
(1)
.
وجاء في المبدع: من لا يصح تصرفه لا قول له
(2)
.
قال ا لسرخسي: الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء
(3)
.
[م - 82] ذهب عامة الفقهاء إلى بطلان تصرفات الصبي غير المميز من بيع وشراء وغير ذلك مطلقًا، سواء أذن له الولي أو لم يأذن.
وعللوا ذلك بأن عبارته ملغاة لا اعتداد بها شرعًا فلا تصح بها عبادة ولا تجب بها عقوبة ولا ينعقد معها بيع أو شراء، حتى تلك العبادات التي تصح منه كالحج والعمرة، لا تصح منه النية، وإنما ينوي عنه وليه؛ لأن التمييز إذا فُقِد لم يصح منه قصدٌ (النية)، ولم يقع منه رضا، وهما شرطان في صحة البيع
(4)
«قال ابن بزيزة: لم يختلف العلماء أن بيع الصغير والمجنون باطل لعدم التمييز»
(5)
.
(1)
. تحفة المحتاج (8/ 448).
(2)
. المبدع (10/ 146).
(3)
. المبسوط (5/ 19، 21).
(4)
. تبيين الحقائق (5/ 191)، وجاء في مواهب الجليل (4/ 241): «الركن الثاني: العاقد، وشرطه التمييز، فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو إغماء
…
». وانظر حاشية الدسوقي (3/ 5)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 36).
(5)
. حاشية الدسوقي (3/ 5)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 17).
وقيل: يصح تصرف الصبي غير المميز في الشيء اليسير، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: التمييز شرط للزوم البيع، وليس شرطًا للصحة، فيصح البيع من غير المميز، ويكون موقوفًا على إجازة من له النظر. وهذا قول مرجوح في مذهب المالكية
(2)
وهناك فرق بين إجازة الولي، وبين إذن الولي، فالإجازة تكون بعد انتهاء العقد، فيكون العقد موقوفًا حتى تأتي الإجازة، والإذن لا بد أن يكون سابقًا للعقد.
والراجح القول بعدم اعتبار تصرف الصبي غير المميز إلا أن يجري عرف بأن الصبي إذا جاء يحمل معه مبلغًا يسيرًا لا يتطلع إليه غالب الناس، وجاء إلى البقال ليشتري له حلوى كعادة الصبيان في عصرنا، وكان عرف الناس كما هو الحال في بلادنا أن يبيعوا الشيء الذي يشير إليه، ولم يكن في هذا ضرر عليه في تناوله أن يبيعه صاحب الدكان، ولو لم يأخذ إذنًا صريحًا على أن وليه إن رفض بعد ذلك، ولم يفت المبيع كان له حق إرجاعه، والله أعلم.
* * *
(1)
. قال في الإنصاف (4/ 268): «ظاهر كلام المؤلف - يعني ابن قدامة- عدم صحة تصرف غير المميز مطلقًا، أما في الكثير فلا يصح قولًا واحدًا، ولو أذن فيه الولي، وأما في اليسير فالصحيح من المذهب صحة تصرفه، وهو الصواب .. » .
وقال ابن قدامة في المغني (4/ 168): «وأما غير المميز فلا يصح تصرفه وإن أذن له الولي فيه، إلا في الشيء اليسير» . وقال في كشاف القناع (3/ 151): «ويصح تصرف صغير، ولو دون تمييز في يسير
…
».
(2)
. حاشية الدسوقي (3/ 5)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 17)، وفي حاشية العدوي على الخرشي (5/ 8):«الحق الموافق للنقل أن لابن رشد والباجي قولين بالصحة من غير المميز كالمجنون والسكران» .