الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في تصرفات المجنون
[م - 85] ذهب عامة الفقهاء إلى أن بيع المجنون لا ينعقد
(1)
.
قال النووي: «وأما المجنون فلا يصح بيعه بالإجماع»
(2)
.
وقال ابن بزيزة المالكي: «لم يختلف العلماء أن بيع الصغير والمجنون باطل لعدم التمييز»
(3)
.
ولأن المجنون أقواله وأفعاله ملغاة، لا اعتداد بها شرعًا فلا تصح بهما عبادة ولا تجب بهما عقوبة ولا ينعقد معهما بيع أو شراء.
وإذا لم تصح عبادته التي هي محض نفع لا ضرر فيها، فلأن لا يصح بذله المال من باب أولى؛ لكونه قد يتضرر من هذا التصرف.
ولأن العقل إذا فُقِد لم يصح منه قصدٌ (النية)، فكيف يقع منه الإيجاب والقبول، ولم يقع منه رضا، وهو شرط أساسي في صحة البيع
(4)
(1)
البحر الرائق (5/ 278)، بدائع الصنائع (5/ 135)، مواهب الجليل (4/ 241) الشرح الصغير (3/ 17)، الخرشي (5/ 8)، حاشية الدسوقي (3/ 5)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (3/ 7)، المجموع (9/ 181)، البيان (5/ 11)، الوسيط (3/ 12)، نهاية المحتاج (3/ 386)، كشاف القناع (3/ 151)، المبدع شرح المقنع (4/ 8)، شرح منتهى الإرادات (2/ 7).
(2)
المجموع (9/ 181).
(3)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 17).
(4)
تبيين الحقائق (5/ 191)، وجاء في مواهب الجليل (4/ 241): «الركن الثاني: العاقد، وشرطه التمييز، فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو إغماء
…
» وانظر حاشية الدسوقي (3/ 5)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 36)،.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: «وأما شرائط الانعقاد فأنواع، بعضها يرجع إلى العاقد، وبعضها يرجع إلى نفس العقد .... أما الذي يرجع إلى العاقد فنوعان: أحدهما: أن يكون عاقلًا، فلا ينعقد بيع المجنون والصبي الذي لا يعقل؛ لأن أهلية المتصرف شرط انعقاد التصرف، والأهلية لا تثبت بدون العقل، فلا يثبت الانعقاد بدونه، فأما البلوغ فليس بشرط
…
»
(1)
.
وقال ابن عرفة: «عقد المجنون حين جنونه ينظر له السلطان في الأصلح في إتمامه أو فسخه، إن كان مع من يلزمه عقده»
(2)
.
ونقل هذا الكلام الحطاب في مواهب الجليل وأشار إلى أنهم أخذوا هذا الحكم من قوله «من جن في أيام الخيار نظر له السلطان»
(3)
.
ثم انتقد هذا المأخذ قائلًا: «في استشهاده بمسألة المدونة نظر؛ لأن الجنون إنما طرأ بعد العقد» .
فتبين أن هناك فرقًا بين المقيس والمقيس عليه، فكيف يسوي بين بيع من جن في أيام الخيار، وقد عقد العقد في أهلية كاملة وبين من عقد العقد، وهو مجنون لا يعلم ما يقول، لاشك أن بينهما فرقًا شاسعًا.
* * *
(1)
بدائع الصنائع (5/ 135).
(2)
التاج والإكليل (4/ 244).
(3)
مواهب الجليل (4/ 244).