الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
في النهي المطلق هل يقتضي فساد المنهي عنه
قال ابن تيمية: الأصل في النهي التحريم والفساد
(1)
.
وقال الدسوقي: النهي عن الشيء إما لذاته كالدم، والخنزير، أو لوصفه كالخمر، وهو الإسكار، أو لخارج عنه لازم له، كصوم يوم العيد .... فإن كان النهي لواحد مما ذكر كان مقتضيًا للفساد، وإن كان النهي عن الشيء لخارج عنه، غير لازم له، كالصلاة في الدار المغصوبة، فلا يقتضي الفساد
(2)
.
تحرير محل الخلاف:
محل الخلاف إنما هو في النهي المطلق الخالي من القرائن، أما إذا اقترن بالنهي قرينة تدل على أن النهي للفساد، أو اقترن به ما يدل على أن النهي ليس للفساد، فلا خلاف بينهم في حمل النهي على ما دلت عليه القرينة
(3)
.
[م - 5] وقد اختلف أهل العلم في النهي المطلق، هل يدل على فساد المنهي عنه على أقوال:
فقيل: النهي المطلق يدل على الفساد مطلقًا، وهو مذهب الجمهور
(4)
.
(1)
شرح العمدة (4/ 510).
(2)
حاشية الدسوقي (3/ 54).
(3)
البحر المحيط (2/ 452).
(4)
قال الباجي في إحكام الفصول (1/ 234): «النهي عن الشيء يقتضي فساد النهي عنه، وبهذا قال القاضي أبو محمد، وجمهور أصحابنا
…
». وانظر الخرشي (5/ 67 - 68)، أنوار البروق في أنواع الفروق (2/ 183).
وقال الآمدي في الإحكام (2/ 432): «اختلفوا في النهي عن التصرفات والعقود المفيدة لأحكامها، كالبيع، والنكاح، ونحوهما، هل يقتضي فسادها أولا؟ فذهب جماهير العلماء .... إلى فسادها» .
وقال مثله الغزالي في المستصفى (ص: 221). وانظر العدة (2/ 432)، شرح الكوكب المنير (3/ 85).
وقيل: لا يدل عليه مطلقًا
(1)
.
قال في الإحكام: «وهو اختيار المحققين من أصحابنا، كالقفال وإمام الحرمين
…
وكثير من الحنفية»
(2)
، واختاره الغزالي
(3)
.
وقيل: النهي يدل على الفساد في العبادات دون المعاملات
(4)
.
وقيل: إن عاد النهي لذات المنهي عنه، كالدم، والميتة، والخنزير، أو عاد النهي لوصف ملازم له، كالإسكار في الخمر، فالنهي يقتضي الفساد.
وإن عاد النهي إلى غير ذات الشيء، وإلى غير وصف ملازم له، وإنما لأمر خارج عنه، كان مقتضاه الكراهة، كالبيع بعد نداء الجمعة، والصلاة في الدار المغصوبة، والذبح بسكين مسروقة
(5)
.
(1)
انظر المحصول (2/ 291)، شرح الكوكب المنير (3/ 94).
(2)
الإحكام (2/ 188).
(3)
المستصفى (ص: 221).
(4)
انظر: الحجة في بيان المحجة (2/ 531)، المعتمد (1/ 171)، المستصفى (ص: 221)، العدة (2/ 432)، شرح الكوكب المنير (3/ 85)، وقال ابن اللحام في كتابه القواعد (2/ 699):«الثالث: وهو المختار في المحصول، والمنتخب، وغيرهما، وقال أبو الحسين البصري: يدل عليه في العبادات دون المعاملات» . وانظر إرشاد الفحول (1/ 499 - 500).
(5)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/ 54)، وعلل به ابن قدامة في المغني (4/ 148 - 149) في مسائل منها: بيع الناجش، وتلقي الجلب، وبيع الحاضر للباد، فإنه صحح هذه البيوع مع التحريم، وقال: «إن النهي عائد إلى الناجش لا إلى العقد، فلم يؤثر في البيع، ولأن النهي لحق الآدمي، فلم يفسد العقد، كتلقي الركبان، وبيع المعيب، والمدلس
…
».