الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتعلق بقبض المبيع من عقار ومنقول، وقديم ومعاصر، فأتكلم مثلًا عن قبض الأوراق التجارية عند الكلام على قبض المبيع، وعند الكلام على بيع الديون أورد مثلًا حكم خصم الأوراق التجارية، وهكذا.
خامسًا: أن فهم المعاملات المعاصرة لا يمكن أن يكون سليمًا دون فهم المعاملات القديمة؛ لأن المنع والإباحة في المعاملات المالية قائمان على دواع من المحاذير والمناهي والقواعد والضوابط منها المتفق عليه، ومنها المختلف فيه، ولا يمكن أن يستوعب باحث معاملة معاصرة دون الاستعانة بتلك القواعد والضوابط، وما جاء الخلل في بعض البحوث المعاصرة إلا لعدم استيعاب مثل تلك القواعد.
ـ النظر في قرارات المجامع الفقهية، والاستفادة منها، وهي قرارات فيها خير كثير، وبحوث لأهل العلم والفضل إلا أن الصواب فيها أغلبي، وليس بلازم، وهذه القرارات يحتج لها، ولا يحتج بها.
الموضوع الثالث: العناية بالأحاديث
.
الأحاديث التي احتج بها الفقهاء على المسائل الفقهية أوليتها عناية خاصة، من ذلك:
* نقلت الأحاديث والآثار بالأسانيد من أمهات كتب السنة، ولم أنقلها من الكتب الفقهية طلبًا لعلو الإسناد، وما لم أجده في كتب السنة نقلته من الكتب الفقهية وأشرت إلى أن هذا الحديث لا يوجد في كتب السنة، وحاولت تعزيز النتيجة بالنقل عن بعض الفقهاء الذين لهم عناية بالسنة كالزيلعي وابن حجر، وغيرهما.
* قمت بترقيم الأحاديث والآثار، ورمزت للحديث بحرف (ح) وللأثر بحرف (ث).
* لم يقتصر البحث على دراسة الأسانيد، بل وجه عناية خاصة بالعلل، وتتبع أقوال الأئمة المتقدمين في الحكم على الحديث، وأبرزت في البحث علة التفرد، وبينت منه ما كان محسوبًا على زيادة الثقة، وما كان شذوذًا يوجب رد الحديث، وإذا ظهر لي علة في الحديث أوردتها بحسب ما يقتضيه المنهج العلمي بحسب الاجتهاد.
وهذه أمثلة تكشف لك عن نظائرها في هذه الموسوعة فيما يتعلق بهذا الجانب:
* تضعيف زيادة (فله أوكسهما أو الربا) بتفرد يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومخالفته لسبعة من الأئمة على رأسهم يحيى القطان، ويزيد بن هارون، وعبدة بن سليمان.
* تضعيف زيادة (من باع نخلًا فيها ثمرة قد أبرت) بتفرد عبد الرزاق عن معمر فيها، والمحفوظ (من باع نخلًا قد أبرت). فقد رواه محمد بن جعفر ووهيب كلاهما عن معمر مخالفين رواية عبد الرزاق.
كما رواه أخص أصحاب الزهري، ولم يذكروا ما ذكره عبد الرزاق، فرواه سفيان بن عيينة، والليث، ويونس، وابن جريج وابن أبي ذئب، وعبد الرحمن ابن نمر، وغيرهم.
* تضعيف زيادة (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) بتفرد عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده.
قال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 18): «قوله: (لا يحل له أن يفارقه) لفظة منكرة، فإن صحت فليست على ظاهرها، لإجماع المسلمين أنه جائز له أن يفارقه لينفذ بيعه، ولا يقيله إلا أن يشاء، وفيما أجمعوا عليه من ذلك رد لرواية
من روى: (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) فإن لم يكن وجه هذا الخبر الندب، وإلا فهو باطل بإجماع».
قلت: لست أرد ما زاده عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في هذا الحديث من جهة نكارة المتن، كما فعل ابن عبد البر رحمه الله تعالى، فإن المتن قد يستقيم، فإنه قد يحمل على أنه من باب تحريم الحيل لإسقاط حقوق الآخرين، فلو فارقه ليس خوفًا من الإقالة، وإنما فارقه لحاجة، لم يكن حرامًا عليه، ولكني أرده من جهة الإسناد، فلست ممن يرى الاحتجاج بما يتفرد به عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وأين أحاديث الصحيحين وغيرها من الأحاديث الصحيحة التي حفظت لنا خيار المتبايعين (خيار المجلس) عن هذه الزيادة التي لو كانت محفوظة لجاءت بأسانيد صحيحة، وليست صحة المعنى في الحديث كافية لتصحيحه، وهذا من المعلوم.
* التدقيق بصيغ الحديث والكشف عما يوجد في هذه الصيغ من علل.
مثاله: روى البيهقي في السنن (5/ 271) من طريق أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب، حدثني عمي، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت عمرو بن شعيب يقول: سمعت شعيبًا يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو يقول، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وذكر الحديث ..
وهذه الصيغة من التصريح بالسماع من عمرو بن شعيب، عن أبيه، ومن سماع أبيه من عبد الله بن عمرو تفرد بها أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب، وهو متكلم فيه، وقد تغير بآخرة، وقال فيه ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، ومن كتب عنه من الغرباء لا يمتنعون من الرواية عنه، وسألت عبدان عنه، فقال: كان مستقيم الأمر في أيامنا، ومن لم يلق حرملة اعتمد عليه في نسخ حديث ابن وهب، وقال ابن عدي: ومن ضعفه أنكر عليه أحاديث، وكثرة روايته عن عمه، وكل ما أنكروا عليه محتمل، وإن لم يروه غيره عن عمه، ولعله خصه به
(1)
.
* تضعيف اشتراط الخيار ثلاثة أيام في حديث الرجل الذي يخدع في البيوع، وذلك للاختلاف على ابن إسحاق، ومخالفته لعبد الله بن دينار عن ابن عمر في الصحيحين، ولم يذكر فيه (الخيار ثلاثة أيام) كما أن الحديث جاء من مسند أنس في المسند وغيره وليس فيه ذكر الخيار ثلاثة أيام.
* تعليل الحديث للاختلاف في وصله وإرساله.
مثاله: ما رواه أبو داود من طريق إسمعيل - يعني ابن عياش - عن الزبيدي عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل باع سلعة، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس، ولم يُقْبَض من ثمنها شيء فهي له، فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيما امرئ هلك، وعنده متاع امرئ بعينه، اقتضى منه شيئا أو لم يقتض، فهو أسوة الغرماء
(2)
.
(1)
تهذيب التهذيب (1/ 48).
(2)
سنن أبي داود (3522).