الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في خيار المجلس على الصحيح المنصوص والله أعلم»
(1)
.
وفرق بعض الشافعية بين الوارث وبين الموكل، فقبل من الثاني ولم يقبل من الأول.
جاء في أسنى المطالب: «ولو مات المشتري بعد الإيجاب بحضرة وارثه لم يقبل وارثه، ولا يقبل وكيله، بل ولا موكله كما جزم به المصنف في شرح الإرشاد وهو مقتضى كلام الأصحاب.
وخالف بعضهم فقال بالصحة في الموكل»
(2)
.
والراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأقوال في المسألة فقد رجح الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله القول ببطلان الإيجاب بالموت أو فقد الأهلية.
(3)
.
(1)
المجموع (9/ 199).
(2)
أسنى المطالب (2/ 5).
(3)
المدخل الفقهي العام (1/ 347).
وقد اختلفت القوانين العربية في هذه المسألة، فبعضها واجه هذه المسألة، وبعض القوانين لم يواجه هذه المسألة، ولم يشر إليها، وإليك الإشارة إلى بعض ما وقفت عليه منها: =
كما رجح الدكتور نشأت الدريني بأن الإيجاب يسقط بموت الموجب أو فقده
= ففي القانون المصري لا يعتبر الموت أو فقد الأهلية بعد صدور الإيجاب مبطلًا للإيجاب، يقول القانون المدني المصري (مادة: 92): «إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة، أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره، فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل» . انتهى نص المادة.
وهذا القانون مطابق للقانون الليبي في مادته (92)، والجزائري في مادته (62).
فعلى هذا يذهب هذا القانون بأنه إذا مات من صدر عنه الإيجاب أو فقد أهليته، قبل أن ينتج أثره، أو صدر قبول من شخص، ثم مات هذا الشخص أو فقد أهليته فإن هذا لا يؤثر على إمكان ترتب أثره إذا ما اتصل بعلم من وجه إليه، وبذلك يتم العقد، وينفذ في مواجهة الورثة أو القيم.
ويؤخذ من هذا أنه في حالة وفاة من وجه إليه القبول أو فقد أهليته قبل وصول القبول إلى علمه لا يقوم العقد، لأنه لم يصل هذا التعبير عن الإرادة إلى علم من وجه إليه بعد أن مات، وبالتالي لا يتم العقد.
وخالف القانون الكويتي واللبناني القانون المصري والليبي والجزائري، فقد نصت المادة (42) مدني كويتي على أن الإيجاب يسقط بموت الموجب، أو الموجب له، أو بفقد أحدهما الأهلية، كما نصت المادة 179/ 1 موجبات لبناني على أن وفاة الموجب أو فقدانه الأهلية الشرعية يجعلان الإيجاب لغوًا.
هذا الكلام في القوانين التي واجهت تلك المسألة وتبنت إحدى النظريتين، وهناك من القوانين من لم يتطرق إلى هذه المسألة، كالقانون الأردني، يقول الدكتور أمجد محمد منصور في كتابه النظرية العامة للالتزامات (ص: 73): «نبادر إلى القول أن القانون المدني الأردني لم يتعرض لهذا الموضوع، وإن كانت تشريعات أخرى تناولته، وبالتالي فإن حكم هذا الموضوع يرد إلى أحكام الفقه الإسلامي حسبما أشارت إلى ذلك المادة الثانية من القانون المدني الأردني إذ جاء فيها: «إذا لم تجد المحكمة نصًا في هذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص هذا القانون، فإن لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية» وبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي في هذا الموضوع نجد أن الرأي السائد لديهم أن الإيجاب يسقط بموت الموجب، أو بفقده أهليته انطلاقًا من أن للموجب خيار الرجوع في إيجابه، وأنه يتعذر وجود هذا الخيار في هذه الحالة، أما بالنسبة للقبول فيقول الفقهاء بأن القبول لا يورث» اهـ
أهليته إذا كان الإيجاب غير ملزم، ولا يسقط إذا كان الإيجاب ملزمًا كما لو قيد الإيجاب بمدة معينة، يقول الدكتور:«ولما كان القول الصحيح في الفقه الإسلامي هو عدم الإلزام بالإيجاب وحده إذا كان غير مقيد بمدة، وكان قول المالكية - الذي أرجحه - هو الإلزام بالإيجاب إذا قيد بمدة، فإني أرجح سقوط الإيجاب بموت الموجب، أو فقده أهليته إذا كان الإيجاب غير ملزم، وبقاءه إذا كان ملزمًا؛ لأنه إذا كان غير ملزم فلا نتأكد من إصرار الموجب على الإيجاب لاحتمال رجوعه لو بقي على أهليته قبل قبول الآخر، أما إذا كان ملزمًا فلا حق له في الرجوع لو بقي على أهليته، فيبقى الإيجاب، ويجوز أن يتصل به القبول؛ لأني لا أرى وجهًا قويًا حينئذ لتأثير الموت أو فقد الأهلية»
(1)
.
وهذا القول وسط بين القولين: بين من يقول: لا يسقط الإيجاب بالموت مطلقًا، و بين من يقول: يسقط الإيجاب بالموت مطلقًا، وهذا القول وسط بينهما، وذلك إن كان الإيجاب ملزمًا لصاحبه كما لو ضرب له مدة معينة فإنه لا يسقط بالموت ولا بفقد الأهلية ما دام أن القبول قد صدر خلال تلك المدة المعينة، وأما إذا كان الإيجاب غير ملزم كما لو كان لصاحبه الحق أن يرجع عن إيجابه متى شاء، فإن الموت وكذا فقد الأهلية يسقط الإيجاب، والله أعلم.
* * *
(1)
التراضي في عقود المبادلات المالية (ص: 277).