الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: أركان البيع هي الصيغة فقط (الإيجاب والقبول)، وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: أركان البيع: الصيغة (الإيجاب والقبول).
والعاقدان (البائع والمشتري).
والمحل (المعقود عليه من مبيع وثمن)، وهذا مذهب الجمهور
(2)
.
وسبب الاختلاف:
أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا داخلًا في حقيقته، وهذا خاص في الإيجاب والقبول، أما العاقدان والمعقود عليه فهي من لوازم العقد، وليست جزءًا من حقيقة البيع، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
بينما الجمهور يرون أن الركن: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلًا، سواء أكان جزءًا من حقيقته أم لم يكن، ووجود البيع يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإن لم يكن هؤلاء جزءًا من حقيقته.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل
(1)
بدائع الصنائع (5/ 133)، البحر الرائق (5/ 278)، حاشية ابن عابدين (4/ 504)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (4/ 2)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 4)، مجلة الأحكام العدلية (149).
(2)
شرح حدود ابن عرفة (ص: 397)، الخرشي (5/ 5)، حاشية الدسوقي (3/ 2)، حاشية الصاوي (3/ 13)، مواهب الجليل (4/ 241 - 242)، المجموع (9/ 174)، تحفة المحتاج (4/ 215)، حاشية الجمل (3/ 5 - 6)، شرح منتهى الإرادات (2/ 5 - 6)، كشاف القناع (3/ 146).
ركنًا في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
(1)
.
ولا حاجة إلى هذا الفارق العسر كما وصفه، بل يقال: مذهب الحنفية أقوى، ومطرد في تحديد أركان الشيء من عبادات ومعاملات، ويبقى الاختلاف في تحديد الأركان ليس له تأثير قوي في البيع إلا في بعض الصور القليلة وذلك بحسب مصطلح الحنفية في التفريق بين البيع الفاسد والباطل، فالباطل: هو الذي لحق الخلل فيه ركن البيع، والفاسد ما كان مشروعًا بأصله، دون وصفه، وقد سبق الكلام عليه عند الكلام على أقسام العقد، ولله الحمد.
وقد سمى بعض الباحثين أركان البيع: مقومات العقد، وهذا يدخل فيه الصيغة والعاقدان ومحل العقد باتفاق، وبهذا نخرج من خلاف الحنفية مع الجمهور.
وبعض الحنفية يرى أن ركن البيع عبارة عن مبادلة مال بمال، وإنْ أُطْلق على الإيجاب والقبول أو على التعاطي الذي يقوم مقامهما فذلك إنما هو من قبيل إطلاق اسم المدلول على الدال
(2)
.
* * *
(1)
المصباح المنير (ص: 237).
(2)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 122).